بحث هذه المدونة الإلكترونية

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 22 ديسمبر 2014

فضفضات شروﮜية تحت خيمة السيرك السياسي-كاظم فنجان الحمامي


فضفضات شروﮜية تحت خيمة السيرك السياسي
(الحلقة السادسة)

لماذا نبكي في الجنوب ؟

كاظم فنجان الحمامي

نحن في الجنوب لا نبكي على فقداننا الأمن والأمان، ولا نبكي على أبنائنا الذين مزقت أجسادهم العبوات الناسفة في الأسواق والمساجد والمدارس والمستشفيات، ولا على نقص الخدمات، وتفشي الأمراض، وتفاقم معدلات البطالة، ولا على انقطاع التيار الكهربائي، ولا على ارتفاع ملوحة مياه الشرب، ولا على أموالنا المهدورة، وثرواتنا المسروقة، وآثارنا المهربة، ولا على تبوئنا المراتب المتدنية في أسبقيات العفة والنزاهة بمقياس منظمة الشفافية العالمية، لكننا نبكي وبحرقة منذ زمن بعيد على حظوظنا العاثرة وتعرضنا للظلم والتنكيل من الحكام والسياسيين الذي قذفتهم علينا الأقدار، وماانفكوا يستخفون بنا نحن أبناء الجنوب، ويتهكمون علينا. نبكي على أعمارنا الضائعة في بلد لا يهتم بنا، ولا يعبأ بمآسينا، ولا يكترث بما آلت إليه أحوالنا البائسة نحو الأسوأ.
نبكي منذ زمن بعيد على خيبتنا في بلد تصدر نشرات الأخبار في المصائب والويلات والكوارث والنكبات والفواجع والأحزان والأزمات، وعلى كبواتنا المتكررة ووقوفنا عاجزين مخذولين خلف مواكب الشعوب الناهضة، والأمم التي انتقلت نحو الأفضل وتسلقت ناصية المجد والتفوق.
نبكي لأننا مللنا من الشعور في الغربة في وطن عصفت به المهاترات السياسية إلى الحدود الدنيا التي صار فيها مصيرنا بيد السياسيين الذين ظلوا يتبطرون علينا ويتكبرون علينا. تارة يتهموننا بالفرس والهنود والمجوس وتارة يزعمون أننا لا نفقه ولا نفهم، وتارة أخرى يحرموننا من ابسط استحقاقاتنا الإنسانية والوظيفية والتعليمية والاجتماعية. لم نعد نسمع سوى التصريحات الاستفزازية، والكلمات الهجينة المملة المحرضة على العنف ضد أبناء الجنوب، والخطابات المزعجة الداعية للتمزق والتشرذم، والبيانات الطائفية المقيتة.
نبكي لأنهم ظلوا ينظرون إلينا نظرة دونية، ويتعاملون معنا بفوقية مفتعلة وكأننا تركة ثقيلة يفكرون بالتخلص منها بكل الطرق. نبكي لأننا نشعر أن الذين انتخبناهم لم يحققوا طموحنا. نبكي علينا لأننا اكتشفنا أنهم خدعونا وسرقوا أصواتنا وتاجروا بآلامنا. نبكي لأننا مللنا سماع قصص الفساد ونهب المال العام من دون أن ينال السارق عقابه. نبكي لأن أصحاب المناصب العليا والمراتب الرفيعة قفزوا في العراق نحو طبقة الأثرياء والأمراء، وتركونا (نحن أولاد الخايبة) نرزح تحت سقوف الفقر والتخلف. صاروا كلهم من أصحاب السعادة والمعالي والسمو، وصرنا في الحضيض فلم نعد نراهم إلا في المناسبات النادرة أثناء مرورهم علينا كالبرق الخاطف بسياراتهم المصفحة ومواكبهم الباذخة المتباهية بعنجهيتها. بات من الصعب علينا رؤيتهم بسبب عتمة نوافذ سياراتهم الحديثة، وكثافة عناصر الحماية حولهم وخلفهم وأمامهم وفوقهم.
لا احد يشعر بنا في غربتنا المفروضة علينا في أوساطنا الفقيرة القابعة في أقصى الجنوب، في الوقت الذي أحاطوا فيه قلاعهم الحصينة بجدران خراسانية عالية، تحرسها الكلاب البوليسية، وتحيط بها الكاميرات الالكترونية وتغلق منافذها الأسلاك الشائكة. نبكي لأنهم ظلوا يستخفون بنا حتى يومنا هذا. نبكي لأنهم لا يتذكروننا إلى عند اقتراب مواعيد الانتخابات. نبكي لأن (اليسوه والما يسوه) صار يتطاول علينا ويستفزنا دونما سبب. حتى صرنا مكفخة للرايح والجاي.
https://www.youtube.com/watch?v=fxZEZZY5VOo