بحث هذه المدونة الإلكترونية

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 2 يوليو 2010

وجه غابت عنه الشمس-قصة قصيرة-بقلم ايمان اكرم البياتي-تخطيطات د غالب المسعودي



وجهٌ غابتْ عنه الشمس




قصة قصيرة
تدورُ حولَ نفسها شاردةً مذعورة، لا تبصرُ عيناها الخائفتانِ سوى فضاءٍ عميقٍ خانقٍ مقيت السواد تجهلُ أطوالَ مخالبه المظلمة، تنتشرُ فيه وجوهٌ كثيرةٌ تستعرضُ نفسها في صفوفٍ منتظمةٍ تترتبُ حولها هنا وهنا و هنا وهناك، تُفزعها تلكَ الوجوهُ فهي طافية بلا أجساد وكأنها أقنعة مفرّغة.
تدورُ مجدداً بذعرٍ أقوى من الأول محاولة إيجاد ثغرة لتتلاشى من خلالها لكنها تجدُ أن الوجوهَ اللعينة حولها دائماً تحيطها كسورٍ شائك!.
بعد حين تشرعُ الوجوهُ الغريبة جميعها بالحركة في الآن ذاته، تقتربُ صوبها بهدوء، تكشّرُ بعضها وتظهرُ أنياباً معقوفة كتلكَ التي تملأ أفواه الوحوش الكاسرة وأخرى تخرجُ من بين شفتيها المنتفختين المزريتين ضحكاتً هستيرية مجلجلة كتلكَ التي تصدرها أفعى الأجراس إن استفزتها حركة، وتحملُ وجوهاً ثالثة أعيناً جائعةً شرهة تحدّقُ فيها بدموية.
تستديرُ محاولةً إيجاد ملجأ أو مهرب، لكنها لا تجدُ ما تبحثُ عنه وبدلاً عن ذلكَ تبصرُ وجوهً أخرى وهذه المرة وجوه زرقاء تمزقُ فيها عظامُ الفكين الجلد وتنسلخُ بأسنانٍ بشعة صفراء تثيرُ الاشمئزاز.
من اليمين يقتربُ منها وجهٌ باكي منتحب تسقطُ عيناهُ في بركةِ دموع ثم تعادُ فتتشكلُ غيرها،وجهٌ آخر يقتربٌ فجأة كأنه يريدُ أن يقولَ لها شيئاً لكنهُ بلا فم، خيطتْ شفته العليا بالسفلى بسلكٍ معدني مدبب الحواف!
أين أنا؟ هكذا تصرخُ بلا صوت! أين أنتَ؟
تكررُ: أين أنتَ؟ فلا يخرجُ صوتها، أين ذهبتَ وتركتني وحيدةً في هذه الظلمة وعالم الأموات هذا؟
أ لم تكنْ ها هنا معي قبل لحظة؟!.
لا جدوى فصوتها لا يصلُ إلى أحدٍ، ومن تنادي لا يلبي استغاثة النداء!، ترفعُ صوتها لكن لا جدوى أيضاً والوجوهُ الشبحية المُخيفة تقتربُ ....تقتربُ وتبدو جائعةً الآن.
تحاولُ مجدداً الصراخ فتختنقُ الاستغاثاتُ داخلها: أين أنتَ؟ أ لم تقلْ أنكَ لن تغادرني وحيدةً حتى تهجركَ الروح إلى مالكها؟ فهل أذنَ الربُ أذناً لرحيلكَ الأبدي عن الدنيا وهذه أولُ أيام شقائي بعدكَ؟ أم ضعفتْ همتكَ في الدفاع عني وقررتَ التخلي عن كل شيء كما يفعلُ الضعفاء حين يستسلمون وينحنون للحياة لتدوسَ على أحلامهم بوحشية؟؟
ترفعُ صوتها أعلى فأعلى فأعلى، لا تسمعُ شيئاً، تزأر ......لكن لا يُرهبُ صراخها أحد غيرها، تبحثُ عن يدها لتلمسَ عنقها فحنجرتها فلا تجد لنفسها يداً ولا حنجرة ولا عنقاً ولا جسداً يقفُ عليه وجهها!، تنكشفُ لها الحقيقة الحنظلية: إنها وجهٌ آخر كما الوجوهُ التي ترى حولها، قناعٌ مفرغٌ من كل شيء إلا الهواء والكبرياء !!.
أين أنا؟(تصرخُ مجدداً وكأنها لم تيأس بعدُ من المحاولة) لكن، مرة أخرى لا صوت يردُ عليها، تلتفتُ فإذا بالوجوهِ تقتربُ أكثر وبسرعة أكبر، تفغر أفواهاً يسيلُ منها اللعاب وتحملُ على جبهتها أعيناً جاحظة تكسوها دماءٌ متخثرةٌ قانية اللون، تقتربُ وتقتربُ و تقتربُ منها، وهو مازالَ غائباً ولم يظهرْ بعد!
أين أنا؟...ماذا حصلَ معي؟!( تفكرُ في انه ربما كان كابوساً مخفياً) تحاولُ أن تسكّن من رعشتها المزلزلة وتفكر :انه كابوسٌ و سأصحو قريباً، تفتحُ الوجوهُ الأخرى أفواهها الكهفية ببطيء وتنطقُ مرةً واحدةً بصوتٍ غليظٍ متموجٍ تجد له صدىً مدوياً في الفضاء كله: لقد أفقتِ قبلَ قليل من الحلمِ الذي جعلكَ تدمنين عليه....عي جيداً أنتِ الآن في لعبة الواقع السرمدية!
------------------
توضيحات :
1- القصة ليستَ وصفاً لكابوس أو ضرباً من الهلاوس النفسية وإنما هي قصة رمزية استعارية لها معانٍ أخرى غير ما تبدو عليه.

الخميس، 1 يوليو 2010

حوار مع الفنان غالب المسعودي حول حروفية التحدي-اجراه المرحوم الفنان عبد الباسط النقاش


حوار حول حرفية التحدي-أجراه الفنان عبد الباسط النقاش لجريدة العهد الجديد:
س)لديك مشروع لاستخدام الخط المسماري وموائمته مع الخط العربي..ماهي الخطوط الأولية لهذا المشروع....هل هو بطريق الصدفة أو محض تجارب شخصية في ميدان الكتابة العربية؟
ج)لابد من توضيح ان الحروقية الجديدة ليست لها علاقة بالكتابة المسمارية إذ أنها أي الكتابة المسمارية كتابة مقطعية والحر وفية الجديدة هي استلهام الحرف العربي كما هو مع حذف الاستطالة التي لا أراها ضرورية لبنية منطوق الحرف وعلاقتها بالكتابة المسمارية هي البنية التعبيرية أما جماليات التكوين والإنشاء فهي مبنية على جماليات الكتابة العربية بمفهومها التشكيلي البحت.لم يأت المشروع صدفة بل نتيجة دراسة استغرقت فترة طويلة نسبيا إذ أني درست الخط العربي بكل إشكاله ولا ادعي وصلت إلى درجة الكمال إلا أني تعلمت القواعد المهمة التي تتحكم بأصول الأداء وتوصلت إلى أن الخط العربي وصل إلى قمة إشكاله في عصور متقدمة وما يقوم به الخطاطون هو التجويد في الأداء وليس الإبداع, ومن ناحية أخرى إنا انطلق من مفهوم سيميولجي للنص وبذا يكون الحرف هو البنية الأساسية للنص ولذا يجب أن يقرا عموديا وأفقيا ويكون شكله ناطقا بصوته ,والعربية لم تكن منقطة في بداية التعامل بها مع النص المقدس وجاء التنقيط كحل أعرج للاعجام وهو مستعار من الكتابة السريانية وهناك نصوص كثيرة استمرت إلى مابعد 200هجرية تكتب بدون التنقيط.
س)
هل تعتقد أن هذه الأصول الحر وفية مرتبطة أساسا بنفس روحية الفنان الرافديني وهل هناك ثيمة مشتركة استطعت التعرف عليها؟
لابد أن أشير إنا عشت في منطقة وادي الرافدين وهناك وعي معرفي متصل قد يكون له ارتباط جيني ولا بد أن يؤثر في روحية الفنان مع الأخذ بالاعتبار اختلاف العصر, واعتقد أني استطعت التعرف على الثيمة المشتركة من خلال إطلاعي على تراث المنطقة منذ العصور السومرية الموغلة في الفدم وبحكم موقع بلاد الرافدين وغناها والتي أصبحت مطمعا لتكالب القوى المحيطة أصبح الفنان يخاطب عقلية المتلقي بأكثر من بعد واحد لتركيز مفهوم الإشارة ويشحذ بصيرة المتلقي بجمالية أخاذة مع بنية بيانية وبلاغية.
س)إلا تخاف من التشابه الذي ربما يحصل بين الكتابة العبرية ومشروعك بتجزئة الحروف أو تجريدها من النقاط؟
ج)من ناحية التجزئة ليست العبرية وحدها مجزئة الحروف بل معظم اللغات التي تعتمد الأبجدية والتي يربو عددها على ستين لغة أما من ناحية الشكل فالحر وفية الجديدة فريبة جدا من شكل الحرف المسماري واعتقد أن هذا لايجب أن يجير لصالح العبرية لان الكتابة واللغة  هي رافدينية بامتياز أما مسالة التنقيط فالعربية أصلا غير منقطة ولتمييز الحروف وضعت حلا يعتمد على شكل الحرف.
س)
إن موضوعات هده الحر وفية هل هي تشكيلية أو تصويرية للغة البابلية او السومرية وهل هناك من قاسم مشترك بينها؟
ج)
إن اللغة البابلية والسومرية والأكادية والأشورية هي لغات مختلفة رغم تداخل الأصول وإنها تشترك بالكتابة والقاسم المشترك بين هذه اللغات هي الكتابة وقد تمكنت من إبراز القيمة التعبيرية والحر وفية الجديد ةهي تشكيلية ذات دلالة معنوية وبهذا تشكل جسرا بين الشكل والمضمون.
س)
هل تعتقد إن هناك تجارب سابقة بهذا المضمار وهل اطلعت عليها؟
ج)
كون الكتابة المسمارية بعيدة عن الكتابة العربية فلا اعتقد إن هناك محاولات بهذا المجال ولكني اطلعت على تجارب لاستلهام شكل الحرف المسماري بكتابة عربية مثل شعار مجلة ألواح التي تصدر في اسبانيا والمبدأ هو تطويع الحرف العربي لما بناسب شكل الكتابة المسمارية دون الدخول بإيجاد قاعدة حرة وتجارب تحديث الكتابة العربية فهي كثيرة لاتسعها صفحة واحدة.
س)
في غمرة كل الخطوط المقترحة والتي تتوزع على نطاق الحروف الجاهزة(االليزرست)هل تعتقد أو في بالك من يقبل بمشروعك الفني؟
ج)
المشاريع دائما مبنية على نجاح الأساس الاقتصادي للمشروع وبضمنها....    المشاريع الفنية والقبول مرهون بمدى نجاح الجدوى الاقتصادية وليس الجدوى الفنية ونحن في زمن العولمة كل شيء مسلع بما فيها الثقافة واللغة والكتابة واعتقد  أني زرعت شفرة داخل المشروع وهي القاعدة الحرة المتوارية داخل النص.

الأربعاء، 30 يونيو 2010

ناظم السعود في حوار خاص مع الفنان غالب المسعودي


التشكيلي العراقي غالب المسعودي:طوّعت المقطع المسماري كي يشكّل حرفاً عربيا جديدا!!
حاوره في مدينة الحلة / ناظم السعود


التاريخ : 2010 / 04 / 28

كلما احضر زائرا او عابرا لمدينة الحلة احرص على رؤية الفنان والناقد التشكيلي المعروف د. غالب المسعودي في بيته او عيادته الطبية ( فهو فنان وناقد وطبيب أسنان) ، ومغزى حرصي هذا إنني أجد ما اسمّيه (بيئة ثقافية) موسومة باسم المسعودي ولها ملامحها ودلالتها الفكرية والجمالية التي لاشك إنها تجذرت باجتهادات المسعودي ومغامراته المعرفية طوال أكثر من ثلاثين عاما. في محترفه الفني في بيته أقف مندهشا أمام السمات الفكرية التي يوزعها بنظام دقيق في الزوايا وعلى الرفوف وحتى على السقف المضاء بعناية، تختلط أمامي صور التاريخ بالواقع والحروف باللوحات والتماعات الماضي بإرهاصات الحاضر وبين كل شيء تنتشر العدد والألوان وأوراق الرسم وأفلام الفوتوغراف ضمن سطوح جغرافية مقننة تماما لتدل على رهافة الفنان وصرامة آفاقه وانشغالاته . اما في عيادته فهناك تجمع عفوي لحشد من الأدباء وفناني المدينة في ندوات ولقاءات حرة عابقة بالجدل والعافية الثقافية ، وفي آخر زيارة لي الى محترفة الحلي ( حيث يتراسل المسعودي مع العالم انطلاقا من تلك البقعة الحلية ) عقدت معه حوارا ضمنته خلاصة التجربة الفنية لدى غالب المسعودي، ولأول مرة احرص على ان يأتي حواري معه موثقا بالصوت بواسطة جهاز التسجيل ذلك لعلمي ان مثل هذا الحوار سيكون ممتدا في حاضنة الزمن ولتنوع وسائل توثيقه وهذا ما سيبقيه أطول : ثمة اتجاه فني وفكري تسعى لتجذ يره في حياتنا الثقافية هذا هو الجمع بين الحرفين العربي والسومري في لوحاتك ودراساتك .. فهل كان هذا الاتجاه استمرارا لجهود من سبقك .. ام انه واعز ذاتي محض؟ - الاتجاه الذي أشرت إليه هو الذي يميزني عن الحروفيين العرب لأنني اتخذت الحرف شكلا جديدا غير المشاع في الكتابة العربية ،حاولت ان ابتكر حالة اسقاطية للحرف المسماري على الحرف العربي لأنهما من زاوية تراتبية ارث حضاري متواصل . ما هي جهودك تحديدا؟ _ أخذت الحروفية العربية بأساساتها كمرجعية تاريخية ، ونحن نعرف ان الأبجديات هي سابقة او موازية للأشكال الكتابية ثم جاء الشكل المسماري وتتطور الى الحروف العربية . وقد وجدت ان الحرف المسماري كان يملك قيما تعبيرية (أسمّيها قيما تشكيلية) وحاولت إسقاط هذه القيم على الحرف العربي لغرض بناء شكل جديد للحرف يعنى بالقيم التعبيرية والتشكيلية فضلا عن الدلالية . * أتعني انك طوعّت الحرف العربي الى الحرف المسماري؟ بالعكس أني طوعّت المسماري الى العربي بصوره عامة لأن الكتابة المسمارية هي كتابة مقطعية وليست حروفية ولكنها تنتهي بالرمز الذي ينتهي الى التورية في حضارة وادي الرافدين كل هذا يشكل قيما صوتية وإذا أضفنا إليها قيما صوتية أخرى ستعطينا الكلمة في الكتابة المسمارية في الوقت الذي تتكون العربية من حروف منفصلة والتي تشكل لنا الكلمة ولا حظت ان لكل حرف عربي صوتا معينا .. * ما هو الخلاف تحديدا بين الكتابتين العربية والمسمارية ؟ - الخلاف كبير بينهما لأن السومرية مقطعية والعربية حروفية أبجدية إلا ان هذا لا يمنع من القول:ان الخطوط العربية تمتلك نوعا من التقارب مع الخط المسماري( كالخط الكوفي الذي يتميز بزواياه الحادة والقريبة من المقاطع المسمارية) وأنا إزاء هذا الإرث الكبير طوعت المقطع المسماري كي يشكل حرفا عربيا جديدا. " أنت كثيرا ما تعود للحضارات الرافدينية فكيف جاء تعاملك مع الموروث الحضاري ؟. _ التعامل مع الموروث تعامل عبر الماضي غير ان أية قراءة متعمقة تجعلنا نأخذ ما هو ايجابي وما هو ممكن ان يفيدنا مستقبلا . انا لا أتعامل مع التراث تعاملا سلفيا بل تعاملا بقدر ما يمكن ان ينير المستقبل . ان حضارة وادي الرافدين حضارة تأسيسية بنيت عليها ومن خلالها حضارات أخرى ونحن أولى بتمّثل حضارتنا للحصول على منجزات جديدة. * هل ان تجاربك الجديدة امتدت لتجارب قديمة ( لك او لسواك) ام أنها تمثل قطيعة لما سبقها؟ _ هي امتداد لتجارب سابقة ولكن بشكل أكثر عمقا وأكثر تطوراً من ناحية الرؤى الفكرية والتقنيات الفنية ولا استطيع ان أقول: إنها شكلت قطيعة غير مؤسّسة بل هي مؤسسة فكريا وفلسفيا ورؤيويا من خلال معالجتي التشكيلية والنقدية. وجدت في لوحاتك الحروفية الجديدة مضامين فكرية مكتظة بحمامات الدم وبشكل ملفت للنظر..ما السبب؟ __ ان ما يتميز به تاريخنا الحاضر هو هذا التراكم الكمي والنوعي من الوحشية والتنكيل اليومي غير المسبوق ، وما نسمعه ونشاهده من المشاهد الواخزة والصادمة لوجداننا وضمائرنا كل هذا جعلني ادخل ما تسمّيه ( حمامات الدم) في لوحاتي الجديدة ، وعلى الفنان ان يعمل على هذه الدلالة وليس على منطق البكائيات ولقد سعيت الى دمج الحروفية الجديدة بالراهن الدموي كي أطلق صرخة تاريخية تمتد من الحاضر الى القادم الموعود
!!.

هذا الخبر من :  جريدة العهد

الثلاثاء، 29 يونيو 2010

الاوثان-القسم الثاني-كتابة عادل كامل

41
ما الذي – إذن – يتركه النهار للاستدارات : هذا المنعطف البهي : نشيد نجمة .. فيما تدق تويجات الماضي فوق الغيوم .
إني هنا الأمس بقايا بقايا : هو ذا – ابعد فابعد: الأمس: الولد الذي اكتملت بهاءاته. يا للشمس ذاتها، بلا استئذان، تناولني كهولتي، وبلا مبالاة – تضعني إلى جانب الأوثان.
[42]
أوسمة ، هي الأخرى، مثلي تستدل بانكسارات الماء. شجرة. ليست مثلي، إنما ، إنما دائماً، كلانا متشابهان .
[43]
أيهما أضاء للآخر
أيهما، أنا … أنا أم أنا ..
كل هذا الظلام البهي: وعود بلا مدافن، أيضا:
تذاكر أهملتها النداءات
فجر لصق بقايا أنامل
وكهولة بلا خرائط، هنا، أيضا
أيهما وشى بالآخر
أنا .. أنا أم أنا
إذن احدنا أضاء.
[44]
قبل أن أبصره غادرني .. هو ذا الذي خاتمه أحيى اليباب.
هو الذي ظله أعاد المسرات .. هو الذي أودع الفصول الرغبات. أيا نور لا تتجمع، روحي رقراقة وقلبي نبض حمامة يكسره .
وقبل أن يكون: أبصرته: فتحت الرمل اصطحبت الغابات. شاهدت غرقى الدخان جالست حرس النهارات. بالقطارات تنزهت، وبروحي لامست ثمرة من أحب . صار للبرية نسل وقبائل ..والسيف مازال يعمل في الجسد. يد فوق يد اشتبكت/ تفرقت/ تحابت/ اصطخب/ ولدت/ وتطايرت شظايا الاحتراق .أيها المسمى باللا أسماء روحي اشتاقت .. أيها الضائع من أضاعك .. روحي اشتاقت .. يا من رأيتك قبل أن تكون .. ويا من ودعني وأنا ما زلت مثار شكوك الأرحام.


[45]
الوردة حمتني من وردة .. وفي المنفى الظل حماني من الظل. جدران بيض تعلمني المعنى . الضوء يدثرني .. الظل يغلق لي الباب، النجمة تأتيني بالزاد .. أيا من اشتاقت له روحي لا وردة لا ظل: كلمات اجمع فيها مملكتي. كلمات فوق كلمات ادخل بها المنفى.
[46]
هذا الوثن وردة فوق بحر: اسمي عندك وأنا مسافة: تعال لا تغادر
لي – مثلك – ارتعاشات
غادر – لا تأت – أنا مثلك – صوت. يا لهذا الامتداد.
كلمة فوق كلمة يتكون الصمت
يتلاشى البرق.


[47]
من سيذكر من: أتصالحت أضدادي
من سيذكر من: الملك يتنزه
مطرزاته تكلمت: الغيوم توحدت ، القلوب انثنت
من سيذكر من
الحجارة أم الشجرة
فيما أنا ارقد في قاع النسيان
[48]
يكتمني الصمت .. هو ذا – فوق العشب – كلامي
فتن بعمر الذاكرة : قنديل أدله إلى النور
يكتمني الكلام .. هو ذا – فوق الأرض – صخبي
يد تستجيب للهوى . . ويد اتركها للغيوم
[49]
ليته التباس: الميلاد أو الانطفاء. ليتها غية:
نشوة أو نداء
استدار: إني اجمّع ظلالي
ليته التباس: الكواكب بين يديّ
غيمة أثر غيمة تخترع الصحراء
لمن هذا الكلام ..
يا بصري دل التائه
ثم
اتبعه.

[50]
مملكتي : غبار
ليل بعمق نجمة: من الذي انطفأ [ ابعد وثني ] :
يا أنت .. لا أحد: الصخرة تدون تاريخ الماء ..
والبلابل تتجول بين الكلمات :
المارة يجرجرون المارة
أميت أنا أم بالانتظار؟
مملكتي غبار، مثل اصداء، تتلملم بعيداً عن الأصابع.
[51]
آن أوان قطاف المحترق بثمار النار: من أعطى استعاد.. والاسم فوق الاسم يمحو كل الأسماء: يا فتيات الحصاد انشدن لنا أغنية .. يا سراب اقطف لنا من الأعالي لحنك .. الذي في القلب يسكن برية، والبراري تسرق الأبصار .
أيها الكلام أوقف زحف الكلمات . فانا الشوق أدلني/ أضاعني/ كونني ثم محاني.
[52]
صوتي خرج يبحث عن صخرة .. فالنور فيّ توهج حتى أطفأني .. والظلام صار معابد .. أين أنت يا من وهبتني النور .. الممرات تفرعت .. وزنبقتي في الوديان ضاعت .. أين أنت يا قلادة فرحي .. آثامي شاخت وأنا في الميلاد .. ودليلي، مثلي، خرج عن صوته. أين أنت يا من بالأسرار صاغ روحي: صوت الجبل فيّ وردة .. وصار التيه لي مسار .
[53]
بأي المسرات اختتم فاتحة الاستضافة: اليد انجذبت إلى براعمها: تراب الأحداق وكتمان العواصف. كلاهما خاتم وباب. الأحفاد سبقوها إلى المنافي، الأوثان تتعثر خطاها: الوردة انجذبت ففككت عرشها: هو ذا باب الأبواب ينفتح قدام الانغلاق : زنبقة الجبل ضاعت فيا قلب كف عن الزنابق: خاتمها للريح .. قلادتها للمرات .. روحها خطفت وأنا نفسي استظلت بنفسي للمسافات.
[54]
بكتاب الكتمان تصاغ القلائد: الختم فوق الختم: لذات انطفاء ورغبات معادن. بكتاب الرمل يستعاد التاج: نوارس ورماد. المنحني والمنحنية كأسم يمحو ظله .. هنا ، يتسع المثوى للأعراس : صفاء فوق الصوت، نشوة تبحث عن قرار. بكتاب الموت يولد الراحل: ويد فوق الكلام تفتتح الكتاب.
[55]
بصدى لذات الأوثان قال للأرض انبسطي/ جمعي أثقالك وخذيني . اليد تفتك باليد، والروح صارت حمامة.
[56]
بمساحة الكف، ليس من مدارج: هنا التراب ينهض: موتى لصق إشارات:
- إلى أين ؟
للأوسمة وهي تبارك الكف ظلال كفت عن كفها. لا مصلح لا كلمات: إني أودّع سلامي:
قبر مرتجى باتساع النياشين: شمس زمرد. لا ابنة لدىّ إلا ابنة الفيروز في البحر.
ويقال لي : تمهل .
هذا الشتاء احتوى الفصول، وهذا العمر صار مزار.
[57]
باسم الهواء أعيد صياغة الكلام: يقولون عادل تناثر، أيها المبارك أمواجي تمتد جفافاً نحو البحر، وساريتي تجرجر مداها، أيها المبارك باركني إني عندك ضيف .
[58]
في الفجر ترتل، يوحدها التراب، كف فوق الميت وأخرى للانتظار. خذ الميت مات .. ورماد الليل جمر. هي اليد أعطت وهي اليد رحلت. فماذا تفعل بالوصايا. امرأة الفجر امرأة الليل/ امرأة الراحل/ اخترعت لعبتها . تهدم بأقلام المتكلم/ تهدم فبمحاذاة الفاتحة: نسوة يحملن الثمار .. وبمحاذاة الوردة خنجر يعمل في الثمرة.
[59]
من القادم الىّ وأنا بلا أبواب: يا لذكريات الاستثناء. أزمنة ما تتلهى وأخرى تتعثر. الأتون يلونون الأفق بالأصوات.. فيما نسوة الليل يتبادلن الطرائف .. أهو آتٍ ألينا هذا أيضا. يا حبيبي جسدي انحل من خيط ضوء، وأفراحي تحت التراب ترتل سلواها .. لا اعرف من يعرفني .. ولا الذي يعرفني اعرفه .. ضاع الذي رأيته .. فاتركني لكف أضعها فوق الظل .. انثر وردة فوق المدى، وأتجمع في حبة رمل.
[60]
للريح مفاتيح مثلما للأنهار: من ترك معبده/ من كوّم الأسماء فوق الأسماء: هنا في القرنفلة ذبائح، وهناك عشاق. لصق المباني مارة وفي الكف انحناءات. هي المرأة لها الأسرار، مثلما للذكر انثلامات ..
جرجرني – حبيبي – مني .. أضاء لي النهار وغادرني.
[61]
ما الذي – سوى الهواء – يتكاثف [ تمر العجلات ] بعض السلوى يفسر بعضها . سوى الرماد ومطرزات الأنثى [ وتمر العجلات ] ما الذي سوى زجاجة بلون الكف: هنا، خلف الرأس قطرات مطر للابتهالات. العجلات تغادر .. وليس سوى نبع تحت البحر يلهو عبثاً بالروايات.

[62]
أمسكت بالصوت الموَّحد: أعلى أعلى هي كاتدرائية النجوم، ما الذي يحرك إسرار النمل: الغابة الشتوية تخلع معطفها. الحشائش، الحشائش المتيبسة، هي إذن ، الحشائش تدّون فوق البرد مسلات الأصداء.
[63]
قط لم يسبق ظلي ظلي. إنما بعضي لا يتقدم: هذا النبات تسلل إلى الرأس : غابة أعمى . غلمان مطرزون بالأعياد. الساق التوت والأحلام تناثرت .. هذا عيد يطرق الباب .. فارتب أيامي، ثم أصعد إلى السماء.
[64]
اعدل الليل: ادخل. ليس لدىّ أوامر. تماثيلي فوق النار. الرب، هنا، أو هناك.
أعطاني استراحة
اعدل الليل: ادخل، يا وثني :امرأة أو متسول: نجمة أو عابر سبيل ( مرقدي بالرماد يعلن احتفاله ) : الليلة عيد: ادخل.

احدنا سيعدل احدنا
العالم ينشطر .. والكلام يجرجر الريح إلى الريح . يا عجوز ( قالت فضائل الصمت ) ادخل ليلك – عدل من اشتعال النار وعدل من هذا الوهم. الباب بلا قفل يدور.
احدنا سيعدل احدنا
هذا سر الإقامة .. هذا هو مفتاح الكلام.


[65]
أيصنع الأفق هذا الكف : يا قوتتات فوق الجذع ، وصخرة أصوات مكتوبة. امرأة الغابة اختفت، خلعت قمرها، أذابت فضة الزنبق، لوّنت الغرقى بالنياشين.
أيصنع هذا الكف الأفق. أيا أيتها الآتية تحركين الموجة اثر الموجة؟ القادمون غادروا والليل لا يمحو الليل .. أيا أيتها الواقفة بين نهار ونهار لن يمتد عرش الكهف ولن تنُشد الأناشيد . يا حلوة مثل أغنية ميت، لا الأسرار/ لا الأسوار/ لا النار تمتلك مفتاح القلب: المدن بالجراح تودع احتفالاتها: والاسم الذي يولد بعد الاسم يحمل بشائر الأعياد . أيا امرأة الفضة بأي ماس تلونين علمْ الصحارى: ذئب في الوردة يطلع .. والذين ماتوا موتاً ها هم في الرمل ينهضون.
[66]
فيك البرية رائحة طلع: ثمار الغابة لا تغوي نطفة انطفأت. لا أنا بالداعي إلى الولائم لا أنا القائل وداعاً يا أحجار. قلبي للنية خطا ، دوّن تدويناً ومضى .. فتعالي نعقد صلحاً : تعالي .. الليلة عندي الأرض مؤنستي .. اصعدي ثمار الموتى ذهبت .. وثمرة روحي لم تذق الأسرار فيها بعد . مدي كفك لنمحو كلام الريح فالأتون موتى قبل الموت .
[67]
هذا أمير يعلن دولة الرمل: متحجرات وصقور. يا للمعركة. الصخرة تمسك كف القمر .
نادى الأمير: من أكون .. استدارت الهياكل . نادى الأمير: من اكون .. ؟
معاً – يرتعش الخشب والظهيرة غادرت ..
لا فدية
في مساءات البرد، عند النخلة، جلسنا .. بايعنا الرمل. عند الفصول سمعنا الأمير ينادي:
من أكون ؟
[ وليس للأمير من صوت ] نهضت حاشية النهار اجتمعت.
والعيد وزع هداياه
لكل ساكني بريتي ارض الزنابق وأعالي المتحجرات في الأفق لا أحد
هذا المعبد يفتح باب الوردة
تعال يا صمت جمع خفاياك الخيمة غادرت
وهذه فاتحة الماء
الأمير غادرنا وكواكبه انثلمت .. انثلمت ..
وساريتي عند
النبع
أناشيد.
[68]
بأي رمال يضاء القلب : تعلمني السر وتكتم علىّ الفضاء . الباب الموصد أعلن كلامه .. والميت قام .. يا أخشاب الإشارات أفصحي عني : لا أنا بالقديم لا أنا بالمبتكر : أنا غابة أنوار وحفنة خطايا : أنا المجرد وأنا الليل في وردة . تعالي خذي هذا الراغب بالإقامة .. عنده أحزان/ وعنده سلوى: حلمت باتساع الومضة. أيتها المرأة أما من شكوى تعيد المسارات: الحجارة اصطخبت، والأعشاب أعلنت أعيادها . أيتها الشكوى أنا اجلس في العيد: معبدي كلمة وأعراسي رماد.
[69]
بأي الكلام اكتم الكلام: الجرح استفاق ..
والوردة فوق الوردة تكتم كتمانها: عرس .
أين اليد التي أعطت: أهذا هو مثوانا:
ورود لصق ورود ؟
[70]
فوق الخاتم تدّون إشارات: أيها العابر توقف : هنا الظل يطرز وسطه: المرأة التي جاء بها البرق تطلع ثمرة مشتهاة. أيتها الرغبة عودي إلى مملكتكي راضية بالكتمان : ما من شيء جاء بشيء .. ما من شيء يفقدٌ : كنوزي عتمة .. ويد الغيمة فوق البرية تبسط كلامها : أيتها المرأة ما الذي أتى بك والقلب كسير.. أبعثت بك الحقول أم أن ما تنشده روحي صار استحالة..
دعي الخاتم ينشد ذكراه: النياشين للفضاء، والصوت مملكة.
[71]
بختم الأسرار أرصع اليد الملكية: تدور بنا الريح .. قلادة الياقوت انفرطت، تناثرت .. وبيد النور أدوّن فوق الأمواج أسماء العشاق: أيها الغريق الجميل يا صنو ثمار الجنة، متى استطالت الظلال، متى افتتحت الخاتمة: هذه عروسي تحت الماء، تعطر الاسم الممحو بالرمل. وبقلادتها دشنت الجرح. النور أضاء الكلام وأنا أهب المنسيين نياشين: أعياد رماد .. ومسرات غرقى.
[72]
متى احتفلنا لكي نغيب : متى تجمعنا لكي ينفرط العقد: اليد فوق اليد والخاتم يدور .. صخب أم عرس ؟
خذ روحي أيها الغائب . النور ملأني حتى انطفأت. لا أنا بالغائب لا أنا بالحاضر .. جمر العرش يرُصع بالذكرى . هو ذا الفضاء يتجمع مع الأصابع ، ويختطف مني رماد الأحداق .
[73]
غاب من جاء ، كرماد فوق جمر : من جرح الأرض من نثر بذورها من أشعل الماء: توقد يا ليل اشتقت للضائع . أدلوني أين خبأ ثمار الأحجار، فنفسي بها نشوة .
مطهرة أيام الغائب: الذي طرزنا .. لملم حبات الشجرة، وأعطى للأسماء هذه التذكار.
[74]
بي جرح ابعد من جرحي: قلائد أناشيد .. ونشوة .. وعندي فضاءات . عندي مزارع نجوم غاب عنها الصائغ ..
حبيبي أدلني وأضاعني .. لملمني وفرقني .. سقاني ثم نثرني..
أي .. يا هواء .. أين لؤلؤة الوعد: الكتاب المكتوب فوق الماء ..
إني أعيد للبحر آخر غرقاه .. واصطحبه للميلاد .
[75]
أطفأتني أم انرتني، القلب خبأ وردته: النشوة فضحت أسرارها: تماسك يا حجر القلب عدل نظام الإقامة. العيد اكتمل والبدر فوق الأصابع يدور .. أيها الوسام لا تبحث عن محارب .. أيها المحارب هل عثرت على سلامك .. ؟
لا خصام بين النجمة والوردة : البذرة أفاقت وقلبي أسكره الغياب.

[76]
الملاك الذي استضاف عتمته غادرنا .. فالقلب استضاء بجدار: يا بلابل غردي للعروس: ليلنا الوثني نجومه تناثرت .. واليد تحولت إلى تراب.

[77]
يجرجرني معبدي إلى البوادي: الفجر رقد فوق الكفين.. والعروس تحاور صمتها.
خذ أيها الأتي أنا أعطيت .. فآخر إسرار التراب أولها: هنا اجلس في الوردة: العيد نياشين: والصمت ابتهالات.
[78]
خاتمها أضاء: كلمة اثر كلمة يمحى الكلام . والأسرار تمحو الأسرار . العيد ارتدى الأرض: غابة ورد. يا لروحي انطفأت بالاستضاءات: خذ مني خذ ..
[79]
بنجمتها تصاغ القلائد: هذا المرمر فوق المرمر: إستحالات نور .
البحر أعلن استضافته: لا أجمل من غريق يدثر الغرقى. هنا تتجمع الأشجار. ماذا لديك يا قلبي .. غادر .. الليل يحرس أسواره .. ويا كلام تفتح ، العقل موقد .. وفي الروح روح يرفرف : المعبد يكتم كتمانه : صحراء ثانية ينقشها النقاش، وفيَ انتشاءات .

[80]
كتماني صّدع صمت الصخرة: يا للعيد .. بذور من حصدت. أكان للقلب اكثر من ضيف ؟
أيها النيل ماذا فعلت بالبوادي .. ؟
أيها الفرات .. تمهل .. عروسنا نجوم .. وفصولنا احتفالات.
[81]
بأي خطاب أخاطب ملكتي: يدٌ أخذها الرماد .. ويد أضاعها النور .
ملكتي بتاج الغرقى لؤلؤتك ِ تعيد صياغة القلائد: البذرة بعد البذرة شجرة: لا الرمز بسابق خلاصه ولا الفناء يجرجر حجارة موتاه .. أي يا رب العشاق، من صاغ هذه المطرزات.
[82]
اقفل الروح بالفضاء: هذي نفسي فرحانة : اقفلها بالنور: يا كلام اتركني إني ابحث عنك .


[83]
الغائب غاب. كم قالت لا يكفي : جهنم الأحجار والناس: مرحون قبل الميلاد . أيتها الشجرة تجمعي : قلبي اشتاق.. والوردة تكتم سرها في الرمل .
خذ .. ما أحد أعطى : العاشق ارتدى غيابه: أيها الحبيب اتدلني عليك ؟
[84]
الخوذة فوق الخاتم .. والماء يكتم إسرار الماء: فوق العرش عرش: الفانون فانون قبل الفناء: لكن لقلبي كلمات هذا الماء.
[85]
خبأ حبيبي نفسه بين الزنابق ثم خبأني إليه. الغيمة غنت: يا عروس الليل أين حبيبي الذي غاب ؟
[86]
فوق الممحو اكتب: الملكة تنثر ورودها .. يا جسد تفرق من جمّعك .. من صاغك .. الاسم فوق الرمل يتكون .. والاسم يمحوه الرمل.

[87]
من ابتكر لذة الماء: أيها الوعي من منا غاب ومن منا غاب ؟ الحجارة ترتب احتفالاتها: إني امسك صخرتي يا هذي الشجرة: أودع من ودعني .. واليد فوق اليد ملائكة احتفال. قط روحي لم توشْ بروحي: أيها الباب المفاتيح ثمار البذار. الأرض قامت. واليد ملاك وفوق اليد ملاك: أنا اجمع الماء من العّرافات: من منكن لديها مائي . أنا بالحجارة ازرع مزرعتي.. يا ارض هذا الجرح خالٍ من الجرح .. وكتاب الأرض كف عن الكلام.
[88]
من استدل بمن: البحر بالغريق .. أم العروس بماس الأثقال. على المدى عويل رؤوس الفضة .. الملك العبد العاشق على المدى ضاع الاسم بين الأسماء.

[89]
ليس للأساور أساور: الخاتم الذي فوق الخاتم أضاع الخواتم.
لقلبي خفاياه: البذرة تمحو يد البذار .. والحقل ينتشي بالحرائق. لا أودع من ودعني، أنا الاستضافة: يركب الغريق مركبه والبحر يعلن أعياده في السواحل.
[90]
للذي يأتي نرتل: الغرقى يلملمهم الكف: يا آخرتي كم هدمتك إلا تشتهين استضافتي إليك: أنا كلت روحي والعرش مغادرة.
[91]
اليد أعطت ثمرتها: غياب المتذكر غياب الذاكرة. المعبد استضاف العابد: لا اسم للمسمى لا لغة للكلام . تلملم الأهداف سواحل الرمل: آتون قبل الأوان: راحلون قبل العرس: القفل يغلق الباب، والوعود نياشين ذبائح.
يا فضة الميلاد الحقل أينع، وخاتمة الافتتاح بجرح الأرض تعلن غيابها.

[92]
عين ترى وثانية تدوّن: لاكّتمن بيرق الحجارة: السياف وارى سيفه .. وأميري اخترع لي المسرات: العين دوّنت محوها، يا ليتني وهبت السياف أوامر الأرض: أتطرب روحي وحبيبي جمعني/ سقاني/ وعلمني صحو الأشجار .. أراني نشوة الأعناب ولذذني إليه: إذا رأيتهم حبيبي لا تدلوه علىّ، أنا عنده: أيا أيتها النفس صحا قلبي فمن يفرقنا للاحتفال: لا هو يراني لا أنا مبصره. أيا أيتها النفس صحا قلبي وحبيبي عندي فمن يدله علىّ أنا عنده .. أيا أيها اللامسمى من ابرق برقه في بريتنا: اصطفانا في بذرة، ودوّن خاتمة الافتتاح ؟
[93]
انفرطي انفرطي يا قلادة الروح: العشق باطل .. ودار الإقامة غربة .. فلِمَ ذهبنا إلى العيد .. قطفنا الثمار .. أما كان للغريق الجميل خداع سواحله . أما كان لي إغواء الأغاني والذهاب إلى الليل : حكمة فوق الكف وأخرى رحلت بلا استئذان : يا أسئلتي هدئي المشهد، ويا نور التراب كفى: الكلام يتناسل: والمثوى باتساع الأرض.

[94]
عيّدي يا نفس حبيبي غاب: هو عندي. يا روح من أرجعك اليّ: غابتي زنابقها توزعت : مملكتي تناثرت ، وعودي توارت ، وآمالي فوق الكف معابد . هي عندي فضاء وأنا عند حبيبي غابة : قبر فوق قبر تمحى الأسماء .. وعلى المدى حدائق تقام : ولدان يطلعون ترتل لهم الريح ، أما علمت يا وثن سر عشق الحجارة للحجارة : شارة الروح تنتظر خلاصها .. شارة خلاصها يبحث عن سيف . كلانا ورطة يا ارض ، كلانا عند البذار حقل يتشهى النار .. أما آن للنفس أن ترضى بغيابها، برهة، أما آن لها أن تغيب.
[95]
بأي كتمان تكُتم الأسرار: الفضاء آفاق، والوردة فوق الخاتم أعلنت احتفالها: الكلام جرجر ظله ، مثل الأسماء غادرت مثواها : يا ريح تجمعي في مقلتيها .. جرح الأرض استفاق .. وبخاتمها دوّن الرمل أسراره . يا أوثاني من علمك النطق ، ويا حجارة من صاغك أوثان ؟
[96]
من اختطف العهد : من أعاد صياغة الهواء : دار الباب مع البواب ، والشجرة مع المحارب : لم ينتش القلب قط بالفضاء ، ولا تعاويذ الرماد انتشلت الغرقى . القلائد ليل .. والنهارات تبحث عن دليل . تعالي يا عاصفة تجمعي في البذرة : الشجرة اكتملت .. والثمرة توحدت مع البرق . تعال يا ساحر السحرة لدىّ هدايا : أعياد تراب ، وتراتيل أوزعها فوق الموج.. يا من عثر على حبيبي أنا غادرت معه والميلاد على الأبواب .
[97]
بالبرق نطقت الحجارة : رتل يا تراب .. الأمطار سبقتنا للمنافي ، والملكة اصطحبت ظلها ، تكوّم الياقوت ، وختم بالختم كلام آخر الأحفاد: مخلدون فيها ، اليد نطقت ، وحرس الغابات استدرج إلى الليل : رتّل يا ماء ، البحر غادر سواحله ، وسيف السياف توارى : ايا يا ملكتي أنا الملك الوثن : عرشي غادرني وأنا في المهد .. فتعالي نشّيد بالرمل غاية براءة . لا الروح لدىّ تحتمل مرأى نجوم انطفأت ، أو أخرى فجرت ينابيع الانحناءات . أيا يا هذا المعبد دعني أدور : استأنس غربتي بالغربة ، وافتتح في الوردة آيات الاحتفال .
[98]
لي عند الغائب أعياد : غابة كتمان معلنة .. ولي عنده أنوار : يا من أمسكت بالعتمة أنا أمسكت بالنور .. فمن ذا يعيد بناء البذرة : الغائب أخذ الغائب تاركاً الصولجان : البرية تسكن لؤلؤة ، والحبيب أضاع الحبيب .. ولي عنده كلام .. بالختم تفتتح المساحة ، بالقرطين يتكون الليل ، بالقلادة يصاغ الفجر .. وعندي عنده أعراس ..وعندي عنده معابد .. كتاب.. وعندي عنده حجارة تتشهى النار .
[99]
عيد يا عيدي أنا الأعمى امسك بالنور: عاد حبيبي ولم يعد .. فخرج البحر يبحث عن غرقاه .. يا زمردة القلب الحجر قام .. طيور البرية عند المثوى .. الذهب يأتي بالذهب والأصداء بالأصداء .. يا كاتم أسراري ، يا ورقة الشجرة ، يا رملة البرية ، يا حرف الكلام ، أما آن لي أن أستريح ؟
[100]
أخذت الغيمة ما أعطت، فوهبت الغابة تاجها للأدغال: ليس بالحجارة يكتم الكتمان: القلب يهب ليغادر .. ويا من عثرتم على الفلك دعوا روحي تتجه .. فالشوق – نطق الفضاء– اكتفى بالشوق . غريقان – إذن – تحت سماء الضوء يتوحدان بغريق. أيها الواحد من فكك ؟ لي في عيد الأعياد عيد: حبيبي أضاعني/ أدلني/ قسمني/ وحدني/ وهبني/وأخذني إليه .. حبيبي في الوثن عطره زنابق، ونشيده مسك . أغاب الغائب ليدلني ، يحرقني ، ثم يعلمني الاستدراك ؟ : هو عندي وأنا داره .. الواحد انقسم، والأجزاء لؤلؤة. أين اعثر على من فيّ ؟ بلاغة ظلام ! والنفس جمعت أسئلتها .. الرمل فوق الكف: الياقوت الخاتم العقد .. والملكة احتفلت فأهدت وهبت وبالنذور لها الزنابق غنت . أتشتكي لتكف الشكوى عنك ؟ غريقان يتوحدان في غريق، وبالماء تجرح الوردة: الروح أينعت، والأرض جرح: يا أيتها المرأة/ الملكة /الشجرة/ البرية/ النار/ الغيمة/ البحر/ جمعي الحروف في حرف .. وبالمفتاح اقفلي الكتاب .. وبالمفتاح افتتحي الخاتمة، فانا أمير الأوثان.
[16/11/1992]



الاثنين، 28 يونيو 2010

الومضة الشعرية والبراعة في سباكتها-بقلم حامد كعيد الجبوري


الومضة الشعرية والبراعة في سباكتها
                                       
حامد كعيد الجبوري
       
بداية أو منتصف التسعينات من القرن المنصرم برزت ظاهرة جديدة بكتابة الشعر الشعبي ، وهذه الظاهرة تسمى ظاهرة ( الومضة الشعرية) ، ولتقريب الموضوعة بدقة أكثر فأن الشاعر منشأ هذه الومضة ، كأنه يحمل بيده آلة للتصوير يلتقط من خلالها لقطة لظاهرة ما ، ومن الزاوية التي يراها مناسبة لومضته ، وبداية ظهور الكتابة بهذه الصور الشعرية الجديدة ، قوبلت بالترحاب حينا  وبالنفور حينا آخر ، المتمسكون بكلاسيكية القصيدة الشعبية صرحوا وبأكثر من مرة ، لماذا لا نعتبر الدارمي أو الأبو ذية ضربا من هذه الومضات التي تكتب ، وبهذا لا نحتاج لهذه الومضات
المزعومة ، معتمدين بطرحهم هذا على أن القصائد الشعبية هي ما زادت على السبع أبيات شعرية ، والمقطوعة ما قلت عن السبعة أبيات ، ولا توجد تسمية أخرى لمثل هذه الكتابات الجديدة ، وبزعمهم أيضا  أن الدارمي و الأبوذية يأخذان هذا المنحى ، أي أربعة أشطر للأبو ذية ، وشطران للدارمي ، و الدارمي عروضيا  يقع تحت أربعة أشطر شعرية ، وقسم آخر من الشعراء ، أستحسن هذا الفتح الجديد ، ليواكب حركة التطور الأدبية العراقية ، وليختصر المسافات الطويلة التي يقطعها الشاعر الشعبي بقصيدته للوصول لما يريد قولته ، بمعنى الدخول لبيت القصيد الذي يبتغيه شاعر القصيدة
 
مباشرة والذي أخذه ، أي بيت القصيد شاعر الومضة .
     
بعد دراستي وتتبعي لشعراء الومضة خلصت لنتيجة قد أعارض بها الكثير ، ويعترض عليها الأكثر ، فأنا أرى أن للومضة شعرائها المتخصصون بكتابتها ، ولا يمنع ذلك من أن شاعر الومضة يمكنه أن يكتب قصيدة جميلة يشار  لها من قبل النقاد والباحثين ، مثلهم بذلك مثل شعراء الأغنية ، فالشاعر المتمكن من القصيدة قد لا يستطيع كتابة أغنية يتلقفها الملحنون قبل المغنون ، بمعنى أن شاعر الأغنية ليس بالضرورة شاعرا مجيدا بكتابة النصوص الشعرية ، وقد تجتمع الخصلتان كتابة القصيدة وكتابة الأغنية بشاعر واحد ، والأمثلة لا تحصى بهذا الباب ، أبو سرحان ، زامل سعيد
فتاح ، كاظم الرويعي ، رياض النعماني ، وغيرهم ، وهناك قصائد حفظتها الألسن ورددتها كثيرا ، مما أضطر الملحن لتلحينها لغنائيتها العالية  ، ولموسيقاها الجميلة ، ومن رواد هذه المدرسة الرمز العراقي الكبير مظفر النواب ، ولم أجد أغنية واحدة لشاعر رائد كشاكر السماوي لحنت له قصيدة ما ، على حد تتبعي وذاكرتي ، وكثير من الشعراء كتبوا القصائد الغنائية بزعمهم ، وحين أقرأ تلك الأغاني التي كتبوها ، أجدها قصائد ألبست ثوب الغنائية ولا تصلح أن تغنى .
     
والومضة الشعرية الناجحة بزعمي ، لا يمكن لشاعر آخر أن يضيف لها شيئا ما ، أو أن يحذف منها شيئا آخر ، ويمكن لشاعر آخر أن يغير بتلك الومضة ليأتي بومضة مشابهة لها ، ومرات تأتي هذه المجاراة أو المحاكاة أقوى أو أقل سباكة من الأخرى ، ( بمريكا أنتخينه من هذولا لا  لا لا ك / يا هو اللي يفكنه من هذوله / صباح الهلالي ) ، والتساؤل الذي يُطرح هنا ، ماذا يمكن أن أضيف لهذه الومضة الشعرية ؟ ، وماذا سأحذف منها ؟ ، في كلتا الحالتين لا يمكن أن أضيف أو أحذف ، فالإضافة والحذف الذي أدخله على هذه الومضة سيغير معناها بالكامل ، وقد أجدها عصية على الفهم لو
حذفنا أو أضفنا شيئا لها ، ناهيك عن أنها موضوعة متكاملة لقصيدة أن أراد أن يكتبها قصيدة ، وبهذه الحالة – أن كتبت قصيدة – سيحتاج إلى التقريرية المملة والصور المكررة ، إذن أنها ومضة مسبوكة بإحكام لا يمكن أن نضيف أو نحذف منها شيئا آخر ، وإن حاول شاعر آخر اقتباسها وإلباسها حلة جديدة لربما سيصاب بخيبة أمل ، أو بنجاح أكبر مما نجح بها الشاعر صباح الهلالي ، وشاعر آخر يحب أن يوصل صوته جهوريا للمسؤلين ، ويتبرم من وضع لا يرتضيه ، ويطمح لوضع آخر ، ولأن المسئول يدعي منهجا إسلاميا متأسيا بصحابة رسول الله (ص) ، ولأن هذا النهج لا يشبه نهج من أتخذه
ذريعة ولباسا للوصول لغاية أدركها المسئول ، إذن على شاعر الومضة إيصال صوته واضحا وجليا عبر ومضة غير مرمزة  فيقول ، ( طلب منك يا إلهي / وخاف إذا يحمل تجاوز / هالطلب إغفر إلي / لو تموتلنه اليتامى / لو ترجعلنه علي / الشاعر محمد الفاطمي ) ، ترى ما سنضيف أو نحذف من هذه الومضة التي أشرت ودلت على تبرم واضح لواقع مر معاش ، ومن جمالية الرمزية الشفافة جاءت قوة وسباكة الومضة الجميلة ، ( جنت شايل دنية بيدي / ولمن شفتك صفكت / شاعر مجهول) ، لو أمعنا النظر بالومضة أعلاه لوجدناها تحمل وجوها عديدة ، منها أني كنت أحمل كل الدنيا بيدي وحينما رأيتك صفقت ففقدت
الدنيا ، ووجه أخر أني حينما رأيتك صفقت لك وربحتك كي أرمي من يديّ خسائر الدنيا ، وأوجه المقارنة والدلالة أكسبت الومضة جماليتها هذه ، ( صار أسنين أمر  ع الباب ، غبت يومين أجاني الباب / محمد الغريب) ، هنا حين الفت الباب مرور محمد الغريب رحمه الله عليها وأستو حشت طلته عليه أتت الباب طائعة له ، وهي تحمل رؤى كثيرة ومضامين أكثر ، وشاعر آخر يعتقد – وهي حقيقة – أن الفراعنة لا يخلقون هكذا فراعنة ، بل خنوع المرؤوسين أوصل الرؤساء للفرعنة ، وقديما قيل لماذا تفرعنت ؟ ، أجاب لأني لم أجد من يقف بوجهي ، وهذا ما يرسمه الشاعر راسم الخطاط بومضته التي
تقول ، ( مشكلة هذا العصر موش الذياب ، تبقه مشكلة العصر كثر الغنم)
     
هناك قصائد كثيرة كتبت سابقا أو حاليا ، لا يستفاد من كثرة أبياتها  أو سردينها أو مباشرتها ، ويمكن أخذ مطلعها أو مقطعا منها على أنها ومضة يشار لها ، كتب الشاعر المرحوم صاحب عبيد الحلي قصيدة وطنية رتلها من أحد المنابر الحسينية يقول باستهلالها ، ( ثوار دوخنه الكرة الأرضية / ثوار هاي أعلومنه مروية / واليوكف أبخط النار / ما غيرنه ونفدي الوطن بدمانه ) ، والذي يقرأ كامل القصيدة يجد أنها تدور ضمن هذا المحور ولا تتعداه ، إذن ما قاله لا يعتبر إلا حشوا ليوصل به مقولته لجمهور متحمس ، وقد أعطيه الحق بهذه السردية والإطالة لتفاوت ثقافة مستمعيه ،
وهناك مطالع قصائد كتبها شعرائها لم يجدوا روحية المطلع بباقي أبيات القصيدة فمزقوا ما كتبوه وأبقوا المطلع فقط كومضة جميلة ، وهنا سألت الشاعر عبد الكريم النور لماذا لم تكمل قصيدة العقارب ؟ ، أجاب بأنه أن وجد اليوم أوغدا لموضوعة تأتيه بقوة وجمالية مطلعها لأكمل تلك القصيدة ، ( معذوره العكارب فاكده الشوف / حكها أتخاف من الما تشوفه /  ذنبها أسلاحها وتلدغ أمن الخوف / بنيادم شجاه هم فكد شوفه) ، لربما بقادم  الأيام يستطع عبد الكريم النور أكمال مشوار قصيدته ، ولربما لا تأتي بقوة مطلعها ولربما ، وشاعر آخر كتب قصيدة لأمه وهي تعد من العلامات
الفارقة بقصائد الأمومة وهو الشاعر السيد عماد المطاريحي ، أخلص منها لومضة يستفاد منها لا حقا لشعراء آخرين ليبدعوا ما أبدع السيد المطاريحي الذي يتصور أمه بعد طول غيابه ترفع كفيها للسماء طالبة أن يعيد لها ولدها ، ( تظل تدعي ، تظل تدعي ، ربي يرجع بالسلام ، مرة رديت ولكيت أمبيض أبجفها الحمام ..........................!