بحث هذه المدونة الإلكترونية

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 1 نوفمبر 2011

الشاعر العراقي سلمان داود محمد-حاوره في بغداد : عبد الامير المجر


الشاعر العراقي سلمان داود محمد :
____________________________

أنا إبن هذا العدم العراقي المبين الذي يتسع وبحنان فادح للملائكة والقوادين معا ً .. !!

حاوره في بغداد : عبد الامير المجر

تميز العقد التسعيني المنصرم بظهور جيل شعري اتسمت نتاجاته بما يمكن تسميته طرح الاسئلة المربكة ، وذلك بسبب هول ما عاشه هذا الجيل من خرابين ممتدين يبدآن بذات الشاعر المعذبة وينتهيان أو لا ينتهيان بخراب محيطه ، الأمر الذي إنقسمت فيه إبداعات هؤلاء بين السوداوية والنكوص برغم ما فيها من شعرية وبين السوداوية التي تضمر إجابات ربما ذاتية محضة أو ذاتية تتموضع بتعميم السؤال واشراك الآخر بطرحه من خلال النص، وإجابته أيضاً كمعطى مضمر بمقولة النص نفسه، والشاعر سلمان داود محمد يعد من وجهة نظري من النوع الثاني، فبالرغم من أن نتاجه الشعري بشكل عام مجلل بالسوداوية لكنها تأتي في النص لتتستر على معنى يركلها أو يثور عليها لاسيما نتاجاته بعد الاحتلال التي تستحق أن تقرأ مرتين .. ولعل أبرز ما يميز سلمان داود محمد هو عصاميته التي لا تحتاج الى شهود وخصوبة عقله ما أتاح له باستمرار أن يتواصل مع الآخرين سواء أكان يتفق معهم في الرؤى أو يختلف لينضج "حواراً" مع الجميع وكذلك إستطاع "الجميع" من خلاله أن يطلعوا عليه أو يعرفوه وبعد ذلك فهو غير معني بشكل الحكم الذي يصدر بحقه . وبما إني من المختلفين "إجرائياً" معه وقد اكون متفقاً معه تماماً في "نهجه" الذي دلني عليه وربما دله عليّ لذا آثرت أن اغتنم الفرصة لأتوسع معه بحوار قد يعني الآخرين وهذا ما حصل ..

* صف لي مكانك الآن، وأين تقف في هذا الخضم المتلاطم . كي أهتدي اليك.. لنتحاور؟

- دعني في البدء أن أرتعش قليلاً، ذلك أن الخوض في مفهوم "المكان" يستوجب ذلك في تقاليدي الشخصية، بخاصة وأنا في "العراق" أو تحت وطأة هذا "الكانسر" الذي لا فرار منه وهو المتلاعب بالمصائر كيفما اتفق، فما زال يتناوب على حياتي بنقيضين من الأفاعيل، فمرة أراه قصاباً بارعاً لجسد الكلام ومرة أراه الباعث الإستثنائي لإستعادة ما مات من البوح في الآن نفسه، حدث هذا ويحدث راهناً وسيحدث حتماً في تمام الآخرة وما بعدها.. إذن أنا هنا.. أي في مكان يتسع وبحنان فادح لحشد من الملائكة والقوادين معاً، أو لجباة الدم ليل نهار، وبسالة اللاهثين في رد الضرر عن الحالمين بدفتر مدرسي أو كوب حليب أو وردة آيلة للعبق من جهة أخرى، هذا يعني أن لا فرق هناك بين إيواء أسراب من ذباب الإستبداد المفولذ سابقاً وعسليات الغزاة الزقومية لاحقاً، إن هذا الوئام الشنيع بين المتناقضات ورسوخيته في مسقط الرأس جعلني لا أفرق أيضا بين آليات "أمهات المعارك" و"القادسيات" و"نقرة السلمان" وسواها في إنتاج الضحايا، وبين غزارة "الميليشيات" و"دائرة الطب العدلي" و"الهمرات" و"الثأر القبلي" وغيرها في إعادة انتاج تلك الضحايا في الوقت الراهن .. الخ ..
لذلك أقف الآن في عز هذا العدم العراقي الجليل، فهل تستطيع ان تهتدي إلي لكي نتحاور ـ كما تقول ـ وكل هذه المبيدات القامعة للقول بيننا..؟

* أعتقد أننا نستطيع أن نتحاور، خاصة وأن موضوعنا الآتي سيخوض في آفاق المسألة الثقافية، وأرى أن هذه المسألة تقع في صلب إهتمامك بوصفك مثقفاًً عراقياً وشاعراً، فأسألك عن المشهد الثقافي العراقي بين عهدين ، كيف وجدته..؟

- تجدر الإشارة أولاً الى أن ما سيرد من أقوال على لساني في هذا النقاش لا يتبوأ بالضرورة مكانة الناطق الرسمي أو المخول الاعلامي باسم اصحاب الشأن الثقافي او غيره انما هي تفوهات صدر موجوع يريد الوقاية من اعراض التدرن "الرؤيوي" الذي فرض بخشونة الترهيب ونعومة الترغيب وعلى مدى "عهدين" على رؤوس المتضررين" كما أن مفردة "عهدين" الجاحظة من سؤالك أراها تمتد ـ زمنياً وعملياً ـ من أول دبيب للانسان على الارض وحتى الساعة، لذلك أرى أن العهدين المشار اليهما هنا هما في حقيقة الامر "عهد واحد" حيث شاءت التحولات "الفيزيقية" أو "الميتافيزيقية" ربما أن ينشطر على نفسه الى إثنين وذلك في التاسع من نيسان/ 2003، لقد أنجب الماضي طغاة من الطراز "الصغير" و"المتوسط" حتى تبلورت هذه الطغيانات بحكم العادة وإنشغال الرعية بالإختلاف على "غرة شوال" الى "دراكولا" واحد لا شريك له ومن طراز (لارج×××) الذي تم "تفكيكه" في التاريخ الوارد في إعلاه، ثم أتى الحاضر الملقح بنطفة "التغيير" لينجب هو الاخر "دراكولات جدد" توزعت على الخليقة العراقية وبالتساوي لتنعم عليها بأكاليل الأسى وبيادر الخسران
وفقاً لشرعة حقوق الناس "الفلكلورية" والإستحاقات "الديمقراطية" الفائحة من مطابخ "الدستور" الذي ولد وترعرع في كنف المصالح الفئوية وإعوجاج النظرة والأحلام التي يراد لها أن تكون من البنفسج "الحزبوي" لذلك إنعكست هذه الوقائع بألوانها الشاحبة على "قيافة" الثقافة العراقية، وكلمة "قيافة" هنا تحدد مقدار السوء العام الذي نال من الشكل العمومي لهذه الثقافة ولكن ظلت الروح التي تتوارى خلف هذه الأسمال محتفظة بسطوعها ونظافتها ومثابرتها على الإبتكار وحماية الجذر التأسيسي لها إتصالاً مع فكرة مفادها: إن لكل ثقافة رفيعها ورقيعها، والفارق بين الإثين "نقطة" كما ترى... وهذا يؤكد بالوقائع الدامغة أن الثقافة العراقية البتول قد أصابها الأذى الكثير من ضحالة الدخلاء ووساخة الأدعياء ودناءة المتاجرين على حساب عفافاتها وديمومتها التي بلا حدود وليس أخيراً على خصوبتها المعرفية التي كانت ولم تزل والى يوم يبعثون الدرس الابلغ في جمع شمل الجمال والعدالة والأبدية في ملكوت واحد إسمه "العراق" الذي تدربت على حروفه النورانية أبجديات العلم وازدهرت على الرغم من تعاقب العهود المأفونة وسلاطينها عليه، فربما لا تستطيع الثقافة العراقية الطاهرة الآن أن تعيد ذريتها المبدعة الى رحمها من جديد، بدعوى الحفاظ عليها من السوء المتفاقم حاضراً، ولكنها تستطيع وبإتقان كيف أن تضع مثقفي "ضرب السره" في الأماكن المخصصة لجمع النفايات ...

* متى بدأت مغامرتك "المهلكة" مع الكلمة، وكيف..؟!

- إن سؤالك هذا يستدعي رائحة تلك الساعات الاخيرة من الإجازات الدورية وما تنطوي عليه من إكتئاب خاكي، كما يستجلب أيضا ذلك السرد الممل بصدد "العلة" المسماة "الكتابة" التي لا شفاء منها ولا نهاية لها، حيث كانت بداية المغامرة مع الكلمة مؤطرة بفضاءات الوعي المتشكل من القدرة الابتدائية على إنتاج الأسئلة وفقاً لحداثة العمر آنذاك والإحساسات الخام أمام مجريات حياة باهظة الأحداث وجسيمة الأثر على طفل لم يبلغ بعد من إقناع "الكبار" بسؤال مؤداه:
...بماذا يضر " البالغين" لو تركونا نضع النقود المعدنية من فئة الـ"خمسة فلوس" على قضبان سكك القطارات المارة بمحاذاة بيوتنا حينذاك، ماذا يضرهم عندما تتحول حجوم الفئات الصغيرة من العملة الى فئات أكبر قد تصل الى حجم فئة "الدرهم" مثلاً بفعل مرور عجلات "الفاركونات" عليها وبالتالي ستتقلص مساحة الفقر لدى الفقراء ويتفشى الرخاء في أرجاء الحي والوطن من جراء تلك الفعلة "القطارية" التي يكمن في "دهستها" تكبير الفئات النقدية وتحقيق أماني المحرومين.. ولكن.. ياللعار.. لقد أدركت مؤخراً أن "الكبار" كانوا على حق، لاسيما وأن القطارات قد أكلت بانياب خطاها "الطرة" و"الكتبة" وفقدنا رؤوس أموالنا والامال، ومدت الفاقة لسانها ساخرة من تكدس خيبة الأحلام على أرواحنا، أرواحنا التي إستغرقت طويلاً في غباءات النوايا الحسنة.. النوايا الحسنة، التي أفضت فيما بعد الى قطارات جديدة تذهب سريعاً بالنفط الى "الآخرين" وتعود بطيئة وحبلى بالحنطة المسمومة وجرحى الحروب ومستحضرات لتجميل الهزائم .. هكذا كنت أتمثل هذا الدرس للمرة الاولى وأكتبه بلغة ركيكة وبإحساس بليغ لا يقل ركاكة وبلاغة عما يجري الآن في بلاد القطارات التي لا تنتهي ..

* بعد ثلاث مجموعات شعرية ومثلها مخطوطات وغيرها قيد الإنجاز، هل تعتقد انك قلت ما تريده حتى الآن..؟

- أنا مع أطروحة الأخ "فان كوخ" التي تنص على أن "الأحزان باقية ما دامت الحياة" وعليه لن يتوقف الفعل الشعري بإعتباره ـ حياة ومدونات ـ ولكن ثمة فاصل بسيط بين الشعر والأحزان، إذ أن الأحزان تزول بزوال أسبابها بينما الشعر إتخذ من الزمن إمتداده ولا نهائيته على الرغم من أن الشاعر كائن قابل للموت الذي شرعته الآلهة وتداوله العامة مع فائق الأسف، ولكن ليس بمقدور أحد أن يمحو الشاعر وأثره من ذاكرة الوجود حتى لو كان المحو هذا بواسطة ممحاة نووية أو مقدسة ذلك أن الأثر الشعري الحي يدل على حياة منتجة بمنأى عن الظلم الكوني الذي جعل من الشعراء نزلاء حفر مغلقة إسمها "المدافن" فاستناداً الى هذه البديهيات أقول : أنني وعبر ما أصدرته من أعمال شعرية وأدبية و غيرها قد أفصحت عما كنت أريده تماماً وما زلت، بصرف النظر عن الأثمان الدنيوية الفائقة التي ما زالت تلاحقني وتشترط على أن أكف عن البوح الشعري ولم أستطع، علماً أن أمراً كهذا يندرج في سياق الشأن الشخصي فلا أحد ملزم بتقديم التعازي او التبريكات فضلاً عن إنشغالي الآن بتأجيج جذوة تلك الأثمان الجهنمية بالتواصل الشعري مع ما أعلنته شعرياً فيما سبق من خلال "غيوم ارضية" و"علامتي الفارقة" و"ازدهارات المفعول به" بمخطوطات أُخر ستعلن عن "واوي الجماعة" و"سعفة كلام" و"هنا بغداااااااااااااااااااااه" وسواها لذلك اؤكد لك يا عزيزي أن المصاب بداء الكلمات لا تخشى عليه من أحابيل كوليرا الخرس ومخالب كاتم الصوت ومستعمرات الخراب النزيلة ـ مؤقتاً ـ في أعالي الكلام ..

* يقول البعض من الشعراء: إن الزمن العراقي الحالي ليس زماناً للشعر .. كيف تعلق على هذا..؟

- بدءاً أرجو أن تتقبل مني فائق المحبة والإمتنان بسبب تحديد الفشل الشعري والإعتباري ثم إرتباطه الوثيق بهذا "البعض" كما أعتقد، فاذا كان الزمن العراقي الحالي بحسب ما يدعون، فأي صفة يمكن اطلاقها عليهم وهم (شعراء) بلاشعر..؟ ماذا نطلق على(الشاعر) عندما نراه يتهالك على إعتناق مهن كان ينبذها ويتبجح بالترفع عنها في زمن قريب منها مثلاً : "المحلل السياسي" أو"السيد الاعلامي" او"الاستاذ لسان حال الاحزاب والقوميات والطوائف والاعراق والمناطقية.. وهكذا: أو"السيد متعهد المهرجانات الثقافية" الذي يتسلسل (رابعاً) بعد أناس لافرق لديهم بين قصيدة النثر وطريقة (لبخ) الوجوده بالمساحيق التجميلية.. وغير هذا الكثر.. لستُ هنا بصدد محاكمة (هؤلاء) أو تجريح مهابة المهن المذكورة انفاً لا، ولكنني اسأل مستغرباً: لماذا هذا(البعض) الصالح لكل شيء إلا الشعر مازال يعتلي المشهد الثقافي ولايستحي؟.. ربما(القرقوزات) الرصينة هذه أكثر مدعاة للضحك في الزمن الشعري العراقي الحالي و.......الحزين ...

*وأخيراً أرجو أن تختتم حوارنا هذا بما يعجبك من القول وبأيجاز على أن لايغضبني...!

- شكراً - أقولها على مضض- لديمقراطيتك المستبدة هذه، وبعد، أقول:
الأمراء فصيلتان:
الأولى مبجلة حررت رقاب العبيد من الجور والتعسف بلا أثر رجعي وانتهى الأمر...، والأخرى ذبّاحة حررت أعناق الناس من أجسادها بـ"شفافية" لاتقبل اللبس وانتهى الأمر أيضاً.. فلماذا أنت إذن"عبد الامير" ولم تزل.....؟؟!! ..

..............
..............

ماذا تعنون بالليبرالية الديمقراطية؟ - راغب الركابي


راغب الركابي

يوجه إلينا في العادة هذا السؤال التراتُبي: ماذا تعنون بالليبرالية الديمقراطية؟ وبماذا تتميز؟ وماهي أهم خصائصها؟، يأتينا هذا السؤال من أصدقاء ومن مخالفين،
ونحن دوماً نجيب عن ذلك بجواب بسيط يرتبط بما هو متبادر وبما هو متعلق وبما تمثله الليبرالية من قيم في الحياة وللحياة، ونحن على الدوام نربط بين هذه القيم وبما يُمكن تحقيقه للفرد وللجماعة منها، ولأننا في العراق وفي المنطقة العربية والإسلامية نعاني من جملة مشاكل وإشكاليات لا نرى في واقع الحال ما يُمكنه إنقاذنا وترميم جراحنا من غير الليبرالية وقيمها في العدل وفي الحرية وفي السلام، لذلك نربط الإزدهار والتقدم بها، كما نربط بها كل حالة تفكيكية وتحليلية للواقع وفيماهو نافع وغير نافع في حياتنا بها، ولا نبالغ إذا ما قلنا بان المستقبل المنشود والمزدهر مرتبط بها، ولهذا صارت هي الهدف وهي الغاية من الوجود ومن الحياة .
وفي ذلك إنما نجعل من الليبرالية الديمقراطية الشيء المتحرك فينا وفي حياتنا، وكذا المتصل بكل قيم الخير التي نسعى لها، فقيمها ليست إفتراضية أو ذهنية ولا هي نافعة للمستقبل ولا يجوز أن نؤجل فعلها وحركيتها لما بعد التأسيس في كل دولة من دولنا الجديدة، بلى هي حاضرة في ذهن الجميع حتى في ذهن وعقل المناوئين لها أو الظانين بها ظن السوء، لذلك ينتحلون صفات وأسماء من أجل تقريب وجهات نظرهم، بعدما عرفوا إن الشعوب ترفض كل فكر شمولي أو أحادي، وعرفوا إن الشعوب ميالة للمشاركة في صُنع قراراتها، هنا نقول إن الليبرالية الديمقراطية حاضرة في فكرها وفي طريقة تفكيرها التي تطغى على أو في ألسن الجميع، من خلال مفرداتها التكوينية في الحوار وفي الجدل بالحسنى وفي الإيمان بالآخر المُختلف وفي كفالة ذلك وفي تعميمه .
من هنا أقول : إن الإقبال من العراقيين والعرب عليها هو إقبال يرتبط بمصيرهم وحاضرهم كما إنه يرتبط بقيمهم، فليس هناك من حلّ لمشكلاتهم الجمه غير تبني الليبرالية الديمقراطية ليس في العلاج وحسب بل وفي الوقاية، لهذا كان نزوع الناس إليها نزوعاً مندكاً في ومع الطريقة التي يمكنهم فيها ومن خلالها التقدم والتطور، طبعاً قد يقول قائل : لماذا هذا الإيمان بها وبمستقبلها ؟، وأنت ترى إختيارات الناس التي بانت في إتجاه آخر، أقول : نعم هذا صحيح فالطبقات المسحوقة من شعوبنا عانت من الدكتاتورية والإستبداد والظلم، ولم يكن في تخيلها الخلاص من هذا الظلم كما لم يكن في تخيلهم هذا الإنقلاب وهذا التغير، فالجميع كان يؤمن بالمعجزة وبالتدخل الغيبي، ولهذا ربط هذا البعض ما يحدث من تغيير ككونه إستجابة من الغيب لما كان يعانيه الناس، هذا الإيمان ولد نزوعاً عاطفياً مرتبطاً بطبيعة كل إنقلاب أو كل مرحلة إنتقالية من قبل ان تستتب الأمور وتتضح .
فحاجات الناس وهمومهم مرتبطة بالفعل اليومي وطبيعي إن الحكم يكون بناءاً على النتائج، ولأن حال المجتمعات العربية عموماً ستبقى تعيش الألم وتعيش الحرمان، ولأن ما في الواجهة هم أولئك الذين كانوا ولا زالوا يمنون الناس بالحلول السحرية، ولأن ذلك قد أنكشف وثبت إن من هم والساعين إنما هم طُلاب مناصب وكراسي ليس إلاّ، لهذا تبين للكثير أن لا مناص من غير العودة إلى الحلول الواقعية المنسجمة من طبيعة الإنسان ونفسه، تلك الحلول المرتبطة بواقعه وطموحه وأحلامه .
أقول هذا وأنا أرى وأسمع كيف تم لدى الكثير هذا التبدل وكيف تم لهم هذا النضوج وكيف تمت لديهم أسباب كل هذه المعرفة، فالعراقيون وهم رواد هذا الإنقلاب التاريخي في الواقع العربي تلمسوا عن قرب ومن بعد طول معانات وجهد، ماذا يعني لديهم وماذا يعنيهم الوعي والإيمان والإرتباط بالوطن، كما إنهم عرفوا معنى العمل ومعنى التضحية ومعنى ان يكونوا معاً وجميعاً موحدين غير مفرقين، ونقول بإفتخار إننا في - الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي - قد بينا منذ سنيين معنى الإنتماء ومعنى الهوية وكيف يكون التفكير الصحيح الجريء الحر القادر على تسمية الأشياء بمسمياتها، وفي ذلك كنا دعاة للوحدة ولتنظيم الصفوف وإحترام القانون وسيادته في مواجهة الإرهاب والغوغاء وأولئك السفسطائيين وأهل الكلام، فعندنا الإنسان هدف وغاية ومن أجله لابد من العمل الحر النزيه العمل المبدع الذي يؤمن بالتطور سلوكاً وغاية، وعندنا تتميز الألوان وتتوضح الصورة فحاضرنا الذي يبدو غير واضح المعالم عند البعض هو عندنا واضح جلي، لأننا نؤمن بقدرة شعبنا على تخطي كل العقبات والمعضلات لذلك لن يستسلم ولن يخبو ولن يحيد .
أقول : إن القيم الليبرالية التي نفتخر بها ونفاخر تُجسدها تجارب أمم وشعوب تمسكت بها وأنتفعت وتقدمت وطال عودها وأستقام، ولهذا لن نألوا جهداً في أن نجعل منها طريقاً لحياة شعوبنا ومجتمعاتنا، وهذا هو إيماننا الذي نتمثله في الواقع، والذي هو عندنا يعني الحياة الحرة المستقلة المفكرة التي تعتني بالروح وبالجسد، ولأننا نركز على القيم فإننا نركز في الواقع على الأخلاق الليبرالية التي تنبذ الكذب وتحض على الصدق وتعاقب على الجريمة و الظلم، وتدفع لشمائل الأخلاق الكامنة في فطرة الإنسان الغير ملوث والغير محزب في السلوك وفي الإعتقاد .
ونحن في هذا المقال بالذات لا نعرف الليبرالية الديمقراطية تعريفاً معجمياً وكما لا يجب ذلك علينا، لكن الواجب هو التركيز على ما توفره الليبرالية للإنسان في حياته في حاضره وفي مستقبله، و في هذا إنما نبشر بيوم الخلاص من كل عقد الماضي وتخاذله وبؤسه ونكباته، فالعراقيون والعرب اليوم أمام تحد كبير ومواجهة مع النفس ومع الواقع، في أن يكونوا أو أن لا يكونوا، فتحقيق الوجود والإيمان به لن يتم لهم من دون تبنيهم وسيرهم في طريق الليبرالية الديمقراطية، وفي ذلك نكون قد بينا معنى الليبرالية الديمقراطية في وجودها وفي عدمها بالنسبة للعراقيين والعرب في حياتهم وفي وجودهم، وعندما يتم هذا التمازج نستطيع أن نثق بأنهم يسيرون في الإتجاه الصحيح، وأنهم سيحملون نتائج باهرة وأكيدة ستكون لهم ولمستقبلهم، إذ بها ومعها تتم نهضتهم وتقدمهم ورقيهم .
راغب الركابي

الأحد، 30 أكتوبر 2011

المقدس والمدنس وما بعد العولمة-د.غالب المسعودي


المقدس والمدنس وما بعد العولمة
د.غالب المسعودي
(إن غرامي لحبيبتي
يقفز على الشاطئ
وهناك في الظلام تمساح راقد
لكن انزل إلى الماء
ويشتد بأسي
ويكون الماء هو الأرض
وتحت قدمي سواء
فحبها يملا قلبي
وحبيبتي محفوفة بالرقى والتعاويذ)
من أغاني الحب الجميلة في الحضارة المصرية القديمة-بردية-
إن الحديث عن الخطاب المقدس في ثقافة ما وخصوصا في ثقافة العولمة وما بعدها لهو أمر مشكل عدا إننا لانمارس تنقيبا بهذا الخصوص ولذا سيكون هناك نوع من إثارة الأسئلة, ليتبين لنا ماهية المدنس ضمن هذا الخطاب وأول الأسئلة هل هناك من إشكال أو أزمة وما هي تداعيات هذه الأزمة وانعكاسها على الواقع الحضاري لمجموعة أثنية وهل هناك مفهوم حقيقي للسلطة ومصادرها.هناك خارطة دهاليزية للسلطة تعمل في الخفاء وهي مهيمنة إلا أنها غير محددة المفاهيم والتي تتكون من قوى محايثة في التأثير ومتباعدة في المجال يزيد من حدتها الصراعات والمواجهات الفوقية التي لا تنقطع وهذه هي القاعدة التي تحددها تلك القوى-السلطة- بحيث نكون في نهاية الأمر إمام منظومة قد نرى فيها تفاوتا أو أحيانا تناقضا يعزل بعضه عن بعض والنتيجة التالية لها هي تبلور استراتيجيات تمثل الهيمنة الاجتماعية مرتكزة على تفتيت المكان كحاضنة لزمان ما أو سلطة ما. فليست علاقات السلطة قصديه لأنها لاتصدر عن ذات فاعلة بل من هيمنة رمزية وتشبث بالمقدس وإدانة للمدنس والذي بحد ذاته هلامي المعنى وغائم في الدلالة,وبالتالي لابد أن تكون هناك مقاومة إما تلقائية منعزلة أو فاعلة وموحدة وحاضرة وفي كل مكان من شبكة السلطة والحقيقة أننا لا نفهم هذه الشبكة إلا من خلال الرسم البياني لفوكو انه خارطة ويرتبط باستخدام نوعي للشكلانية لتغطي الحقل الاجتماعي كله.
إننا نقرا الأخبار والوثائق والمعلومات ومن ضمنها الأدبيات التي تشكل في مجموعها لغة موجهة للوصول إلى أهداف من خلال استعمال وسائل منها التماثل والمراوغة ثم التشبيه وأخيرا تمييز وتحديد فعالية النظام الذي يحاول أن ينفي العمق الفكري ونفاذ الرؤية عن الأخر ويقود كل هذا إلى ما يتوافق مع رؤيته وهنا يبدأ مجددا بالبرهنة على صحة مقولاته ومصداقيتها بعد أن يوصم الأخر بالمدنس ويرتدي عباءة المقدس.وهنا لابد من معيار لكي لا يمارس هذا المتكأ –المنهج-0 فعاليته بشكل قاعدي,فالتصنيف محضر له في الذهن وان أردنا الغربلة والتمييز نجد أن النظام يشتغل بالضد وبالتالي تجري عملية تصفية ومن ثم يجري تصنيف آخر,ويتخذ هذا المجرى عملية نفس عملية التصنيف السابق من المقدس إلى المدنس من خلال تتابع خط منهجي اركيولوجي وهو النبش في الطبقات الأثرية التي تساند الخطاب واعتبارها ايجابية لحد ما إلى أن تتضح صورتها الحقيقية وهذا الفرز قد اتخذ طابعا انتقائيا لا يتفق مع المنهج الحفري لهذا التاريخ القاتم الذي لا ينطبق فيه الاسم على المسمى لان الخطاب مؤسساتي ومتذرعا بالسلطة سواء كانت رمزية أم مادية وهو بالتالي خطاب دوكماتي عقيم لكنه يقيم في حيز مختار من العقل المسيطر للمجموعة الاثنية وبهذا يبلغ اسما مخيفا بالأقل على المستوى الميثولوجي وذلك باستخدام العبارات الساحرة ونحن دائما عندما نصدر أحكامنا سواء على صعيد اللغة أو التاريخ نعتمد على مقياس استاتيكي وذلك سيشهد إنتاجية قليلة وهو ما يريده الأخر بالتحديد.ولكن الحامل لمفهوم الخطاب هو البرهان سواء في علاقات المفردات آو التناسق الداخلي بين العناصر والموازنة التطبيقية وان كان الخطاب يمنح درجة من العلم في تداولية مهيمنة وجهها العلني مشخصنا وفي بنيانها اللامرئي معنى السلطة وإنها كانت تمارس عزلا واقعيا يختزل كل ما يريد من اجل الحفاظ على سلامة منطقه الداخلي متلبسا مصداقية تاريخية ومعرفية هجينة وحتى وان كانت قائمة على التزييف واختراع مفاهيم كمفهوم العقوبة الضابطة والجزاء المصغر الذي يسهم في تعزيز المراقبة والمعاقبة الذاتية وهذه خاصية المجتمعات التأديبية التي يسكنها الرعب من كل تجديد.لان في مثل هذه المجتمعات تقتل إمكانية الكلام بغض النظر عن الكينونة سواء كانت فلسفة آو نظرة معرفية لأنها تريد أن تبقي الوضع على حاله متحركا في دائرة رسمت لا جل غاية محددة وهي إخراج تقنيات اغوائية لإكساب الخطاب المقدس جاذبية وسحرا وذلك يكشف لنا عن ابستمية تبدو حركية في ظاهرها لكنها تمارس سطوا مرة تلو المرة وتهمل مهمة التاريخ ولا تتحرك مواكبة البنيان الاقتصادي والاجتماعي والبعد الانطولوجي ولو أردنا التعامل لوجدناها تؤسس نصا أريد به بديلا عن الواقع بممارسة الإكراه ولي المفاهيم,.

حزب الحمير )-حامد كعيد الجبوري-لمناسبة تأسيس حزب الحمير


( حزب الحمير )
لمناسبة تأسيس حزب الحمير
حامد كعيد الجبوري

هنا يمن جنه وجنت
أمبارك وطنه الغابه
خلصنا من ليل الظلم
هدّت علينه (أذيابه)
***
هنا يمن جنه وجنت
السوك (الهرج) ودونه
عرضونه والبيعه شلع
وبرخَص ثمن باعونه
والمشتريه أتعززت
ع البايع أيردونه
يكولون ما نسوه (فلس)
ولا نسوه صم ترابه
***
هنا يمن جنه وجنت
(عاكر) وحبلت كوه
بالنذر حبلت والدعه
وربك حسبها مروه
شالت خشمها وشمخرت
ع الرَجَل صارت بلوه
أمدوهن يطلك حرمته
لو يصبح اللعابه
***
هنا يمن جنه وجنت
ميت وينده موته
كل (المطايه) أتشردت
من طبت (الستوته)1
لا زكط واحد وأنكسر
لا زعج نايم صوته
بالديخ يمشي ولا حرن
و(القمجي) فوك صوابه
***
هنا يمن جنه وجنت
ليش (المطي) يتسرح
ما عمل سايه ولا ذنب
ولا (كرن) عنده وينطح
خيط (الكراب) أمدستره
و( ناعور) مايه ينضح
(للهجع ) تركص رشمته
ولا فر عكس دولابه
***
هنا يمن جنه وجنت
من أجل هاي الغايه
مؤتمر تأسيسي أنعقد
وظيم (الحمير) هوايه
دروب الولايه (عنفصوا)
يردون حزب (مطايه)
يطالب أبحقه المغتصب
يا خذها من أحزابه
***
هنا يمن جنه وجنت
حكه (المطي) اليتحزب
ويفتحها بيبان الكسب
(للبغل) و(حصان) أجرب
دستور يكفلّه المقر
ويحمل فكر ومرتب
ولا همه يركض ع العلف
يترس شعير (جرابه)
***
هنا يمن جنه وجنت
حزب (الحمير) أتأسس
يناضل لجل خير الشعب
وللوطن يبني أتكرس
أمحزم ويغلب (طولته)
أيخاف المغانم يفلس
(للقاصه) حارسها الوفي
ويحفظها بين أهدابه
***
هنا يمن جنه وجنت
اليخبط لئيم ولاصه
للأمي صارت مرتبه
(المميه) و(المصاصه)
بالدرب ماشفنه ( المطي )
ونسمع وحيف أجراصه
ب(الرشمه) مشدوده وترن
وتهد علينه (أطوابه)
***
هنا يمن جنه وجنت
ذب (الزمال) (أجلاله)
يم (جون) فصّل سترته
ويزمط أبكثرة ماله
صاغ (العليجه) من (الذهب)
(الدولار) غير حاله
وتزوج بأحله (فرس )
وخلّف ( بغل ) حبابه
***
هنا يمن جنه وجنت
يا جرح يدي ويلحم
خمسه وثلاثين أنكضت
والعسر خلّف مأتم
دنيه وتفر بينه عكس
نزرع أهموم ونلهم
مسدوده بيبان الفرج
والفرح غـلَـك بابه
***
هنا يمن جنه وجنت
بين المضه وبين الجاي
جربنه ما شفنه الفرق
بين الرفيق ومولاي
يكعد يصفطلك حجي
وقدموا خيرا هواي
وأعترف زادوا مرتبه
من كثرة النهابه
***
هنا يمن جنه وجنت
من أيدك ومن أيدي
بالصبخه ما يطلع ورد
واليحدي بينه (أمعيدي)
نستاهل وأكثر بعد
حيل ومراره زيدي
والرايد أيضوك العنب
يحسب عدل بحسابه
***
هنا يمن جنه وجنت
مو بالدعه نتغير
نتوكل أنشد الحزم
وجفي أعله جفك يكبر
كل ظلمه يجليها الضوه
للكون فكرك نوّر
تهزم الشيطان الشمس
وتشرد السلابه
***