بحث هذه المدونة الإلكترونية

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 22 أكتوبر 2011

لقاء-د.غالب المسعودي-التخطيط عادل كامل


لقاء
ماء ونار وجسد
وكشح ضمه كفلان من
فرط الحسد
وشفاه تمطر الخمرة
صهباء در كالشهد بت أشكو من هواها
فتنادي ذات حبل من مسد
تضرم النار بقلبي
فأجثو ضارعا
بين نهد......... ونهد
اشتهي القضم كطفل جائع
ثم ينهاني الرشد
أي نجد بلغناه
أي واد قد رميت
كيف ترضى.................كيف تغضب
وأنا ملك اليمين
صورت... بحروف من ذهب
واستعار يوسف من حسنها
ظل نورا للأبد......!!!!!!!!
د.غالب المسعودي

الجمعة، 21 أكتوبر 2011

اللوحة مقطوعة موسيقية مفرداتها لا تترجم إلى أية لغة-أجرى الحوار خضير الزيدي:




اللوحة مقطوعة موسيقية مفرداتها لا تترجم إلى أية لغة

أجرى الحوار خضير الزيدي:
كيف تتجذر الرموز الكونية داخل أعماق الإنسان وهل للوحة التعبيرية أو التجريدية أن تعمق فكرة الموت والحياة والعدم داخل سطحها التصويري.
من يستطيع أن يوظف وجدانا وهكذا تشظيا سوى أنامل الفنان المبدع ربما وجدنا فنانا مثل الدكتور غالب المسعودي يسير بنا إلى ذلك الطريق دون أن نلتفت إلى الوراء . وإذا كان الأمام
مسرحا لحركة ومشهد فان طريق الوراء يبدو للإنسان صوتا متعمقا يحاول أن يعيد انكسار الطبيعة إلى شكلها الأول إلى برئتها الأولى الفنان غالب المسعودي يعمق فكرة الإنسان والحرية ربما يبدو هذا الحوار للمتلقي انه تشكيل كوني ولكن هو جذوة عالية في طريق ذاكرة الإنسانية الهاربة من صوت الدبابات والطائرات التي تملأ الوطن . لكي يهيمن الزمن على لوحته ونظرته وربما وجوده.انه المثال الأعلى للجمال هو اللوحة. المثال لابرتقى لكيان الإنسان لكن هو التشكيل. .....!الحقيقة المتبقية من رموز عالم الإنسان هو تكوين اللوحة وسطحها التصويري .
س/ أنت تقترب من التجريد وهناك ارتباط وثيق لك به هل هو تمجيد لفكرة الروح وعالم الأساطير أم هو سر المغامرة والاقتراب من فضاء الحرية؟
ـ في الحقيقة انأ فنان تجريدي وهذه كانت نصيحة أستاذي الكبير الفنان جميل حمودي عندما زارني في معرضي الثاني الذي افتتحه بيديه الكريمتين وقال لي مساحتك هي التجريد لأنه تمجيد لعالم الفكر وعالم الروح وهو الحرية بعينها لان التجريد هو أعمق منطقة في الفكر وهي كما في لغة الفلسفة هي لغة كل الأشكال لأنها تصنع الجمال الكامن في النفس وهي بنية متقدمة نحو الأفق اللامتناهي فالأزهار تتفتح من البراعم وهذا نهوض من الموت إلى الولادة.
س/ أشكال اللوحات تختلف لديك من طبيعة إلى أخرى ولكن روحيتها واحدة فهل تعيد فيها تشكيل نواة الروح أم هي انزلاق يتحول من لوحة إلى أخرى؟.
ـ في مجال العمل الفني الروح واحدة والانزلاق مسألة حتمية لكنها ككرة الثلج انزلقت على السفح البارد ازداد حجمها وتأتي الروح لتحملها إلى القمة كما يحمل سيزيف صخرته لتبدأ رحلة أخرى من المشاق وهي التي تمثل بؤرة الروح وعندها تبدأ أخرى من جديد لان الفنان عندما يصعد إلى القمة سينزلق إلى مهاوي الردى، فالبصمات فوق ألواح الطين كلها تحكي مراحل الوعي والصراع لصالح فضاءات ما زالت تمتلك سحرها الأبعد.
س/ تبدو أجزاء اللوحة لديك في انتماء وجودي لم تزل توظف المشهد الحياتي بصيغة الأقنعة، يا ترى متى يتم الكشف عن الوجه الحقيقي لروح اللوحة؟
ـ من منا لا يسير بلا قناع فالأقنعة حقيقة وجودية وأحيانا يطغي قناع فتراه هو الوجود بأسره و اللوحة لا تستعير الأقنعة كما هو في المسرح لأنها الروح الحقيقية لما يعتمل داخل الفنان وهي تمثل الفنان بروحه وتمثل الوجود بصياغته المعلنة إذ انه ليس هناك تناقض من ناحية وجودية بين العمل الفني وروح الفنان.
س/ تكويناتك تثير في داخل المتلقي أسئلة وجودية هل تشعرك هذه اللعبة بحضور الخيال والذاكرة وتراكمات اللاشعور؟.
ـ إن أول أهداف الفن منذ عصور سحيقة في القدم هو إثارة الأسئلة فالفنان في عصر الصيد كان عندما يرسم حيوانا كان يثير الأسئلة لدى ساكني الكهوف هل هذا هو الحيوان الذي نراه أم هو رمز الحيوان الذي سيصطادونه وهذا بالطبع مرتبط من ناحية وجودية باستمرار حياة الجماعة وكله مرتبط بالمتخيل والذاكرة وإنا اسمي اللاشعور العقل الثاني الذي يمارس وظائفه بعيدا عن الأنا الأعلى وله برنامجه الخاص ويمكن أن يستعمل الحواس لصالحه ومن ثم تراكماته الخاصة، فانا أسعى إلى تحرير العقل الثاني من رقابة العقل الأول أو الوصول إلى نوع من الانسجام بينهما لبلوغ الغاية وهي الجمال الحر في انسيابيته، البليغ في تعبيريته.
س/ في تجسيداتك التحام لوني / كأنه ( مكون جمالي) يترك في المتلقي دهشة … هل هناك من سر في جسد اللوحة تريد أن تجعله دائما في خفاء؟
ـ السر يحب أن يبقى في خفاء والسر هو الشفرة التي زرعتها في جسد اللوحة وهو الدهشة التي تصدم قارئ النص وهو التحام في مكونات العمل، هو علاقة الجزء بالكل وعلاقة الكل بالمكونات. أنا لا اختفي خلف جسد اللوحة بل هو الجمال الذي يناور داخل روحي من اجل إضفاء الشرعية على المنجز، اللوحة أتصورها كمقطوعة موسيقية مفرداتها لا تترجم إلى أية لغة لكن بمجملها تؤلف عالما من الانسجام يتناغم مع إحساسات المتلقي ومع عالمي الذاتي.
س/ هل في المستقبل القريب سنكتشف فيك روح النحات مثلا وإيماءة الممثل وفكرة المجسد وربما سنكتشف فيك فكرة الفيلسوف؟
ـ إن فكر الفيلسوف يتلخص في إعادة صياغة فكرة الأشياء إذ كان مساعدو هيفاستوس ( الذي يشع في النار) جانا من مارج من نار أبرزهم السيقلوب الذين كانوا يساعدون في إذكاء الكير عند بركان أثينا ومما يذكر إن هؤلاء السيقلوب هم الذين خفوا لشد أزر زيوس في صراعه ضد الجبابرة وهم الذين زودوه بالرعد والصاعقة والبرق وكان لهم دور في تطوير الحضارة لذا كان على الفنان إن يؤكد في تجربته الرؤية الحضارية القادرة على كشف العلاقات والروابط التي يعجز عن إدراكها الذهن العادي وهذا لا يتحقق إلا بالانتباه إلى حيوية الفن وخطورة دوره في بناء الحضارة ولكي نحصل على ذلك لا بد من إعطاء الفن دوره الحقيقي الفن المعتمد على الأصالة والمرجعية .. الفن الخالق لأسطورته الحالية.
س/ من من الأسماء التشكيلية تؤول إليه في المشهد التشكيلي العراقي؟
ـ ها أنت أيها الفنان تتوحد من خلال كل سنوات العذاب من أي المسافات تجيء العواطف و أنت تحمل ذلك على راحة يديك عارية يسكنها تصوف من نوع خاص تعانق الخوف مع الرغبة ليصبح كيانا واحدا لا تستطيع أن تهزه الريح وإذا كان الصمت ابلغ وسيلة للتعبير عن غليان الروح وأنينها فان تكميم الصمت لهو المانع من تشظي الجسد الذي الم به الألم وقبل كل ذلك التركيز الداخلي والروحي حيث المملكة الحقيقية للحرية فالصمت أعلى مراحل صياح الأنبياء.

الأربعاء، 19 أكتوبر 2011

جسور وجسور-د.علي عبد الأمير صالح


جسور وجسور
علي عبد الأمير صالح

حين نشرع بالمسير أو السفر يتحتم علينا أن نعبر الجسور . جسور الحديد أو الكونكريت .
جسور بين المدن البعيدة .
وجسور بين المدن القريبة .
جسور عابرة للقارات والمحيطات .
جسور تمتد من أرضٍ إلى أرض ،
ومن قلبٍ إلى قلب .
جسور بين الشرق والغرب ،
وجسور أخرى بين الشمال والجنوب .
جسور بين الماضي والحاضر ،
وجسور أخرى تأخذنا إلى المستقبل .
ثمة جسور عدة بين كرخ بغداد ورصافتها .
وفي مدينتي الكوت يُشيد ، الآن ، جسران كونكريتيان .
ثمة جسور معدنية دأبتُ على تثبيتها في أفواه المرضى . إنها جسور الأسنان الصناعية من الفولاذ الصب والسيراميك والزاركونيوم .
حينما بدأت تعلم كيفية مد الجسور الصناعية كنتُ أضع خطواتي الأولى في طريقٍ طويل وجميل وقاسٍ . شرعتُ أمد جسوراً من نوعٍ آخر ، فريد واستثنائي . جسوري هذه لم تكن من الكونكريت ولا من المعادن الصلدة ، بل هي جسور معرفة وثقافة وفكر ووعي وتنوير وحوار وتبادل أفكار .
حصل ذلك في سبعينات القرن الماضي .
وإذا كنت أمد الجسور في أفواه ضيقة لا تتسع لأكثر من ثلاثة أصابع فإنني عبر القراءة باللغة الإنجليزية طفتُ حول العالم وحلًق بي الخيال بعيداً ، وصار بوسعي أن أقضي ليلةً صيفيةً في جنيف تارةً ، أو يوماً ربيعياً في كارويزاوا تارةً أخرى ، أو نهاراً شتائياً كئيباً في لندن حيث يحتشد آلاف المتظاهرين احتجاجاً على الحرب ضد العراق ، أو أنزل إلى سردابٍ في دانزك وأرى رجلاً يبتلع دبوس النازية ، يتقيأ ، يصبح وجهه أرجوانياً ، وعيناه تجحظان من رأسه ، يسعل ، يصرخ ، يضحك . لم يكن بوسعه أن يسعل بشكل حسن ، فيبدأ بالرقص ويخبط بذراعيه . لقد اختنق بدبوس النازية قبل أن يقتله الروس .
هذا العالم الواسع ، الرحب ، عوّضني عن تلك المسافات الضيقة التي كنتُ محصوراً فيها خلال ممارستي للعمل الطبي . فقد أتاحت لي القراءة بلغةٍ ثانية ومن ثم الترجمة حرية السفر بين ينابيع الإبداع ، وكنوز الفكر والثقافة .. هذا الترحال الدائم بين ثقافات الأمم هواية أثيرة لديّ بدءاً من سنوات شبابي المبكر .
الترجمة هي جسري الخاص الذي أعبره نحو الآخر . الترجمة هي انفتاح على الآخر ، وحوار مع الآخر . إنك تقرأ الآخر وتطلع على ثقافته وفكره وعاداته ومعتقداته وطقوسه .. تعرف كيف يعيش هو ، بماذا يفكر ، وبماذا يحلم ، وما هي عذاباته وآلامه وهواجسه .
الترجمة هي بمنزلة الإبحار في عوالم الآخرين ، إنها اكتشاف عوالم جديدة ، والتعرف على ثقافات مختلفة ، وأناس يحملون فلسفات وأفكار وهويات مختلفة . المترجم في مجال الفكر والثقافة والأدب مثقف آخر ، ومبدع آخر يضيف إلى ما يترجم من روحه من دون أن يخرج بالطبع عن النص الأصلي . هو ليس قرد المؤلف كما يصفه ماركيز ، بل صانعٌ جديد للنص وليس ناقله ، مبدعاً كما مبدعه الأصلي .
بعد نحو ربع قرن من الزمن ، وبعد خمسة عشر كتاباً مترجماً نُشر في بغداد والقاهرة وبيروت ودمشق فضلاً عن عشرات المواضيع المترجمة ( قصص قصيرة ، نقد أدبي ، حوارات ، مقالات حول السينما ، ومتابعات ثقافية للكتب والروايات وجوائز نوبل وسواها ) في الصحف والمجلات العراقية والعربية ، أشعر بالسعادة والرضا وأنا أرى القراء يعبرون تباعاً من ضفةٍ إلى أخرى ، ويقرؤون صفحات كتبي المترجمة بشغف وولع .
بعد هذه المدة الزمنية أسائل نفسي أحياناً : لماذا قمتُ وأقوم بهذه المهمة العسيرة ؟ لماذا احترفت الترجمة مهنةً ثانيةً لي ؟ يُخيل لي أنني كنتُ مولعاً بأن أشيد جسوري الخاصة كي أتواصل مع الآخرين ، كي أحاورهم ، وأفهمهم .. لم يكنْ يهمني أبداً ما إذا كانت الرواية التي أترجمها ستنشر أم لا .. وما إذا كانت قد تُرجمت ونُشرت من قبل أم لا .. كان يفرحني أن أجعل قرائي يشاركونني ولعي بتلك العوالم الساحرة , والروايات الفذة ، والشخصيات الروائية الفريدة من مثل هانز كاستورب بطل رواية ( الجبل السحري ) ، والدكتور فيشر بطل ( حفلة القنبلة ) ، ورام محمد توماس بطل ( المليونير المتشرد ) .
مازلت أذكر ذلك الصيف القائظ من سنة 1996 وأنا أضع ( طبل من صفيح ) بنسختها الإنجليزية على سطح طاولتي وأصابعي تنز عرقاً على صفحات الرواية ، وحتى هذه اللحظة حين يزورني الأصدقاء ومراسلو المحطات الفضائية أريهم آثار أصابعي المتعرّقة وقد انطبعت على سطوح أوراق الكتاب وسوّدتها .. وما زلت أتذكر الجو العائلي حين كنت أترجم رواية ( البحيرة ) لياسوناري كاواباتا في شتاء 1992 . ابني سيف ، طفل السنتين ، يجلس أمامي على طاولة الكتابة بجنب رواية كاواباتا .. كنت أسليه بلعبةٍ من لعب الأطفال وأنهمك أنا في ترجمة النص الروائي .. لكنه يشاغلني غالباً فيخمش بأصابعه الرقيقة اللدنة صفحات الرواية أو مخطوطتها المترجمة .
كانت سنوات الحصار مضرجة بالعرق والإلهام . كنت أعالج السأم بالتخييل وأرسم على شفتيَّ ابتسامة الأمل . كان الأدب وما يزال يبث العنفوان في داخلي فتولد في أعمق أعماق روحي الدهشة . إبان تلك السنوات القاسية كنت أستمع إلى صراخ اليأس المبحوح . لكنني كنت أكافح كي أوازن بين حياتي وعملي الأدبي ، أن أحافظ على الجو العائلي الحميم وأن أعالج أطفالي وأرعاهم ، وفي الوقت نفسه أنشط مخيلتي وأطوّر أدواتي الإبداعية . كان من الصعب أن تحافظ على الأمل وأنت الجريح في قلب الغابة ، تكسرت سهامك وهدك التعب فهويت على ركبتيك .
ما أقوم به حالياً وما يقوم به زملائي المترجمون العراقيون جهود فردية حصراً ، لكنها ليست عديمة التأثير كما قد يظن البعض .. الكتب المترجمة يطالعها القارئ العراقي والعربي بنهم ولها حضور في المشهد الثقافي العراقي والعربي كما تسهم في تنمية ذائقة القارئ وتطوير تقنيات الكتابة لدى الشعراء والروائيين والنقاد .
في الختام أقول إنه ينبغي أن يكون المترجم متفتح الذهن ، واسع الأفق ، جريئاً ، خالياً من العقد ، ومتحرراً من التابوات كي يستطيع أن ينقل نصوصاً جريئة ، صادمة ، ومثيرة للجدل .. هذه النصوص تلعب دوراً حيوياً جداً في إرساء ثقافة ديمقراطية وتنويرية تحتفي بالإنسان وتحترمه ، كما تساهم في توعيته فكرياً وفلسفياً وجمالياً وتزوده بالمعارف الإنسانية الحديثة .

الثلاثاء، 18 أكتوبر 2011

دويلات جديدة من رماد سايكس-كاظم فنجان الحمامي


دويلات جديدة من رماد سايكس
التلاعب بالعقول لتنفيذ مشاريع التقسيم المستقبلية
كاظم فنجان الحمامي
ظلت معاهدة (سايكس – بيكو) سراً لا يدري به عرب الشيخ متعب, إلى أن نشرتها الحكومة السوفيتية بعد عام واحد من توقيعها. .
عُرفت المعاهدة بهذا الاسم على خلفية المحادثات السرية بين ممثل بريطانيا (السير مارك سايكس), وممثل فرنسا (مسيو جورج بيكو), وفي ضوء تلك المحادثات تقاسمت فرنسا وبريطانيا أرث الخلافة العثمانية في بلاد العرب. ففقد العراق مُذاك سيادته المطلقة على سواحله الممتدة من (رأس البيشة) عند مدخل شط العرب وحتى (رأس مسندم) عند مدخل مضيق هرمز.
وانطلقت معاول (سايكس), وبلدوزرات (بيكو) تدك الأرض في حملاتها المسعورة, لبناء السدود, وتشييد الحواجز الحدودية, وإقامة الموانع, وشق الخنادق, وغرس الركائز, حتى تقطعت أوصال الأرض العربية, وتمزق جسدها إلى مقاطعات متباعدة متنافرة, لكنها وعلى الرغم من تنافرها كانت تلتقي بقواسم فوقية مشاركة, تدين بالولاء للتاج البريطاني, والخضوع الكامل للسيادة الفرنسية. .

وتزامنت تلك المرحلة مع مرحلة اختيار طواقم الحكام والوزراء الجدد, فنال بعض وجهاء العرب الرتب والنياشين والدرجات, الملائمة لتطلعاتهم الملكية أو الأميرية أو الباشاوية أو الكهنوتية, وكلفتهم بريطانيا بإدارة البلاد, ومنحتهم فرنسا حرية التحكم بالعباد, تحت إشراف ووصاية المندوب السامي البريطاني أو الفرنسي.
كان هذا في العام 1916 والأعوام اللاحقة, التي تفجرت بعدها الانقلابات, واندلعت فيها الحروب, وأهدرت فيها الثروات, وضاعت فيها الحقوق, حتى تعمقت الخلافات بين أركان الأقطار العربية, وكانت ملاعب كرة القدم خير شاهد على ما آلت إليه أحوال الأمة من تشرذم وتناحر وتباعد . .
وعلى الرغم من مضي قرن من الزمان في ظل هذه الأجواء العربية المتشنجة, مازالت إدارات بعضها ملتزمة في ولائها ووفائها للتاج البريطاني, وملتزمة في طاعتها المطلقة للبيت الأبيض الأمريكي. وهكذا ضاع المواطن العربي في دوامات الولاءات القديمة المتجددة, حتى جاء اليوم الذي سمعنا فيه بمشاريع التقسيم الغربية والإسرائيلية. وشاهدنا فيه الأدوات, التي أشعلت الفتنة بين السنة والشيعة, ثم اشتغلت مفاعلات التنفيذ بوقود (الربيع العربي), وسعت للانطلاق من رماد (سايكس بيكو) نحو خلق عواصف دراماتيكية, تقتلع الأمة من جذورها الخاوية, وترميها في مهب الريح, لتواجه مصيرها المؤسف, الذي رسمته لها القوى العظمى, من حيث تدري, أو لا تدري.
لقد بدأت طبول التغيير الشامل نحو المجهول تُقرع في الميادين العربية, تقودها في الخفاء أشباح (الفيس بوك). ملفات جديدة تظهر إلى السطح, وأخرى تختفي خلف جدران الصمت والجهل والتخلف, وأخرى تعدها وتشرف عليها المنظمات السرية لتحل محل الملفات التي طواها النسيان. .

قادة انتهت صلاحيتهم بعد ربع قرن من البطش, يغادرون مرغمين, ويتدحرجون من عروشهم الرئاسية نحو الهاوية, وقادة أقزام يخرجون من بين مخالب العم سام, وآخرون يولدون من رماد (سايكس), ويرتدون قمصان ساركوزي في فجر الأوديسا, ويلهثون خلف سراب (برنار هنري ليفي), ليسقطوا في شراك (برنارد لويس), فيأتمرون بأمره في السعي نحو إغراق المنطقة في مستنقعات التناحر السني الشيعي, والإسلامي المسيحي, وتأجيج الصراع العربي الفارسي, أو العربي الكردي, أو العربي الأمازيغي, في محاولة جادة وحثيثة لبعث مآسي الأمة, والعودة بعقارب الزمن إلى أزمات العصر الأموي والعباسي, وتوظيف النعرات القديمة في تحفيز براكين اللعبة القذرة, وتغيير محاور المواجهات المشفرة من (حكومات في مواجهة الحكومات), إلى (جماعات في مواجهة الجماعات), ومواصلة السير في هذا الاتجاه التآمري, وتوسيع نطاق الصراع السني الشيعي, وإشراك جماعات عربية وإسلامية جديدة في هذا الصراع الطائفي العقيم, والإسراع بتقديم الدعم والإسناد لكل الأطراف المتناحرة, فالكل ينبغي أن يقف في مواجهة الكل ويفتك به, وليسحق كل منهما الآخر حتى الفناء, والرابح في النهاية هو النظام العالمي الجديد القائم على ركائز القاعدة القديمة (فرق تسد), والعمل على إشاعة الفوضى, وخلق الظروف الملائمة لكتابة سيناريوهات التقسيم الجديد برماد (سايكس بيكو), مع مراعاة عدم تكرار الهفوات التي وقع فيها سايكس ونظيره بيكو, عندما اعتمدا في رسم الحدود القديمة على المعطيات الجغرافية وحدها, من دون أن يلتفتوا إلى مكامن الكنوز المدفونة تحت الأرض, فالتقسيم الجديد سيكون قائما على توزيع ثروات البلاد العربية على القوى الاستعلائية, والسماح لها بالاستيلاء على مواردنا الطبيعية, ومنحها فرص السيطرة على المواقع الإستراتيجية المتمثلة في المضايق والممرات البحرية والخطوط الملاحية, وتسهيل مهماتها السوقية في بناء القواعد الحربية الجبارة وسط العالم العربي, والسعي لتفكيك حدوده الجغرافية الحالية, وتمزيق كياناته السياسية, وتقطيعه إلى دويلات صغيرة, وجمهوريات ضعيفة غارقة في المشاكل والأزمات, تدين بالطاعة والولاء لإدارة النظام العالمي الجديد. .

اما المهندس الذي صمم مخططات هذه المشاريع الاستعمارية, فهو العراب الأمريكي (برنارد لويس), الذي كان أول من طالب البيت الأبيض بإعادة تقسيم الأرض العربية, والاستيلاء على ثرواتها, والتحكم بمصيرها, وطالبها باستعمال علب الكبريت المخبأة في التركيبة المذهبية العربية السريعة الاشتعال, والسريعة العطب. والقابلة للانفجار لأتفه الأسباب, وهو الذي نصح الإدارة الامريكية بضرورة الإمساك بخيوط اللعبة, وتحريك الدمى في المسرح السياسي العربي من خلال التضليل الإعلامي المكثف, ونشر الوعي المعلب في صفائح التشرذم الطائفي المتاح للاستعمال منذ القرن الهجري الثاني, (اقرأ كتاب "التلاعب بالعقول" للمؤلف هربرت أ. شيللر). .
ختاما نقول ان الحل الوحيد لمواجهة هذه المؤامرات الخطيرة يكمن في السعي لتثبيت أركان الدولة العربية, التي يفترض أن تكون قائمة على مخافة الله, فرأس الحكمة مخافة الله, وأن نحث الخطى باتجاه إرساء قواعد العدل والمساواة, وقبول الآخر, والتعايش معه في ظل القوانين والقواعد والأعراف النافدة, والاعتراف بالأمراض والعلل الكثيرة التي تمر بها أوطاننا, وإدراك مدى حاجتنا لتوحيد مكوناتها على قاعدة الحق في الاختلاف, واحترام آراء الناس, وضمان حرياتهم العقائدية والشخصية. . أليس العدل أساس الملك, وأساس الكون كله ؟؟؟. . .
--

الاثنين، 17 أكتوبر 2011

إضاءة ,كما سمعـتُ !!!-حامد كعيد الجبوري


إضاءة
كما سمعـتُ !!!
حامد كعيد الجبوري
يراودني شعور خفي كلما كتبت قصيدة أو موضوعة ما وهو ماذا سأكتب لاحقا ، وكلما أنهيت مادة بيدي أجد واحدة أخرى أمامي تدعوني للكتابة عنها ، ومرات تتزاحم لدي الأفكار بأكثر من موضوع مهم أراه ، وهذه الموضوعة ليست من بنات أفكاري بل هو حديث سمعته اليوم ، أعتدت الخروج من داري صباحا لقضاء متعلقاتي ( البيتية ) مستخدما سيارات النقل العمومي الأهلية ( كيا ) ذات العشرة مقاعد لسهولة التنقل بها ، وأضف لذلك ( تعريفتها ) النقدية الزهيدة 250 دينار ، وأترك سيارتي الشخصية في البيت لعدم تهيئة ووجود مآرب للسيارات وسط المدينة ( الحلة ) ، ناهيك عن الاختناقات التي سببتها كثرة الاستيراد العشوائي للسيارات الصغيرة والكبيرة منذ سقوط النظام وليومنا هذا ، كان أكثر من مقعد فارغ بسيارة ( الكيا ) التي ركبتها وأغلب الركاب من النساء ، بعد مسير العجلة قليلا أستوقفها أحد المنتظرين على قارعة الطريق ، توقفت العجلة وصعد لها رجل أبن الخمسون سنة وهو يرتدي ( دشداشة ) قذرة جدا ويضع على رأسه طاقية وهو متمنطق بحزام عسكري قديم ليشد به ظهره التعب ، لاحظت أحدى النساء الجالسات قد وضعت كم عباءتها على أنفها لتتقي رائحة هذا الرجل ، قالت أخرى موجهة الحديث للراكب الجديد ( ما لازم تصعد للسيارة وأنت بهاي الحالة ، لو تاخذ تكسي هواي أحسن للناس ) ، تطلعت لذلك الرجل وعرفت ماهية عمله ، رجل فقير ، نحيف الجسم لحية كثة ، و ( دشداشة ) عليها آثار أوساخ أنه منظف مخازن المياه الثقيلة ، ومعلوم أن البيوت القديمة لا تصل لها السيارات الحوضية المخصصة لسحب المياه منها لضيق أزقتها ، وفي هذه الحالة تضطر العائلات إلى استئجار رجالا متخصصون لسحب هذه المخازن ، لم يتحدث الرجل بأي شئ ، انبرت امرأة جاوزت الستين من العمر لتتحدث مع هذه التي أشارت على الرجل بعدم ركوب السيارات العامة قائلة لها ، ( عيني هذا الرجال لو عده 3000 دينار جان أجر بيها تكسي وجان ما راح أشتغل بهاي الشغله الوسخه وجان راح أشتره لهله طماطات وبيتنجانات ويسد أحلوك ولده ، وبعدين هاي سيارة عامة اذا ميعجبج انتي أخذي تكسي وخلصي من هاي الريحه الموخوش والله وأهل البيت هذا الرجال أشرف وأنظف من الحراميه اللي ديبوكون قاصتنه عينك عينك وزير ومحافظ وريس جمهورية وريس برلمان وغيرهم هواي ) ، حدقت بهذه المتكلمة كثيرا فوجدت سنها تجاوز من أن تكون من البعث الذي فقد سلطته ، ولا من الشيوعيين الذين يريدون أن يوّعوا الجمهور العراقي بمصيبته التي أختارها لنفسه من خلال صناديق الاقتراع الموهومة والوهمية ، وحقيقة أعجبني رد هذه المرأة الجليلة لذا نقلته كما سمعته دون تعليق عن صحة موقفها من عدمه ، ولا عن موقف الرجل الذي صعد الى هذه السيارة ، وسأترك ذلك للقارئ الكريم ، وأختم قائلا لو أن كل فرد عراقي وعى هذه الحقائق المرة فما هو موقفه ؟ ، ولمن سينتخب المرة القادمة ؟ ، للإضاءة .... فقط .

الأحد، 16 أكتوبر 2011

الفنان غالب المسعودي وهاجس البحث عن لغة جديدة-عبد الأمير خليل مراد




الفنان غالب المسعودي وهاجس البحث عن لغة جديدة
عبد الأمير خليل مراد
إن المتأمل لنتاج الفنان غالب المسعودي يكتشف انه فنان متعدد الاتجاهات, وان تجربته لا تكتفي بالاشتغال في منطقة الحداثة,بل تتعدى ذلك في تأكيد قدراته الفنية ووعيه الإبداعي من خلال البحث عن لغة جديدة في التعبير والمغايرة وتقديم رؤية حدسية يستجلي في مضمارها إبعاد التجربة الإنسانية التي يريد توصيلها إلى الأخر من خلال اللوحة.
لقد حفلت مراحل المسعودي الفنية بالانتقالات الحثيثة والمتعاقبة في التقاط الرؤية وتوجيه مضامين إعماله وخطوطها الصريحة والمضمرة بوعي فني يستثير الانفعال لدى المتلقي,مما يدفع به إلى الاندماج مع عالمه الداخلي,حيث يضفي نوعا من التوافقية في وحدة الإحساس فيما بينه وبين تجربة المشاهد.
فكثيرا ما نراه يعمد إلى تحليل الأشياء تحليلا تشكيليا خالصا,يستدعي فيه التعمق والبحث عن مفردات ذات أصول بابلية أو سومرية,مؤكدا صدق انتمائه إلى حضارة وادي الرافدين من خلال اشتغاله على موضوعة الحرف, والحرف السومري تخصيصا في مجمل إنتاجه الجديد.
والجديد في رسومات المسعودي حصل في الطريقة الأدائية والتوظيفية للحرف بوصفه رؤيا ونظاما يسعى إلى الغاءالنقاط والفواصل والعلامات الفائضة التي توهن من جماليات الحرف العربي, كما انه لايكتفي بتقديم تجربة ذاتية مكتفية بذاتها,بل يسعى إلى التفاعل والانصهار مع الأخر في معظم رسوماته,حيث يتطلب منا ذلك تركيز اهتمامنا نحو رمزيته, بالقدر الذي يتم توجيه وعينا نحو رمزيته وألوانه التعبيرية وتناسق عناصرها, وبالتالي انه يجعلنا في ذروة الاستجابة من خلال الصورة والمعنى.
وإذا كان(ليون ديوي) يقر إن الفن ليس هو الطبيعة, وإنما هو الطبيعة معدلة بفعل اندماجها في علاقات جديدة تتوالد عنها استجابة انفعالية جديدة, فان إيقاع اللوحة عند غالب المسعودي يتأتى من خلال الأنظمة المحسوسة للألوان وإعادة ترتيبها في علاقات جديدة,طازجة تمتزج فيها الإيماءات بالدلالة وتتداخل الرؤى بالاشتغال.إذ تتوزع اللوحة في فضاءات مميزة التكوين/موزعة بين التوجهات اللونية وتكرار الأنساق في أحيان كثيرة,ِشبابيك قديمة , رؤوس غائبة الملامح,أجساد نحيفة أكلها الجوع اكلأ, فالجو العام أو سيناكروفية اللوحة لمعظم أعمال المسعودي نراه صاخبا وهو يفور على نار هادئة في شوارع خلفية لمدينته المثالية التي طالما حاول أن يسبر أغوار عوالمها, لكنه لم يفلح إذ أن مدينته عصية, الأ أنة لجاء الى استنباط لغة تعبيرية جديدة مفعمة بالدهشة واللامعقول وفك شفرة الجدران السبعة التي تحول بين هذه العوالم وبين بصيرة الإنسان,وكأنه يغترف من عالم ملئ بالأساطير والأحلام, أو مما يستحوذ على تفكيره من إرهاصات العقل الباطن, وهذا ليس هو الجديد في تجربة المسعودي فهو لا يهدا في تطوير لغته التشكيلية ومعانقه كل تطورات المسارات الفنية التي تضيف إلى تجربته, فهو يؤمن, بان الحداثة وما بعدها هي وليدة خطاب إنساني وفلسفي تمليه ظروف موضوعية قائمة على أبعاد معرفية, وهي في الوقت ذاته تمتلك خصوصيتها المحلية وان كانت الأصالة في ما مضى هي الالتحاق بالتيار العام وان كان هذا الاتصال لن يصل إلى مداه العام دون إدراك لما هو مشترك من العناصر الزمكانية وتداخلها.
إن ما يشدني من أعماله هي لوحة الشاعر حيث يظهر الحرف رشيقا عربيا مسماريا وصيغته الجديدة ورقي بعده الجمالي, انه لمبهر , ,دالا يلامس جسد اللوحة وكأنه بوابة للارتحال من سكون العالم إلى فضاءات مملوءة بالرموز /والأسئلة , مسلة حمورابي , ملحمة كلكامش.أن عالمنا استثنائيا ورائع ويحمل تقاسيم رؤيوية تضيء الأشياء البعيدة وتستبطن الأعماق,,هذا مايغرينا لان ندلف عالمه الفني ونحن مدججون بالبراءة والأمنيات.