بحث هذه المدونة الإلكترونية

مرات مشاهدة الصفحة في الشهر الماضي

الاثنين، 26 فبراير 2024

المرض العقلي والمرض النفسي -د.غالب المسعودي

المرض العقلي والمرض النفسي المرض العقلي والمرض النفسي هما مصطلحان يُستخدمان في بعض الأحيان للإشارة إلى حالات صحية متعلقة بالعقل والنفس. على الرغم من أن الاستخدام الدقيق للمصطلحات يمكن أن يختلف بين الدول والمجتمعات والمهنيين الصحيين، إلا أنه يمكن تقديم تعاريف عامة لكل منهما. المرض العقلي (الاضطراب العقلي) يشير إلى حالة صحية تؤثر على العقل بشكل عام، وقد تشمل اضطرابات عصبية وعقلية مختلفة. ومن أمثلة الأمراض العقلية الشائعة: الفصام (اضطراب في الواقعية والتفكير)، واضطراب ثنائي القطب (تقلبات مزاجية شديدة)، واضطراب الشخصية الحدية (اضطراب في نمط السلوك والتفاعلات الاجتماعية)، واضطراب الهلع (هجمات الهلع المتكررة)، واضطراب الكآبة (اكتئاب شديد)، واضطراب الهوس (أفكار وتصرفات غير طبيعية). أما المرض النفسي (الاضطراب النفسي) فيشير إلى حالة صحية تؤثر على النفس بشكل خاص. وعادة ما يكون الاضطراب النفسي مصطلحًا أوسع من الاضطراب العقلي ويشمل مجموعة أوسع من الحالات الصحية. ومن أمثلة الأمراض النفسية الشائعة: القلق (القلق الشديد والتوتر)، واضطرابات الأكل (مثل فرط الأكل والشهية القليلة)، واضطراب التواصل (صعوبات في التواصل الاجتماعي والتفاعل)، واضطرابات الانفصام الجنسي (الهوية الجنسية والتوجه الجنسي)، واضطرابات النوم (مثل الأرق والنوم المفرط)، واضطرابات الأطفال والمراهقين (مثل فرط الحركة واضطرابات التعلم). يركز الاضطراب العقلي على الحالات التي تؤثر على العقل بشكل عام، بما في ذلك الاضطرابات العصبية والعقلية المختلفة. بينما يركز الاضطراب النفسي على الحالات التي تؤثر على النفس بشكل خاص. يشمل الاضطراب العقلي مجموعة واسعة من الحالات الصحية التي تؤثر على العقل، بما في ذلك الاضطرابات العقلية الشديدة مثل الفصام والاضطرابات الثنائية القطب والاضطرابات الشخصية. بينما يشمل الاضطراب النفسي نطاقًا أوسع من الحالات الصحية التي تؤثر على النفس، بما في ذلك القلق واضطرابات الأكل واضطرابات النوم وغيرها. يمكن أن يؤثر الاضطراب العقلي على الوظائف العقلية والتفكير والواقعية والتصرف بشكل عام. بينما يمكن أن يؤثر الاضطراب النفسي على الحالة العاطفية والمزاج والتواصل الاجتماعي وسلوك الفرد بشكل خاص. التشخيص والعلاج: قد يتطلب التشخيص والعلاج لكل من الاضطراب العقلي والاضطراب النفسي تقييمًا متخصصًا من قبل محترفي الرعاية الصحية النفسية. ومع ذلك، قد تكون هناك تقنيات وعلاجات مشتركة بين الاضطرابين، حيث يمكن استخدام العلاج الدوائي والعلاج النفسي لعلاج الحالات في كلا الحالتين. يمكن للأشخاص الذين يعانون من الاضطراب النفسي أن يظهر لديهم أعراض عقلية أيضًا. في الواقع، العديد من الاضطرابات النفسية تترافق مع تأثيرات على الوظائف العقلية والتفكير. قد تشمل هذه الأعراض على سبيل المثال: اضطرابات التفكير: بعض الاضطرابات النفسية قد تؤثر على القدرة على التركيز والتفكير السليم. قد يعاني الأشخاص من صعوبة في التركيز، التذكر، واتخاذ القرارات الصحيحة. الهلوسات: بعض الاضطرابات النفسية مثل الفصام يمكن أن تتسبب في وجود هلوسات، وهي تجارب زائفة للحواس مثل سماع أصوات غير حقيقية أو رؤية أشياء غير موجودة في الواقع. الأوهام: الأوهام هي اعتقادات غير صحيحة أو زائفة قد يعاني منها الأشخاص الذين يعانون من بعض الاضطرابات النفسية مثل اضطراب الهوية الانفصامية. التشتت وعدم الاستقرار العاطفي: يعاني الكثيرون من الاضطرابات النفسية من تقلبات مزاجية وعدم استقرار عاطفي، مما يؤثر على حالتهم العقلية والنفسية. هذه الأعراض العقلية قد تترافق مع الأعراض النفسية الأخرى التي تظهر في الاضطرابات النفسية، مثل القلق، الاكتئاب، والتوتر العاطفي. ومن المهم التشخيص الدقيق وتقييم الأعراض من قبل محترفي الرعاية الصحية النفسية لتحديد الاضطراب النفسي المحتمل ووضع خطة علاج مناسبة. هناك العديد من الاضطرابات النفسية التي قد تترافق مع الأعراض العقلية. ومن بين الاضطرابات النفسية الأكثر شيوعًا التي يمكن أن تترافق مع الأعراض العقلية على سبيل المثال: الاكتئاب: يعاني الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب من الأعراض العقلية مثل التشتت، والتركيز الضعيف، والشعور بالقلق والتوتر. اضطرابات القلق: تشمل اضطرابات القلق مثل اضطراب القلق العام واضطراب الهلع واضطراب القلق الاجتماعي. قد يترافق معها العديد من الأعراض العقلية مثل القلق المستمر، والتوتر، والتفكير المتكرر والسلبي. اضطراب الهوية الانفصامية (فصام): يمكن أن يترافق فصام مع الأعراض العقلية مثل الهلوسات (مثل السماع أصوات غير حقيقية) والأوهام (مثل الاعتقادات غير الصحيحة). اضطرابات الأكل: تشمل الأمراض مثل اضطراب الأكل العصابي واضطراب الأكل البلمرة. قد ترتبط هذه الاضطرابات بالأعراض العقلية مثل التفكير المشوش حول الجسم والصورة الذاتية والقلق المرتبط بالأكل. اضطرابات نقص الانتباه وفرط النشاط (اضطراب فرط النشاط وتشتت الانتباه): يمكن أن يصاحب هذه الاضطرابات الأعراض العقلية مثل التشتت، وصعوبة التركيز، وزيادة النشاط أو الهدوء العصبي. اضطراب الهوية الانفصامية، المعروف أيضًا باسم فصام، هو اضطراب نفسي خطير يتسم بتغيرات في الفكر والتصرف والتصور الذاتي للشخص المصاب. يعتبر فصام أحد الاضطرابات النفسية الأكثر شيوعًا وتأثيرًا. تتميز أعراض اضطراب الهوية الانفصامية بالتالي: الهلوسات: يعاني الأشخاص المصابون بفصام من الهلوسات، وهي تجارب زائفة للحواس. يمكن أن يسمعوا أصواتًا غير حقيقية، ويرى أشخاصًا أو أشياء غير موجودة، ويشعروا بتلقي تهديدات زائفة. هذه الهلوسات قد تكون واقعية بالنسبة للشخص المصاب، ولكنها لا تتطابق مع الواقع. الأوهام: يعاني الأشخاص المصابون بفصام من الأوهام، وهي اعتقادات غير صحيحة أو زائفة. قد يعتقدون أنهم يتعرضون للمطاردة، أو أنهم يمتلكون قوى خارقة، أو أنهم يتحكمون في أفكار الآخرين. هذه الأوهام قد تكون ثابتة وصعبة التصحيح عند الشخص المصاب. التشتت العقلي: قد يعاني الأشخاص المصابون بفصام من التشتت العقلي، حيث يصعب عليهم التركيز والانتباه لفترات طويلة. يمكن أن ينتقل اهتمامهم بسرعة من فكرة إلى أخرى بشكل غير منطقي. انحراف السلوك: يمكن أن يظهر الأشخاص المصابون بفصام سلوكًا غير منتظم وغير مألوف. قد يتصرفون بشكل غريب أو يظهرون انفعالات غير مناسبة للمواقف. توجد أدلة على أن العوامل الوراثية تسهم في تطور اضطراب الهوية الانفصامية (فصام). ولكن، لا يمكن تحديد سبب واحد محدد للإصابة بفصام، فهو نتيجة تفاعل معقد بين العوامل الوراثية والبيئية. تشير الدراسات العائلية والتوأم إلى أن هناك عامل وراثي يزيد من خطر الإصابة بفصام. فعندما يكون لدى شخص ما قريب بالدم مصاب بفصام، فإن خطر الإصابة لديه يزيد بشكل ملحوظ مقارنة بالأفراد الذين ليس لديهم تاريخ عائلي لهذا الاضطراب. وإذا كان لدى الأشخاص التوأم أحادي الأصل توأمٌ مصاب بفصام، فإن خطر الإصابة لدى الشخص الآخر يرتفع أيضًا. تم تحديد عدة جينات محتملة ترتبط بفصام، ومعظمها يتعلق بالتحكم في الناقلات العصبية في الدماغ، مثل الدوبامين والسيروتونين والجلوتامات. يُعتقد أن التغيرات في هذه الجينات قد تؤثر على وظائف الدماغ وتزيد من عرضة الشخص لفصام. ومع ذلك، يجب ملاحظة أن الوراثة ليست العامل الوحيد المؤثر على فصام. العوامل البيئية، مثل التعرض للإجهاد المبكر، والتعرض للمواد الكيميائية الضارة في البيئة، وتعاطي المخدرات، وتجربة الصدمات النفسية، جميعها قد تلعب أيضًا دورًا في تطور الاضطراب. من الصعب تحديد دور الوراثة بالضبط في تطور فصام، وما إذا كانت العوامل الوراثية تعد السبب الرئيسي أم أنها تتفاعل مع العوامل البيئية لتسهم في الإصابة. لذلك، لا يمكن الاعتماد فقط على الوراثة في التنبؤ بمن سيطور فصام. ومع ذلك، يجب أن نلاحظ أن بعض الأشخاص المصابين بفصام قد يظهرون صعوبات في بعض مجالات الوظائف العقلية، مثل التركيز والذاكرة والتنظيم العقلي. ولكن هذه الصعوبات ليست بالضرورة نتيجة لانخفاض الذكاء العام، بل يمكن أن تكون بسبب تأثير الأعراض السلبية للفصام نفسها، مثل الهلوسات والأوهام والتشتت العقلي. هناك دلائل تشير إلى أن الفصام له عامل وراثي. الأبحاث العلمية تشير إلى أن هناك عوامل وراثية تلعب دورًا في زيادة عرضة الشخص للإصابة بالفصام. ولكن يجب أن نفهم أن الوراثة ليست العامل الوحيد الذي يؤثر على ظهور الفصام، فهناك عوامل بيئية ونفسية أيضًا تلعب دورًا في تطور المرض. الأبحاث الجينية قد تشير إلى وجود عدة جينات محتملة مرتبطة بالفصام، ولكن لم يتم تحديد الجينات المحددة بوضوح بعد. وقد يكون هناك تفاعل بين العوامل الوراثية والعوامل البيئية في تطوير الفصام. على سبيل المثال، يمكن أن تسهم التعرض للضغوط النفسية، والتوتر، وتعاطي المخدرات في تفعيل العوامل الوراثية وظهور الأعراض. الأشخاص المصابين بالأمراض النفسية والأشخاص المصابين بالأمراض العقلية يمكن أن يواجهوا تحديات مختلفة في قبول العلاج، ولكن لا يمكن تعميم الأمر بشكل كامل. في العموم، قد يواجه الأشخاص المصابون بأمراض نفسية مثل الاكتئاب أو القلق تحديات في قبول العلاج بسبب الأعراض المرتبطة بالمرض نفسه. قد يكون لديهم صعوبة في التعبير عن مشاعرهم أو التفاعل مع مقدمي الرعاية الصحية، مما يؤثر على تقبلهم للعلاج. من ناحية أخرى، قد يصعب على الأشخاص المصابين بأمراض عقلية شديدة مثل الفصام أو اضطراب ثنائي القطب تقبل العلاج بسبب طبيعة المرض نفسه. قد يكون لديهم تشوش في الواقعية أو انخفاض القدرة على التفاعل الاجتماعي، مما يجعل من الصعب بعض الأحيان إقناعهم بأهمية العلاج. ومع ذلك، يجب أن نفهم أن هناك تفاوتًا كبيرًا بين الأشخاص المختلفين وتجاربهم الفردية. فالبعض قد يكون على استعداد أكبر لقبول العلاج والالتزام به، بينما يمكن أن يواجه البعض الآخر صعوبات أكبر في هذا الصدد. هناك عدة أنواع من العلاجات التي يمكن أن تكون فعالة للأشخاص المصابين بالأمراض النفسية. يتم اختيار نوع العلاج بناءً على نوع المرض النفسي واحتياجات المريض الفردية. هنا بعض العلاجات الشائعة: العلاج الدوائي: يستخدم الأدوية للتحكم في الأعراض النفسية وتحسين الحالة العامة للمريض. يتم وصف الأدوية عادة من قبل الأطباء المتخصصين في الصحة النفسية مثل الأطباء النفسيين أو الأطباء العامين. العلاج النفسي: يشمل عدة أنواع من العلاجات النفسية التي تهدف إلى تحسين الصحة النفسية والعافية العامة. من بين هذه العلاجات: العلاج السلوكي المعرفي (CBT): يعتمد على تغيير الأنماط السلوكية والتفكيرية السلبية وتعزيز الأفكار والتصرفات الإيجابية. العلاج الواقعي: يركز على مساعدة الأشخاص على تطوير المهارات الاجتماعية والتكيف مع الواقع ومواجهة التحديات بشكل أفضل. العلاج الجماعي: يتم عادة في إطار مجموعات صغيرة من الأشخاص المصابين بنفس المشكلة، حيث يتشاركون الخبرات ويدعمون بعضهم البعض. العلاج العائلي: يركز على تحسين العلاقات العائلية وحل المشاكل الأسرية التي قد تؤثر على الصحة النفسية للأفراد. العلاج بالكلام: يشمل الاستشارة والتحدث مع مقدم الرعاية الصحية المؤهل مثل المعالج النفسي أو الأخصائي الاجتماعي. يتم خلالها مناقشة التحديات النفسية والعمل على إيجاد حلول واستراتيجيات للتعامل معها. هذه مجرد بعض العلاجات الشائعة، وهناك المزيد من العلاجات المتاحة بناءً على الحالة الفردية. يجب أن يتم تقييم الحالة وتشخيصها من قبل متخصصين في الصحة النفسية لتحديد العلاج الأنسب.