بحث هذه المدونة الإلكترونية

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 24 ديسمبر 2015

غالب المسعودي - آيس كريم(قصة سُريالية)

آيس كريم(قصة سُريالية)-د. غالب المسعودي

آيس كريم(قصة سُريالية)
د. غالب المسعودي

كنت صغيرا اعمل في مطبخ ملهى ليلي لأصحاب النفوذ ,اسهر ليلي لأصبح في المدرسة ,لم تكن بعيدة عن محل عملي, اننا, انا والملهى والمطبخ وغسالة الصحون في وحدة جغرافية واحدة ,المدرسة تبعد عنا اشبار ,اصحو صباحا ,ملابس المدرسة هي ملابس العمل, وعدونا في المدرسة ان يعطونا كسوة معونة الشتاء, قررت ان اذهب للمدرسة بإرث ثيابي ,علما ان ملابسي كلها رثة, طلبت من رئيس الطباخين ان يعيرني ملابس جديدة كي اقضي تلك  الليلة في مطبخ الملهى فقط ولهذا اليوم, لأني ابلغت ,انه سيحضر ضيف مهم ,وهذا الضيف سيكرمني ان اعددت له طبق ايس كريم مما يشتهيه ,سالت اصحابي ومن لهم خبرة في استقبال مثل هذا الضيف ,اخبروني انه لا يحبه تقليديا, يشتهيه اكثر عندما يكون مغطي بالشوكولاتة, ان يكون مرتفعا عن قاعدة الماعون, ان لا يكون عريضا, يصعب على فمه التقاطه ,يشبه منارة المسجد ويتحمل اسلاك الضغط العالي, واجهت نفسي, انا صانع صغير ان فشلت محاولتي سأبحث عن عمل ليلي في ملهى ثان ,وان شغلت خيالي قد افوز بجائزة من هذا الضيف المهم, احضرت مواد صنع الايس كريم من ثلاجة المطبخ عملت بكل ما اوتيت من خبرة ,صنعت تمثالا يشبه مردوخ, متعالي له عين واحدة, سكبت عصير الشوكولاتة فوقه ,اصبح يشبه قضيبا افريقيا منتشي في السماء, جاء النادل .........!هل احضرت ما اوصيت به.....؟ قلت نعم, سحبت الطبق من بطن الثلاجة, احمرّت عينا النادل صرخ بأعلى صوته....! هل هو ايس كريم....؟ تريد ان يبطش بنا الضيف الهام ,حاول ان يضرب وجهي بلكمة انسحبت تحت الطاولة لم يصبني بأذى, لحظتها حضر الضيف المهم كان يتفقد ما يعد له من الطعام, سمع صراخ النادل, استفهم منه ,قال لي ما اعددت لي ,ناولته طبق الايس كريم, أحتضنه بفرح غامر, خاطب النادل قل له ان يعد واحدا اخر, ناولني عدة قطع نقدية, خرج النادل خائبا وانا مبتسم, امضيت ليلي بصنع مردوخ اخر ,اكملته وضعته بالثلاجة, اخذ التعب مأخذه, نمت...! حلمت كأنني اطفو فوق ماء اسن رائحة البول تزكم انفي ,كائنات لا اعرف جنسها تغطس تصعد تطبل, يضيق الافق ,تسلقت فوق يدي حرباء صغيرة, استلذذت بملامحها ,ذيلها مقطوع اسنانها مشققة ,لونها سرمدي غاطس في الافق, تتباكى مع خاصرتي, وضعتها فوق راسي استكملت سبعون عاما مما تعدون, ذيلها نمى الى اخره بيضتها صخرة نمت على عنقي, بدأت اغطس في الوحل تحت ثقلها ,اسعفني تحملي, جرذان بيض وسود تنمو تحت كاحلي ,اجرّب  الغيم من تدخل ملامحها ,اطفال ينزحون من الهموم الى الهموم, فراشات سوداء تظلل افئدتهم, المشهد مرتبك ,عقارب ترش فوق راسي الماء, عصافير تضحك, مسامير تغني, ماذا حدث هل فقدت الارض جنسيتها ام بطاقتها التموينية ,ارتسم فوق جبيني شفق يسخر من النوم, سحب طبق الايس كريم من الثلاجة, ضغطه بهدوء ومعرفة في مؤخرة الطيف المهم, انتشى ضيفنا, زار كل الاراضي القدسية, عند العرب واليهود, اعلى سبابته في الهواء تجشا اولا ثم ابتلع ريقه, شرب حفنة ماء مقطر, صرخ مليء حنجرته ,الموت للاستعمار, الله اكبر ........!كانت صرخة مدوية صحوت على اثرها من حلمي, لم استلم معونة الشتاء وصلت في الدرس الرابع ,طلب مني المدير ان اجلب ولي امري, ولي امري في الملهى الليلي اما الراقصة او الطبال, فضلت الراقصة لعلها تهز كرامته بغنجها واحصل على الصفح من لدن عميل كريم.

الأربعاء، 23 ديسمبر 2015

وداعا علاء الشبلي


قصص قصيرة جدا ً 7×7-عادل كامل

قصص قصيرة جدا ً


7×7

عادل كامل



[1]الحمل والغراب
سأل الغراب الحمل:
ـ لِم َ لم ْ تعد خائفا ً...؟
فأجاب بلا مبالاة:
ـ لم يبقوا أحدا ً من القطيع...، فهل أنوح واشتكي كي يسمعني الراعي ويزداد طربا ً، وبهجة، ألا يكفي إنني لم اعد أفكر حتى بالإصغاء إلى صوتي؟!

[2] صمت
ـ ما هي أحوالك...؟
  مكثت الغزال، بعد أن ابتلعها التمساح، لا ترد على تساؤلاته، ليس لأنها أدركت إنها لن تخرج، كما دخلت، بل لأن التمساح ذاته سينشغل متربصا ً بثور تائه، أو بغزال أخرى أضلت الدرب!

[3] سؤال
    بعد أن افترس السبع أشباله، الواحد بعد الآخر، شاهد اللبوة تقترب منه، لعلها تغويه...، فقال لها:
ـ الآن أنا اجهل من منا أكثر اقترافا ً للذنوب؟

[4] عماء
    سمع الثور القصاب يخاطب السكين:
ـ من منا الأعمى...؟
أجاب الثور:
ـ لا أنت..، ولا هي...، ولا أنا أيضا ً!
صدم القصاب بالجواب، فسأل الثور:
ـ من إذا ً...؟
قال الثور، وهو يخور شارد الذهن، وينزف دما ً اسود:
ـ آ ...، لو كنت اعرف!
فسأله القصاب باستغراب:
ـ وماذا لو كنت عرفت...؟
    لم يجد الثور إلا جوابا ً واحدا ً:
ـ لكنت قتلت نفسي قبل أن تعذبني بسكينك العمياء!
   قالت السكين حالا ً، وهي تفطس من الضحك:
ـ هذه هي العدالة...؛ لا احد منا ارتكب الإثم...، هذه هي العدالة...؛ لا احد منا يستطيع أن يكون بريئا ً قط!

[5] كرامة
   سأل البغل الشاة التي ولدت حملا ً توا ً:
ـ من منا أفضل درجة من الآخر...؟
قالت بثقة:
ـ أنت!
فسألها متعجبا ً:
ـ ولكني لم أحبل كي ألد حملا ً جميلا ً حتى لو أرسلوه إلى المسلخ...، فأنت ِ ـ يا سيدتي ـ أفضل درجة مني...
ـ آ ...، أيها البغل السعيد...، كيف تقول هذا، وأنت أفضل منا درجات...، لأنك تمضي حياتك الطويلة من غير شكوى، ومن غير تذمر، عدا...، أحيانا ً، عندما يمسون كرامتك، آنذاك تلقي بجسدك إلى الوادي!
ضحك البغل بصوت شفاف:
ـ الآن أدركت إن احدنا صار اقل درجة من الآخر...! فأنت لا يؤنبك ضميرك بالحبل والولادة...، ولا أنا أجد خلاصي إلا عندما تداس كرامتي!

[6] استحالة
قالت الحمامة تخاطب البلبل بعد أن فتحت له باب القفص:
ـ أيها الأسير...، آن لك أن تتحرر، وتتمتع بالطيران ..!
ابتعد البلبل عن الباب المشرع، منزويا ً في احد زوايا القفص، وقال لها:
ـ صحيح سأحلق في الفضاء...، وأتمتع بالحرية..، ولكن من اجل أن امنحهم متعة مطاردتي، وصيدي، وربما ـ في هذه المرة ـ لن أنجو من رصاصات الموت، حتى لو صعدت إلى السماء السابعة!

[7] لا تتردد
     عندما مد إصبعه ليضغط على نابض الحزام الناسف، شاهد الغزلان والطيور والأسماك تتجمهر من حوله، تسأله:
ـ أستاذ...، بعد أن تفجر جسدك، هل ستصعد أرواحنا معك إلى السماء؟
أجاب الحمل:
ـ هذا أفضل من البقاء هنا تتعفنون في هذه الحديقة!
   ولكنه تردد في الضغط، وتفجير جسده، فسحب إصبعه، كي يسمع الجميع يصرخون بصوت واحد:
ـ افعلها، افعلها، افعلها...، في الأقل، لن نبقى نستنشق هذا العفن، أو نموت ألف ألف مرة في اليوم الواحد، فأنت لن تموت بعد هذا اليوم، ولا نحن سنطلب الرحمة!
13/12/2015
Az4445363@gmail.com



الاثنين، 21 ديسمبر 2015

شعراء بلا قصائد روائيون بلا روايات--*خيري منصور


شعراء بلا قصائد روائيون بلا روايات
*خيري منصور


في غياب النقد الذي يعادله حضور الممالأة والمقايضات والحكّ المتبادل، فقدت الكتابة وفي مقدمتها الشعر الكثير من هيبتها التقليدية، فهي خارج اهتمام الدولة إلا بقدر ما هي موظّفة لصالح الميديا، أو لاستكمال مهرجانات تهدف إلى حجب الفساد الثقافي، والأنيميا التي أفقدت مهنة الكتابة مناعتها.
لهذا لا يتردد أي فرد في إطلاق اسم الشعر أو الرواية على ما يكتب، حتى لو كان مجرد هذيان، وهو لن يعدم من يصفق له تماما، كما أن الأحمق الذي تحدثت عنه سيمون دي بوفوار في كتابها «واقع الفكر اليميني» يجد من هو أشد حمقا ليطري أخطاءه بانتظار رد الجميل على هذيان وأخطاء أخرى.
في ستينيات القرن الماضي بلغ التجريب ذروته في الشعر والتنظير للثورات، والتمرد على موروث استمد شرعية استمراره من مجرد التكرار والحصانة ضد النقد. وكانت الحركة النقدية في العالم العربي موازية لتيارات شعرية بالغة الحيوية، وكان لدى الحالمين بالألقاب درجة تحول دون اندفاعهم إلى ما يجهلون، لكن ما أن انحسر النقد الجاد وتوارى خلف متابعات صحافية عابرة تجتر بضع عبارات مستعملة حول كل النصوص، حتى اتسع الهامش لمن يعتقدون أنهم أول من كتبوا أو رسموا أو غنوا، ثم جاءت العولمة بمحاصيلها التكنولوجية ليصبح كل شيء مباحا ومتاحا ليس على طريقة ديستويفسكي والدلالة الميتافيزيقية لعبارته الشهيرة، بل على طريقة: قُل ما تشاء، وسمه ما تشاء ولا تنتظر صداه، وساهمت ظاهرة الغموض التي صاحبت الشعر الحديث منذ بواكيره في تقديم ذرائع لمن لا يفرقون بين غموض الفحم وغموض الماس المتلألئ.
وكان كتاب ويليام امبسون «سبعة أنماط من الغموض» بمثابة فك اشتباك مزمن بين الغموض والإبهام، فالغموض عمق وإيحاء واستبطان. أما الإبهام فهو ناتج عن عجز في أدوات الكتابة وبالتحديد الشعر، وعلى سبيل المثال استوقفت عبارة للشاعر إليوت نقادا من طراز ماثيسن بسبب قابليتها لعدة تأويلات، وهي البوابات الحارة، فهي ذات إيحاءات جنسية، كما أنها قد تعني ما تبقى من أطلال وبوابات لحروب قديمة، وربما لهذا السبب اضطر إليوت إلى إضافة ملحق بهوامش كثيرة لقصيدته «الأرض اليباب».
ما أعنيه بشعراء بلا قصائد ذلك النمط الطارئ من سلالة شعرية رضعت اللون الأخضر من الحبر أو دهان الجدران وليس من العشب، فهي مضادة لكل ما هو عضوي، واشبه بمستحضرات تجميل لغوية وبلاغية يكفي قليل من الماء أو العرق أو الشمس لإزالتها وافتضاح ما كانت تخفيه من ندوب، وهناك شعراء لا نجد لديهم، رغم وفرة إنتاجهم قصيدة متكاملة العناصر والمعمار الفني، لأنها تفتقر إلى الرؤيا والاستبصار ومن هنا نمت ظاهرة جديدة هي البعارة، والبعارة كما يعرفها الفلاحون هي التقاط ما تبقى تحت الشجر من ثمار، سواء سقطت من تلقاء ذاتها لعدم مقاومة جاذبية الأرض، أو عفّ عنها الفلاحون، وحصيلة البعارة غير متجانسة على الإطلاق تماما كما هي البعارة الشعرية التي تسطو على مفردة هنا أو صورة هناك من قصائد استحقت تصنيفها شعرا.
وهنا أتذكر ما قاله يوجين يفتشينكو ذات يوم وهو، أن الشاعر في نهاية المطاف هو حاصل جمع قصائده ولا شيء آخر، ورغم أن يفتشينكو اشتهر بقراءة قصائده مسرحيا وبأداء صوتي وحركي، لكن تشبّث العربي بالألقاب حتى لو كانت مجرد قبعات أو أقنعة يصرفه عن مراجعة ما ينجز، وإذا كانت هذه الإصابة قد بلغت ساسة وجنرالات أصبح لبعضهم سبعة ألقاب على الأقل، فإن جذر الظاهرة أدبي وشعري بامتياز، لهذا تم تصنيف شعراء وكتاب في خانات، منها الكبير والأكبر، وكأن هناك شعراء صغارا، وتسبب هذا الانتحاء اللغوي في تصنيف الشعر ذاته إلى صغير وكبير، والحقيقة أنه إما أن يكون شعرا أو لا شيء على الإطلاق، لأنه عندئذ سيفقد أيضا خاصية النثر. إن ما سماه نقادنا القدامى وقع الحافر على الحافر وما أطلق عليه النقد الحديث التنّاص يحتاج إلى تسمية ثالثة، قد تكون السّطو أو البعارة أو برادة الحديد أو غبار الذهب المتطاير منه أثناء صقله.
ثلاثة عوامل ساهمت في جعل الكتابة الحائط الأوطأ والهامش المهمل هي تفشّي الأمية بكل تجلياتها الأبجدية والمعرفية والجمالية، وسلالة الإنترنت التي جعلت البعض يصافحون أنفسهم أو يقبّلونها في المرايا، بحيث أصبح حتى الشعر مشمولا بعادات غير علنية. إن زمنا ترصع فيه الأوسمة صدور جنرالات تتلخص سيرتهم العسكرية في ست هزائم على الأقل علينا أن لا ندهش فيه من شعراء بلا قصائد وروائيين بلا روايات وأوطان بلا مواطنين ومهاجرين بلا أنصار.
وما قلناه عن شعراء بلا قصائد ينطبق على روائيين بلا روايات، لأن كثيرا مما يصدر عن دور نشر بلا تقاليد، هو مجرد بوح أفقي ونثر وظيفي، وقد لا يصل إلى دون كيشوت لسرفانتس لأن من بدهيات الرواية وتعريفاتها أنها ملحمة البرجوازية، كما قال لوكاتش، وإسقاط الأقنعة وإطراح الحياء كما قال البيريس، وأخيرا هي فن اللاامتثال المضاد للقطعنة كما قال كامو .
لقد أدت البطالة النقدية إلى ازدهار في مواسم الكتابة، خصوصا لدى من لا يقرأون غير أنفسهم، وما أعنيه بالقراءة هنا ليس الكتب، بل استقراء الواقع والطبيعة والعلاقات الإنسانية. ومن الطريف أن شحة الديمقراطية في العالم العربي أصابت الروائي بالعدوى، فهو طاغية ينطق نيابة عن شخوصه وقد يجرهم إلى الهلاك لعجزه عن التحكم في مسار مصائرهم.
إن واقعا أصبح المبتدأ فيه بلا خبر والفاعل مفعولا به لا بأس أن يكون من إفرازاته شعراء بلا قصائد وروائيون بلا روايات!
________
*القدس العربي


التاريخ : 2015/12/18 11:08:19