بحث هذه المدونة الإلكترونية

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 9 أبريل 2010

الفنان د غالب المسعودي-بقلم الرائد الراحل جميل حمودي من مقدمة المعرض الشخصي الثالث

الفنان الدكتور غالب المسعودي


عرفته خلال زيارته لدار اينانا للفنون,واغتنت علاقتنا الطيبة حين دعاني لافتتاح معرضه الذي اقيم في مقر اتحاد ادباء الحلة,وحيث وجدت في اعماله انه وجد المنطق التشكيلي الذي يوحد مسيرته الفنية ويرسم الطريق له في بحثه عن اسلوب

شخصي يدل عليه,ولعله وجد ذلك.لكني احس من خلال اعمله الاخيرة يريد اكثر من ذلك.يريد ان يستزبد من اغناء ابداعه

الفني مستهدفا الوصول الى افاق جديدة اكثر تجردا عبر المستوى الرفيع الذي يسعى اليه.مثل اي فنان يؤمن بمسعاه الابداعي.

ويعجبني في هذا الفنان انه مثقف يمتزج عنده الفن بالعلم حيث انه طبيب ومتمرس بالشؤن الجراحية لهذا الفن العلمي.

وليس هذا فحسب انه شديد الاهتمام بالثقافة وخصوصا مايتعلق بالحضارات العراقية القديمة والتاريخ وليس ادل من ذلك

انه خصص مطبوعا كتب فيه ما اسماه>خواطر حب الى ايساكيلا< وايساكيلا هو المعبد الكبير في بابل وكانت الزقورة العظيمة والمشهورة قد شيدت في وسطه.

وفي هذا المطبوع يكتشف القارىء كل الهواجس الرمزية والحضارية التي ظلت تجتذب غالب المسعودي وتضعه متطلعا

على سلالم الزقورة الثقافية التي منحته امكانية ممارسة العلم والفن معا.فيعبر باللون عما يوحيه اليه العلم والحياة.

ويحقق بالتقنية عما يتعايش في نفسه من انفعالات واحاسيس فنية.هذا هو الفنان الطبيب غالب المسعودي الذي اقدمه لكم اليوم في قصائد تشكيلية ترتل من فوق تلال بابل ليتردد صداها جميلا في دار اينانا للفنون في بغداد

جميل حمودي

الأربعاء، 7 أبريل 2010

الجسر-----الخورنق والجنائن المعلقة-بقلم حامد كعيد الجبوري



الجسر ...الخورنق والجنائن المعلقة!!!!

حامد كعيد الجبوري

يتحدث التأريخ أن أحد ملوك بابل تزوج من إمرأة ليست من دياره البابلية فأصيبت بمرض الكآبة حنينا لديارها السابقة ، وبما أن ديارها السابقة جبلية تشتمل على حدائق غناء وجبال عالية مكسوة بالخضرة ، لذا أمر ببناء قصر على مساحة كبيرة من الأرض ببيئة تشابه بيئة أهل زوجته ، فعمل المهندسون جبالاً عالية وزرعوها بالأشجار وواجهتهم مشكلة إيصال المياه إليه ، نادى منادي داخل المدينة لمن يستطع إيصال الماء فله هدية مجزية سنية ، وفعلاً تقدم أحدهم بمشروع ناجح وأوصل المياه لهذه الأشجار فبسقت مناطحة للسماء ،وسرت الزوجة بقصرها المنيف الذي أشبه ديارها السابقة ، وأطلق الملك على قصره ( الجنائن المعلقة) وهو غير بعيد عن مركز مدينة بابل ، والملك البابلي هو الملك نبو خذ نصر ، وسلطان آخر حدث له ماحدث لنبو خذ نصر فأبتنى قصر الخورنق مستعيناً بمهندس زمانه (سنّمار) ، وأكمل المهندس المسكين القصر على أجمل مايكون ، شرفات تطل على حدائق ومسابح ، غرفا تبرد صيفاً ومعتدلة الحرارة شتاءاً دون وجود ما يبردها أو يدفئها -حيث لم تبتكر نعمة الكهرباء التي حرمنا منها منذ أمد بعيد وستصبح منجزاً أو فتحاً لا يباريه شئ لمن سيعيدها لحالها السابق- ، حينما أستلم السلطان القصر من مهندسه (سنمار) وطافا بأرجائه المعمورة بُهر السلطان بهذا المنجز وسأل المهندس ، هل يمكن أن تبني قصراً أفضل منه لاحقاً ؟ وهل أن للقصر هذا عيوب داخلية أكتشفها المهندس قبل نهاية بناءه له ؟ أجاب المسكين (سنمار) ، نعم مولاي يمكن أن أبني أجمل وأفضل منه لو تيسرت السيولة المالية لذلك ، وأضاف المهندس لسلطانه قائلاً ، هناك آجره وضعتها بمكان ما من القصر لو تحركت من مكانها لتهدم القصر بكامله ، أصيب السلطان بخوف شديد وحدث نفسه قائلاً ، ماذا سيحدث لو أخبر المهندس أحداً بذلك ، ثم ماذا سيحدث أن أختلف السلطان مع هذا المهندس ، أنها معادلة صعبة ستجعل حياة السلطان بخطر كامن









دائم ، وفكر السلطان كثيراً بذلك وسأل ( سنمار ) قائلاً ، هل عرف أحد بمكان هذه الآجرة ياسنمار ؟ أجاب المسكين قائلاً كيف أفعل ذلك يامولاي ، أبتسم السلطان إبتسامة عريضة وقال لسنمار دلني على هذه الآجرة أيها المهندس الأمين ، وبعد أن عرف بمكان الآجرة قال السلطان أني أجد في أحد شرفات القصر عيباً أريد منك أن تصلحه ، قال ( سنمار ) على الرحب والسعة مولاي ، وما أن وصلا لتلك الشرفة وكان السلطان مستعد لتنفيذ مخططه ، وضع السلطان يديه بظهر (سنمار) وبكافة طاقته الإجرامية دفع (سنمار) من ذلك المكان الشاهق وسقط للأرض جثة هامدة ودُفن سر الآجرة معه .

كل هذه المقدمة بسبب جسر تقاطع (الطهمازية ) في محافظة بابل المحروسة الذي بني بكلفة (17) مليار دينار عراقي بناه أحد المهندسين حفدة المهندس (سنمار) والمهندس الذي بنى الجنائن المعلقة ، كل الذي يمكنني قوله أنه جسر (يخرب من الضحك) وشر البلية مايضحك ، فالقادم من الديوانية أو النجف متجها صوب العاصمة أو كربلاء سيجد أن للشارع العام مسارا غير مسار الصاعد لهذا الجسر وما على سائق السيارة إلا أن يحول مقود سيارته ربع دورة يسارا تقريباً لكي يسلك طريق الجسر ، أنه السنمار الجديد و لا نعرف مكان الآجرة التي وضعت في الخورنق العتيد لأصطياد السيارات وهذا ما لا نتمناه ...للأضاءة .... فقط .

يمامة الرسام -بقلم د علي عبد الامير صالح-رسوم د غالب المسعودي-القسم الثالث

.


نعم , فالحاضر يجود علينا يومياً بالمآسي والكوارث والفواجع .. والكوابيس .. وتعذر عليّ في الشهور التسعة التي أعقبت الحرب أن أغادر محترفي .. الواقع كان محترفي ومسكني في آن , وربما يجدر بي ان اقول صومعتي , مختلاي , مأواي .. غالباً ما أمضي فيه أياماً معدودات من دون أن أغادر .. اشتري حاجتي من الطعام , والتبغ , ومواد الرسم .. وأبقى أمارس طقوس حياتي اليومية التي تشبه , ربما , طقوس الحياة اليومية لملايين العراقيين , الذين يعيشون مثلي على شفير اليأس , والاحباط , بلا ماء ولا كهرباء , ويستنشقون مثلي , ايضاً , دخان العجلات المحترقة , وروائح الاجساد المتفحمة في السيارات , الفنادق , المدارس , مطاعم الاكلات الشعبية ..

نعم , مرتين فقط , اذا لم تخني الذاكرة , حضرت افتتاح معرضين تشكيليين لرسامين شبان توهجت فهيم الحماسة , باعوا اغلى ما يملكونه واشتروا مستلزمات الرسم ورسموا ما تعذر عليهم ان يرسموه في السنين الخوالي .

وحتى زيارتي للمعرضين , اللذان كانت إقامتهما , في ظروف معقدة كظروفنا , مغامرة جريئة , لا بل قل بطولة فذة , لم ألتق بامرة أو فتاة تشعل فيّ حريقاً لذيذاً , توقظ حواسي المعطلة .. على نحو ما فعلت هذه المرأة التي حدست ان عمرها يتراوح بين الخامسة والعشرين والثلاثين .. شاء القدر ان تزورني في وقتٍ كنتُ فيه اهفو الى انثى حقيقية , انثى اطوقها من الخلف , واستنشق عبير شعرها , شعرها البليل .. وامرر شفتيّ , شفتيّ الظمآنتين الى ريق امرأة على خطوط عنقها , شرايين واوردة العنق , واشمن عطرها الأخاذ الذي تضوع من رقبتها , ترقويتها , ابطيها , نهديها .. امرأة تقاسمني عذابي , ألمي , عزلتي , توحدي , لوعتي , يأسي , مرارتي .. وحتى غضبي .. غضبي ونكدي .. وكراهيتي لكل اولئك الظلاميين الذين يريقون الدم من دون وزع ..

سيطر عليّ فضول لمعرفة اسم المرأة , وعنوانها .. من أين جاءت هذه السيدة ذات للاناقة الباريسية , والى اين ستغادر بعد زيارتها لي .. وأولاَ وقبل كل شيء : لماذا جاءت اليّ .. ولماذا اختارتني من بين عشرات الرسامين الذين انزووا وورشاتهم الكئيبة , نصف المعتمة .. بعد ان كان بعضهم يرتاد المقاهي ويرسم على الرصيف او في الساحات العامة .. يرسمون منظرهم الطبيعية , لوحاتهم السوريالية , التعبيرية , الانطباعية الرومانسية .. او ما شاء لهم من الرسوم .. والتخطيطات .. وربما اتفقوا مع موديلات لهم كي يرسموهن على وفق ما يشتهون هم , او على وفق ما يرغبن .. او ربما على وفق ما يشتهي الإثنان .. لأننا , معشر الرسامين والنحاتين , نعرف ما هو الشكل الاجمل للبورتريه , او الوضع الافضل الذي ينبغي ان تتخذه الموديل اثناء وقفها او جلوسها .. هل تسند ذقنها براحة يدها الكأسية , ام تبقيها في حضنها على نحو ما تفعل , عادة , معظم الموديلات .. هل تضع وردةً خلف اذنها , وهل تمسك بمروحة يدوية .. الى ذلك نقول , ان بعض الموديلات يتوضعن لقاء اجر بسيط يتفقن بشانه مع الرسام , وغالباً لا يتقاضين غير وجبة طعام بسيطة مع قبلة على الخد او مصافحة باليدين .

نسيت ان اقول ما ان شربت قهوتي حتى وقعت تحت اغراء رسمها عارية . عارية تماماً .

لا أدري لماذا خطرت ببالي هذه الفكرة . ابسبب جاذبيتها الانثوية , غنجها , ام بسبب حركتها الايروسية ؟

والحق يقال انني قلما طلبت من احدى موديلاتي ان تخلع قطعةً من ثيابها .. لم اجرؤ على طلب ذلك , ولا حتى التلميح به .. كانت الموديل نفسها هي التي تخلع بلوزتها او ترفع ذيل تنورتها وهي تلف ساقاً على ساق .. ولابد ان انوه هنا ان بعض تلك الموديلات كن فتيات بائسات الا انهن لعوبات .

شربنا كوبينا صامتين .. كانت العيون تتكلم أما الرسام وزائرته فكانا يلوذان بالصمت .. كل منا أراد أن يفتح الآخر نافذة الكلام . وبقيت أتأمل جمالها الأخاذ , نعومة بشرتها , أصابعها الطويلة , الممتلئة نوعاً ؛ اماهي فراحت تتفحص لوحاتي المعلقة على الجدران وتلك الموضوعة على البلاط والمركونة على حائطين متجاورين تقشر كلسهما من جراء الرطوبة ..

بقينا صامتين على مدى لحظات .. تبادلنا النظرات المتواطئة , مكتفين بمتعة الصمت وبلاغته .. هل كانت تنقصني الشجاعة ؟ وهل كانت تنقصها الجرأة ؟ ان لم تكن جريئة وواثقة من نفسها فكيف استطاعت المجيء الى مشغلي , وغامرت بالخروج من مسكنها في طقس ممطر , وفي ساعة , مع انه لم يمض على مغيب الشمس سوى وقت قصير , كانت الشوارع والطرقات تخلو فيها من المارة وأغلق اصحاب المحال التجارية مخازنهم . الا تخشى هذه الحورية الجميلة ان يتم اختطافها ؟ ام ان اصرارها وعزمها هما اللذان جاءا بها الى هنا متناسيةً الوضع الامني السيء ؟

يبدو ان زائرتي الباريسية مشت نحو قدرها .. من دون ان تكترث لأي شيء .

هل جاءت لتتحرش بي عبر دلالها الانثوي , وجسدها المبهج للحواس ؟

هل جاءت لتستفز حواسي المعطلة ؟

هل جاءت لتحرك في الرغبة في رسمها عارية , مع انني رسمت عشرات الموديلات من دون ان يطرأ على بالي يوماً , او تحدوني الرغبة , في رسم احداهن مجردة من الثياب , ولا حتى نصف عارية ؟

هل جاءت لتشعل نار التحدي كي احرق كل لوحاتي المحتشمة وابدأ مرحلةً جديدةً من حياتي الفنية , من خلال رسم النساء عاريات تماماً ؟

هل جاءت لتعبث بي , لتدمرني , لتستفز شوقي المؤجل , ذكورتي , موهبتي الفنية , بحضورها الانثوي الطاغي , جاذبيتها , حضورها الجسدي والروحي ؟

هل جاءت لتقضي على احزاني السرية , وتبدد قنوطي الذي شرعت غمامته السوداء تغلف فؤادي الكسير ؟

هل جاءت لتزرع فيّ بذرة حب جديد , بعد ان منيتُ بخيبات امل مريرة من جراء مشاريع الحب الفاشلة ؟

هذه الاسئلة خطرت ببالي وهي تجلس قبالتي على اريكة عتيقة لا تبعد عن مقعدي سوى مترين لا غير .. أريكة حديد تآكل تنجيدها من طرفيه .. ثم لفت زائرتي ساقاً على ساق فرأيت جوربيها الاسودين , المخرمين .. ذلك النوع من الجوارب المزخرفة , المليئة بالثقوب التي ربما ابدعتها , ايضاً , مخيلة مصمم ملابس فرنسي .. ولم لا تكون مصممة ؟ نعم .. ربما تكون السيدة شانيل نفسها التي كانت تنصح المرأة بأن تغادر كل يوم بيتها وهي بكل أناقتها , وكأنها ستلتقي ذلك اليوم بالرجل الذي سيغير حياتها !!

خطر ببالي , آنذاك , ان أرسمها عاريةً تماماً الا من الجوربين الأسودين .. اغلب الظن ستكون لوحة رائعة لأن بشرة زائرتي البيضاء ستبدو أكثر سطوعاً وأكثر جاذبية ؟

هل فكرت يومئذ براسبوتين , ذلك الراهب الروسي الذي كان يجرد عشيقاته من ثيابهن ويبقي جواربهن السود فقط ؟

فكرت في قرار نفسي : من تكون هذه المرأة المشبوهة ؟ ما إسمها ؟ ما إسم عطرها ؟ هل ينبغي لي أن أسألها اولاً عن إسمها , ومن ثم عطرها أم العكس ؟ هل جاءت لتتوضع قبالتي ؟ هل عملت موديلاً لرسام غيري ؟ هل تعرت أمام رجل : زوج , عشيق , رسام , نحات , طبيب, ممثل سينمائي ؟ ام انها جاءت لتمتحن رجولتي , شجاعتي , نزقي , موهبتي الفنية ؟ هل جاءت لتطلق رصاصة عليّ من مسدس كاتم الصوت تخبؤه في جيب معطفها الجلد أو في حقيبتها اليدوية السوداء أيضاً ؟

هل كان مجيئها نوعاً من المجازفة أم ضرباً من الجنون ؟

هل كان مجيئها غوايةً تقوم به امرأة لعوب كي تطلق عليّ النار أخيراً ؟

هل تعطلت قدراتها العقلية , لتنوب عنها حواسها , غرائزها .. وهي التي تشي حركاتها الايروسية بشبق قل نظيره ؟ لا أعرف الى أي محطة نائية قادني قطار الأسئلة .. ف (( الأجوبة عمياء .. وحدها الأسئلة ترى . ))

كان واضحاً انها تعرفني حق المعرفة , وتعرف عنوان مشغلي .. وحين نهضت من الأريكة وجعلت تتجول في محترفي متأملة لوحاتي ومشيرةً بسبابتها الى هذا الشكل أو ذالك , شعرت انها زائرة مزمنة لمعارضي الفنية العديدة التي اقمتها خلال العقود الثلاثة المنصرمة . وأنا أقصد المعارض الشخصية , ناهيك عن المعارض المشتركة مع رسامين آخرين في مناسبات كثيرة .. لا بل خطر ببالي أنها عرفت عدداً من موديلاتي من الفتيات والسيدات اللواتي كن يواظبن على المجيء الى مشغلي كي أرسمهن لقاء أجور زهيدة .. الواقع هؤلاء النسوة لم يكن يأتين طمعاً بالنقود الشحيحة التي كنت أعطيها لهن لقاء الجلوس أمامي أياماً معدودات .. بل لأنهن لا يجدن ما يشغلن به وقت فراغهن , وكن يبددن ضجرهن ويتظاهرن بالتخلص من أحزانهن خلال مجيئهن .. ويسعدن بالتعرف الى فنان يخلدهن في لوحةٍ تصبح علامةً بارزةً في تاريخي الفني ويصورها المصورون الفوتوغرافيون بكاميراتهم العادية , أو الفيديوية , أو حتى كامرات الدجيتال أو أجهزة ( الموبايلات ) .. على أن بعضهن كن يصرن على عدم تقاضي أي مبلغ من المال , بل يلححن على إقتناء اللوحة ( أو نسخة منها في الأقل ) فور انتهاء المعرض.. وهكذا أكون مضطراً للصق كلمتي (( ليست للبيع )) في الزاوية السفلى اليسرى للوحة .. مع أنني عرفتُ , ذات يوم , أن أحداهن أضطرت ذات يوم الى بيع لوحةٍ لها الى تاجر أعمال فنية في ( الكرادة ) كي تشتري فيستاناً انيقاً كي تلاقي الرجل الذي سيغير حياتها , كما نصحت السيدة شانيل بنات جنسها , لأن ذلك سيحدث حتماً في يوم تكون فيه المرأة قد أهملت هيأتها !!

اذاً , كانت بعض تلك الموديلات يحببن الرسم , وتستبد بهن رغبة قوية في أن يرسمهن واحد من الرسامين المشهورين , وحين يعلقن ذلك ( البورتريه ) في حجرات نومهن يشعرن برضا ألذات , والاكتفاء , وحتى بالتفوق وعبادة الذات .. لأن بعضهن كن مغرورات ونرجسيات.. على أنني عرفت ان أحداهن ظلت أعواماً طويلة تتأمل بورتريها أكثر مما تتأمل صورتها في المرآة . ولهذا كانت تتأمل هيأتها .. ظناً منها أنها ستبقى تلك المرأة الفتنة التي رسمها بالزيت فنان عراقي شاب آثر الغربة , ومشروع يحصد الجوائز الفنية في مدن عديدة بأوربا .


الاثنين، 5 أبريل 2010

قراءة في صحيفة المتلمس-قاسم عبد الامير عجام


قراءة في مجموعة (صحيفة المتلمس)




قاسم عبد الأمير عجام



حين يمتليء الشاعر ثقة بالقصيدة ، يحملها ما يعز عليه من أمنيات وافكار ، واذ يفعل ذلك فلان الشعر والشاعر كائنان فاعلان مؤثران ولذا يحضران في نشوة بناء القصيدة ليتخذها الشاعر معابر او رموزا لقضيته او نولا ينسج عليه فكر قصيدته . وهذا ماتجده جليا في العديد – ان لم نقل ، في اغلب- قصائد الشاعر عبد الأمير خليل مراد التي ضمتها مجموعته الموسومة (صحيفة المتلمس 1999) وإذ يمنح الشعر والشاعر المبدع كثيرا من الثقة طالما حفل بالهم الانساني ويمنحها من الحب ما يجعله يستبطن معاناة الشعر المسؤول والشاعر المبدع لينفذ من خلالها الى معاناة مجتمعه والناس في بلاده لم تجد ذلك في القصيدة التي عنوانها (الشاعر) فقط وانما اكثر من قصيدة ، ففي قصيدة (الشاعر) تلك تجد تمثيلا واعيا لاحزان الانسان العامة والانسان الذي ادركته حرفة الشعر بخاصة 00 ولذا جاءت حشد من الصور والافتراضات اقرب للتمنيات ، وتساؤلات عما سياتي او سيكون وكلها تتساند في تشكيل بنية حزن مهيب لانسان رققته المعاناة واستحال الحلم .

(( عاشق كالذبالة اذتستطيل

وكالنهر في الواحة الوارفة

وزعته المواسم في بيدر الحلم نايا

ودثره الحزن بالامنيات)) ص46

وفي قصيدة ( قطاف) حيث يكثف شاعرنا موجات من الحزن يفتتح نشيده كمن يتخنى بالقصيدة كي تستوعبه او كأنه يخشى عليها الا تستوعب حزنا بتلك الكثافة والعمق . ( باي فم ستقول القصيدة) ويختمها بالتاسي على ان ما يبقى حفنة من تراب هي مزيج من أفضل ما لدى الانسان وان القصائد والرواية هما من بين الافضل الباقي مع (الحروف الهاربة من الأصابع) وحكمة الأب ان ذلك الحضور للقصيدة كفعل للتأثير وللشاعر كمؤثر، في قصائد هذه المجموعة يفسر سر امتلائها بالصور والامال والخيبات التي تقلبنا بينها جميعا في حقول الشوك فجاءت القصائد جدائل من الشعر ان شابتها فضة الحزن فلكي يزيدها بهاء ، هو بهاء الجمر في موقد الصبر المكابر ولطالما قرن الشاعر مجموعته .

هذا الشعر / القصيدة بالجمر الذي يطرز عمرا هو (اقصر من شهقة) .. وحتى حين ينتهي عمر الشاعر فانه يخلي (القصائد سيلا على الطرقات) فالشعر كما يقول في قصيدته المهمة (تقاسيم الناي الاول) ص34-43 (يدرز روحي بناياته – ويوزع في جانحي – هتاف البراءة والامنيات) ولذلك يرى في الشعر القدرة على فهم مأساة الانسان المحاصر بالحرمان والظلم والتعبير عنها لذا ينادي في قصيدته (صوت آخر) (ايها الشعراء انصتوا للرياح التي – تصرخ الان في هيكلي – وتلم المزامير في شفتي الذابلة) ص22 .

وكجزء مما يحتشد به الشاعر من احساس بالمسؤولية ازاء الكلمة ومحنة الانسان المتشعبة ، لم يكتف الشاعر بالنص على استدعاء الشعر كفعل وانما احالنا في العديد من قصائده الى مرجعيات سامية كان للانسان وخلاصة فيها القدح المعلى ، يتقدمها القرآن الكريم وتتصادى فيها أبيات من شعر المتنبي والمعري ومواقف للنفري وغيرهم .. احالنا أليه بالتضمين او بالنسج على منوال ما يحيل اليه او استحضار صورة او دلالة مما صورته قصائدهم ، فكأنه لا يكتفي بما في شعره الحافل بالحركة من قدرة على بث طموحاته والبوح بمعاناته بل يصرح من خلال تلك الاحالات بالحاجة الى الحكمة المستخلصة من آلام الانسان نفسه ومن تلك المرجعيات .

اكثر من ذلك انه لاهتمامه بالمرجعيات تلك استقى من بعضها ما يمكن اعتباره موجها "قرائيا" افتتح به مجموعته فعرفنا بالملتمس وصحيفته الذي تمرد على مضمونها بعد ان هتك سرها ، فكأنه يدعونا للتقليب في الاوراق المطوية والتردد على ما يراد بنا من سوء المصير . وان شعره ليدعونا فعلا لنقطة تستوعب الظاهر والمخفي . ثم يضع لصحيفته مفتاحا هو ثماني مختارات من (النفري) وبيتا من شعر المتنبي يكفي وحده للإشارة الى ما وراء قصائد الشاعر او الى البؤر التي فجرت تيار شعره . فالحق ان بعض تلك المختارات كان كافيا للتنبيه الى رسالته ففي اختياره قول النفري (يا عبدي اخرج من همك تخرج من جدك) او (اذا تكلمت فتكلم واذا صمت فاصمت) حشد للانتباه وكان له فيه غنى عن غيرها .

نقول ذلك مع ثقتنا بقدرة شعره على ابلاغ رسالته دون تلك الموجهات مع أولى قصائد المجموعة (احتمالات) .. التي بدت حشدا من أحلام حراقة وتطلع مضن الى آت لا يأتي إذ هي شهقة (حلم لم ينته) ما دامت المعاناة لم تتجدد ، فتتجدد عبر مقاطعها العشر قيمة المعاناة مع الإصرار على الحلم بلغة عاشق يعلن عشقه وعذاب صبره من خلال استعارات وكنايات لا ترسم ذلك العشق فقط وإنما تحيل الى مفردات عذابه إذ يقفز القلب (الذي تدوسه حوافر العنقاء) من الصدر (كالقطط المسعورة) واذ يصبح الإعلان عن العشق / انتظار الآتي جنونا يباركه الحالم المأخوذ به .

والحق ان ثنائية الحلم والانتظار ومكابدتهما معا لا تنتهي بالشكل الذي حفلت به قصيدة (احتمالات) فالمجموعة تكاد ان تكون صورا لتلك الثنائية / المكابدة لكن الشاعر لفرط ما اصطلى بها قلبها على جوانبها المعرفية والوجودية فراح يستبطن النفس التي تتشظى بينهما فلا تخذله المخيلة ولا تعجزه الصور . ولذا عمقت قصائده التالية قضية الشاعر تلك بأكثر من اسلوب من خلال مناجاة رسم جزء من لوحته متنقلا بين ضمير المخاطب وأنا المتكلم عبر الوصف كما في قصيدة (مسافة) وبالسرد بجمل فعلية يحركها الفعل المضارع او يعيدنا اليها فعل ماض ، وبجمل اخرى اسمية يرسم أجزاء أخرى . ودائما يقودنا الى لوحته عبر استعارات وتكوينات تنبذ المباشرة والتقرير واضعا القارئ على جناح الشعر . يستعير عطش الطائر ، مثلا ليقنع به لهفة النفس الى ما يوالف ما بين الجمرة والانداء (قصيدة أكمه) وفي قصيدة (ايماءات بعيدة) صار الخوف يرتدى وللحلم أرجوحة يتفيأها العاشق ، (والرمل يستسقي ناي مواجعنا) – قصيدة الأرجوحة .

على ان الحلم الذي يشكل بنية اغلب قصائد المجموعة لا يأتينا مجرد مكابرة في وجه الرداءة وانما نستشفه من خلال تقليب الشاعر في أشواك تلك الرداءة التي تثير في المتلقي حزنا هو بعض الحزن الذي يتخذ صورة مهيبة وهو يتنقل بين مسببات الحزن والوانه فتنعقد القصائد أو بعض مقاطعها مرثيات أو ألحانا حزينة كذلك الحزن الشفيف في قصيدة الشاعر وبذا تأتي (صحيفة المتلمس) .

هذه صوتا صافيا لعبد الأمير مراد بين ضوضاء الكتابات الغارقة في دروب العتمة واللاتعيين واستعراض اللعب اللفظي ونؤكد أن امتلاء الشاعر / الشعر بقضايا مجتمعة لا يمنع أبدا قصيدة جميلة تضج بالحركة وتتصادى بين ثناياها عواطف ومعان تدعو المتلقي ليتواصل معها ، فيتواصل ولا تخيبه القصيدة .

ولعلها لذلك .. ولكل ما فيها من جماليات بنائية أخرى هي التي أغرت فنانا مبدعا هو الرسام الطيب غالب المسعودي بأن يزين المجموعة أو يشارك في متنها بعدد من لوحاته التي ألصقت صورها الفوتوغرافية بين ثنايا الديوان . وهي لوحات تشكل مجموعها اشتغالا فنيا لا يستبطن معاني القصائد ودلالاتها فحسب وانما تنفتح كل لوحة منها على آفاق انسانية فكرية تحتفل بها لذاتها وتصلح لبثها حتى لو عرضت لوحدها . وهي أيضا تمثل مرحلة جديدة في تطور هذا الفنان المثابر بعد المرحلة التي رأينا تجلياتها في معرضه الفني الأول الذي رافق الحلقة الدراسية التي أقامها اتحاد أدباء وكتاب بابل (7-9 مايس 1999) في الحلة لدراسة عطاء الناقد الراحل عبد الجبار عباس إذ اصبح لكل لوحات المرحلة الجديدة سمتها الخاصة – موضوعها وسمة عامة تجمعهم بلوحات المرحلة وهي سمة تمنحها نكهة عراقية لا من خلال النوافذ الملونة المقوسة فقط وانما ايضا من خلال لوحة صغيرة أشبه بالختم داخل اللوحة هي كتابة عربية بالحرف المسماري وهي جزء من مشروع آخر للفنان غالب نفسه يوظف الرسم المسماري في الكتابة العربية بشكل جديد .. واذ تعيد تلك الأختام كتابة بعض سطور القصيدة فإنما لتجعل اللوحة بمجملها اعادة لدلالات القصيدة بلغة التشكيل بعد أن أقامها الشعر بالكلمة موسيقى التفاعيل .

يرى المتأمل لهذه اللوحات أنها جميعا عبارة عن هيكل بشري مجرد من كل سواه لكنه متحرك بما يستبطن من دلالة القصيدة ، ودائما بجناحين .. مجسدا ثنائية الحلم / الانتظار بطريقة تجعل ذلك الهيكل الناحل اختزالا للجوهر الإنساني في اغترابه ومعاناته خاصة وان يأتي بكل حالاته (منطويا ، متحفزا ، قائما) شفافا وكأنه بلا لون بينما تمثل اللوحة (الأزرق – الأحمر – الأخضر بمختلف درجاتها وتداخلاتها) خلفية له تجسد غربته هي لوحات – معرض فني تستحق كتابة قائمة بذاتها .. أما وقد جاءت تشارك المتن الشعري فقد وضعتنا في لحظة عناق بين القلم والريشة وتؤكد عناقا آخر بين العلم والفن تشكيلا وشعرا في صنعة الشاعر والطبيب الرسام لتكون ثمرة أخرى من ثمار هذه المجموعة الشعرية الحافلة بشفافية الحزن الإنساني وهيبته المستمدة من مكابرة إنسان يرفض أن يكسره قهر الرداءة والحرمان .

الأحد، 4 أبريل 2010

قاعة ود للفنون في الحلة

افتتحت في مدينة الحلة قاعة ود للفنون بادارة الفنان الدكتور باسم العسماوي التدريسي في كلية الفنون الجميلة -جامعة بابل
وتضم القاعة اضافة الى قاعة العرض التشكيلي ملحقات اخرى المكملة كقاعة للعروض السمعية والبصرية وقاعة محاضرات وجناح لعرض المستلزمات الفنية الخاصة-القاعة كائنة في مدينة الحلة شارع40 -حي شبر