بحث هذه المدونة الإلكترونية

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 9 يناير 2016

8 ومضات قصصية عن الجنون-عدنان المبارك(1,2)


8 ومضات قصصية عن الجنون


عدنان المبارك


1 - الاتفاق مع النفس من نعم الجنون

- السبب في أني أتكلم مع النفس هو أني الوحيد الذي يتفق مع أجوبتي . جورج كارلن(
george Carlin ( 1937- 2008

وجدت أن وتيرة خيباتي في هذه الحياة قد تصاعدت في الأونة الأخيرة. لكن ليس هو موضوعي اليوم بل هو انخراطي في عصبة من الرفاق تعرفت على أحد أفرادها صدفة قبل شهرين. كنت متوجها الى أبي الخصيب في باص قديم يتقافز مع كل حفرة في الطريق ومهما كانت صغيرة. أوشكت على التقيؤ الا أن جاري انتبه الى حالي و قدّم لي قنينة ماء وصرخ بالسائق كي يخفف من سرعة الباص. بعدها استعدت حالتي الطبيعية. شكرت الجار وبدأ بيننا حديث غير مألوف. كان كلامه في غاية البساطة وقد تلقيته في البدء ككلام غريب لكني سرعان ما انتبهت الى صحة كل ما قاله تقريبا. مثلا : لماذا أنا في مثل هذا الزمكان ، ولماذا كل هذه القوانين التي تسجن الانسان بل ولماذا الانسان ولماذا المادة ولماذا الكون ؟ قال بأننا اعتدنا على كل هذه السجون. بعدها طفق يتكلم عن المجانين. ذكر أن الكثيرين منهم هم على حق حين أخذوا يتمردون على قوانين المجتمع أولا ثم قوانين المكان والزمان. أخبرني بأنه عمل لسنتين كممرض في دار المرضى عقليا ، و( هناك فطنت الى حقائق أخرى ) . ذكر بعضها. خنق مجنون آخر لايمانه بأن هذا لا يستحق الحياة ، فهو لم يسيطر على أعصابه ونزواته ، ولم يتعظ ( بما فعله الغضب وهوس العقاب لدن رب العالمين الذي قد تنصرف عنه جماهيره في حالةعدم انزال العقاب ). فهمت من كلامه أنه ليس بممرّض محترف بل بحث هناك عن حقائق معيّنة. وهنا فاجأني بأنه أنهى عدة دراسات بينها علم النفس والأحياء والفلسفة ( قال بأنه لم يكمل دراسة علم الاجتماع ). تكلم بعدها عن أصدقائه الذين ( أداروا ظهورهم للواقع بكل اثقاله من عقائد وتأريخ غير معقول بنسبة تتجاوز التسعة والتسعين بالمائة ). قال انهم من بعثه الى دار المجانين كي يعرفوا أكثر عن ( هذه الظاهرة المسماة بالحياة ). وذكر أن زياراتهم للدار كانت يومية و( صديقنا احسان قرر البقاء هناك ، والغريب أننا جميعا وافقنا بل شجعناه على المضي في هذا الدرب الجديد . والآن بعد مضي أكثر من سبعة أشهرعلى حياته الجديدة وجدنا أن من باب خلق التوازن عليه الرجوع الى دار الجنون الكبرى. بالفعل رجع رجلا آخر الى حد واضح. ذكر بأنه أثناء معاشرة مجانين الدار صار مثلهم: متفق تماما مع نفسه وأفكاره ويجد العيب في أناس خارج الدار. فهم مشغولون بأعمال لاطائلة من ورائها ....).
الشيء الجديد فيّ أني على اتفاق تام مع محّدثي وصحبه.

*
2 - صراعي اليومي مع الجنون والعقل

- صرت مجنونا، مع فترات طويلة من التعقل الرهيب. أدغار ألان بو
Edgar Allan Poe ( 1809 – 1849 )

وجدت في الأخير أن عليّ الأخذ بنوع جيّد من التنظيم ، تنظيم حياتي خاصة أن هناك أجراس انذار تفصل بين جنوني و استرجاعي العقل. انتبهت الى أن حالي هي مثل حال ادغار ألان بو لكن بالعكس ، فالجنون يلتهم ثلاثة أجزأء من وقتي. لحسن الحظ يوافق الجزء الرابع الخاص بالعقل وقت الهجوع الى الفراش. ثمان ساعات أكون فيها عاقلا ليس بالوقت القليل. ما انتبهت اليه أن فترة الانتقال من العقل الى الجنون تستمر وقتا يكفي كي أعتاد على الجنون ، والحال نفسها عند الانتقال منه الى العقل. لابد من القول ان جنوني ليس من النوع الدموي بل المسالم و كله هدوء ، وفي أحيان ليست بالقليلة أمنح وجهي ابتسامات ناعمة ، وفي أثنائها أحاول أن أنسى كل المتاعب التي تسببها هيمنة العقل.اذا رجعتم الى مذكراتي التي كتبتها قبل عشر سنوات ، بالطبع لم أنشرها لا ورقيا ولا ألكترونيا كما لم أوزعها كمنشورات غير خاضعة للرقابة ، في الشوارع ، لوجدتم أن الجنون والعقل قد وزعا بالعدل في حياتي لكن كل ما حصل بعدها كان الإنذار الأول والأخير بأن لا فائدة من العقل الذي فعل حسنا واختار منذ العام الماضي ساعات الليل كي يعلن عن حضوره في حياتي لكن الليلية. اذن ، جنوني من النوع الهاديء مما يعني تسهيلات كثيرة في الحياة اليومية. فكل شيء لا يفضح جنوني الذي بدا وكانه أنزوى في ركن مظلم في رأسي. وخلال كل هذه السنين لم تحصل سوى استثناءات قليلة جدا فيما يخص جنوني الهاديء. اذكر منها أني وقفت بوجه شرطي انهالت صفعاته على صبي صغير. لم أحتمل هذا الاعتداء البربري ومنعت ذلك النياندرتالي من مواصلة الصفع ، وبعد أن فقدت هدوئي المعتاد قلت للشرطي بصوت عال : ليش تضرب بنت عمتي وهي ما سوّت شي ؟ شتمت رئيس الوزراء الأحول بس, وشنو يعني ؟ مو احنا عايشين بزمن الديمقراطية والحرية و ... الصلوات على آل البيت من صغيرهم الى كبيرهم ، مو تمام ؟ اذكرأن الشرطي اغتاظ كثيرا ، وعلى أكبر احتمال بسبب حول عينيه أيضا ، واقتادني الى المركز. وهناك ضحكوا عاليا وأطلقوا سراحي. رغم جنوني اخذت بحكمة ضبط النفس خاصة أن عقلي الداخلي و ليس هذا الذي سيطر عليه الجنون همس لي بأن لا فائدة من الوقوف بوجه هذا التيار الهادر من جنون آخر. وهل تعرفون ما هو محرّكه ؟ جنون من صنف آخر تماما : يتظاهر وليس مثلي بالتعقل والحكمة. في الحقيقة اقنعتني تلك الضحكات العالية في مركز الشرطة بأنه عليّ الأخذ بجنون شبيه بالجنون السائد الان...

قصص عربـــة الحصان الميت-عادل كامل


      
قصص


عربـــة
الحصان الميت

عادل كامل


 

القصص

1 ـ عربة الحصان الميت  ..                                                    
2 ـ القصة لم تبدأ بعد ..                                                     
3 ـ ليلة التمثال ..                                                                     
4 ـ الملكة لاما ..                                                            
5 ـ الصورة ..                                                                
  ـ6البرفسور الذي نطق ..                                             
7 ـ قصة ذئب ..                                                           
8 ـ الذراع .                                                               
9مدينة الصمت ..                                                           
10 ـ عاشقان ..                                                          
11 ـ عيون ..                                                       
12 ـ الشيخ والمدينة ..                                               
13 ـ حكاية هذا الرجل ..                                          
14 ـ عصفور في الرأس ..                                           
15 ـ غروب وقصص قصيرة جدا ً ....                               
16 ـ أخاديد الضوء ..                                               
17 ـ ضفاف..                                                    

18 ـ أنا قتلت الإمبراطور ..      
لمتابعة القصص يرجى الضغط على الرابط ادناه
  http://www.4shared.com/account/home.jsp#dir=EwCcFc6N                                

رحلة حب مع الفن التشكيلي - يوتيوب التمدن

مسرح- مؤيد داود البصام




 مسرح

عطيل يعود بحثاً عن دزدمونه في مسرحية ( إنا لحبيبي)...
ممثل واحد يأسر الصوت وهوامش التاريخ


 



    مؤيد داود البصام

علي قاعة المسرح الرئيسي في المركز الثقافي الملكي في عمان ، قدم الفنان غنام غنام مسرحية (إنا لحبيبي ) من تأليفه و إخراجه ، و تمثيل الفنان المخرج خالد ألطريفي . و قد ارتبط الثنائي غنام و خالد كمخرجين و ممثلين في أكثر من عمل ، فقد سبق إن اخرج خالد ألطريفي مسرحية (ملحمة فرج الله ) العام الماضي في مهرجان المسرح الأردني ، من إخراجه و تأليفه و تمثيل غنام غنام احد الممثلين الرئيسيين في المسرحية ، و الآن يتبادل الأدوار فيكون غنام مؤلفاًُ و مخرجاً و خالد ممثلاً .
في هذه ، التجربة يخوض الفنان غنام ، تجربة جديدة من تجاربه في لغة متحولة علي خشبة المسرح ، فهو يحاول إن يجمع بين العمل الكلاسيكي المبني علي القواعد الأرسطية ، و بين الرؤية الحداثوية ، و الخروج من مسرح العلبة و جعلة فضاءً تسبح فيه الكتلة المنظورة ، لهذا ينوع في تجربة بين الفخامة و البساطة ، و لكنة يبقي في سعيه لإبراز قضية الإنسان و الغور في أعماقه  استجلاء ما يضمر تجاه الظلم الذي يقع عليه ، أو يحركه لرفض الظلم و كشف الظالمين كما في مسرحية ( السياب يعود ثانية ) في محاولة لاختراق حاجز الصمت و جعله ينطق بما يسكت عنه ، و تبقي العناصر الجمالية التي يلجأ إليها ، هي في إيجاد خيط التطور المرتبط بالنظريات و التيارات القديمة و الحديثة ( لكون الفن المسرحي يملك اتساعاً كبيراً غير محدد و مشروط في إيجاد المناخات التي تلاؤم الرؤية ، و تعدد تأويلاتها ، فالمسرح جامع شامل لكل الفنون و الأنساق ، و لكنة وحدة منفردة في قدرته علي التماس المباشر الحي مع المتلقي) . ساعده في هذا المنحني سعة المعرفة و كثرة الاطلاع التي يمتاز بها غنام ، وحبه للمغامرة و التجديد .
مسرحية (إنا لحبيبي ) تقوم في بنائها علي ممثل واحد (خالد ألطريفي ) و مضمونها إعادة كتابة لحظة الفعل عند عطيل بين القبول و الرفض و عند ممثل شخصية عطيل ، و في هذا المنحني الذي يقدمه النص مفارقة لتعدد الأصوات في صوت واحد ، و مقارنة لفعل الأقدام و التردد في صياغة شخصيتين من الماضي و الحاضر ، و هي تؤكد علي البحث في أعماق الإنسان و مشكلته في التعامل الذاتي بينة و بين محيطة ، و كيفية تعامله مع الحدث في و وقائع الحياة اليومية ، فالاستناد علي إعادة كتابة الإعمال العظيمة من المسرح اليوناني و الإغريقي و الروماني و خصوصاً إعمال شكسبير ، فيها خصوصيات معرفية ، فقد أعيد كتابة الكثير منها برؤية معاصرة ، وكتب نص (إنا لحبيبي ) بلغة تقترب و تبتعد عن لغة شكسبير حسب متطلبات الدراما ، وهو تعامل ينبني علي أساس المسرح التجريبي الذي يحتوي علي الحداثة وما بعد الحداثة ، ولكن غنام لا يخرج إلي الحدود التي وصل إليها مسرح ما بعد الحداثة ، فهو يظل مشدوداً إلي جمهوره وواقع هذا الجمهور علي الرغم من تجاربه الحداثوية و إدخال العناصر المعاصرة في النص و الإخراج ، و التعامل مع النص الكلاسيكي لتحويل الفكرة التاريخية العامة إلي فكرة معاصرة ، موائمة للأخذ من ينبوع الماضي وإضفاء الرؤية المعاصرة علي الفكرة في الماضي ، لإعطائها صورة مستقبلية وجديدة ، فهو يعيد صياغة مسرح النص إلي رؤية جديدة لإثارة الاستفزاز في قضية معاصرة ، بحيث يأخذ من المسرح الكلاسيكي ما يشعره بوجود عناصر متطابقا مع العصر الحاضر ، فيعيد الصياغة حسب مفهومه ورأياه.

كيف تعامل
مع النص ؟
حاول غنام إن يفعل النص باختيار لحظة معينة من شخصية عطيل في مسرحية شكسبير ، لإدارة الحوار بين عطيل الماضي و بين عطيل كوجود في نص غنام وهو ممثل لدور عطيل فبني الفكرة علي هذا المقطع علي ضوء لحظة التعارض بين ماهر كائن وما يكون مع جر البناء الفكري للنص من الشخصي إلي نقد الواقع الاجتماعي، بين تكوين عطيل الاجتماعي والفكري وما خلفه هذا البناء الاجتماعي علي طابع الشخصية الشكسبيرية ،وبين الواقع الاجتماعي والفكري لممثل دور عطيل في العصر الحاضر وما يعيشه من وقائع الحياة المؤلمة وما يمر به إنساننا المعاصر من صراعات علي صعيد الواقع المحلي والعالمي ، ورسم الشخصية في تقلباتها وتحولاتها برؤية معاصرة حسب وقائع الحياة التي تلزمنا في اتخاذ مواقف متناقضة لما نطلب ونريد وهو ما نجد الإشارة إليه في ثريا النص لاسم المسرحية (إنا لحبيبي) الشعور المتناقض بين فورة الغضب والوصول بها إلي حد القطيعة بالقتل ومن ثم الندم، وهو حال الممثل في رفضه ومن ثم قبوله بين إن يكون هو وبين الرضوخ لمتطلبات الحياة التي تفرض عليه للاستجابة والانصياع،و بين طبيعة عطيل التي فرضها تكوينه الفسيولوجي والوراثي وبين الانصياع لرغبات التسلط والقمع ممثلة برغبات المخرج التي يرفضها الممثل ،ولكنه ينصاع ويقدم ما يطلب منه ،هذا الصراع والتوترات عالجها غنام باللغة الشكسبيرية وفخامتها علي صعيد النص واللهجة المحلية المحكية في تزاوج مبدع يتحرك الإيقاع للارتفاع بنا حلمياً مع تصاعد الكلمات والجمل والصوت وحركة اليدين للمثل ثم يهبط به إلي ارض الواقع عندما يعيدنا لتحسس اللغة المحكية وبنيرة تعيدك إلي ارض الواقع.

الإخراج والتمثيل
إن مسرحية الممثل الواحد من المسرحيات التي تتطلب جهدا من المؤلف والمخرج والممثل لأنها تتطلب إبعادا تختلف عما في المسرحية المتعددة الشخوص، ففي مسرحية الممثل الواحد يكون الجمهور بمواجهه شخص واحد، والقاعة تركز علي نقطة واحدة معينة، ولا بد لهذه النقطة التي يمثل مركزيتها الممثل إن تبقي المشاهد منشدا لها ولا تحدث الملل والضجر لديه وتفقد إمكانية الإثارة والاستفزاز وهو يتطلب كما سبق واشرنا إلي جهد ليس بالقليل وهو ما استطاع غنام إن يقدمه في هذه المسرحية بحركة الممثل التي حصرها في الديكور المنفذ هو الأخر بطاولة مستطيلة بحدود ثلاثة أمتار طولا والمتر عرضا مغطاة بقماش شفاف توحي بوجود شخص في أسفل الطاولة، وهو ما يشير إليه الممثل علي أساس انه مكان اختفاء (دزدمونه)، وبهذا حصر حركة الممثل في نقطة مركزية مع حركة محسوبة إلي عمق المسرح بنفس إسقاطات خطوط عرض الطاولة وترك بقية خشبة المسرح للفراغ من دون ديكور، فحقق مسألتان في هذه الحركة حداثة الفكرة وحصر تركيز المتلقي في بقعة محددة بحيث جعل المشاهد لا ينتبه إلي بقية الفراغ في خشبة المسرح بجعل الكتلة في المراكز الوسط وحقق الثقل في الوسط ،وجعل الفراغ يدور حولها ونجح في الرؤية التشكيلية بإعطاء الموازنة للإطار العام ولم يشتت الرؤية البصرية لأمن حيث الديكور أو الحركة، واحدث توازنا عاما في التشكيل للوحات ساعد في ذلك الإمكانيات الفنية للفنان محمد مرشده في ملاحقة النص والتمثيل في تصميم وتنفيذ الإضاءة التي جاءت مواكبة للحركة والحدث وأضفت روح الامتلاء علي خشبة المسرح، لاشك إن الإمكانيات التي يمتلكها الفنان خالد ألطريفي كممثل تلقائي بارع مكنته من ملاحقة النص ومنحته هذه الروح في شد الجمهور، فالحركة والإيماءة والتنغيم كلها بوصفها لغات مسرحية تختصر الكثير من الحوار والكلمات والجمل قد برع فيها الممثل خالد وجاءت القيمة التعارضية بين تكوين جسم عطيل الشكسبيري كمقاتل وذو عضلات ويتسم بالرشاقة وبين التكوين الجسدي للفنان خالد الذي تحرك علي هذا الإيقاع ليستلب الحركة الدرامية بين الشخصية الأصل والممثل المعاصر لهذه الشخصية، وان ما يريد إن يقوله المؤلف بأنه يريد إن يقدم عطيل كما أراد شكسبير ولكنه أراد إن يعطينا عطيله بصراعاته ومشكلاته المعاصرة التي تختلف عن تكوين عطيل الأصل، حتى بالتكوين الجسدي للمثل خالد الذي برع في شد الجمهور حركة وصوتا وإمكانية هائلة علي إخضاع خشبة المسرح لوجوده، واحتواء المشاهدين بفرض بساطته وعفوية الحركة والايماءه لامتلاء الكتلة والفراغ، وجعل الكتلة خاضعة لعرضه وسيطر علي الفراغ بالحركة واللاانفعالية وأسقط الانفعالات المصطنعة إنما كانت حركاته عفوية ،وحواره المتقن هي التي شدت الجمهور وحبست أنفاسه مع وضوح النطق، كما إن المخرج ترك بطله يتحرك ضمن رقعة محددة لكنه استطاع إن يغطي خشبة المسرح فلم يلجأ إلي الحركة الواسعة والمربكة إلا في حدودها لكي تأخذ دورها مع الحوار بلغته العصرية.
إن مسرحية (إنا لحبيبي) عرض متميز شد الجمهور وقرب فكرة الصراع الإنساني المعاصرة بحدودها وتناقضاتها الذاتية أو من خلال الشد الخارجي حاكت الماضي بفكرة تنتمي إلي الحاضرة وربط الماضي بالحاضر، ملتقطا لحظة واحدة من لحظات العرض الشكسبيري ليحولها إلي دراما برؤية معاصرة من دون إعادة لصياغة المسرحية بأكملها. انه يلخصها كما جاء علي لسان الممثل في نهاية المسرحية (قتيل العشق والظلم والغدر والمسرح)ليوضح لنا نضال الإنسان ضد الظلم الذي لا يستطيع  إن يدرءه أو يقف منه موقف الند ، لأنه مستلب .

15 قصة قصيرة جدا ً-عادل كامل

15  قصة قصيرة جدا ً


" إن وقوف المرء على حافة الجنة أكثر إرهابا ً من انغماسه في نار جهنم"
هنري ترويا

عادل كامل

[1] استغاثة
   عندما حاول الثور الاستغاثة، كانت أنياب السبع قد أطبقت على رقبته، من الأسفل، فاستسلم لخدر وجده يسري داخل جسده، بهدوء تام، إلا أن السبع لم يقض عليه، فأخلى سبيله، لبرهة:
ـ أنا لم اطلب منك إلا التضرع....كي أرحمك!
   بعينين دمويتين أوجز الثور رده:
ـ لا تلهو..، تعجل، أم انك تفكر بثور آخر....، أم انك تبحث عن ذريعة..؟
  قرب السبع رأسه من الثور وسأله:
ـ ألا ترغب أن أعفو عنك ...؟
عندما هم بالنطق، رأى السبع يرتفع عاليا ً، ويسقط أمامه، من غير حركة.
ـ لماذا...؟
فرد السبع بصوت واهن:
ـ آن لك أن تهرب...، بعد أن لم تستجب لطلبي..
    لم يستطع الثور الجريح أن يرفع صوته، فقال في نفسه: وهل كان سيتركني لو فعلت ..، أم كان لا يود إلا الاحتفال بنصره؟


[2] سكين
   مكث الحمل يتلوى ألما ً، فقالت السكين له:
ـ حتى لو استجبت لتضرعاتك، أيها الحمل الوديع، لكن ماذا افعل لقلب القصاب؟


[3] رقص
      راح الفأر يراقب الهر، خارج قفصه، يرقص، فسأله متندرا ً:
ـ ماذا تفعل..؟
ـ ألا تراني ارقص!
فقال الفأر:
ـ آ ...، كم وددت أن أتعلم منك الرقص...؟
حدق الهر فيه بعينين حادتين:
ـ استطيع أن أعلمك الرقص، ولكن في الخارج...!
ـ لكنهم سجنوني...، ومنعوني من الخروج خوفا ً أن تفترسني!
ـ  إذا ً تعلم الرقص وأنت داخل سجنك!


[4] سؤال
   وهو يحدق في الغزلان تقترب من بركة الماء، رفع التمساح رأسه وقال بصوت ودود:
ـ أود أن أخبركم بأنني أعلنت توبتي... فانا بعد اليوم لن أؤذي غزالا ً أو حملا ً...، فتعالوا نلعب معا ً!
قالت واحدة من الغزلان:
ـ إذا كنت تبت حقا ً...، فهل سألت نفسك من ذا سيمنحنا الشجاعة كي نلعب معك؟


[5] إنتاج
   عندما بدأ بالطيران، سأل أمه:
ـ كيف نحصل على غذائنا ...؟
قربت الحمامة رأسها منه وقالت له:
ـ كنت تريد أن تسألني: ما هو عملنا في هذه الحديقة...، وماذا ننتج، أليس كذلك...؟!
أجاب مرتبكا ً:
ـ أجل...
ـ سأخبرك: هناك ألف ألف صنف من الأشجار عملها هو إنتاج المزيد من الثمر...، والأسماك تنتج آلاف الأسماك، وهناك ألف ألف نوع من الدواب والبهائم والزواحف والثدييات والطيور تنتج....
وسكتت، فقال لها:
ـ إنها لا تنتج شيئا ً! عدا...، إنها تنتج الروث، البعرور، والبراز....!
ـ ولكنها ـ يا ولدي ـ لديها ما تعمله...
ـ اعرف...لديها ما تعمله: إنها تفترس بعضها البعض الآخر...، أليس كذلك؟
   وابتعد عنها قليلا ً، ثم اقترب:
ـ وإنها لا تنتج إلا الروث...، البعرور...، والبراز!


[6] لهو

    سأل الدب الصغير جده، وهو يراقب السباع والنمور والدببة تمشي متبخترة فوق الحبال، ولا تسقط أرضا ً:
ـ هل خلقنا للرقص على الحبال...؟
   فكر الجد طويلا ً، ولم يعثر على جواب...، فسمع حفيده يقهقه بحزن:
ـ  ما الذي يدعوك إلى الضحك؟
ـ يا جدي، إن الحبال هي التي وجدت كي تلهو بنا!

[7] رحمة
   بعد أن فشلت البقرة في العثور على ثور تحاوره، في المزرعة، رأت بغلا ً فاتجهت نحوه:
ـ أراك وحيدا ً يا صديقي...؟
فقال:
ـ ولدت هكذا ...، يا عزيزتي..، ووحيدا ً أموت!
ـ آ...، ما هذا الحزن...؟
فحدق في عينيها:
ـ  بدل أن ابحث عن حصان، أو عن أتان، لا يتركان في ّ إلا الأسى والحزن!
ـ آ ...، نسيت، فأنت ولدت عقيما ً!
ـ هذا أفضل من إنجاب أولاد يتم إرسالهم إلى المجزرة...
ـ ولكن ...، يا صديقي، هذه هي سنن الدنيا؟
ـ اعرف...، وهل خالفتها، هل كفرت، أو عصيت، أو خرجت على القانون...، فانا وجدت الرحمة بالعقم، وأنت وجدتي رحمتك بالإنجاب!

[8] سؤال
 سأل القط ابن أوى:
ـ في هذه الحرب التي لا تريد أن تضع نهاية لها...، مع من أنت...، هل أنت مع الضحايا، أم مع الطغاة...؟
أجاب حالا ً:
ـ مع لا احد!
فقال القط:
ـ لا تتغابى، أو تموه علي ّ، فأنت تجد طعامك في بيوت الطغاة، ولكنك لا تكف عن سرقة دجاج الضحايا...؟
فقال ضاحكا ً:
ـ وهل كان لدى الضحايا شيئا ً فائضا ً عدا أحزانهم، صمتهم، وأجسادهم!

[9] صورة

ابن البعوضة سأل أمه:
ـ من خلقنا..؟
ـ إلهنا...، اله البعوض...
ـ إذا ً هل نحن نشبهه، أم هو يشبهننا...؟
ـ ما هذا السؤال... الغريب...،  إن كنا نشبهه أو كان هو يشبهنا...؟
أجاب بشرود:
ـ اليوم سمعت الغراب  يقول للحمامة إن من خلقه لا يشبهه...!
ـ ماذا قال...؟
ـ قال الغراب للحمامة، وهما يتأملان دواب الأرض وبرغوثها، زواحفها وبعوضها، مفترساتها وحشراتها وديدانها....: إن كل دابة وكل طائر وكل بهيمة تعتقد إن من خلقها هي على صورته وعلى هيأته... ، وفي الواقع، قال الغراب للحمامة: إن هذا محض وهم، وخيال، وسراب !
ـ وماذا قال أيضا ً...؟
ـ سكت!
فسأل ابن البعوضة أمه:
ـ وأنت ِ ماذا تقولين...؟
ـ أقول انك لم تعد تشبهني، وانك لم تعد تشبه أسلافك، ولا أجدادك، ولا آباءك أيضا ً!
ـ أتقصدين إنني لم اعد أشبه نفسي؟
ـ وهذا ـ تحديدا ً ـ صار يثير قلقي، ويربكني كثيرا ً!
ـ ولِم َ يثير قلقك، ومخاوفك، ويربكك، وأنت على صورة أسلافك وعلى صورة أسلاف أسلافهم ...؟!
ـ اخبرني أيها الابن العاق: هل تعلمت هذا من الغراب اللعين ...؟
ـ كلا...، وألف كلا...، لأن الغراب قال للحمامة: إن المعضلة لا تكمن في إن كل واحد منا كان يرى انه على صورة من خلقه، بل يرى إن من خلقه هو على صورته!

[10] الضفدعة والكركدن

    عند ضفاف البركة، قالت الضفدعة تخاطب الكركدن:
ـ تأكد إنني لم ْ أر حيونا ً أقبح منك!
ضحك الكركدن، ولم يجب. فعادت تنق:
ـ دعنا نتساءل: هل ولدت قبيحا ً، أم أنت اخترت هذا القبح، أم انك لم تقدر أن تصبح جميلا ً كغزال...، مثلا ً...؟
   لم تستفزه كلماتها، فمكث صامتا ً، لكنها عادت تخاطبه:
ـ ربما أكون أنا أجمل حيوان خلق في هذه الحديقة، فانا استطيع الغطس، والجري، والوثب، والطيران أحيانا ً!
فسألها بعد أن كاد يفقد صبره:
ـ ومن قال لك ِ إني غير سعيد بقبحي؟
ـ آ ...، هل أنت سعيد بقبحك حقا ً...؟
ـ طبعا ً أنا سعيد لدرجة إنني غير مكترث لك، ولجمالك، لولا لسانك هذا الطويل!
ـ سيدي، يا أقبح المخلوقات، حتى لو لم أفكر، ولو لم يكن لدي لسان طويل، ولو لم أسألك هذه الأسئلة، فان الجمال وحده لا يطرد حزني، أو يسليني، خاصة أنا اجهل كيف جمعت القبح والسعادة معا ً مع لا مبالاتك بما يحصل في عالمنا هذا؟!

[11] طليق
    بعد أن شاهدهم يفترسون الصغار، الواحد بعد الآخر، غير مكترثين لذعرهم، زعيقهم، فزعهم، وصراخهم، انتقلوا إلى افتراس الإناث، الواحدة بعد الأخرى، بهدوء، من غير اكتراث لدموعهن، نحيبهن، وتضرعاتهن...، آنذاك وجد انه لا يمتلك إلا أن يسألهم:
ـ هل أمركم الإله بهذا ...؟
اقترب قائدهم منه:
ـ وما شأنك بالإله...، أيها الصعلوك الوضيع...؟
ـ من أمركم...أن تفعلوا هذا ...إذا ً...؟
ـ هل تبحث عن الأسباب...، إذا ً... اذهب وارو ما شاهدته...، لأننا لن ندعك تعيش من غير أسباب، فأنت طليق....!

[12] رسالة
   دار بخلد الأم، وهي تكتب رسالة إلى ولدها الذي  خلصته من براثن مختطفيه، بعد أن دفعت الفدية، وطلبت منه الهرب إلى بلاد بعيدة:
ـ لا تحاول أن ترى ما يحدث لنا...، فالصواريخ البعيدة المدى ... ليست عمياء! فلا تفكر أن تشاهد الخراب...، لأننا ـ أنفسنا ـ  لم نعد نراك، وربما أنت لن تستطيع رؤيتنا!

[13] إثم مشترك
    شعرت اللبوة بأجنتها تتحرك داخل جوفها، بالأسى، لأنها كانت منشغلة بمراقبة السباع وهم يتأملونها عن بعد، ولكنها لم تكن تمتلك إرادة التخلص من أجنتها، وقتلهم، قبل الولادة، كما رأت ذلك في المرة السابقة، بعد أن وضعتهم، فراحت تبحث عن مكان ناء ٍ بعيد عن السباع، ولكنها أدركت أيضا ً إنها لم تكن بريئة أبدا ً...، وان هؤلاء السباع لم يكونوا قتلة عن طيب خاطر!

[14] مصير

   بعد أن مد رأسه  خارج  فتحة الحفرة، قليلا ً، عاد وسحبه سريعا ً، من غير تفكير، فقد لسعته نسمات الهواء البارد جدا ً حد التجمد، ولكنه عاد يفكر بأنه قد يستطيع مقاومة الجوع، ومقاومة العزلة، ولكنه لا يستطع احتمال أن يموت وحيدا ً، داخل الحفرة...، فعاد وجمع قواه، من غير وعي، وغادر الحفرة.
    مع انه تذكر إن آخر مرة لجأ فيها إلى الحفرة كانت بسبب بطش الضواري، حيث نجا بأعجوبة من مخالبها، وأنيابها، أما الآن ـ دار بباله ـ فالبرد جمد خوفه، وجمد خياله، وجمد الزمن. متمتما ً بمرح مكتوم: استطيع أن أموت تحت هذه السماء الزرقاء إذا ً!  إنما شاهد ـ عن قرب ـ كتلة حيوان تعترض طريقه...، لم يخف، كان البرد قد جمد أطرافه، انفه، ونصف جسده غدا بلا حركة، فتقدم منه، كان هو ذاته الذئب الذي قاد الهجوم، وهو الذي رآه يفترس أفراد عائلته، الأولاد والبنات والأم، الجد والجدة، العمات والخالات، ولم يترك أحدا ً منهم على قيد الحياة...، اقترب منه بلامبالاة، متمتما ًمع نفسه، وهو ذاته الذي لم يرني وأنا ألوذ بالفرار، اهرب، وأتوارى محتميا ً بحفرتي...!
   تقدم منه خطوة، وخطوة أخرى، غير مكترث حتى لو كان قد نصب كمينا ً، فالعودة للموت في الحفرة أفزعته، فتقدم منه...، مد بوزه، ليطلب منه بصوت مرتفع: خلصني! وانتظر الرد، فلم يأت، فتقدم حتى لا مسه، ليدرك انه كان قد تجمد، وانه لا يستطيع أن يتحرك، وان أعضاء جسده كلها تصلبت...، آنذاك نظر إلى السماء فرآها زرقاء خالية من الغيوم، من ثم أرسل نظره ممتدا ً مع الأفق، ليراه يمتد بصفاء تام...، فترك رأسه يسقط بمحاذاة فم الذئب، المغلق بإحكام، وقد أدرك انه لم يعد يقوى على تنفس الهواء أيضا ً!

[15] اختيار!
ـ لو أخبرتنا بماذا تؤمن... سنطلق سراحك، ولن نقتلك؟
ـ آ ...، لو كنت اعرف بماذا أؤمن....، لكنت أنا ـ هو ـ من يسألكم .... هذا السؤال!
4/1/2016
Az4445363@gmail.com

سلام عليك باغتسال النهر-نجاح زهران


سلام  عليك باغتسال النهر

 أكتَب عن شظايا الروح
 تعالج صحوة الأفق باغتسال النهار
أكتب عن أهداب الجسد
عن تزاوج الحب للرقص
بلا رقم هو ارتوائنا بالحماسة
آه من خصوصية الذاكرة بلا ورق
و رائحة الرياحين تبكي
بـعروة الرفض
من أي كاسحة نبدل النبوءات
غباري تهجئته الحمى
و عيني على الزوايا
حلم يتشكل
بهشيم غيمة تضرب السماء
لدم يفتح الليل
ساهرا عند اختراق العادة
لجسد يتلألأ بستائر الرحمة
من كتاب زهد !!
هيّا أنتشي قبل بداية الفصول
 بمسرحية فيها كل ألأماني
تصفّق للمرايا التي تهز النبض
تفيض بالشك
بـ غضب على الاثارة
قلت :
أسترح قليلا  من تفاحتي
فقد أطلقت عليّ الموج .
قلت من أي زاد ضاقت خاصرتك
وانت تقضم ذنوبي
ناولني دفئا وقُبلة ترافقني
صندوق لعب تُريح أنفاسي
و قناديل تُنير لي أين طعامي
أيها الراوي أين كأس الخمر؟!
سلام عليك أيها الإنسان
فربما بدعائي ينير لك الحقل
هذا الحرف يحمل الحطب
قلت كما الحفاة لنا أعناق الجمر
نجمة تنفخ اللهب
 غيمة تَتْلو صلاتها على كتف الشمس
لمسرحية الشوارع الحمراء
دون سقف
لتصفّق الطواحين لما يكتبه الوقت
بوحشة المنافي
و أصابعي تخفق باغتسال النهر


نجاح زهران