بحث هذه المدونة الإلكترونية

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 20 أكتوبر 2018

سالوفة خاشقجي - ابتزاز الصديق عند الضيق-صائب خليل


سالوفة خاشقجي - ابتزاز الصديق عند الضيق
صائب خليل
20 تشرين الأول 2018
اخيراً كشفت أسرار جريمة قتل خاشقجي، ولم يبق منها سوى التفاصيل "المرعبة" للخاتمة المتوقعة، ولم يبق من شيء للإعلام السعودي عمله سوى اعمال "تقليل الخسائر المعنوية قدر الإمكان"، باختيار السيناريو الأنسب، وحماية الكبار، وهي عملية إعلامية معروفة وكلاسيكية.
قبل الكشف كتبت مقالة قمت بتعديلها مرتين، اكدت فيها على فكرة "ابتزاز الصديق" فكتبت أن "احساسي بأن القضية بالدرجة الأولى لعبة، وان السعودية، قد تكون، رغم كل جرائمها، الضحية أكثر مما هي المجرم هذه المرة
لماذا هذا الإحساس؟ أولاً هناك دافع ممتاز لهذه اللعبة التي تمارسها الولايات المتحدة وإسرائيل كثيراً: "لعبة ابتزاز الصديق". واللعبة مغرية جداً عندما يكون الصديق ثرياً جداً وضعيفاً جداً ليس له اية قدرة على الرد، ولا حتى على الزعل! وهذا هو حال السعودية. وقد قام هؤلاء بتنفيذ هذه اللعبة عليها كثيراً جداً مؤخراً.
.
ما زاد قناعتي بأن هذه الفرضية معقولة، هو أن الأدلة التي قدمت في مختلف البرامج التلفزيونية، وجميع الأفلام التي روجت، ليست فقط تافهة، وإنما أيضا يشم منها رائحة محاولة إعطائها قيمة اكبر من حقيقتها كثيراً وفرضها على الجو الإعلامي لتجميع الضغط على السعودية، ولكن بحساب يتيح لمن يديرها، التراجع
.
السعودية عبد مطيع، عدا انها مخترقة من الملك إلى ضابط الشرطة. لذلك فهي لا تتصرف بطريقة دولة تبحث عن مصلحتها، حتى لو كانت ترى مصلحتها في القتل. فإن كانت السعودية تريد قتله، ألم يكن اكثر أمانا أن تؤجر من يقتله خارجاً بدلا من قتله داخل السفارة والمغامرة باحتمال ان يكون قد احتاط لنفسه وقام بتكليف من يسجل له فيديو وصور وهو يدخل السفارة، او ان ترك شهوداً عديدين ومعروفين (دبلوماسيين مثلا) شهدوا دخوله المبنى؟ أو ان يكون قد حمل معه جهازاً قد يسجل الحديث او يرسل عملية القتل إلى خارج السفارة؟ 
ما يثير الاستغراب أيضاً ان خاشقجي لم يكن معارضاً شديداً للنظام ولم يدع لتغييره، ولذلك فان مثل هذه العملية تبدو متطرفة جداً في حماقتها. ورغم كل ذلك، فأن عدم انكار السعودية منذ البداية، دخول خاشقجي إلى القنصلية يؤكد كونه قد قتل داخلها. من الصعب ان يصدق احداً قصة ان الكامرات لم تعمل ذاك اليوم، رغم انها ليست مستحيلة نظريا، فهي تترك الطريق مفتوحاً بعض الشيء لمن يتهم السعودية، بالتراجع مستقبلاً إن تم الاتفاق.

لذلك فالاحتمال الأكثر منطقية هو أن يكون فخاً امريكيا تركيا للسعودية، يضرب به عصفوران بحجر. فالتخلص من خاشقجي الذي كان يتحدث مؤخراً عن ضرورة تغيير السعودية لقراراتها الاقتصادية، هو مصلحة امريكية أيضا، بل وقبل ان يكون مصلحة سعودية. وسيفكر الأمريكان بالتخلص منه كما انهم سيفكرون أن من الافضل ان يتم الاستفادة من تلك العملية لابتزاز هذا الصديق الثري في نفس الوقت. ومن المعقول في هذه الحالة ان تشترك تركيا في اللعبة. فالسعودية مستعدة بلا شك ان تدفع المليارات من اجل انهاء الموضوع بالصمت
وبالفعل أذعنت السعودية لطلب تركيا السماح بدخول فريق للتحقيق الى القنصلية. وفي اميركا وقع 22 من رجال الكونغرس طلباً للرئيس ترامب بالتحقيق في الموضوع، واعطيت له 120 يوما لإكمال التحقيق وتقديم تقرير به إلى الكونغرس.
.
ترامب لا يخفي ابتزازاته المافيوية المباشرة للسعودية في خطاباته، لكن الابتزاز بالخطابات لن يأت بنتيجة ما لم يساند بتهديد مقنع خاصة وان السعودية بدأت تشعر ربما لأول مرة في التاريخ، بأن امكانياتها المادية صارت مهددة لشدة الابتزاز. ومن المحتمل أن يكون السبب هو دفع السعودية لإكمال صفقات سلاح بدا ان السعودية متلكئة في إتمامها مؤخراً لنفس السبب. 
.
ما اردت من خلال تشكيكي الأولي والمراجعة، التنبيه إلى نقطتين: الأولى اننا يجب ان نبقى نطالب بأدلة كافية حتى لو كان الخبر يناسبنا وكان طعمه "لذيذا" على لساننا. والثانية هي ملاحظة عمل مبدأ “ابتزاز الصديق” الذي تمارسه اميركا واسرائيل بشكل ثابت ومستقر حتى من "اصدقائهما" الأوروبيين والحكومات المصرية المتعاقبة وغيرها.. 
عدا هذا فالموضوع كله غير مهم، لا مقتل صحفي وضيع ولا كون القاتل حكومة ليس لها إلا سجل الإجرام الطويل، ومهما تكون الحقائق فلن تغير من نظرتنا لا الى القاتل ولا المقتول.. وما يهمنا هو فهم ما يجري، والحفاظ على عقلنا سليما.