بحث هذه المدونة الإلكترونية

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 20 نوفمبر 2010

حديقة الجبل...معلم حلي يندثر-حامد كعيد الجبوري


حديقة ( الجبل ) ...معلم حلي يندثر
حامد كعيد الجبوري
منتصف ثلاثينات القرن المنصرم وبالتحديد بداية العام 1938 م ، والحلة آنذاك عبارة عن قصبة صغيرة ، بل قل بساتين غناء تتوسطها بيوت شرقية متجاورة ، والحلة يشطرها نهرها – نهر الحلة – المتفرع من الفرات العظيم لشطرين ، يسميان لدى الحليون ، الصوب الكبير ، ويضم سبعة أطراف وهي ، الجامعين ، الطاك ، جبران ، الجباويين ، المهديه ، الأكراد ، التعيس ، والصوب الصغير ويشتمل على ثلاثة أطراف ، أغلب سكانها فلاحون وهي الورديه ، الكلج ، كريطعه ، وأغلب هذه البيوت بنيت بدون وعي آثاري من أنقاض مدينة بابل التاريخية الشهيرة ، ولكل صوب مما ذكرناه من الحلة مكب للنفايات ، وموضوعتي عن مكب نفايات الصوب الكبير حصرا ، بدأ هذا المكب يكبر شيئا فشيئا حتى غدا مرتعا للكلاب السائبة للتنقيب عن قطعة عظم ، أو فضلات القصابون في هذا المكب الكبير الذي أخذ مساحة تقدر بعشرين دونما من الأرض ، وأصبح أيضا مصدرا لنمو الطفيليات كالذباب ، البعوض ، ومرتعا للقوارض والفئران ، ناهيك عما يسببه من تلوث بيئي وريح غير مستساغة للذوق العام ، ولم تكن الخدمات البلدية كما هي عليه الآن من سيارات متخصصة لطرح القمامة بأماكن خصصت لرمي الفضلات فيها ، وكانت البلديات يوم ذاك تستخدم الحمير والبغال لنقل الفضلات لهذا المكب الذي ذكرنا ، وبما أنه أصبح مصدرا خطرا على سكان مدينة الحلة الفيحاء ، كتب متصرف الحلة يوم ذاك كتابا رسميا لمراجعه في بغداد ، طالبا منحة مالية لنقل هذه النفايات لمكان آخر ، لم تحصل موافقة الحكومة المركزية ببغداد العاصمة ، على منح المبلغ القليل للتخلص من هذه القاذورات ، التي ستتسبب لمركز لواء الحلة بآثار لا يحمد عقباها ، لم يستطع متصرف لواء الحلة البقاء على هذا الحال سيما وأنه مسؤول عن حياة وصحة مواطنيه ، إذن عليه أن يجد حلا لهذه المعضلة التي أقضت مضاجع أكثر من أربعة أطراف من الصوب الكبير المتجاورون قرب مكب النفايات ، لذا حزم أمره على أن ينقذهم من هذا المكب بطريقة العمل الشعبي الجماعي ( السخرة ) ، علما أن قسما من هذا المكب – النفايات - أرتفع عن الأرض لأكثر من عشر أمتار ، إبتداءا أحضر من مادة النفط الأسود آلاف اللترات لترمى على هذه القاذورات لحرقها ، ولكن من أين له الأيدي العاملة المجانية ، بتفكير بسيط أرشده عقله لسجن الحلة المركزي ، والذي يجلب له الكثير من مساجين الأحكام الثقيلة ، من الألوية العراقية المجاورة للواء الحلة ، بعث من يدعو له مدير السجن واتفقا معا لإخراج عدد من المحكومين برفقة حراسهم للعمل بهذه المهمة ، ونفذ له مدير السجن ما أراد ، وطبعا فرح العاملون المسجونون لهذه الحرية الوقتية ، تم حرق جميع تلك النفايات وتحولت لركام أسود ، بعد ذلك ماذا سيفعل بهذه المخلفات المحروقة ، ولماذا لا يحولها لمتنزه يؤمه أبناء لواء الحلة ، وبما أن الركام هذا يحتاج لآلات هندسية ( شفلات ، سيارات ) لا يملكها لواء الحلة يوم ذاك ، إذن لتبقى على حالها وارتفاعها ولكن عليه تقسيمها لمسطحات كل حسب ارتفاعها بواسطة المجارف – المسحاة – والمعاول ، وهذا ما حصل ، لقد تحولت هذه العشرون دونما من الأرض لمساحات غير متساوية بالحجم والارتفاع ، وكل ذلك من عمل المساجين ، كان المتصرف – هكذا تسميته سابقا – يحضر بنفسه كل يوم لمراقبة مشروعه هذا ، ولا ينسى أن يحضّر لعماله المسجونين وجبات الطعام التي تعد من قبلهم ، وتوزيع السكائر مجانا للمدخنين ، بعد أن أصبحت الأرض مهيأة للزرع واجه المتصرف مشكلة إيصال ماء السقي لحديقته التي أبتكرها ، وحقا أنها معضلة إن عرفنا أن نهر الحلة يبعد بحوالي الكيلومترين عن هذ المكان المهيأ كحديقة أو متنزه عام ، إستخدم نفس طريقته المثلى وهم المسجونين ، وأوصل الماء العذب لها ، وأستخدم مكائن السقي البسيطة لرفع الماء حيث يريد ، وطبعا بكلفة قليلة من أموال نثرية المصرفية ، في هذه المرحلة المهمة لإنجازه المشروع الحدائقي ، صدرت إرادة ملكية لنقل متصرف لواء الحلة الى لواء العمارة ، وهذه الشخصية الوطنية هي ( سعد صالح جريو ) وهو من أهالي قضاء النجف آنذاك ، حزم الرجل أمتعته وذهب لمقر عمله الجديد ، إستلم متصرف الحلة اللاحق أعماله وهو بهمة ذلك المتصرف السابق ، وبدأ عمله – المتصرف الجديد - لإنجاز مشروع من سبقه ، ويذكر من أرخ للحلة الفيحاء ، أن المغفور له ( سعد صالح جريو ) يمر على الحلة لمتابعة ما وصل له العمل حينما يأتي لزيارة أهله في النجف ، ومن الخلق الرفيع لأبناء ذلك الزمان ، حين أكمل العمل ، وشجرت هذه الحديقة بالأشجار المعمرة ، والورود ، وحان أوان افتتاحها ، بعثت برقية من متصرف لواء الحلة لمتصرف لواء العمارة – الذي بدأ بالعمل - طالبون حضوره لافتتاح الحديقة المنشأة ، حضر الرجل – سعد صالح جريو – ضيفا مع صديقه المتصرف ، وأفتتح بنفسه تلك الحديقة الرائعة التي تشبه الجنائن المعلقة البابلية ، وأصبحت متنفسا للكثير من عشاق الحياة بالحلة الفيحاء ، أستغل الرياضيون تلك الحديقة للتدريب ، فهناك ( جفرة ) للاعبي ( الزورخانه ) ، وهذا مكان لعشاق لعبة المصارعة ، ورفع الأثقال وغيرها ، وهناك حلقة للشعراء الشعبيين بقيادة شاعر الحلة الكبير ، الراحل عبد الصاحب عبيد الحلي ، وهناك متنفسا ليليا لمعاقري الخمرة والغناء بقيادة الشاعر الغنائي الكبير محمد علي القصاب ، وصديقه المطرب المعروف سعدي الحلي ، أخذت أشجار المتنزه بالنمو السريع ، لأن أرضها وكما يقول الفلاحون أرضا ( دمن ) – سماد عضوي - ، نهاية هذا المتنزه – الجبل - أنشأت مستشفى حكومية ليست مقتطعة من المتنزه ، ويتراءى لناظرها وكأنها ملحقة بهذا المتنزه ، وهناك من يقول أن المستشفى أنشأت قبل المتنزه وسميت ( المجيدية ) نسبة لبانيها ( مجيد باشا ) ، ورأيت أشجار الكالبتوس الباسقة ، والنخيل الباسق أيضا يحيط تلك ( المجيدية ) – المستشفى - وكأنها ببلد أوربي .
بعد ثورة 1958 م بقيادة الشهيد عبد الكريم قاسم ، وتعيين المحافظين بعد الثورة ، تسارع الجميع لخدمة هذا المعلم الحلي الكبير ، وأذكر جيدا أن طلاب المدارس للمحافظات المجاورة للحلة الفيحاء يأتون بسفرات مدرسية منظمة ومنتظمة لقضاء يوم ممتع فيها ، وتوثيق تلك السفرات بكاميرات الطلاب الوافدون لها .
بداية نظام البعث المقبور ، أمتدت يد التخريب البعثي جزءا فجزءا لهذا المعلم السياحي الكبير ، مبتدءا من جزأها الجنوبي المجاور للمجيدية والتي أزيلت وأنشا مكانها مستشفى للأطفال ، وخرب جزءا من الحديقة لينشأ عليها مرفق للخدمات البلدية ، وآخر بجنبه ل( الماء والمجاري ) ، وخرب لاحقا جزءا آخر كمرافق صحية ، ولم يتبقى من حديقة الجبل إلا ذلك المرتفع الذي هجر من قبل البلدية لتموت أشجاره النظرة ، وأكثر من ذلك ، أنشأت حوانيت غير نظامية مقتطعة من الجانب الشرقي لحديقة الجبل ، المقابل لسوق الحلة الكبير لتؤجر بأثمان عالية للتجار ، ومعلوم أن هؤلاء التجار يرمون مخلفات حوانيتهم خلف الجدار المتبقي من الحديقة ، لتصبح مكبا كبيرا للنفايات مجددا كما وجدها المرحوم سعد صالح جريو .
بعد التغيير الجديد ، بل قل الاحتلال اليوم ، وتسنم المناصب لمن هب ودب ، ولأن المشروع به ربحية أكيدة لجيوب فلان وفلان ، لذا بدئوا يرسمون للانقضاض على المال العام ، بواسطة المشاريع ، ومنها إعادة حديقة الجبل لهيئتها الجميلة ، وحدث أن زارني صديق مغترب وقال لي لنمر على حديقة الجبل الجميلة كما كان يتصورها ، أمس 19 / 11 / 2010 ، زرتها برفقة صديقي وهالني ما وجدت ، ذلك العمل الربحي كما قلت عبارة عن رصف نوع من ( الكاشي ) غير الثابت بمكانه بواسطة مادة ( السمنت ) ، لسوء صنعته وصنعة الحرفيين ، وليس ( الشتايكر ) الجميل المزخرف ، ناهيك عن الإهمال حيث قلة من الورد والأشجار مع عدم تقديم الخدمة المتواصلة لها ككائن حي ، ووجدتها كما بدأت أيام المتصرف السابق ، أتمنى أن تعود تلك القمامة والنفايات لتكبر ، لعلنا نجد متصرفا – رجعيا - أمينا ، وطنيا ، ينقذها كما فعل سعد صالح جريو رحمه الله

الأربعاء، 17 نوفمبر 2010

موفق محمد في استذكار عقيل علي

الشاعر موفق محمد في امسية تذكارية للشاعر المرحوم عقيل علي في مدينة الناصرية

ديمقراطية البرشوت-المهندس سليم الربيعي


ديمقراطية ( البرشوت )
المهندس سليم الربيعي
لاجدال في ان الديمقراطية هي حتمية تأريخية تُتوّج انتقال الانسان من مرحلة العبودية والقهر والاستبداد الى مرحلة المدنية واحترام حقوق الاخر.
انها تجربة طريقها شائك وطويل تكتنفه صعوبات ومعوقات وتبرز من فوق سطحه احباطات وتخبطات وتشابكات مخيبة للآمال، سيما انها هبطت بعد خمسين سنة عجاف جثمت على صدور الحالمين وصناع النجاح، بعد ان كادت جموع الامل والحب ان تيأس وتستسلم، وجاء الفرج بعملية قيصرية وسقط الطغاة ولاحت بشائر الديمقراطية (ويا فرحةً ما دامت) فقد كانت ديمقراطية مستوردة هبطت بالبرشوت في غير وقتها ومحلها، فأرضنا بمجملها ولقرون عديدة ظلت تنز جهلاً وتخلفاً وقسوةً فهي غير مستصلحة بما فيه الكفاية لانبات بذرة الديمقراطية الحبيبة الغالية بالطريقة التي نجحت مع الشعوب الحيّة.
سقطت الدكتاتورية سقوطاً مدوياً مثلما تمنينا ولكن هل ان عقلية وطريقة نظر ومنظومة تفكير وسلوك حياة منظومتها المتبقية على ارض الواقع قد تغيرت؟ لا انها لم ولن تتغير او تموت او تتلاشى بإندحار مؤسسها بل انها تناسلت وانتشرت وسادت وسوف تبقى ما لم تحدث قطيعة فكرية مع الماضي واستنباط الدروس والعبر وغرس رغبة التعلّم والتطوّر والتغير بأتجاه فضاءات الحداثة والعلم والثقافة واحترام شريعة الاختلاف وقبول الرأي الاخر واشاعة مُثُلْ وقيم التسامح والاخوة والتضحية والايثار وتلك هي من شروط الحرية والصلاح والتقدم والنجاح.
وعليه فأن الديمقراطية تستمد نجاحها وتألقها من شكل مواطنيها وعلينا ان نعلم بأنه ليس هناك دواء خفي من عقاقير مجهولة تستطيع ان تغيير ثقافة مشوهه بين عشية وضحاها، وان تصحح احوال غارقة في الفوضى... منقوعة بالرغبات التدميرية وحمى التهافت الاستحواذي واستشراء نمط من الحرية والديمقراطية قائم على السلب والقتل والتدمير والسرقة ونهب مؤسسات الدولة من قبل العاطلين ثقافياً، المفرغين معرفياً، الفاشلين، المتشدّقين بديمقراطية اللعب والاستهتار بقيم السماء والأرض.
وهنا فقد اختلطت رؤى ومفاهيم وتفسيرات شتى، وامتزجت الحقوق بالواجبات، والتجاوزات بالالتزامات، والنوايا الطيبة بالخبيثة، والرياح الصفراء بالبيضاء، والثقافة بالجهل، والغباء بالذكاء، والحابل بالنابل، حيث لا فرق بين هذه وتلك.
إن قيم الديمقراطية تُعرفْ على ضوء قدرة هذه الديمقراطية على انتاج حسناتها وفي ظل هكذا ظروف معقدة فأنها يقيناً تحتاج الى عقود وعقود لكي تؤتي ثمارها، وقبل ان تبدأ دجاجاتها بوضع بيضها الذهبي، ليت شعري فماذا عسانا ان نصنع اذا كانت دجاجتنا هذه اما غير موجودة بعد او انها غير قادرة على النمو الطبيعي ووضع البيض؟ ومالذي بقي لنا على ارضنا الساخنة غير ديوك متوحشة متصارعة، قادرة على ان تتهارش وتتناهش ولكنها ليست بقادرة على ان تبيض.
وفوق كل هذا وذاك فأن ما يحدث من خرق وتشويه وايذاء للتجربة الديمقراطية العراقية من قبل اعداء الحياة قد تجاوز المدى ووصل حداً خطيراً اطاح بكل المثل والقيم والشرائع السماوية والدنيوية، حيث وبدلاً من ان يكون الانسان هو الغاية المطلوب ايصالها الى اعلى درجات سلم الرقي والرفاه والحرية والاحترام، راح البعض من المشاركين اصلاً في تأسيس ووضع تجربتنا الديمقراطية موضع التنفيذ... راحو يستهدفون هذا الانسان الطيب ترويعاً وتعذيباً وقتلاً من خلال اساليب وطرق غارقة بالنذالة والحقارة والدناءة والخسة والظلال، خدمة لاجندات طائفية مقيتة او عرقية او حزبية ضيقة او شخصية بحتة.
اننا هنا واكثر من اي وقت مضى ننشد لديمقراطية التربية والتعليم والنجاح والتفوق والتطور والنأي عن اضطهاد المرأة واستغلالها والحط من قدرها ونتجه صوب اسنادها وتشجيعها واكبارها واجلالها واعتبارها، نصف المجتمع الذي يلد ويصنع الحياة وفي الوقت نفسه هو من يثري ويسند ويشجع النصف الآخر.
نريد لاصحاب المواهب والنجاحات رجالاً ونساءاً الفرصة ليعدّوا انفسهم للمهمات الحكومية المعقدة. وبخاصة من اثبتوا افضليتهم وصلابة معدنهم ونجحوا في جميع الامتحانات ببراعة، فهم من يحق لهم ان يقوموا بدور القيادة.
نحن نستدعي طبيباً لمعالجة مرضانا اما ما يخص مرض وطننا، الا يجدر بنا استقدام افضل النساء والرجال واحكمهم واعقلهم.

وعندما لا تحتل الكفاءة والمقدرة المكان الاول في الدولة لا تكون تلك الدولة بالمعنى الحقيقي ناجحة.
ما يؤلمنا اننا وفي عصرنا هذا ومنذ عشرات السنين نجد غياب الثقافة والمثقف عن جميع المشاريع السياسية التي سادت وقادت العراق، وبسبب ذلك التهميش لم نتمكن من صنع مثقفين ستراتيجيين ممن يمتلكون القدرة على اكتشاف وتحليل العوامل الخفية التي تتحكم في مسيرة الوطن ثم القدرة على الاكتشاف والتنبؤ بمتغيرات الوطن، من خلال مبدعين وكاشفين ومنذرين ومبشرين.
فالمهندس على صواب في اختيار شؤون الهندسة، والطيار على حق في امور الطيران لذلك يجب ان لا يترك امر انتخاب القادة والرؤساء او محاسبتهم للعدد الكثير من الشعب. الا اذا كان هذا الشعب مشبعاً بهدى المعرفة والعلم والدراية، فاين نحن من ذلك والامية متفشية والثقافة في حدها الادنى المخيف مما يجعل الغالبية العظمى من الجماهير عرضة للغش والخداع، لانها سهلة التضليل، متقلبة الاهواء، وعليه فأن الانتخابات وفي مثل هذه الاحوال هي ضرب من المجازفة والخداع والتدليس.
وبعكس ذلك فقد يحكم على عمل الفنانين من لا يفهم الفن وعلى الرياضيين من لم يمارس الرياضة او يعشقها... ان ساكن البيت او صاحبه اصدق حكماً على البيت ممن قام ببنائه.
والضيف اصدق في الحكم على الوليمة من الطباخ.
ومثلما يستحيل اجتماع الصيف والشتاء في وقت واحد فلا يمكن ان يكون ديمقراطي من هو قاصر الفكر... مُغيّب ومتمسك بقيم عشائرية او حزبية ضيقة او طائفية مقيتة او عرقية.
وبعد فأنه لا بد من ان يمر تحررنا الروحي والثقافي والاخلاقي ويجري انسيابياً مع التحول الديمقراطي بإنسجام وتلاقح وتلاقي مثالي، خلقاً للتكامل والتفاضل وتحقيقاً للعدالة والمساواة والحرية والفضائل الساندة والسائرة في مجرى التحول.
واحدة من اهم اشراقات الديمقراطية التي تنشدها هو النمو الاقتصادي المضطرد وتوفر الحريات العامة والخدمات الامنية والصحية والتعليمية والبلدية بأوسع نطاق لتشمل جميع المواطنين من دون استثناء.
هي ليست شعارات رنانة تطلق هنا او هناك، انها ثمرات غنية مكتنزه وملموسة، انها حصاد وفير.

الاثنين، 15 نوفمبر 2010

الفية الولد الخجول-عادل كامل-تقديم مدني صالح- العشر التاسع


العشر التاسع
[1]
هذه ارض لا تتوقد فيها إلا العتمة .. هذه ارضي
هذه أرض لا تشتعل فيها إلا الحجارة.
[2]
إنما بلا استئذان .. أجدد أفراحي : تراب الكف فوق الأعياد.
[3]
وبلا مبالاة : الذاهبون أصدقائي .. الغابة والجذور
وبلا مبالاة : القادمون أصدقائي : البلور والانطفاءات .
[4]
فيما أنا أتحدث مع إلهة ذهبية .. كانت أضرحتي تشّـيد .
[5]
معي بعض أشلاء صيف .. بعض أوراق محنة .. وبعض رماد جسد تكسرت عليه الأحزان.
[6]
مثلما المجرات تدور .. وتدور .. أنا .. أعراسي مثقلة بالانشطارات .
[7]
لتدخل القصيدة .. لتجلس ..
مائدتي كواكب.. وحرسي غرباء .
[8]
لست أنا الذي يتكلم .. هذا هو صوت الأرض
هذا بعض كلام السكينة .
[9]
إن شئت رافق الفجر .. إنما لا تسألني .. لِمَ .. لِمَ
اجلس عند بوابات الليل .
[10]
أنقى .. أنقى .. أنقى كلما غبت .
[11]
وحبيبي لا اعرفه .. إنما تنحني له كل الأصوات .
[12]
ليست هذه قصائد ..
هذه روح أصابها بعض الاضطراب.
[13]
بعض الموتى يتكلمون .. هنا .. هنا .. هنا .. معي ومعك .. ثم يطردون.
[14]
ترك الليل وصاياه لي
لكنه لم يغادرني.

[15]
كلانا غيمة .. احدنا يسرق السماء .. والآخر يحميها.
[16]
بعض ذاكرتي نسيان .. إنما غفلتي ذاكرة.
[17]
قال أينما تذهب .. اذهب .. إنما الريح لا تتركك.
[18]
وعروسي الليلة أهداني خاتمة .. قلدني الميلاد .. أعطاني ثمار الجنة .. ولم يتركني .. عروسي الليلة أعطاني قلائده
ولم يتركني.
[19]
مثلي .. لا تسأل الوادي .. ما سر نشيده
مثلي .. لا تسألني .. ما سر صمت الأشجار.
[20]
لدىّ عتمة لا تغار منها إلا الفضاءات.
[21]
هذه ليست قصائد .. هذا رماد يتكلم إلى رماد.

[22]
ولدىّ ذئب ثرثار .. وحمل .. خجلَ من خجلي.
[23]
ليلي مسروق من ليلي .. فماذا أفعل بقمر ضاع
في الطرقات.
[24]
لا تدع أصابعك تذهب أينما تشاء .. اختر حقلك واذهب.
[25]
كلانا هنا .. أنا والبرية .. ملاكان جريحان.
[26]
وهذا ليس بالكلام .. هذا بعض مظاهر البراءة.
[27]
إنها الشمس أيضا .. بلا مبالاة .. تبدل ألوانها.
[28]
هذه الأرواح ليست للأفران .. إنها ترقص ..
مثل البغايا المقدسات .. ممرات غواية.


[29]
أنا لا ابحث عن الحكمة .. أنا ابحث عن كوخ
وعن خبز ليس من تراب.
[30]
يتنـزهون أم يتسكعون .. هؤلاء المارة ..
إنما هم يجرحون الأرض .
[31]
ليس لدى أسئلة .. عندي صخور كفت عن العويل.
[32]
أنهن نسوة متاحف .. إنما أنا ابحث عن قلب مصنوع من الأمواج .
[33]
لا أخاف على أوثاني إلا من .. حرس المعابد ..
وجند القصور المندرسين.
[34]
بعض آثامي أنقى من آثامي .. إنما كلاهما ..
مثلي .. فجر ينام على سكاكين الليل.

[35]
لِمَ تسرق الأنوار من الذهب إلا عتمته .. مثلي ..
أنا لم أسرق إلا عتمة الأرض.
[36]
في مسعاك .. لا تبحث عن خبز مر .. لا تبحث عن حبيبة أفراحها مستعارة.
[37]
بعض الليل يتشاجر مع بعض النهار .. إنها ليست حكمة .. إنما لا تترك روحك مضطربة.
[38]
هذا هو كوخ الشعر .. ادخله كيّ لا تخرج .. هذا هو كوخ الشعر لا تتركه يغادر.
[39]
لا تسأل : لِمَ بعض الأنبياء ينامون فوق العشب
لا تسأل : لِمَ سواهم لا يخرجون من الموت ؟
[40]
هذه ليست قصائد .. هذه بعض حالات أنوار .. بعض نشوى حزينة .

[41]
لا تسرق كلماتي .. ليس لدىّ ما يَسرق منها.
[42]
بعض هذا الليل مسروق من البلابل
وبعض حياتي سرقها الفجر .. أين أنا ؟
[43]
تعلم.. لا تدع القلب يصدق انه تعلم.
[44]
لا تأت .. لا تذهب .. بعض أفراحي أسى جميل.
[45]
ليلي يتتبع نهاري .. فيما أنا لا ليل لدىّ ولا نهار.
[46]
هذا المدى يحرسني .. مثلما في المنفى
أغانينا تصنعها القلائد.
[47]
ضريح يشاكس ضريح .. فيما الرب .. غادرنا جميعاً.
[48]
غادر أيها الكلام .. غادرني .. أصابعي حزينة.
[49]
هو ذا دخان ينام معي .. وفي رأسي .. غرباء يثرثرون.
[50]
ليس هذا الذي تراه هو الفجر .. انه سكين تجرح السماء.
[51]
لا تنـزف روحي مثلما تنـزف الأمطار
روحي .. اقل جفافاً من حقول الأوهام .
[52]
أنا مثلك يا عادل .. احرس صخرة لا تنام.
[53]
من منا سرق الآخر .. أنت أم أنا .. أم كلانا فضاء ؟
[54]
لا تسأل .. لا تجب .. دع النهار مع النهار .. دع الليل يحرس الليل .. ولا تبحث عني .
[55]
اسماك ترقص .. عشاق يتنـزهون في المجهول .. فيما بعض الموتى يصنعون القصائد .
[56]
لكِ الكلمات .. لك الأناشيد .. ولي .. بعض صمت .. يقيني من الضوضاء .
[57]
بعض هذا الأسى ضرورة .. وبعض هذا الوجود جنون .
[58]
لِمَ أتيت مثلما رحلت
بينما هناك قلب لم يرقد بعد .
[59]
دع النجمة تذهب إلى مأواها .. لا تسأل : لم استيقظت ؟
[60]
لا ابحث عن حجارة اكتب اسمي فوقها .. أو كلمات .. أنا ابحث عن بحر يسكن روحي .
[61]
بعض هذا الفرح الم دفين .. وبعض ألمي بلوى أعراس .
[62]
إن ذهبت إليه جئت .. إن لم تذهب فقدت العقل .. فاختر .. أيهما صنوك .. فيما الحكيم يقول : لا تختر شيئاً اختارك .
[63]
لدىّ .. بعض الآثام .. إنما لا تساومني .

[64]
خذ ما أعطيت
إنما دع لي .. بعض ظلام أوقده في الممرات .
[65]
الزنبقة قالت : لِمَ تخجل مني الأشجار
مثلي أتساءل : لِمَ يسرقون خجلي ؟
[66]
المعادنَ تغني .. ليس هذا هو السلام .. هذا بدء اضطراب القلوب .
[67]
ما الشعر إلا موجة تخجل من موجة
ما الشعر إلا قمر لا يوشي بالعشاق .
[68]
بين الآثام .. عثرنا على حكيم .. إنما لا يبحث إلا عن حصى وقناديل .
[69]
يا رب خذ كتابك .. خذ كلماتك .. خذ مأواك
ولا تترك لي إلا صمت أتسلى به عند الحاجة .
[70]
قالت الشجرة : لا تفرح كثيراً .. لا تحزن كثيراً
ولا تكن بين .. بين .

[71]
لا تدع الروح تغادر إن جاءت
.. لا تدعها تأتى إن ذهبت .. كن نفسك بلا أسباب .
[72]
أينما اذهب معي بعض جنون لا ينام .

[73]
دع لي جنوني هذا .. وخذ ما تشاء
هذا هو فراغ ما بين الحروب ..
[74]
انه الذهب ينحني للذهب .. ليس مثلي ..
أنا الأشجار تصطحبني في النـزهات .
[75]
هذا خجل تعلمه الريح للريح .
[76]
حدق .. حدق .. فالذي تراه بضعة أصابع بلا أسرار .
[77]
دع .. متى شئت الصحو يأتي .. إنما لا تسرق سكري .
[78]
أحيانا ً .. لا اعرف لم تولد الأنوار .. منكسرة .
[79]
من قال القلب هدأ .. إذ ْ في المدى نيران رماد
إنها ليست أكثر من لعبة .. إنما .. لِمَ لا تجعلني في المقدمة .
[80]
قالت الشجرة : لا تفرح كثيراً .. لا تحزن كثيراً
ولا تكن بين .. بين .

[81]
لا تدع الروح تغادر إن جاءت
.. لا تدعها تأتى إن ذهبت .. كن نفسك بلا أسباب .
[82]
أينما اذهب معي بعض جنون لا ينام .

[83]
إنها ليست أكثر من لعبة .. إنما .. لِمَ لا تجعلني في المقدمة .
إنها ليست قسوة .. الحياة .. إنها محض مسرات .. إنما بلا مفاتيح ولا أبواب .
[84]
لا تؤذ أصابعي .. إنها نائمة .. لا تفزع روحي ..
هي بلا اسم .. مثل نور في عتمة.فانا:
أستيقظ عندما يغفو الليل .. وفي النهار لا احرس إلا عتمة.

[85]
هذه عصور الإنسان تتبادل مواقعها .. انكسار أثر انكسار .. إنما ثمة أناشيد اثر أناشيد أيضا ً.
[86]
كلمة واحدة لا غير .. تقدر أن تدمر عدوك بها .. إنما هي كلمتك أنت .
[87]
لا يغرنك حسنك إن كنت هكذا حقاً .. لان أعظم الأسلحة فتكاً محض رماد فوق رماد .
[88]
إن أمتلكك الشعر .. عليك إلا تنشده
إن جاءك البرق أعده إلى الأرض
إن أصبحت جميلا لا تدع أحدا يراك
إن أصبحت وثناً عليك أن تتغنى بالغناء
فما من أحد عرف المسرة .. إلا وكتمها
أو أهداها إلى لا أحد
البرية التي لا غزلان فيها لا تشرق عليها الشمس.

[89]
تعلم الفرح من كلمة تكتبها أصابعك .. وإذا طلبت المزيد .. فدع الفرح يعلمك الصمت.
[90]
العاشقات هنّ اللائي سيلدن العاشق .. وهذا الذي تراه .. ليس سوى فضاء بلا أسم.
[91]
لا تحدّث الأمير عن بريق سيفه .. لان أوسمتك آنذاك لا تتوج إلا بالجنائز.
[92]
الذي ينوح عليك .. ليس إلا هذا الذي فوق الورق ..
فأي عزاء ألا تكون هناك كلمات.
[93]
لا تحدث الأعمى عن عتمتك ..
لعله يهديك بعض خيوط النور.
[94]
هل جفت الصحراء لكيّ تستعير مني ما تبقى من الدماء ؟

[95]
في طريقه إلى الموت .. خطاه سبقته إلى الأعالي.
[96]
أدخان أنتمّ أم أمراء .. أزنابق انتم أم أدغال ..
سيان .. أنا كلماتي صمتت .. أنا صمتي كلمات .
[97]
هذه ليست حصاة . . هذه لؤلؤة .. وهذا الذي أمامك لم تنطفئ في مقلتيه إلا الظلمات .
[98]
أنا جريح جمال .
[99]
ماذا تفعل روحي عند كوكب لم يولد بعد
ماذا تفعل روحي عند حبيب غادرني .
[100]
اللهم ابعد عني العقل لعلي أتذكر
اللهم ابعد عني النور لعلي أرى
هو ذا أنا .. قطرة أثر قطرة
أكوّن قلائدي .. وانثرها إلى الريح.