بحث هذه المدونة الإلكترونية

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 14 ديسمبر 2013

عاش الرئيس فالديس ابن فسكيس-كاظم فنجان الحمامي

عاش الرئيس فالديس ابن فسكيس
 
 
كاظم فنجان الحمامي
 
ما يميز الرئيس اللاتيفي الشاب (فالديس دمبروفسكيس) عن رؤساء أوربا, انه أكثرهم وسامة, وأكثرهم جاذبية, وأصغرهم عمراً, وأخلصهم لشعبه, وانفعهم لوطنه, وما يميزه عن الملوك والرؤساء العرب انه يختلف عنهم اختلافاً جذرياً في كل شيء تقريباً, فهو أوضح منهم في مشاريعه السياسية, وأصدق منهم في تعامله الإنساني, وأقرب منهم لمشاعر أمته, وأحرص منهم في مساعيه الحثيثة نحو إرساء قواعد العدل والإنصاف, وأشدهم كراهية للكراسي والمناصب والعناوين السلطوية الزائلة (Preview.
لقد أصبح فالديس رئيساً لوزراء لاتفيا عام 2009, فتوطدت علاقته بشعبه, وتعمقت على المحبة والتراحم والتواد والتناصح. يحزن لحزنهم, يتألم لألمهم. لم يظلمهم. لم يتجبر عليهم. لم يبطش بهم. لم يستخف بعقولهم. لم يفرق بينهم. ولم يشتتهم بتوجهاته الطائفية.
رجل بهذه الأخلاق وبهذه المواصفات, لم يستطع البقاء في منصبه دقيقة واحدة بعد انهيار سقف أحد المتاجر في قلب العاصمة (ريغا), فأعلن عن استقالته, تعبيراً عن مواساته لأسر الضحايا, الذين قضوا في الحادث المؤسف, وكانوا أكثر من خمسين شخصاً, فرفع اللاتيفيون لافتاتهم مطالبين بعودته إلى منصبه, لكنه أصر على موقفه. قال لهم: (لقد فوضتموني ففشلت, ولأنني احترمكم وأحترم نفسي, فقد وجدت في استقالتي الاعتذار اللائق بكم بعد انهيار سقف المتجر).
قالوا له: أنت غير مسؤول عن حادثة الانهيار يا ريس, فالمقاول الذي شيد المتجر هو الملام, فقال لهم: (لقد أحلته إلى القضاء, ولا مكان لي بعد الآن في هذه الحكومة التي فيها مقاول واحد فاسد).
قالوا له: ألا تعلم يا ريس أن سقوف الأسواق والعمارات والمتاجر والمكاتب والمنازل والمساجد والكنائس والمدارس تنهار في العواصم العربية كل يوم, ويموت العرب بالآلاف من دون أن يكترث زعمائهم, ومن دون أن يرف لهم جفن, فلم يستجب لنداءاتهم.
فالديس هذا يا جماعة الخير من مواليد 1971. ينحدر من أصول بولندية, حصل على بكالوريوس الهندسة عام 1995, ونال درجة الماجستير في الفيزياء عام 1996, عمل في المختبرات الألمانية بمدينة (مينز), ثم انتقل للعمل في مختبرات جامعة ماريلاند.
التحق عام 2002 بحزب (العصر الجديد), فصار عضواً في البرلماني اللاتيفي, ثم شغل منصب وزير المال حتى عام 2004, وأصبح مراقبا في مجلس الاتحاد الأوربي, وعضواً في البرلمان الأوربي, وعنصراً رئيساً في ثلاث لجان أوربية فاعلة, ثم صعد بجدارة إلى سدة الحكم في الانتخابات التشريعية, ليصبح رئيساً لوزراء لاتفيا في اليوم الثاني عشر من آذار (مارس) 2009.
ختاما نترك للقراء الكرام حرية المقارنة والمفاضلة بين هذا الرئيس وزعمائنا العرب, ونترك لهم حرية التعليق على الموضوع بالطريقة التي يرونها مناسبة.
ربنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين
 

وداع .. احمد فؤاد نجم / ناصر الثعالبي

وداع .. احمد فؤاد نجم / ناصر الثعالبي

وداع .. احمد فؤاد نجم / ناصر الثعالبي 
ودع سؤالك لحالك  ..وارتحل بسكوت
مو انت اول نبي ..  يتسامح اويه الموت
ظل جرحك اشما نشف  .. بيه النداوه اتفوت
ما مات من غنته .. الناس باجمل صوت
صوت الغلابه العدل  .. وبثورته موقوت
ودع سؤالك لحالك  .. وارتحل بسكوت

ودع سؤالك لحالك  .. والوداع بدم
الندم طبع الليالي ..  ونت ما تندم
صبرك تلبسه وتغني .. البلوتك والهم
وبريح صوتك .. عصافير السما تلتم
ياقوت تنثر على  .. جف الزمن ياقوت
ودع سؤالك لحالك ..  وارتحل بسكوت

هذي (بهيه) على  ..نيلك تطش الحزن
وبصوت كسر الكلب ..  مهظومه يمك تون

(لاكتب على عيني .. يحرم عليكي النوم
و احبس ضيا عيني .. بدموعي طول اليوم)

كل لحظه من تنفقد ..  نجمه عليها تحن
مجروح هذا الوطن ..   زادت عليه المحن
وشما وسع حاضنه ..  ما يوسع التابوت
ودع سؤالك لحالك  .. وارتحل بسكوت

مصر يا اما يا بهية الشيخ امام واحمد فؤاد نجم.flv

الثلاثاء، 10 ديسمبر 2013

فارس حميد أمانة - احسان عبد القدوس .. وأدب الخروج - الجزء الثالث

إضاءة ( الحكومة نزل ) !!!!-حامد كعيد الجبوري

إضاءة
( الحكومة نزل ) !!!!
حامد كعيد الجبوري
        ( النزل ) المستأجر الذي يستأجر بيتا أو حانوتا وحتى السيارة ، ويقال فلان أستأجر بيتا أو حانوتا أو سيارة ، بمعنى أن المستأجر لا يملك الدار أو الحانوت أو السيارة ، وربما هذا المستأجر لا يملك المال الكافي ليدفع مبلغ أجار المأجور ، فمرة يلجأ الى الاقتراض من الناس ، أو يبيع شيئا من مدخراته ليدفعها للمؤجر صاحب العقار ، وكثيرا ما تحدثت شجارات وتشابك بالأيدي أو السلاح الأبيض بين المستأجر والمؤجر ، وربما يسقط قتلى جراء ذلك الشجار ، ومحاكمنا العراقية مليئة بمثل هكذا خصومات تجدها في المحاكم الجزائية وغيرها ، وغالبا ما يكون المستأجر غير حريص على سلامة العقار المؤجر ، فيبدأ العقار بالتهاوي جزءا أثر جزء ، ويبقى المؤجر صاحب العقار يرمم ما خربه أو تلفه المستأجر ، وقليل جدا من المستأجرين ( النزل ) يهتمون بما يؤجرونه ويلاحظون مكامن العيوب ويقومون بتصليح ما أتلفوه عمدا أم سهوا ، كل هذه المقدمة بسبب وضع مزري أجده هذه الأيام يكثر بمحافظاتنا العراقية ، وبما أننا وبفضل التغيير السياسي في العراق لم نعد نرى إلا المحافظة التي نسكن ، وهذا ما أراده القادم الجديد متذرعا بالإرهاب والطائفية ، ولا أعني كل المحافظة ، بل الجزء الذي نسكنه مجبرون عليه ولا يمكن الوصول لأجزاء المحافظة إلا بعد التي واللتيا بسبب ( السيطرات ) والانتظار الممل ، إذ لا خيار غيره ، ميزانية بلد صغير الحجم والنفوس كالعراق قياسا لبلدان أخرى ، وله ميزانية تعدل ميزانيات دول قطعت أشواطا بمضمار تقدمها ، الغريب أن الوزارات العراقية الحالية تبني دوائر حديثة تتسع لدوائرها الفرعية بالمحافظات وتترك بلا استغلال عقلاني مبرمج ، وندخل لتلك البنايات فنجد غرفا كثيرة غير مأهولة بالموظفين ، ومع ذلك نلاحظ أن تلك الدائرة تستأجر بيوتا من الأهالي لتستخدمها دوائر حكومية لها ، مثلا دائرة صحة محافظة بابل ، بناء حديث ، طوابق متعددة ، على مساحة أرض كبيرة ، ووجود غرف فارغة فيها ، ولكنها تستأجر بيوتا أهلية وتجعلها دوائر حكومية ترتبط إداريا بمديرية صحة بابل ، ومثلا واحدا لذلك والحالات كثيرة جدا ، استأجرت دائرة الصحة / بابل بيتا في حي ( الخسروية ) ، وجعلته مركزا عائدا للمديرية  لتسجيل الوفيات والولادات ، ووزارة العدل أنشأ لها الأمريكان مجمعا قضائيا كبيرا خارج المدينة قليلا ، وتركوا المحكمة السابقة التي تقع وسط المحافظة ، ولا تزال غالبية منشآتها فارغة تماما ، ولا اعرف هل أن كاتب العدل يعود إداريا لوزارة العدل أم لوزارة المالية ؟ ، لأنه وأعني كاتب العدل ترك البناية الحكومية التي كان يشغلها وأستأجر بيتا أهليا وجعله مقرا لكاتب عدله ، ووزارة الداخلية لها بيوتا لا تحصى مستأجرة من الأهالي ، وكذلك محافظة بابل تؤسس  أقساما مستحدثة كثيرة وتستأجر لها بيوتا أهلية أيضا ، وأشك أن هناك أكثر من شبهة فساد مالي بذلك ، السؤال الذي أخلص أليه قائلا هل أن حكومتنا العراقية صاحبة ملك وتتصرف بملكيتها الشرعية  ؟ ، أم أنها ( نزل ) سرعان ما يتركنا ويعود من حيث أتانا ؟ ، سؤال لا أجد له جوابا منطقيا ، للإضاءة ...... فقط .   

العرب بلا عنوان:المأساة بإختصار-بقلم د. لبيب قمحاوي


 Dec 9 at 1:37 PM
العرب بلا عنوان:المأساة بإختصار
بقلم          
د. لبيب قمحاوي

من الخطأ الأفتراض أن الوضع المأساوي الذي يعيشه العالم العربي الآن قد جاء بشكل مفاجىء أو نتيجة لأسباب تعود الى الوضع الذي مرت به المنطقة مؤخر،بل هو محصلة مسلسل طويل وتراكمي من الأنتهاكات للثوابت العربية وعلى مدى اكثر من ستة عقود أدت بنا الى ما نحن فيه الآن من مآسي و كوارث.

الأحداث المتلاحقه والتطورات السلبيه مؤخراً فرضت على المواطن العربي مسارات ليست من صنعه أو إختياره ووضعته بالتالي أمام مجموعة من الخيارات التي لا تعكس بالضروره مصالحه سواء جزئيا أو كلياٴ. واختلاط الأمور هذا أدى الى أن تفقد البوصلة السياسيه قدرتها على تحديد الأتجاه الصحيح، وهكذا تختفي الخسائر الحقيقية  والكبيرة للعرب بين أكوام من التفاصيل الصغيره التي لا تعكس أي قيمة وطنية أوقوميه أو استراتيجيه.

انهيارمنظومة الثوابت العربيه الرئيسيه تم على أيدي حكام و قيادات فاقده للأحساس بالمسوؤلية الوطنيه والوازع الأخلاقي ولا يهمها سوى مصالحها الأنانية وديمومة تلك المصالح . وانتهاك هذه الثوابت هو بمثابة تدمير للأسس التي تحمي الأمه و مستقبلها   ومصالحها. ومن المؤسف أن معظم هذه الثوابت قد تم انتهاكها بالحد الادنى من الاعتراض الشعبي. وقد يعود ذلك الى جهل أو عدم درايه بما يجري ، أو لكون تلك الأنتهاكات قد جاءت مغلفة بعناوين أو شعارات لا توحي بحقيقة المضمون وماهيته.
ولابد من الأعتراف هنا أن غياب الديمقراطية وتمادي الانظمه العربيه الحاكمه في استبدادها واستعبادها لشعوبها قد جعل من انتهاك ثوابت الأمه أمرا ممكنا اذا ما توفرت النية لدى تلك الأنظمة لفعل ذلك.

أول وأهم الثوابت التي تم انتهاكها هي مركزية قضية فلسطين وحقوق الشعب العربي الفلسطيني في أرضه ووطنه. وقد تم هذا الأنتهاك ابتداءً بأيدٍ عربية من خلال معاهدة السلام في كامب ديفيد التي أدت الى خروج مصر من معادلة الصراع. وقد أعقب ذلك توقيع اتفاقية أوسلو بين نظام الحكم الفلسطيني بقيادة ياسر عرفات و اسرائيل. وقد أدت هذه الأتفاقية الى بدء مسلسل التنازلات الفلسطينيه الأستراتيجية و العلنية مقابل تنازلات اسرائيلية شكلية. وفتحت هذه التنازلات المجال أمام  دول عربية أخرى مثل الأردن لتوقيع معاهدةْ سلام منفرده مع اسرائيل،  وأمام دول عربيه أخرى مثل بعض دول الخليج العربي والمغرب العربي لأقامة علاقات شبه دبلوماسيه صامتة مع اسرائيل، وكذلك تبادل الزيارات بين المسؤولين في تلك الدول، والتعاون في مجالات استخباريه وأمنيه مع اسرائيل، وكل ذلك مجاناً ودون أي تنازل من اسرائيل .

الثابت الثاني الذي تم انتهاكه هو وحدانية الهوية العربيه كتعبير سياسي جامع لشعوب الأمه العربية. وخلال العقود الستة الأولى من القرن العشرين لم يتجرأ أي حاكم أو مسؤول عربي على التنصل علناً من عروبتة و إنتماءه القومي سواء كنظام حكم أوكشعب أو كدوله ، الى أن تمت الدعوة الفاشلة لانشاء الحلف الأسلامي في منتصف ستينات القرن الماضي وما تبعها من الأعلان عن إنشاء مجلس التعاوني الخليجي في 25 ايار1981 الذي شكل الخطوة الأولى في اتجاه التغاضي عن الهويه العربيه و تقديم هوية سياسية جديده للدول المنتمية الى ذلك المجلس وشعوبها وهي بالتحديد الهويه الخليجية. من جهته حاول أنور السادات طرح الهوية الفرعونية لمصر عقب اتفاقات كامب ديفيد الا أن تلك المحاولة فشلت لعدم وجود أرضية واقعية لها أو قبول شعبي بها. ولكن تبقى المحاوله الخليجيه هي الأخطر حيث وفرت نوعاً من الشرعيه وقدمت السابقة لمحاولات مماثله للأنقضاض لاحقاً على الهويه العربيه أو السماح بتفكيكها الى هويات فرعيه أو مذهبية. وما نشاهده الآن من هجمه شرسه على الهويه العربيه ومحاولة استبدالها بهويات مذهبيه وطائفيه انما هي نتيجة حتميه للمحاولات المستمره لأضعاف الهويه العربيه. إن استبدال الهويه العربيه بالهويه المذهبيه كأساس للأنتماء السياسي سيؤدي بالنتيجه الى تقسيم الدول العربيه وإعادة تشكيلها الى كيانات هزيلة طائفية أو مذهبية تتبع قيادات دينية في دول أخرى قد لاتكون عربية .

الثابت الثالث الذي تم انتهاكه هو الألتزام بحل المشاكل والخلافات العربيه بالوسائل السلمية وبأيدي عربيه وضمن مؤسسات النظام العربي و أهمها الجامعة العربيه ومؤسسات العمل العربي المشترك .  وقد نجح هذا المبدأ بشكل واضح في البداية عندما تم استعمال المظله العربيه لوقف الحرب المحتمله بين العراق و الكويت في عهد الرئيس العراقي عبدالكريم قاسم عام 1961. وفي المقابل فإن هذا المبدأ قد سقط        في عدة اختبارات كان من أهمها الصراع المصري- السعودي في اليمن والنزاع        المغربي- الجزائري حول الصحراء.

الثابت الرابع الذي انتُهِكَ بوحشية كان مبدأ عدم جواز احتلال أي أرض عربية بالقوة من قبل أي دولة عربية أخرى. و اكبر مثالين على ذلك كانا احتلال سوريا لدولة لبنان، والذي ابتدأ كقوات حفظ سلام عربيه بغطاء عربي لينتهي كإحتلال سوري فعلي ومباشر للدولة اللبنانيه . والمثال الثاني بالطبع هو احتلال العراق لدولة الكويت في عهد الرئيس الراحل صدام حسين. وفي كلتا الحالتين أدى ذلك الأحتلال الى تولد حالة واضحه من الأستقطاب في العالم العربي، وأدى الى تحول الأهتمام الشعبي العربي في إتجاه معالجة ذيول تلك الأحتلالات عوضاً عن التركيز على الأخطار القادمه من الخارج مما أفسح المجال لقوى غيرعربيه للتسلل الى داخل العالم العربي وبدء مرحلة إعادة تشكيله .

أما الثابت الخامس والقاضي بعدم المشاركة أو التعاون مع اي قوة غير عربية تقوم بالأعتداء العسكري على دولة عربية، فقد تم انتهاكه أكثر من مرة. والانتهاك تم مباشرة و بشكل علني من خلال المساهمه العربية في الاعتداء الاول على العراق عام 1990 انطلاقاً من "حفر الباطن" في السعوديه وبمشاركة عربية واضحه . وقد تبع ذلك الحرب الثانية على العراق بمشاركة عربية عام 2003 حيث تم احتلال هذا البلد العربي وتدميره وتفكيك مؤسساته وتقسيمه على أسس مذهبيه وعرقيه . ولم تقف الأمورعند حدود التدخل العسكري المباشرمن قبل دول عربيه ضد أخرى، بل امتدت للمساهمه بشكل غير مباشر  وغير معلن من قبل بعض الدول العربيه  في تسهيل عمليات تجسس دول غير عربية على دول عربية أخرى ،أو تسهيل العدوان على منشآت عربية استراتيجية مثل التسهيلات التي أعطيت من قبل بعض الدول العربيه للطائرات الأسرائيليه للقيام بعملية قصف المفاعل النووي العراقي . هذه الأنتهاكات المتكرره أدت إلى إسقاط قدسية وأولوية الأنتماء العربي وفتحت الباب على مصراعيه أمام التدخل الأجنبي العسكري المباشر في العالم العربي مما رفع هالة القبح عن الأحتلال الأسرائيلي وجعله واقعاً منسجماً مع تطور الأمور في العالم العربي .

كما أدت هذه الأنتهاكات بالنتيجة الى خلخلة النظام العربي وتفكيكه تدريجياً خصوصاً وأنها ترافقت مع تسلم انظمه دكتاتوريه فاسده لمقاليد الحكم في معظم الدول العربيه مما أدخلها في حلقه مستعصية من التخلف والأنحطاط وعزز عوامل التجزئة والتخلف فيها، الأمر الذي سهل على قوى إقليميه ودوليه الأنقضاض على أشلاء العالم العربي والتلاعب بثوابته والأمعان في تمزيقه ونهب ثرواته.

هذا عن الواقع  الذي نعيش بدون مواربه. فكيف يمكن أن ننطلق من الواقع الحالي الى مستقبل أفضل ؟

إن المضمون الرومانسي للقوميه العربيه الذي ميز حقبة الخمسينات والستينات من القرن الماضي، والمد الناصري الذي رافقها شَكلا خطر على العديد من الأنظمة العربية الحاكمه في ذلك الحين الى الحد الذي أدى بها الى اعتبار العروبه و المد القومي و الوحده العربية المنشودة أخطاراً يتوجب عليها مقاومتها بإعتبارها تهديداً لوجودها. وقد لجأ العديد من تلك الدول مثل السعوديه والأردن الى الأستعانه بالأسلاميين وحركة الأخوان المسلمين لمقاومه التيار القومي باعتبارالأيديولوجيه الأسلامية النقيض للفكر القومي العربي .وقد قامت تلك الحركات الأسلامية بالتصدي فعلاً للتحركات الجماهيرية المطالبه بدولة الوحده .

ان إعادة تعريف الثوابت والمصالح المشتركه بين العرب  والأنتقال بها من المضمون الرومانسي الذي ساد في منتصف القرن الماضي الى المضمون العملي والمصلحي هو نقطة البدايه الصحيحه لأعادة بناء النظام العربي. وهذا المطلب لا يهدف الى المساس بالرابطه القوميه أو إلى اضعافها بقدر ما يهدف الى تقويتها من خلال تبيان أهمية هذا الرابطة كونها تعبرعن المصالح المشتركه بالنسبه للجميع وأنها بالتالي لا تشكل خطراً على أي نظام لأنها انطلاقاً من هذا المفهوم  تصبح تكامليه وليس إحلاليه . وما كان مطروحاً في حقبة الخمسينات يجب أن يُعاد النظر به بحيث لا يعني تأكيد الرابطه القوميه رفضاً للدوله القطريه ولا يعني تحقيق الأمل الوحدوي إلغاء الواقع القطري ومكاسبه. واقع الأمور والتطورات الدوليه أكدت للعرب والدول العربيه أن التعامل مع المنطقه لا يتم من خلال الدوله العربيه القطريه بمعزل عن عمقها العربي بل أن الأستهداف والخطر هو على المنظومه العربيه بشكل عام . فدول الخليج مثلاً تعلم الأن جيداً أن الأحتماء خلف أسوار مجلس التعاون الخليجي والهوية الخليجيه لن ينفع لأن الأخطار المحدقة ببعضها خصوصاً السعوديه والكويت والبحرين تأتي من خارج المنطقه العربيه ، وأن عمقها الأستراتيجي الحقيقي الحامي لها هو في المنظومه العربيه. كما أن خطر الانشقاق المذهبي بين سنة وشيعه هو في طريقه لأستبدال الهويه العربيه أو حتى الخليجيه لتلك الأقطار بهويه مذهبيه. وهذا من شأنه- إن حصل- أن يشق السعوديه ويشتت بعض دول الخليج مثل الكويت والبحرين٬ ويضعها جميعاً تحت خطر التقسيم أوالهيمنة الأيرانية.

الصراع على العالم العربي حالياً يأخذ أشكالأ مختلفه ويعبر عن نفسه بطرق متعدده ، ولكن المحصلة النهائيه ليست في صالح العالم العربي خصوصاً أن السياسات العربيه ليست أفعالاً بل هي ردود فعل لأفعال الأخرين .

لقد فشل العرب حتى الآن في ارغام الآخرين على تبني سياسات تنسجم مع المصالح القطريه للدول العربيه ناهيك عن المصلحه القوميه . والسبب الأساس في ذلك يعود الى العرب أنفسهم ، والى أنانية حكامهم التي ضحت بالمصالح الوطنيه والقوميه من أجل مصلحة هذا النظام أو ذاك . وعلى أي حال ، فإن انتهاك الثوابت التي شكلَتْ أساس النظام العربي وحَمَتْه لعقود قد أدى بالنتيجة الى خلخلة ذلك النظام واضعافه الى حد الأنهيار . نحن نشهد الآن تواصل انهيار النظام العربي دولة اثر دولة ، الى الحد الذي قد يصبح فيه العرب بلا عنوان ، ومجرد كمٍ بَشَرِي يعيش على أراضٍ مُبَعْثَره حُكْمُها لمن غَلَبْ.