بحث هذه المدونة الإلكترونية

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 26 فبراير 2010

تاريخ الجنون والعسل-بقلم وتخطيطات دغالب المسعودي


تاريخ الجنون في شهر العسل

ان نهاية الانسان ونهاية الازمنه شبيهه بالطاعون والحرب ، إن الحضور الذي يهدد العالم هو حضور قاحل وهي هذه النهاية التي لا يستطيع أحد الفكاك منها ، هي القلق الذي يتساور أحدهم حين يلقى في الماء دون وسيلة انقاذ وهو يسعى الى اختصار الانسان في لاشيء كمن يلعب في الوقت الضائع لأن اللعبه قد انتهت ، انها سخرية دائمه في مسرح البورناكرافيا تجد كل أمراض الثقافة لكنها تتخذ شكلاً آخر ضمن الفرجة الحياتيه هي كل أشكال الرذيلة هي عيوب لكنها تمثل تفاهتنا جميعاً ، إن الحياة لن تكون إذا كان الرأس فارغاً وصولجان مجانين (إن الجنون هو الحضور المسبق للموت)إذا لم يكن لنا أن نتجنب سفينة الحمقى فبأي البحار سنغوص !! ، وبأي الاسئلة سنتشدق ، وبأي التمائم سنتنبأ بالمأثم ، وبأي الاغاني سنترنم ، بالريل وحمد ، أم بليلة من ليالي البنفسج ، والانسان لايرى إلا حدوده ، هو كالمجذوم ، إنه حي ويشهد على حضور الموت ، وعلى ماذا تدل معرفة الممنوع ، أنها تنبيء بالعقاب الاقصى والسقوط الجهنمي ، هذا هو الهذيان مختبيءُ كالسر وراء الكواليس ، كالحرمان ، كحماقات عمياء ، هو معرفة العالم ضمن هذه الفوضى لكن يجب القيام بعمل يقود هو الآخر لتأكيد التراجيديا داخل العقل ولنترك دون كيشوت في روايات سكيديري ولنبدأ بالكتابة والحساب .

علينا أن نحرص وأن نشارك في الخدمة الالهية وأن نتصرف بتواضع وان نبحث عن معلم يكون ورعاً قنوعاً وكفوء ، ليس العلم الطبي من سيحدد الواقعة الخاصة بالجنون ، إن من يقوم بذلك هو وعي خاص بالفضيحه ، إن التعرف بالاستلاب وتشخيصه هو أن على الثقافة أن تربط تصورها بالجنون كما هناك رابطة بين الاشكال المخيالية بين الانسان والطبيعه ، وكذا ظلت هامشية الثقافة ، إن علاقة السقوط بالاشكال المتنوعه للخطيئه شبيهه بعلاقة الجنون بالوجوه الاخرى لللاعقل ، إن البراءة هي النموذج الاعلى لما يمكن نسيانه داخل العار والسقوط البدئي هو صفة الحرية الواضحه للإرادة وهي بؤرة المشكله ، فالضوء مذنب والليل بريء ، إن الانفصال ليس لامكان ولا مهارة تكنيكيه إنه يفرض نفسه بإعتباره إختيار ، وبهذا نقول إن حرية الحوار وهو المحفوف بالمخاطر دائماً لا يمكن إلا بإسكات الصوت المتلبس بالجنون وهو نظام وبإعتباره مهدداً لا توجد مواجهة فعليه وقد

يطوح بذاته انسجامه مع العقل لكن هناك تقلبات خالده في التوسل وهناك طقوس وهناك معطيات ، كل لحظة في الوعي هي كلية أشكال وهي دائمة الحضور لكنها لن تخرج عن دائرة النظرة المهيمنه بالرغم من انه تضامناً وهناك حركة لنقاش نقدي ومعرفة تحليلية الى أن يهدأ ، بل هناك مرجعيات لا تكتمل فيها الكليانيه والرتابه مازال هناك ضوء النهار والحلم اللامع وحدود الحكم والرغبة اللامتناهيه والفضاعات الابديه والطقوس القديمه والوعي المتلبس وكل تاريخ الاسماء والتبريرات والصرامة الاحتفاليه ، إنها البنيه التي لاتصاغ والمفردة المجنونه مليئة بالاشارة وغير قابلة للتتبع والقياس والمغايرة والمجردة من سلطتها الخطيرة انها تعلن رابطة جديده بين الجنون والعقل لم تكن وليدة عالم باثالوجي ، فعندما يتصرف الانسان وفق نور العقل السليم علينا أن نتنبه الى حركاته لأن اللغة لا تكفي كي تكون تامة الدلالية ، إنه تعبير لخطاب يبرهن على الغايات ولا يعلن استمراره حتى يجيء الهجوم الداهم ويتجلى دفعة واحده وهذا يتعلق بمفارقة أخرى وضمن معايير جديده ن وهناك فضاء للتصنيفات ينفتح مجدداً قد يكون رفضاً سلبياً لفكر ينتمي الى كونين مختلفين ويكون من الافضل أن نترك مساحة لتحليل مضمون التجربة وعلاقتها مع عالم الخلائق المعقول فقد انتقلت العلامة من دلالة باثالوجيه الى قيمة نقدية خالصه لأن النظام العقلاني الذي توزع فيه العلامات تتحول خفية الى وعي ولأنها تتداخل مع ثيمات عمليه أكثر منها مفهوميه في زمان لم تكن فيه الانساق النوزولوجيه قد تأسست ولم يبقى منها الشيء الكثير فإن الهوس قد يجتاح النفس والسخط يتحول الى إكتئاب مسالم ،إن هذا الامتداد اللامتناهي من المعارف هو بالضبط التنافر في الترابط السببي كما هي حالات الادمان المبالغة في الدراسة والقلق والحزن والحب والغيرة والمبالغة في الطاعة والخضوع والكبرياء ، هي حالات انفعال حادٍ للروح نتيجة إسراف في الرضا دونما نظام وضمن تعددية الفوضى في خطوة اضافية لكي تتواصل الروح والجسد وضمن قيم رمزية في تسلسل الافكار والمشاعر والعناصر التي تشتمل عليها قد تكون بالغة الانفصال والتعقيد ، فهل هي أسباب أم نتائج أم خلل في الذاكرة كي نصيغها في مسار تتابعي ، إن العمل هو الذي يعيد تنظيم ظهور الانفتاح ويبدو أن الكلمة الاخيرة ستكون للصمت لأن الاذهان قد نفذ امتيازها في القاموس الكوني وأصبحت كياناً قابلاً للاحتراق .

د.غالب المسعودي

الخميس، 25 فبراير 2010

الفنان ناصر عساف وعين الكاميرا المحور الاول طفولة

ناصر عساف له ثلاثة عشر معرضا فوتوغرافيا شخصيا داخل العراق وخارجه آخرها معرض فوتوغرافي في برلين ، معرض فوتوغرافي في باريس ، مهرجان اللومانتيه الدولي وسينتقل المعرض الدولي لاحقا الى السويد والدنمارك
الفنان ناصر عساف .. وعين الكاميرا
بقلم د.غالب المسعودي

تمثل الصورة الارهاصات الاولى للفنان منذ عصر الكهوف الى عصر الانترنت ، ومحاولاته لايصال البنية الذهنية المتعلقة بعالمه الخيالي للشكل المطرز لألوان شتى وكيفية المعالجة لتصبح واقعا ملموسا بجمالية متوازنة للمتخيل .
ان اختراع الكاميرا لم يوصله الى المعنى الحقيقي لأنا نرى ماموجود حولنا وكل أجهزة الكاميرا بإختلاف التقنيات تؤدي عملها بشكل جيد ، الا ان عين الفنان منفردة في التقاط اللحظه والعلامة والاثر كما لم ير احد من قبل ويعامله مع مايدور في رأسه .
والفنان ناصر عساف استطاع من خلال تجربته الطويلة وجهدة المثابر برغم مرارة المعاناة ان يضع افكاره في سياقها الابداعي مؤكدا على اولوية الرؤيا الحضارية القادرة على كشف العلاقات والروابط التي يعجز عن ادراكها الذهن العادي كما لو انه ( الفنان ناصر عساف ) نبع ماء صافي ويسقي جرح الارض ويسيل لايسمع غنائه الا خاصة الخاصة .





شهادة علمية جديدة للدكتور غالب المسعودي




انعقدت في بغداد يوم الاربعاء 24/2/2010 ندوة عليمة بالتعاون مع الجمعية الطبية البرطانية لجراحة الوجه والفكين في دائرة مدينة الطب في بغداد وتضمنت محاضرات مباشرة عبر دائرة فيديو مغلقة أدار الجلسة الثانية الدكتور غالب المسعودي والتي تضمنت المحاضرات التالية :
Orbital injuries Simon Holmes
Craniofacial injuries Rob Bentley
Ballistic injuries Mike Williams
وحصل الدكتور المسعودي على شهادة السيرتيفيكيت في الجراحة القحفية الوجهية ( Craniofacial Surgery ) في نهاية الجلسة .




الثلاثاء، 23 فبراير 2010

نص وتخطيطات د غالب المسعودي


تعاتبني أشجار الورد ......
هل قبلت فاها.....؟!
لقد أدمت أشواكي يديك ولم تراها ....
أجبت الوردة
لو كان العمر مثل الورد
لنثرت سنينه .....
على أطراف وسادتها .....
ولو كان الوقت مثل القلب
لأختصرته بنبضة
فهي مملكتي وإيماني ..............

ترانيم - القسم الرابع - بقلم الشاعر حامد كعيد و لوحات غالب المسعودي

وتارة أخرى تقول
راسي وجعني من جبيني
دزوا على الشفجه تجيني كذا
تعرف ولم راسي وعيني
و (الشفجه) تعني الشفيقة ، وتردف قائلة
راسي وجعني وصخنيت
ومكتوب لم الوصل وديت
مثلج أحنينه ما لكيت
وتموت تلك الأم والبنت في دار غربتها البعيدة ، ويصل خبر الوفاة للبنت فتأتي لدار والدتها والعزاء قد فض من أمد بعيد فتجلس بدار أمها نادبة لها وتقول
جيت لم البيت أجسها
وملكيت بالمعمور حسها
وتجدد العزاء بدار والدتها فأن تفضلن الصديقات والقريبات معها وإلا فتندب والدتها لوحدها متذكرة لها قائلة
ألتفت بزركاها ونامت
ومن شافت الخطار كامت
سوت عشاها وما توانت
وسأعطي نماذج للنواعي العراقية مشيراً لمن قيلت دون شرح لها إلا ما أبهم من مفرداتها ،
كل الهله جتي أمهمه
وكامت على فراشي تلمه
خافت عليه من المذمه
******* للأم
بنفسي ييمه أكعد أبكترج
وأفرغ البصدري أبصدرج للأم
*******
راسي وجعني كومي شديه
شد الغريبه ما نفع بيه للأم أو الأخت أو البنت
********
حبايب تجنه لو نجيجن
لو منعوا الطارش عليجن للأم أو الأخت أو البنت
حبايب أكليبي أشصار بيجن
*****
طبيت لبويتج جبحني
وبسمار بالعتبه جرحني للأم أو الأخت أو البنت
****
دني وسادج لي أوسادي
وبعدي وساد الغرب غادي للأم أو الأخت أو البنت
****
كومي دمشينه للزياره
أمتاعي ومتاعج فرد كاره للأم أو الأخت أو البنت
ويحله السهر جوه المناره
****
يالواكفه بالبيت ترهب
الخطارها أتهلي وتمرحب
ومطيبه ريح المعزب للأم أو الأخت أو البنت
*****
كومي لعد بيتج تخرب
وهدم البكنتورج تترب للأم أو الأخت أو البنت
****
كومي دطلعي وطلع وياج
وبالدرب تحلالي حجاياج للأخت والصديقة والقريبة
أظلمت الدنيه وين ألكاج
*****
كومي ييمه دنتكبع
وثنينه من البيت نطلع للأخت
أنزتت أحبيبتنه ونرجع
****
أرد أروح شجايه العلي
وعاتبه عتب الولي للشكوى ويمكن أعتباره لترانيم الطفولة
كل الهظيمه من هلي
****
أرد أروح شجايه للخوه
وينطون شاره بغير نخوه كذا
***
نخيته العلي من صيحة الديج
نخيته لبو كبه وشبابيج كذا
من اللذي أبكلبي يراويج
****
نخيته العلي من وكت الوذان
ونخيت مريم بنت عمران كذا
أبنص الكلب مشعوله نيران
***
يل كاعد أباب ليوان
بيد الزياره وبيد قرآن للأب
****
تمنيت بيت أبوي عامر
وأمي أبصدر البيت تامر كذا
***
دزيت للوالي رساله
رجف شاربه والعزم شاله للأخ
****
دزيت للوالي جلمتين
رجف شاربه وحمرت العين للأخ
****
يبجي الولد يلزم أذيالي
ويكول وديني الخوالي للأخ
وياريت خالك بعد خالي
وياريت خالك بعد خالي
***
ماني يخويه جنةأجناب
وأريد من يوكف على الباب
نشيل الراس بيهم ولو غياب للأخ
***
بيت الولي بارد ومرشوش
ومرت الولي ماهي بشوش للأخ وترنيمة
حرمت علينه طبت الحوش
****
بيت الولي بارد وجنه
ومرت الولي ماهي أمن أهلنه كذا
حرمت علينه أبيوت أهلنه
***
جينه ودنكرنه على الباب
لكينه كبار الدار غياب
غياب لو نامو بالتراب للأب أو ألأخ أو الوالي
****
بيتك يوالي وين مبني
ودربي بعيد وشايله أبني للأب أو ألأخ أو الوالي
ولو أردنا البحث في النواعي التي قيلت وتقال لآل البيت الأطهار ، سواء بالشعر الفصيح أو الشعر الشعبي لطال بنا المقال الى حيث لا ينتهي،وكرست أغلب هذه النواعي للمنابر الحسينية متخذة من واقعة الطف الأليمة باباً لولوج هذه النواعي الكثيرة .



*****
3 : ترانيم أوأغاني الطحن .
قبل خمسة أو ستة عقود مضت لم تكن نعمة الكهرباء بهذا الشكل الذي نراه ، أغلب بيوتات المدينة لاتملك هذه الطاقة ، أذن كيف هو الحال في القرية! ، ونتيجة لذلك لم تكن موجودة الطواحين التي تصنع الحنطة ليستخرج منها الطحين ، وهناك مطاحن بدائية حجرية تستخدم الحيوانات لحركة دواليبها ،وأغنياء الناس وقسم غير قليل من متوسطي الدخل يبتاعون طحينهم من هذه المطاحن الحجرية أو من دكاكين بيع الطحين ، وعامة الناس ممن لم نذكرهم يملكون مطاحن حجرية في بيوتهم تسمى (الرحى أو الرحيه) ، وهي عبارة عن قرصين حجريين ، القرص التحتاني يسمى (الرحية) والظاهر أن التسمية أتت من خلاله،و (الرحية) قرص دائري كبير يصل طول نصف قطره عشرون أو خمسة عشرون سم ، مثقوب من وسطه بفتحة مقدار نصف قطرها ثلاثة أو أربعة سم ، يغرز فيها عمود بنفس نصف القطر وبطول ثلاثون سم لكي يوضع عليها القرص الثاني العلوي ل(الرحى) ، والقرص الأعلى يسمى (القطب) وله فتحتان أحداهن تكون قريبة لحلقته الخارجية يوضع فيها ساق كبير- غليض – بطول -10 –سم يقص من شجرة الرارنج لقوة ساقها والغرض منه لتحريك الرحى بحركة دائرية ، والفتحة الثانية منتصف (القطب) بنصف قطر أكبر من الذي تحته ليسمح بدخول حبات الحنطة من خلاله، وعملية الطحن متعبة جداً وأذكر وأنا بعمر عشرة سنوات لم أستطع أدارة الرحى ، وبما أن العملية مرهقة ومن المعيب على الرجال أستخدامها – هكذا يعتقدون – لذا تتولى النسوة على ضعفهن أدارة هذه العملية الشاقة لطحن حبوب الحنطة أوالشعير ، وبما أن النهار لأعمال البيت والمزرعة فسيكون الليل لأكمال عملية الطحن وهنا تبدأ الصراعات النفسية للمراة الطاحنة فأن كانت معززة بدارة زوجها ينعكس ذلك على ماتردده من أغاني –كفلات – تلازمها مع عملية الطحن ، وأحياناً كثيرة تكون المرأة وكما يقال (بحيلها) أذن ستبدأ أغانيها مسرعة مستخدمة وزن النايل مثلاً
رحمتك رب العرش الما إلها مسند عين
وأن أرادت أن تسرع أكثر فتذهب لا إرادياً الى وزن الدارمي
أطحن وأكضي الليل عل الماأريده بالكذله أصبح شيب من مدة أيده
وأن بدأالتعب يدب إليها رويداً رويداً فتذهب كذلك لا أرادياً لوزن المجرشه،
ذبيت روحي أعله الجرش وأدري الجرش ياذيها
ساعه وكسر المجرشه وألعن أبو راعيها
وأن أخذ بها التعب مأخذه فستبطأ قليلاً قليلاً وتذهب الى وزن النعي فتقول ،
ذبيت حملي عالغريبه
ومن يوكع ييمه مو عجيبه
كلمن طلع حظه ونصيبه
وليالي كثيرات تمر هكذا فأن كانت أم زوجها مشفقة حنينة نادتها أن تترك العما لتؤجله لفجر غد ، وأن كانت قاسة أيقضتها بخشونة زاجرة لها لأن تكمل بقية عملها.
وهناك أغاني أخرى تستخدم مع عملية (التهبيش) مستخدمين (الجاون) وسيلة لذلك و (الجاون) عبارة عن قطعة خشبية كبيرة وهي جذع شجرة كبيرة يقطع بطول 40 سم تقريباًويحفر داخل هذه القطعة لتجوف ولها عمود كبير أخر يكمل هذا العمل نسميه (أيد الجاون) ويشبه صنع (الجاون) كصنع (الهاون) الفارق بينهما الحجم والمادة و (الهاون) كما معروف يصنع من مادة (البرونز) وفائدة (الجاون) لفرز حبيبات الأرز عن قشورها ، وحركة العاملة به تميل للسرعة تصاحبها ردة (كفلة) تشبه (هي وهاي وهيه هو) .



4 : (كعيم) .
قرأت مصادر كثيرة وصحف عراقية أكثر عن تسمية (كعيم) ومم أتت هذه التسمية ، ومنه من قال أنها تعني الشخص الدميم ولا أريد أن أنفي أو أثبت ماقالوه بهذا الصدد بقدر عدم قناعتي الشخصية مم أتت هذه التسمية ، وهناك رأي أميل أليه حدثني به أكثر من مختص بهذا المجال وأعني به الموروث الشعبي ، ويقول هذا الرأي أن أحداهن متزوجة كرهاً لشخص لا تحبه رغم أنه صاحب نخوة وشهامة ورجولة ، وبما أنها لا تستطيع التصريح بأسمه لنفوذه لذا أطلقت عليه مفردة (كعيم) لتبعد الشبهة عن من تزوجها ولا تضع نفسها للحرج وللحساب العسير ، ولأن الزوجة لا تحبه فتراه بعينها قبيحاً وألا ترى معي المثل الشعبي الشهير (المطي بعين أمه غزال) ولو عكسنا المثل وقلنا (الغزال بعين اليكرها مطي ) ، وأنا أميل لهذا الرأي رغم سذاجته وعدم وجود الأدلة لأثباته كما لا نستتطيع أثبات الطروحات والأمثلة التي أوردها الباحثون ، وسنأخذ أمثلة لحالة كعيم دونتها من برنامج أذيع من قناة الفيحاء الفضائية .
متحزمه وأنكل شوك (لكعيم) أدفيه بخشيش ألك يالموت من عندي دخفيه
وأخرى تقول
ضيجة خلك بالبيت (لكعيم) أشوفه صاحت عليه الناس جن أرد أعوفه
وأخرى
شايل فرخ (لكعيم) أشمالك يبطني ربطة بعير أبتوث ربي ربطني
وأخيراً
خلصتك من كعيم هلهل يثوبي هالنوب نوب أهواي خلصت نوبي

نص وتخطيطات د غالب المسعودي


اّه......ياثالوثي الحبيب
شالا...وغليوني.......
وخمري......
فبه احيا ...
وبه ادنو
قرب مثواي.............
الرهيب .

ترانبم القسم الثالث بقلم الشاعر حامد كعيد ولوحات غالب المسعودي




) .
عام 1963 م أتت لمحافظة بابل عائلة مهجرة من قضاء سوق الشيوخ لأسباب سياسية ومن حسن حظي أنهم أستأجروا داراً ملاسقاً لدارنا، وأذكر أن والدهم المهجر الشيخ المهيب يذهب مساء كل يوم لمديرية الشرطة ليؤكد وجوده ببابل من خلال توقيعه أمام مأمور المركز ، وكان يدفع الرشاوي الكبيرة آنذاك ليستحصل الموافقة على الذهاب الى كربلاء المقدسة لاداء مراسم الزيارة للحسين (ع) على أن يعود فجر اليوم التالي،وشاء الله أن يتوفى هذا الرجل في الحلة وأتت عشيرته لاداء فروض الموتى وأصطحبني والدي معه لسوق الشيوخ وأدينا واجب العزاء لعشيرته ، الغريب أن زوجة المتوفى وبناتها الأثنتان بقين في الحلة بعد أن وافقت عشيرتها على ذلك ، توطدت علاقتنا بحسب الجورة مع هذه الفاضلة الغريبة التي رافقت أمي للذهاب لبيت الله الحرام وزيارة قبر الرسول الأعظم (ص) ، كل هذه المقدمة لأخلص القول أنها كانت شاعرة فطرية ترتجل البيت والبيتان مستخدمة أغلب أوزان الشعر الشعبي دون زحاف يخدش ذوق المتلقي ، وحينما رزقتُ بصبية أرادت أن تخفف وقع ذلك على زوجتي التي تمنت أن تكون ولادتها الأولى ذكراً كما هو شأن النساء بذلك وأسم أبنتي (طيف) فقالت
طيف أعدال سبع أولاد بيك وجاي من بغداد
أعليها أهل اللحه تنكاد أبن أسعود وأبن أزياد
وكل أهل الأفنديه
و(كل أهل الأفندية) ترتلها بعملية ترقيص للطفلة ، والأفندي الذي يلبس الزي الحديث (قاط ورباط) ، ويشاء الله أن برزقنا ببنت أخرى أسميناها (طيب) ، فعادت كرتها هذه الشاعرة الفطرية لتقول
إلج خشم الكصير البس عليج أيلوك
وألج ركبه التشابه ركبة الغرنوك
باجر يعتني لجلج جبير السوك
نعلاله بيه الينطيها
ولو تمعنا قليلاً ل (باجر يعتني لجلج جبير السوك) للحظنا أكثر من مؤشر فيه ، مؤشر الغربة التي توكده في (نعلاله بيه) بمعنى أنها أفرغت مافي نفسها في هذا الشطر ملمحة لرغبتها لعدم تكرار مأساتها لأمرأة أخرى، ومن ثم ملاحظة الوزن الشعري الذي أختلف عن سابقه لتؤكد قدرتها بذلك رغم أنهما من بحر واحد (الهزج) فالأول يسميه الشعراء الشعبيون (البحر الطويل) والثاني يسمونه (التجليبه) ، ويشاء الله أن يرزقنا بصبي فكانت فرحة هذه الجارة رحمها الله أكثر من فرحة زوجتي به فقالت له أبياتاً أوقع مما قالته للبنتين لتعبر عن مكنون فرحتها به
جان جان جان جان (.... ) كولي شكران
كل يوم كبل الوذان وليد وعطية رحمن
أنجان نبت خاله كاعد أبصدر الديوان
وأنجان نبت جده رضت عليه العلمان
وأنجان نبت بيه رفع عمود الصيوان
بين القوسين أسم الأم يقال بالتصغير ويمكن أن ندخل أسم أي أم لذلك ، ومعنى (أنجان نبت) أي لو سؤل عن خاله فهو المتصدر بين الرجال،وأن سؤل عن جده فقد أرضى بخصاله الحميدة حتى علماء الدين، وأن سؤل عن أبيه (رفع عمود الصيوان) أي حمل على كتفيه أثقال عشيرته.
2 : النواعي .
من خلال تتبعي ولا أقول دراستي للنواعي وجدت أنها قد تتكون من بيت واحد فقط ، ووجدت الأكثر من ذلك ، ومثال لذلك ما قالته خنساء خزاعة (فدعة) في مراثيها لأخيها (حسين) وما أكثر تلك النواعي ، ولا أريد أن أتحدث بموضوعتي هذه عن الشاعرة العملاقة وما تركته من أثر وأرث كبيرين ، ويقال أن (الشيخ نصار) الذي سميّ وزن النصاري بالشعر الشعبي بأسمه أخذه عن الشاعرة (فدعة) ، وأغلب النواعي التي جمعتها تتكون من ثلاثة أشطر ، وقسم أخر بأربعة أشطر ، ولا أدعي معرفة علة ذلك ، وحين التمحيص جيداً بهذه النواعي وجدتها مستكملة لما تريد قولته المرأة الناعية ، ومن نافل القول أن تزيد عليه بذلك وهذا أولاً ، وثانياً لسهولة حفظه من قبل الأخريات ، وبين هذا وذاك أوصلت معلومتها كاملة من خلال هذه الأشطر الأثنان أو الثلاثة أو الأكثر ،وقولنا أن مثل هذه المراثي ليست بجديدة على التاريخ العربي وكذا بتاريخ الأنسانية ، وكما قلت لاأريد أن أدخل طويلاً بذلك ولكن عودة للشاعرة الخنساء (تماضر) ومراثيها لأخيها صخر
يذكرني طلوع الشمس صخرا وأذكره بكل غروب شمس
ولولا كثرة الباكين حولي على أخوانهم لقتلت نفسي
وما يبكون مثل أخي ولكن أسلي النفس عنه بالتأسي
أوردت الأبيات أعلاه بسبب البيت الثالث (وما يبكون) لأخلص أن البكاء على الأموات تسلية وعزاءً للباكي ، ومن هنا أتت مقولة النبي الأعظم حينما ذرفت عيناه الكريمتان الدمع لذهاب ولد أبراهيم (ع) ، فقالوا له يارسول الله ألم تنهنا عن البكاء على الأموات فأجابهم (أن القلب ليحزن والعين لتبكي وأنا على ذهابك يا أبراهيم لمحزونون) ،ومن هنا لا ننكر لخنساء خزاعة الشاعره (فدعه الزريجية) بكاءها وحزنها ومراثيها لأخيها (حسين) لأنه رمز عشيرتها والجواد بقومه وسعة حلمه وعقله المتفتق وشرفه وناموسه
عالي مضيفه وشحلاته وروس الحراثي موافجاته
أخوي الثلاثة مرافجاته الكرم والمراجل والصماته
أخوي جاراته خوانه أخوي العبد والضيف أغاته
و (روس الحراثي) بمعنى الطرق الترابية التي داستها أقدام الضيوف فتركت أكثر من أثر ليدل لبيت (حسين) أخ الشاعرة (فدعة) ، وأشارة لابد من قولها (أخوي الثلاثه مرافجاته) ،حيث يزعم الباحثون أن الشاعرة (فدعة) أخذت هذا البيت من الشاعرة الخنساء التي تقول
ولا يرى حارة يمشي بساحتها لريبة أذ خلت من أهلها الدار
أو أخذته من قول الشاعر المقنع الكندي
وأني لعبد الضيف ما دام ثاوياً ومابي سواها قط من شيم العبد
فأين ما قالته الشاعرة فدعة من قول الخنساء أو المقنع أولاً ، وثانياً أن من عاش حول فدعة من أخوة وعمومة آناس أميون وكذا هي الشاعرة أمية أيضاً فمن أين لها ولهم هذه النظرة النقدية ،وما هي إلا توارد خواطر لأن البيئة المعاشة نفسها بفارق زمني كبير، وما قيل عن المراثي بشعرنا الفصيح نجده كذلك بموروثنا الشعبي الغزير أيضاً ، وسنبدأ بهذه الزوجة التي تندب زوجها المتوفي معلنة له عدم رغبتها القاطعة بالزواج بعده وأسم الزوج المتوفي (فنوخ) فتقول ،
أحطلك دين يافنوخ بالراس
كفيل الرضه ويشهد العباس
يجلد اللي لمسته عيب ينجاس
وبما أن هذه المراة لم تنجب من زوجها ولا يرغب أخوة المتوفى الزواج من زوجة أخيهم ، أذن عليها العودة لدار والدها وهناك تجبر على الزواج من شخص آخر وأن كانت غير راغبة بالزواج فعلاً ، وحينما تعلم أم (فنوخ) زواج أرملة أبنها فتندب ولدها منددة بفعلة الأرملة فتقول ،
جا وين حلفج يم الأيمان
وراج الزلم والخيل ميدان
لبستي حمر ومسرسح أردان
وكلاده لبستي وخصر مرجان
يمرت السبع يالماخذه أهدان
ودلالة (وراج الزلم والخيل ميدان) على يوم زفاف تلك الأرملة لزوجها الجديد ، والنواعي كثيرة جداً ، فهناك من تنعى ولدها ، وأخرى تنعى زوجها ، وأخرى تنعى أخا أو أباً لها ، وواحدة أخرى تنعى أما أو أختاً لها ، وهكذا ، وبما أن النصوص التي جمعتها خلال هذه الحقبة الزمنية الطويلة سأوردها وكأنها قصة تروى مشيراً لقوة السبك ووضوح المبتغى بأمثلة ليست بالكثيرة المملة ،
تمنيت بيتي كبل بيتج
ولوضاك خلكي كمت جيتج
وكبل الموذن صابحيتج
وهذه أخرى متزوجة بدار غربة وبما أن الطرق غير معبدة سابقاً ، ولا توجد الوسائط للنقل كما هي الأن ، وتسمع الأم خبراً يفيد أن أبنتها بحاجة لها والسبل غير ميسرة بيدها ، والوقت غروب والليل قادم ولا تجد من يعرف أخبار أبنتها فتقول
سمعت أبطروانه أمن الغروب
وظلت على الطارش تلوب
وعله أعيونها عج الدروب

وتنتظر الأم والبنت القادم لينقل لهن الأخبار ولا قادم بخبر يفرح القلب ويبرد غلواء البعد والفراق فتقولان كل بدارة غربتها الأم والبنت ،
علواه طارشهم يجيني
وسايله وتنام عيني ويمكن قوله كترنيمة للأطفال
وسايله ويبطل ونيني
أو
علواه يجوني كبل الغروب
وكت العشه والزاد مصبوب كذا
وتمر الأيام تتلوها الأيام والليالي الثقال فتجلس البنت وكذا الأم ووجوههن مقابل لباب دارهم وتهب نسمة منعشة رقيقة فيقولا،
كب الهوه والباب طرت
ورويحتي للدرب فرت وترنيمة أيضاً
تمنيت الحبيبه الساع طلت
ومرة أخرى تقول
حبايبي ياريح جنه
وهوه الكيظ ما ينشبع منه وترنيمة أيضاً

الاثنين، 22 فبراير 2010

نص وتخطيطات د غالب المسعودي


نار......وماء........وجسد
وكشح ضمه كفلان من فرط الحسد..........
بت اشكو من هواها فتنادي ذات حبل من مسد........
تضرم النار بقلبي
فاجثو ضارعا.....
بين نهد........ونهد

القسم الثاني من ترانيم بقلم الشاعر حامد كعيد ولوحات غالب المسعودي


، (الترقيص)
--------------
التاريخ العربي له شواهد كثيرة في هذا الباب وأعني به الترقيص وهذه التسمية وجدتها كما هي في التراقيص التي يرويها تاريخنا العربي ، وأكثر من ذلك فهناك تراقيص أطلقها رجال ولسن نساء في هذا الموضوع ‘وهذا الرجل يتمنى موت أبنته التي لايود أن تذوق الفقر بعده ، ولايتمنى أن تتزوج بالفقير ولا حتى بالغني لان الغني سوف يلطم خدها ويسبها ويسب من أنجبها فيقول
أحب بنيتي ووددت أني دفنت بنيتي في قاع لحد
ومابي أن تهون علي لكن مخافة أن تذوق الذل بعدي
فأن زوجتها رجلاً فقيراً أراها عنده والهم عندي
وأن زوجتها رجلاً غنياً فيلطم خدها ويسب جدي
سألت الله يأخذها قريباً ولو كانت أحب الناس عندي
وأعتبر أن حجة هذا الرجل واهية لا تنهض مع الحقيقة ، وهذا رجل آخر يعيّر بأنه لاينجب فيقول لمن عيّره
قالو عقيم ولم يولد له ولد والمرء يخلفه من بعده الولد
فقلت من علقت بالحرب همته عاف النساء ولم يكثر له عدد
ولسنا ببعيدين عن قول السماء لمحمد (ص) (إن شانئك هو الأبتر) ، ودليل ذلك أن من لم ينجب الأولاد سيعيّر من الأخرين ، ولذا نجد أن الزبير بن العوام كان يرقِّص ولده ويقول ،
أزهر من آل بني عتيق مبارك من ولد الصديق
ألذه كما ألذ ريقي
وأعرابي آخر يرقص أبنه بترنيمة وما أجملها موصفاً حبه لولده كحبه للمال ، ونعلم أن الجبلة الأنسانية تحب المال أكثر من الولد ويشير القرآن الكريم لذلك بأكثر من موضع مقدما المال على الولد ،ولم أجد آية قدم بها الولد على المال (المال والبنون زينة الحياة الدنيا) ومن هنا جاء قول هذا الأعرابي
أحبه حب الشحيح ماله قد ذاق طعم الفقر ثم ناله
ومن الطريف ذكره أن هذه الأعرابية أنجبت ولداً ذكراً ، وبما أن الأولاد يرغب بأنجابهم لظروف شتى منها العون لوالده بكل شئ وصولاً للحرب التي تلازمهم ، وأعتقد أن سكن هذه الأعرابية يقع حنوب سكن عشيرة خزيمة ، ومعلوم أن ريح الشمال تكون منعشة صيفاً لذا تصف فرحتها بمولودها فتقول
ياحبذا ريح الولد ريح الخزامى في البلد
أهكذا كل ولد أم لم يلد مثلي أحد
ورأيت من يقول وهو الأشهر أن (الخزامى) نبات بري يزهر ربيعاً ولأزهاره هذه رائحة ذكية ، ويروى أن لإعرابي زوجتان أنجبت الأولى جارية والأخرى ولداً فرقصتهُ معايرة لضرتها أم البنت فقالت
الحمد لله الحميد العالي أنقذني العام من الجوالي
من كل شوهاء كشن بالي لا تدفع الضيم عن العيال
فأجابت أم الجارية
وما علي أن تكون جارية تغسل رأسي وتكون الفالية
وترفع الساقط من خماريه حتى أذا ما بلغت ثمانية
أزرتها بنقبة يمانية أنكحتها مروان أو معاويه
أصهار صدق ومهور غاليه
والجميل أن هذه الأبيات وصلت لمروان أبن الحكم فتزوج تلك الجارية بمهر كبير وحين سماع معاوية أبن أبي سفيان أنكر على مروان فعلته لأنه سبق معاوية بالزواج منها ومع ذلك فقد أرسل لها – أم الجارية – كسوة حسنة ومعونة مجزية .
ربما تتشابه الأحداث وتكرر نفسها بكل جيل وحقبة ، فهذه المرأة التي هجرها زوجها بسبب أنجابها للبنات فقط دون الذكور ، ورأت زوجها قد فارق مضجعها وآوى لضرتها منجبة الولد وأحياناً تراه يدلف لدارة ضرتها ليلاً كي لا تراه أم البنات فأطلقت مقولها بهذه الأبيات
ما لأبي حمزة لا يأتينا ويقصد البيت الذي يلنيا
ما ذنبنا لاننجب البنينا والله يوهب ما يعطينا
وما قيل عن الموروث هذا نجده بمورثنا الشعبي الغزير ويقال بأغلب أوزان الشعر الشعبي ولربما ينهى ب (الهوسة) ، والكثير يحفظ من هذه الأشعار وبخاصة أن كن أكثر من زوجة والكارثة أن كانت أحداهن تنجب البنات والأخرى تنجب الأولاد فيطفو ذلك على مايقلن لأبنائهن أو لبناتهن مناكدة واحدة للأخرى ، وهذه أم الولد ترقص ولدها فتقول له وتسمع ضرتها ماتريد ،
يالويلاد يالويلاد راحو سفار البغداد
جابو رمان أمكسر وكلب العدو تفطر
وأكثر إنتشاءاً بالفرحة وإيغالاً بالشماتة تقول
(حماده) ياهوه الهاب ثريا والنجم غابالقسم
لاحظ كيف زغّرت أسم ولدها (محمد) فمرة (حماده) ومرة (أحميد) وهذا ليس للتزغير فقط وأنما للمناكدة للأخرى (الضرة) ، وليس هذا وحسب وأنما ترقص ولدها داعية له بالسلامة وترغب بموت أبنة ضرتها فتقول مرقصة ولدها
هذا أوليدي ياراعي البيت وأخذ (التيتي) لو جان منيت
وهي تشير برأسها لأبنة ضرتها (التيتي) وهي أشارة لفرخ الدجاج كي تدعي أنها لا تقصد أبنة ضرتها بل تقصد فرخ الدجاج أن عوتبت لذلك .
وتستطرد أم الولد لأكثر من ذلك متخيلة أن ولده هذا سيكبر ويكون مدعاة للفخر به من قبل أعمامه وأخواله فتقول
حلوله ياحلوله لعب بالولد جوله
خواله هوسوله وعمامه شوبشوله
حلوله ياحلوله
وتثور ثائرة المنجبة للبنات فتقول ،
يالبنات يالبنات عشرة وأكول أكليلات
والشافهن طك ومات
ومرة أخرى تسمع ضرتها أم الولد مرقصة أبنتها فتقول ،
هاي البت هاي البت يافرحة المتشمت
ولمن عدوا أسياكج كام المتشمت ينفت
متصورة أن أبنتها كبرت وخطبت وجلبوا مايأتون به للزوجات من مال وحلي ذهبية وملابس وتسمى عند العامة (السياك) ، ولكن هل تكتفي أم البنات بهذا أم أنه تذهب لأكثر من ذلك مسمعة أم الولد ماتكره سماعه فتقول ،
أم الوليد أشحصلت ماهي مثلنه فصلت
جابت أسياك وجملت
وتنهي مقولتها
نعلا له أبيه الجابها
مرددة لها أكثر من مرة لاعنة أم الولد المضطرة لتقديم مايسمى ب(الحك أو السياك) وأم البنت تتشرط عليها أريد كذا وأجلبي كذا ،وتستمر بحديثها مرقصة تلك الصبية بأكثر أيغالاً بالشماتة من أم الولد فتقول ،
هاي البنية أشغاليه كبه وطرمه عاليه
لتفرحين يم الولد ناخذه وتظلين خاليه
وأنت أبزويه أتكعدين وأحنه على الجربايه
و (أحنه على الجرباية) تردد ويد الأم تحت آباط أبنتها مرقصة لها، وهناك نصوص جميلة بهذا الباب (الترقيص) تحيلك للوعي الفطري للنساء وكلهن من الأميات وتكمن الغرابة في كيفية قول مثل هذه النصوص الجميلة ،مبتدأة الأم بتصغير أسم إبنتها ليتلائم عروضياً مع أبياتها التي تريد قولها ،ولنأخذ مثلاً أسم (فاطمة) فتصغره الأم كيفما تريد مبتعدة عن القواعد النحوية فتقول (أفطيمه أوفطومه) ،و (طيف ، طيوفه)
(طيوفه) يم ثوب الآل تمشي وتدش بالخلخال
كام ولحكها الرجال حط أعكاله أبركبته
ورايح لبوها دخال كال الأبو منطيها

لمن يكب (أدويسها) وأحميلها ماي الحار
يبن المحله دندار
(يبن المحله دندار) من هنا يبدأ الترقيص ويردد الشطر أكثر من مرة ،ولو لاحظنا الأشطر السابقة لوجدنا أن قسماً منها قد غادر القافية الأصلية مرددة قوافي أخرى ولكونها موزونة عروضياً فسوف لا تختلف نغمة الترقيص لدى الأم المنشدة ،ولو لاحظنا أيضاً كيف تتبعت الأم لأبنتها وأنضجتها مبكرة بدلالة (لمن يكب أدويسها) أي يكبر نهدها وتصبح أمرأة تغتسل من الطمث (أحميلها ماي الحار) ، وعليك الأن أن تتقدم لها أيها الخاطب الذي سُحر وفتن بجمال الصبية مما أستدعاه أن يضع عقاله برقبته دلالة لقبول كل شئ يراد منه من قبل والد الفتاة ، في حين نرى مقولة أم البنت لأم الولد مكرِّهة للأم بأبنها الذي ما أن يكبر ويتزوج حتى ينسى أمه ويتجه صوب مطالب زوجته وأكثر من ذلك أنه غير مكترث لوفاة أمه فتقول ،
آنه الولد شليّ بَه لمن رجع من الدفن
حطها لمريته بالحضن وصبحت بالعالي ترن
شهرين وتفك الحزن أعليه حزنه مو مجن
وربما هناك مفردات تحتاج لتفسير (شليّ بَه) : ماذا أفعل به ، (مجن) : عميق نابع من الصميم ، وأن البنت عندما ترحل الأم لا يهدأ لها بال وتبقى تندب أمها سنين طوال ، فتقول بهذا الباب ،
أشحلوه البنيه من تحن وضلوعها أعليه توّن
يوم اللي صارت سبجتي أتكثر الروايح والدهن
ويوم الرجع جنازي تسأل على الحل الجفن
يوم اللي صارت (سبجتي) دلالة للطعام الذي يوزع ثواباً لروح المتوفي يوم الثالث ويوم السابع ويوم الأربعين فنرى البنت تطلب الأكثار من الهيل
جنجل (أحميد) لو دوه يسوه البنيه أم ألعابالقسم
لاحظ كيف زغّرت أسم ولدها (محمد) فمرة (حماده) ومرة (أحميد) وهذا ليس للتزغير فقط وأنما للمناكدة للأخرى (الضرة) ، وليس هذا وحسب وأنما ترقص ولدها داعية له بالسلامة وترغب بموت أبنة ضرتها فتقول مرقصة ولدها
هذا أوليدي ياراعي البيت وأخذ (التيتي) لو جان منيت
وهي تشير برأسها لأبنة ضرتها (التيتي) وهي أشارة لفرخ الدجاج كي تدعي أنها لا تقصد أبنة ضرتها بل تقصد فرخ الدجاج أن عوتبت لذلك .
وتستطرد أم الولد لأكثر من ذلك متخيلة أن ولده هذا سيكبر ويكون مدعاة للفخر به من قبل أعمامه وأخواله فتقول
حلوله ياحلوله لعب بالولد جوله
خواله هوسوله وعمامه شوبشوله
حلوله ياحلوله
وتثور ثائرة المنجبة للبنات فتقول ،
يالبنات يالبنات عشرة وأكول أكليلات
والشافهن طك ومات
ومرة أخرى تسمع ضرتها أم الولد مرقصة أبنتها فتقول ،
هاي البت هاي البت يافرحة المتشمت
ولمن عدوا أسياكج كام المتشمت ينفت
متصورة أن أبنتها كبرت وخطبت وجلبوا مايأتون به للزوجات من مال وحلي ذهبية وملابس وتسمى عند العامة (السياك) ، ولكن هل تكتفي أم البنات بهذا أم أنه تذهب لأكثر من ذلك مسمعة أم الولد ماتكره سماعه فتقول ،
أم الوليد أشحصلت ماهي مثلنه فصلت
جابت أسياك وجملت
وتنهي مقولتها
نعلا له أبيه الجابها
مرددة لها أكثر من مرة لاعنة أم الولد المضطرة لتقديم مايسمى ب(الحك أو السياك) وأم البنت تتشرط عليها أريد كذا وأجلبي كذا ،وتستمر بحديثها مرقصة تلك الصبية بأكثر أيغالاً بالشماتة من أم الولد فتقول ،
هاي البنية أشغاليه كبه وطرمه عاليه
لتفرحين يم الولد ناخذه وتظلين خاليه
وأنت أبزويه أتكعدين وأحنه على الجربايه
و (أحنه على الجرباية) تردد ويد الأم تحت آباط أبنتها مرقصة لها، وهناك نصوص جميلة بهذا الباب (الترقيص) تحيلك للوعي الفطري للنساء وكلهن من الأميات وتكمن الغرابة في كيفية قول مثل هذه النصوص الجميلة ،مبتدأة الأم بتصغير أسم إبنتها ليتلائم عروضياً مع أبياتها التي تريد قولها ،ولنأخذ مثلاً أسم (فاطمة) فتصغره الأم كيفما تريد مبتعدة عن القواعد النحوية فتقول (أفطيمه أوفطومه) ،و (طيف ، طيوفه)
(طيوفه) يم ثوب الآل تمشي وتدش بالخلخال
كام ولحكها الرجال حط أعكاله أبركبته
ورايح لبوها دخال كال الأبو منطيها
لمن يكب (أدويسها) وأحميلها ماي الحار
يبن المحله دندار
(يبن المحله دندار) من هنا يبدأ الترقيص ويردد الشطر أكثر من مرة ،ولو لاحظنا الأشطر السابقة لوجدنا أن قسماً منها قد غادر القافية الأصلية مرددة قوافي أخرى ولكونها موزونة عروضياً فسوف لا تختلف نغمة الترقيص لدى الأم المنشدة ،ولو لاحظنا أيضاً كيف تتبعت الأم لأبنتها وأنضجتها مبكرة بدلالة (لمن يكب أدويسها) أي يكبر نهدها وتصبح أمرأة تغتسل من الطمث (أحميلها ماي الحار) ، وعليك الأن أن تتقدم لها أيها الخاطب الذي سُحر وفتن بجمال الصبية مما أستدعاه أن يضع عقاله برقبته دلالة لقبول كل شئ يراد منه من قبل والد الفتاة ، في حين نرى مقولة أم البنت لأم الولد مكرِّهة للأم بأبنها الذي ما أن يكبر ويتزوج حتى ينسى أمه ويتجه صوب مطالب زوجته وأكثر من ذلك أنه غير مكترث لوفاة أمه فتقول ،
آنه الولد شليّ بَه لمن رجع من الدفن
حطها لمريته بالحضن وصبحت بالعالي ترن
شهرين وتفك الحزن أعليه حزنه مو مجن
وربما هناك مفردات تحتاج لتفسير (شليّ بَه) : ماذا أفعل به ، (مجن) : عميق نابع من الصميم ، وأن البنت عندما ترحل الأم لا يهدأ لها بال وتبقى تندب أمها سنين طوال ، فتقول بهذا الباب ،
أشحلوه البنيه من تحن وضلوعها أعليه توّن
يوم اللي صارت سبجتي أتكثر الروايح والدهن
ويوم الرجع جنازي تسأل على الحل الجفن
يوم اللي صارت (سبجتي) دلالة للطعام الذي يوزع ثواباً لروح المتوفي يوم الثالث ويوم السابع ويوم الأربعين فنرى البنت تطلب الأكثار من الهيل والروائح لأعطاء الطعام رائحة زكية ، وكذا تسأل من أنزل أمها في لحدها وأهال عليها تراب القبر .
هناك حالة مغايرة لما رأينا أعلاه مع ملاحظة الحجة الواهية الضعيفة لأم البنات ، ولكنها مناكدة نساء لا أكثر ، والحالة المفترضة بل الواقعة حقاً أن أحدى الزوجات تنجب والأخرى لا تنجب وتسمى عند العامة (عاكر) ، فتبقى هذه منتظرة أمر السماء لتجود عليها بأي شئ صبي أو صبية متخذة من النذور والأعطيات والسحرة طريقاً للوصول لمبتغاها وهيهات ، ولو أفترضنا أن الأم المنجبة خرجت من دارها لأمر ما وتركت طفلها النائم أمانة عند ظرتها وأستيقظ ذلك الطفل بمهده باكياً فبماذا ستهدهد أبن ظرتها فتمسك بمهده مطلقة لعنان ضرتها فتقول له بعد أن تسمع صوته باكياً بمهده ، فتهز ذلك المهد وهي تقول ،
المالبط في صرتي والمارضع من درتي
ميصير بزر الناس بزري
وأحيانياً يتخاصمن المرأتان فتعيّر غير المنجبة بأنها أرض بوار لا تصلح للزرع ، أي الأنجاب ، وهنا تبرهن لضرتها أنها غير مكترثة بما تقول لأنها تبنت طفلاً من أخت لها فتههدد هذا الطفل فتقول
آنه عاكر وأختي تجيب وريت التعيرني تخيب
قلنا في صدر موضوعتنا أن الترانيم تقسم لقسمين رئيسيين ، أقل من سنتين وأكثر من سنتين ، وهناك قسم لا يمكن أعتباره قسماً ثالثاً ويلحق بالقسم الثاني – أكثر من سنتين- ولا يمكن أعتباره قسماً لمفرده ، ويستمر هذا االجزء لحين وفات الأنسان ، ومثلاً لذلك وحينما يدخل الأطفال للمدارس أن كانت موجودة ، أوعودة الطفل مع والده أوأخاه الأكبر من سفرة ما فتستقبله الأم قائلة ،
كل الهله بيهم جو وأبيتنه شعشع ضو
شميت ريح أثيابهم كلت الحبايب ردوا
وأمثلة أخرى للعائد من سفر طويل ، أو الفائز بسباق ما مع أقرانه ، أو المنتصر على خصومه ، وهي ردات خفيفة النطق يصاحبها تصفيق وترديد من آخريات أو آخرين تشبه أغاني الحصاد وتسمى عند العامة (كفلات) .

الأحد، 21 فبراير 2010

اطلالة على الترانيم بقلم حمد كعيد لوحات دعالب المسعودي






إطلالة على الترانيم والنواعي
وأغاني الرحى العراقية
وتسمية(كعيم)
حامد كعيد الجبوري
كثيرون كتبوا بهذه الموضوعة الشيقة الحزينة ، الترانيم _(الدللول) _ والنواعي التي تطلقها النسوة الفاقدات للأحبة – أخوة ، آباء ، أبناء ، أمهات ، أخوات ، بنين ، بنات - ،وتسمى هذه النواعي في الوسط والجنوب العراقي (التعاديد ) ، وفي المناطق العربية من شمال العراق وغربه تسمى (المدائح ) أو الأذكار ، وهناك نسوة أصواتهن جميلة يتخللها بحة محببة تستدر دموع المستمعات لهن ،يسمين في مناطق الوسط والجنوب ( الملالي أو العدادات) والشائع بتسميتهن (الكوالات) ،وفي المناطق العراقية العربية الأخرى يسمين (المداحات) ، ولا فرق بين (الملة أو العدادة) وبين (المداحة) في أنهن يتخذن من أصواتهن الجميلة وسيلة لطلب العيش وكسب المال ، ولا فرق عندهن في إسباغ ما ليس للمتوفى من خصال محببة من كرم وشجاعة وزهد وبهاء ينسبنها للمتوفى الذي قد يكون لا يستحق مثل هذا الرثاء ، فنجدهن يمنحن الكرم للبخيل و الشجاعة للجبان و السماحة للأهوج ، بغيتهن كسب المال بأي شكل كان ، وهنا سوف لا نقحم أنفسنا بمثل هكذا نماذج مبالغ فيها، وكما أسلفنا لما كتبه الكثير من البحاث والنقاد بمثل هذه الموضوعة معتمدين على نماذج للترانيم أو النواعي مكررة لدى الجميع ونادراً مانجد (نعيا) جديدا ، ولا أنكر قوة ورقة تلك النماذج ، لذا تجدني قد أعددت الكثير غيرها معتمداً ومستفيداً من علاقاتي بأصدقاء عراقيون كثر ومن مختلف المحافظات العراقية جمعتني وأياهم فترة (العسكرية) ، ومعلوم أن الوحدات العسكرية آنذاك من مختلف المحافظات العراقية ، إذن هي نتاج لسنين طوال

السبب الرئيسي لتعلقي وشغفي بهذه ( النواعي ) أمي ! التي فقدت أخاها شاباً فكانت تندبه طوال يومها وجل ليلها لسنين لا تحصى ، ولا أعرف لماذا كانت عيناي تذرفان الدمع وأنا أصغي لنواعيها غير واع ومدرك لما تقول، وكثيراً ماكانت تقول البيت والبيتين من النواعي تستحضرهما هيّ وأجدها الأن مستكملة عروضياً ، وسبب آخر جعلني أهوى هذا الفن من الأدب الشعبي زوجتي وكأنها أرادت لا إرادياً أكمال مابدأته أمي مخالفة لها بالطريقة التي تؤديها فوالدتي تناولت النواعي وزوجتي الترانيم ،وزوجتي تملك صوتاً رخيماً دافئاً تجلس بجانب مهد ولدنا معللة له ( بترنيمة ) وهي تهز مهده ، وكنت أخفي وجهي عنها لأني لم أكن أمتلك زمام دموعي ، وأن أنهت تلك (الدللول) أطلب منها الكثير ، وأقسم أني كنت أنام قبل ولدي ، ولا أدري علة ذلك فلربما نحن الفقراء المحرومون من كل شئ حتى الحنان سبب وجيه لذلك .
عند دراستي العروضية للنواعي وجدتها تشترك بنفس تفعيلاتها مع كثير من هذا الأدب الشعبي الموروث فهناك قاسم مشترك بينها وبين الترانيم (الدللول) وبين أغاني الزوجات التعيسات – ظاهرة كعيم – وبين القلة من أغاني (الطحن بالرحى ) وغالبية أغاني (الطحن) هي من لون (الدارمي) وسنأخذ أمثالأً لكل ما أوردناه .
لا أريد أن أدخل بعمقٍ بدراسة عروضية بوزن النعي لأني وببساطة متناهية أجد من الصعوبة بمكان تقعيد – جعله بقواعد عروضية - الشعر الشعبي ، ومعلوم المقولة (العرب لاتبدأ بساكن ولا تقف على متحرك) ، هذا ما تركه لنا النحاة والعروضيون للغة العربية الفصحى ، بمعنى أننا لا يمكن لنا أن نقطع البيت الفصيح عروضياً دون أخذ الحركات من فتح وضم وكسر وسكون بنظر الأعتبار ، في حين أن الشعر الشعبي لا يقبل الحركة على أواخر الكلمات ، ويمكن لكم ذلك أن تأخذوا أي بيت للشعر الشعبي تحفظونه كدليل لما أذهب إليه ومثال ذلك للرمز العراقي الكبير مظفر النواب
دك راسك أبكاع العرس وأصعد أمناكز للدف
أيام المزبن كضن دكضن يأيام اللف أرجو ملاحظة كل مفردة في البيتين أعلاه فهل نستطيع تحريك أواخر الكلمات ، ناهيك عن أوسطها ، ولو أخذنا البيت للجواهري الكبير فهل يمكن لنا قرائته دون أن نحرك أواخر كلماته ولنجرب ،
حييت سفحك عن بعد فحييني يادجلة الخير يا أم البساتين
وأن كان ولا بد من أن نضع للنواعي قواعد عروضية فسيختلف العروضيون بذلك وسأكتفي بمثلين لذلك أولهما الدكتور ( كريم جبر الزبيدي ) الذي يقول ما نصه (وبما أن النعي = مستفعلن مستفعلاتن ، ونصف الحدي = مستفعلن مستفعلن أذن النعي = نصف الحدي مرفل ، ونصف الحدي = نعي محذوف ) ، الى أن يقول بعد شرح مطول وحذف وأستعاضة بتفعيلات متشابهة ( إذن نجد في النعي وزن الهجيني والمياس) ، هذا رأيه وهو المتخصص النحوي العروضي ورأي محترم بالتاكيد ، وعودة للرأي الثاني المحترم أيضاً (ربيع الشمري) والذي يقول ما نصه (ينظم هذا اللون من الشعر الشعبي بوزنين وغالباً ما تكون أشطره على قافية واحدة ،...... ويقول الأستاذ إبراهيم – لم يذكر ربيع أسم أبيه – في فنون الأدب الشعبي أن النعي هو مجزوء الركباني وليس بحراً مستقلاً بذاته ) وفي مكان أخر يقول السيد ربيع الشمري بدلالات وتفعيلات يوردها ، يمكن أعتبار النعي من بحر (المنسرح) أو بحر (الوافر) . وهناك آراء عروضية محترمة لو أخذنا بها لطال بنا المطال وفقدنا العبرة من هذا الموضوع ، وهذا يدعم رايِّ بعدم تقعيد أو ألزام الشعر الشعبي بقواعد عروضية لم يستقر عليه العروضيون .

1 : الترانيم (الدللول) .
وتقسم الترانيم لقسمين رئيسين أولهما للصبية دون السنتان ولربما تطول أكثر من السنتين ، والقسم الثاني لأكثر من السنتين ويمكن تسميتها ( الترقيص) أو (الهوسات) للأطفال ، وسنتناولهاتباعاً.
القسم الأول (الدللول)
--------
حينما تمسك الأم بمهد (كاروك) ولدها بعد أن تضع الصبي أوالصبية داخله ولا يختلف بذلك فقراء الناس وأغنيائهم ، إلا بنوع المهد ، خشبي أو حديدي ، وفراشه الداخلي مصنوع من الفطن الخالص أو من الصوف ، وتبدأ ترنيمتها وتقول
دللول الولد يبني دللول عدوك عليل وساكن الجول
وهذا هو المدخل لما ستقول بعده ، وحنايا الترانيم الداخلية لو تدرس من قبل علماء للنفس لخلصوا أن الترانيم إياها ماهي إلا إنفعالات لحالة الأم النفسية ، فأن كانت مرفهة مدللة بدارة زوجها وأهله لجائت ترانيمها مناغاة لحالتها النفسية ، والعكس صحيح ،
أخدمت شينات الجهايم لجل خاطر البلمهد نايم
وواضح تماماً أن هذه الأم تعيش بدار زوجها وبين أمه وأخواته وأنهن – الأم والأخوات – لسن على وفاق مع هذه الأم التعيسة ، ويكون الوقع أكبر لوكانت معاملة الزوج كمعاملتهن ،فتناجي رضيعها فتقول ،
لجل خاطرك فضيت خلكي أحملت الشتيمه وسبت أهلي
وهذا بين أن ما يمنعها من أعلان أو أظهار غضبها أمام خصومها هذا الذي ترنم له أحزانها وشكواها ، ولو تصورنا حالة النساء قبل أكثر من خمسين أو ستين سنة وعدم وجود وسائل الأتصال بينها وبين إهلها لبعد المسافة أولاً وعدم السماح للزوجات آنذاك الذهاب لأهلهن إلا ومعها أكثر من صبي ، ومعنى هذا أن الزوجة قد يصل عدم رؤيتها عائلتها – الأب والأم والأخوة والأخوات - أكثر من خمسة أوستة سنين ، وهنا تتذكر أمها مناغية لها ومتمنية أن تكون معها فتقول ،
حطي الولد بيني لبينج مدري جنيني لو جنينج