بحث هذه المدونة الإلكترونية

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 5 مارس 2011

المقامة البابلية -كاظم فنجان الحمامي






المقامة البابلية

كاظم فنجان الحمامي

قال صابر بن حيران : استهواني السهر. على شاطئ النهر. فسمعت شاعرا يقرأ مقام المنصوري. بصوت جهوري. ويقف على أطلال آشور بانيبال. وينشد من غير انتحال :
هذا العراق الذي بالأمس نعرفه
خلاصة الحسن تتلى عنه أوراد
هذا العراق الذي تأبى كرامته
أن يستحيل ركاما بات يزداد
وما العراق سوى بيتي ومدرستي
وملعبي وله في القلب أوتاد
يا موطن الخير لا يحزنك غائلها
كبا بك الدهر أم أعياك جلاد
سيفتح الله فتحا لا غرار له
وربك الأكرم الرحمن جواد
وإنّ ربك في علياء قدرته
له القضاء وحكم الله مرصاد

قال صابر بن حيران : وبعد أن أكمل الرجل أبياته. وعقل مناغاته. تنفس تنفس الصعداء. وبكى حتى أبكى البعداء. فدنوت منه بكبد حرى. أقدم رجلا وأؤخر أخرى. فامتدحته على عذوبة صوته. واعتذرت من التطفل عليه في غير وقته. وقلت : جئت لأزيح عنك همّك. فربّ أخ لك لم تلده امك. فقال : والذي فطر السماء. وعلم آدم الأسماء. وأنزل المطر من الغمام. وأخرج التمر من الأكمام. لقد فسد الزمان. وعم العدوان. وفقد المعوان. والله المستعان. ها أنت تراني في شيب لائح. ووهن فادح. وداء واضح. والباطن فاضح. ولقد كنا والله ممن ملك ومال. وولى وآل. ورقد وأنال. ووصل وصال. حتى حوينا كنوز السّراة. ومعادن الخيرات. فارضنا رحيبة الباع. خصيبة الرباع. ومشاهدنا مشهودة. ومساجدنا مقصودة. وحياضنا مورودة. وآثارنا محمودة. ومبانينا وثيقة. وحقولنا أنيقة. يجتنى من رياضها أزاهير الكلام. ويسمع في أرجائها صرير الأقلام. ومصاهرنا أطهر الأحرار مولدا. وأسرهم سؤددا. وأحلاهم موردا. وأصحهم موعدا. إنهم بدور المحافل. وبحور النوافل. والعراق بوابة البلد الحرام. وفيه بيت آرام. وشجرة آدم والمقام. وأقوّم البلدان قبلة. وأوسعها دجلة. وأقدمها تفصيلا وجملة. وما منا إلا العلم المعروف. ومن له المعرفة والمعروف. حملنا تراث جدودنا. وسقينا بالماء الطاهر عودنا. فخصائصنا أثيرة. ومزايانا كثيرة. وكان فضل الله علينا عظيما. وإحسانه لدينا عميما, فلم تزل الجوائح تسحت. والنوائب تنحت. حتى تكالب علينا الأمريكان. والإنجليز والطليان. والنرويج والأسبان. واجتاحتنا أسراب الغربان. وجيوش الطغيان. وانتشرت الدبابات والسرايا. في كل الاتجاهات والزوايا.

قال صابر بن حيران: ثم دارت الأهلة دورها. وتقلبت كورها وحورها. وما نجز من وعودهم وعد. ولا سحّ لها رعد. وأقسم بمرسل الرياح. وفالق الصباح. إنّ أمريكا أكذب من سجاح. وأكثر إجراما من دراكولا السفّاح. فهي الداء العياء. والداهية الدهياء. ثم إنّ الدهر قلب لنا ظهر المجن. فتفجرت علينا براكين المحن. وسحقتنا عجلات المؤامرة. وكنا في أمس الحاجة إلى المؤازرة. فخذلتنا العرب العاربة. والعرب المستعربة. وكانوا إن أقدمنا أحجموا. وإذا أعربنا أعجموا. وإن أذكينا أخمدوا. ومتى شوينا رمّدوا. وتسابقت دول الجوار في إثارة الفتن. ما ظهر منها وما بطن. واغلقوا بوجوهنا أبواب الحدود. وسمحوا بتسلل الإرهاب الممدود. وتصاعدت قيمة التسعيرة. في بيع الفيزا والتأشيرة. باسلوب يبعث على الدهشة والحيرة. ولم يحترموا قواعد الجوار والجيرة. ولا روابط العمومة والعشيرة. فلجأت في منافذها الحدودية إلى سوء المعاملة. والتنكيل والذلة. والامعان في الإساءة والبهذلة. نقف في المنافذ والمطارات ببال كاسف. وقلب راجف. فطال حصارنا. وغاب أنصارنا. وحالنا حال الأسير في كربته. والغريق في لجته. والمحترق في بحرته. وجار علينا الزمان. ففارقنا الولدان. وتنائينا في البلدان. وتخلقنا بخلق من ابتلى فصبر. وتجلت له العبر فاعتبر. ثم تأوّه الرجل تأوّه الأسيف. ولملم جسده الضعيف. ورفع عقيرته بصوت أسمع الصم. وكاد يزعزع الجبال الشمّ. وأنشد :
يا دجلة الخير: قد هانت مطامحُنا
حتى لأَدنى طِماحٍ غيرُ مضمونِ
يا دجْلَة الخير: أدري بالذي طَفحتْ به
مجاريك من فوقٍ إلى دُونِ
أدري على أيّ قيثارٍ قد انفجرتْ
أنغامُكِ السمّرُ عن أناتِ محزونِ
أدري بأنك من ألفٍ مَضَتْ هَدراً
للآنَ تهزْينَ من حكمِ السلاطين
تَهزين أنْ لم تَزَلْ في الشرق شاردةً
من النواويس أرواحُ الفراعينِ
تهزين من خِصْب جنّاتٍ مُنثرةٍ
على الضفافِ ومن بُؤسِ الملايينِ
تهزيْنَ من عُتقاءٍ يوم ملحمةٍ
أضفوْا دروع مطاعيمٍ مطاعينِ
يا دجلةَ الخير: والدنيا مفارقةٌ
وأيّ شرٍّ بخيرٍ غيرُ مقرونِ
وأيُّ خيْرٍ بلا شرٍّ يُلقّحهُ
طهْرُ الملائكِ من رجْسِ الشياطينِ
يا دجلةَ الخير: كم من كنْز موهبةٍ
لديْكِ في (القُمْقُمِ) المسحور مخزون
يا دجلة الخير: لم نصحبْ لمسْكنةٍ
لكنْ لنلْمِسَ أوجاعَ المساكينِ
يا دجلةَ الخير: منّيني بعاطفةٍ
وألهميني سُلواناً يُسلّيني
يا دجلةَ الخير: من كلّ الاُلى خبروا
بلوايَ لم أُلْفِ حتّى مَنْ يُواسيني
يا دجلةَ الخير: خلِّي الموج مُرتفعاً
طيفاً يمرُّ وإن بعْضَ الأحايينِ
يا دجلةَ الخير: يا مَن ظلَّ طائفُها
عن كلّ ما جلت الأحلامُ يُلهيني
يا دجلةَ الخير: خلّيني وما قَسمت
لي المقاديرَ من لدْغِ الثعابينِ

قال صابر بن حيران : فتحرّقت حينئذ وحولقت. وأفقت ولكن حين فات الوقت . فقلت : أوصني أيها الرجل الناصح. فقال : اجعل العراق نصب عينك. وهذا فراق بيني وبينك. فودعته وعبراتي يتحدّرن من المآقي. وزفراتي يتصعّدن من التراقي. وكانت هذه خاتمة التلاقي

سفر بطول قصيدتي-سوسن ماس-تخطيط غالب المسعودي




سفر بطول قصيدتي
في واحة الامس
حيث كان الزهر اعزل
مدينة بلا ضفاف
كارخبيل الاماني الضائعة
بعض اوراق صغيرة
كان قلبي حين اذرته الرياح
على اسوار حزن غابر
اشرعت الامي على ذاك الرصيف
فبكى الزهر على تلك الجداول
وهبت الانسام في ركض
خفيف
تقتفي وجه السنابل
الليل انكر عشقنا
فالام تبحث ايها المنسي
في لون دمك
انت الذي كالبحر مسبي
..ومسلوب …هواك
من عالم الازهار طبع العاشقين
والهب الكون سواك
لتمضي الليل متكئا حزين
ترثي الدروب معاتبا
ام ترثي خطاك
ايتها النجوم
في صدر السماء
تعالي نتبادل الاسرار
ان لي ان استريح
بلورة صافية قلبي
غضب العواصف والبحار
من يصلح ذلك المخلوع
رأسي؟
وينفخ فيه الحياة؟
من يشتري ..من يقتني
هذا الشتات؟
من يكتب الشعر
في عصر انتحار الاغنيات؟
مالذي تحتاجه الريح لتفلت من عقالها
من يطلق الفرس الحرون؟
لنبتدي صهيل الامنيات
من يوقد الحب
على شرف العيون
من يقنع الازهار
بالذين لاياتونا

الأربعاء، 2 مارس 2011

الصورة كيان وجودي في صور ناصر عساف-الدكتور كاظم نوير



الصورة كيان وجودي
في صور ناصر عساف

الدكتور كاظم نوير
لم تكن تجربة ناصر عساف الفوتوغرافية نتاج مصادفة او صدفة او نزوة عابرة ، بل هي نتاج خبرة طويلة وعشق لم ينته منذ صباه ، وهذه الخبرة هامت مع روحه التواقة للجمال في كل تجلياته ، الرسم، النحت، الجمال الطبيعي ، المرأة00 ولهذا فأن فن الفوتوغراف يوفر له الفرصة للإطلالة اليومية لهذا الجمال، فالكاميرا عين مفتوحة على مكامن الجمال في هذا الكون ، وهذا الجمال بالرغم من وجوده وكثرته لكنه لا يمنح جواهره الا لمن اشتاقت روحه له وتعشقت مع موسيقاه ،فالروح الجمالية لا تهدأ الا بعد طوافها يوميا حوله 0
لقد بدت كاميرا او صورة عساف عنيدة في ملاحقة الجمال في الطبيعة والاشخاص والمجردات ،بأشكال ذات اوجه مختلفة، وخطابات عدة، لكنها في فصلها الاخير تصطبغ بدراما عرقيتنا ، وتطرق ذاكرتنا مرات عديدة حتى تفيق بآهات تاريخنا العراقي ،جمالنا في العراق يختلف ولهذا فالصورة عند ناصر عساف تختلف ،انها تختزن ظلاما طويلا 0 فهي قريبة جدا من صراعنا المستمر مع الظلام ،فالطغاة وحروبهم المستمرة ضدنا ،وهكذا فالصورة عنده اما حدث او لحظة زمانية لا تتكرر، او صراع بين الظلمة والضوء ،ونتاج هذا الجدل هو لحظة وجود وحياة جمالية عابرة وخالدة في آن ،عابرة كونها لحظة من الوجود ،وخالدة كونها لحظة وجودية لصراع الذات وارادتها0
وخلود الصورة عند عساف هو خلود لأرادتنا الانسانية، وعرض اجتماعي لحضارتنا المقترضة في عالم تحول كله الى صورة او صور يتلاعب بها الفنانون ،فتتحول الى مجتمع او حضارة او حتى نظام سياسي واقتصادي 0
ان لحظتي الخلود والزوال هما سبب اثراء حقيقة وجودنا ،وتلك الحقيقة هي حقيقة الصورة الفوتوغرافية ،كونه مساهما وعنصرا اساس في بناء هذا الكون البصري، الانساني المتميز 0
ان الصورة عند عساف تدفع المتلقي الى التأمل وليس فقط اثارة الاعجاب بالبراعة الفنية ، التقنية، وهي بالوقت نفسه تتثبت برائحة المكان / رائحة الجنوب /الاهوار، حيث منابع صورته الاولى – فالصورة عنده تتجاوز حضورها الاول الى حضورها الوجودي بوصفها محفزا ثقافيا ومعرفيا وجماليا للمتلقي متخطيا حواجز الواقعية التسجيلية ،الى عالم من الحلم ،فهو مصور لنفسه وللآخر ،فالصورة تحضر امام المصور بوصفها مكانا او عالما جديدا ،تحدثه وتسمعه انفاسها لتقترب منه حتى تذوب في روحه فتكون حلما باللقاء والخلق لتخلق لنفسها شوقا يظهر بوضوح في دراما الصورة 0

إستقالة وزير الدفاع الالماني ودرس ( النسخ واللصق )-محمود حازم رشيد




إستقالة وزير الدفاع الالماني ودرس ( النسخ واللصق )

بعد ان تصاعدت حدة الجدل في اروقة الجامعات وخلف كواليس السياسة في ألمانيا على أثر انتشار اللغط حول قيام وزير الدفاع الالماني كارل تيودور تسوغوتنبرغ بنسخ بعض الفقرات لباحثين آخرين واضافتها الى اطروحته في الدكتوراه قرر الوزير الاستقالة من منصبه رغم انه من قادة التحالف المسيحي الحاكم ومرشحه القوي لرئاسة الحزب وقيادة التنافس على المستشارية في الانتخابات المقبلة. ورغم ما قدمه من انجازات في حكومة ميركل والتغييرات الجوهرية التي قام بها في وزارة الدفاع الالمانية والتي قال هو عنها انها الاوسع والاهم في تأريخ الجيش الالماني الحديث . المستشارة دعمت في البدء وزيرها ولكنها وجدت ان لامناص عن قبول الاستقالة المقدمة اليها اليوم الثلاثاء بعدما كثرت المطالب بمحاسبة ( وزير النسخ واللصق ) كما سماه تقرير ديرشبيغل على موقع المجلة الالكتروني .

أجمع العلماء في الجامعات الالمانية على ضرر هذا السلوك ان استمر الوزير في منصبه ولم تتم محاسبته على النسخ من باحثين آخرين دون الاشارة الى المصادر وما قد يسببه ذلك من تعرض سمعة الدراسة والجامعات الالمانية دوليا للسوء وعدم المصداقية . من جهة اخرى انكمش السياسيون من زملاء الوزير وحزبه ولم يترك المناوئون الفرصة الذهبية للنقد وانطلقت الاصوات صريحة في المطالبة بالاستقالة وفتح التحقيق معه ومحاسبته.

وقع تسوغوتنبرغ استقالته اليوم الثلاثاء وقدمها الى مكتب المستشارة حسب معلومات صحيفة ( بيلد ) الالمانية وتم اعلام دار الرئاسة بذلك وصرحت المستشارة ميركل بأنها قبلت الاستقالة على مضض ومتأسفة على فقدها لسياسي لامع . (1)

مالذي يعنيه كل ذلك لسياسيينا ولاحزابنا وبرلماننا وحكومتنا في العراق الغارق في ملفات الفساد وعدم المصداقية في الداخل والخارج ؟ ما هو الدرس الذي يجب علينا ان نتعلمه وكان حري بنا معرفته منذ وقت طويل خاصة واننا اعضاء جدد في النادي الديمقراطي الدولي ؟

قبل شهور قليلة ضجت الاوساط العلمية داخل العراق وخارجه من كثرة مدعي الدكتوراه في اوساط الحكومة العراقية وتنادى حملة الشهادات العليا لزيادة الضغط باتجاه الحد من هذه السلوكيات ووقف طوفان التزوير الذي تلاحقه هيئة النزاهة دون جدوى . وعلى الرغم من ان تقاير الهيئة كشفت الكثير من الشهادات المزورة لوزراء وأعضاء في البرلمان ولكننا لم نسمع باستقالة او إقالة او محاسبة المزورين.

لا شك ان الديمقراطية تبقى بلا معنى بدون نزاهة وبدون شفافية ولايمكن ان يتقدم البلد بدون عدالة . لا يقتصر الامر على العدالة وحسب عندنا في العراق ولا على غبن من له حق مقابل استفادة من لايملك اي مشروعية بل ان الامر يتعدى ذلك الى المساس بمواد دستوريه وقوانين شرعت وقننت ان تتوفر مثل هذه المواصفات في الوزراء والنواب وقادة مفاصل الدولة . اي ان عدم المحاسبة هو في الواقع استغفال للدولة وقوانينها علاوة على الشعب والظلم الواقع على المستحقين والكوارث التي ممكن ان تنجم عن قرارات وسلوكيات غير المؤهلين لمواقعهم . فلا عجب من ان ينادي مفكر ومؤرخ عراقي مشهود له عراقيا وعربيا ودوليا هو الدكتور سيار الجميل بخروج علماء العراق وأساتذة الجامعات وحملة الشهادات العليا الى ساحة الفردوس لحرق نسخ من اطاريحهم احتجاجا على هذا السكوت المطبق على التزوير واستخدام الالقاب العلمية دون وجه حق بل ومحاولات حماية المزورين .(2)

يوم أول امس استهجن صديق لي واشتكى في اتصال هاتفي من عملية حذف لقب الدكتور من امام اسمه في معاملات الدولة عندما كان في زيارة للعراق وكيف ان اللقب يتصدر اسماء لم تستحقه يوما من الايام .

منذ ان انتظمنا في الصفوف الدراسية الابتدائية تعلمنا بل حفظنا عن ظهر قلب ان ( العدل اساس الملك ) واعجب كيف يسهى الحاكمون عن هذه الحكمة الذهبية فيفرطون بها وبالتالي يمهدون للتفريط في الحكم.

الدرس الالماني في قضية الوزير تسوغوتننبرغ يتعدى مسألة الشفافية والعدالة ويضيف : ان لا استثناء حتى لمن تشهد له منجزاته وخبراته ونضاله ولا استثناء حتى لو كان التزوير ضئيلا او كان الكذب خفيفا او غير مقصودا . الدرس يقول : يا سياسيينا الافاضل ان خطأ القائد بألف وان من يسرق بيضة يسرق جملا وان من كذب اليوم كذبة بيضاء سيضطر الى تلوينها في مستقبل الايام وتحت ضغط الظروف السياسية لا يتوانى عن لفها بسواد كالح . الدرس كنا قد تعلمناه وحفظناه منذ الطفولة فما الذي جرى لنا ونسيناه ؟ لاضير ان نتذكره اليوم لنسميه ( درس النسخ واللصق ) مع اننا نواجه في عراقنا يوميا دروسا أعنف وأقسى . نتذكر لعل الذكرى تنفع المؤمنين قبل المذنبين . ونُذكِر بأستيعاب درس العدالة هذا والاستعداد لدروس اكثر في المساواة وهي الاصعب لان العدالة واضحة ولكن المساواة يمتد في غياهبها ظلم وظلام عميقين ولذلك تفصيل يطول .



المانيـــا في الاول من آذار 2011

محمود حازم رشيد

الأحد، 27 فبراير 2011

أغنية...لطرابلس: سهير عبد الرحمن


‫أغنية...لطرابلس: سهير عبد الرحمن

هناك على الشاطئ البعيد
الشاطئ القريب دوما
في الذاكرة
الأغنية هي نفس....
الأغنية
الموج الأزلي
لا يغير كالطفل....النشيد
اللحن.....العنيد

لا يتوسل الموج للشواطئ
بكاء الموج هو.....
أمنية

هناك على الشاطئ الحزين
حشود خلعت السواد
و غسل في البحر...الفتى
الموج ارتفع ليس بغاضب
الموج ارتفع مهللا
يودع.....الشهيد
و صلوات ليست...بغائبة

هذا العلم ارتفع
و قلعة هناك للبحر...تبتسم
هزوا جذوع النخل
يتساقط على الأرض
ألف شهيد
ثم ينطلق
النشيد
و ترقص طرابلس على أشلاء....
حكام و..... زبانية

الفاو قرية بمقومات محافظة-كاظم فنجان الحمامي






الفاو قرية بمقومات محافظة



مقالة نشرتها وكالة أنباء المستقبل العراقية للصحافة والنشر (ومع)



كاظم فنجان الحمامي



للفاو استحقاقات عظيمة يفترض أن تكون مثبتة في جداول أولويات الخطط والمشاريع العراقية المستقبلية, فالفاو وإن كانت من حيث التقسيم الإداري مجرد (مدينة) بائسة, بمستوى (قضاء) نائي, من ضمن أقضية محافظة البصرة, فهي من حيث المقومات الجغرافية والاقتصادية والمينائية والزراعية والنفطية والمائية والملاحية والسيادية, أعلى وأرقى بكثير من بعض المحافظات العراقية, التي تفتقر إلى ما تمتلكه الفاو من ثروات هائلة, ومن مكانة عالمية ومحلية مرموقة, وربما لا يعلم المسئولون أن (الفاو) تقع في المركز الإداري لأكبر جزر الخليج العربي, وأكاد اجزم أن معظم الجغرافيين لا يعلمون أين تقع هذه الجزيرة, التي لم تتطرق إليها الخرائط والمراجع الجغرافية كلها, والتي تتجاوز في مساحتها مساحة بعض الدول العربية كالكويت, أو قطر, وتزيد مساحتها على مساحة البحرين عدة مرات, ولا يعلمون أن هذه الجزيرة ظهرت في العراق في بداية عام 1983 بعد اكتمال مشروع حفر شط البصرة, وارتباطه مباشرة بخور الزبير, من دون أن ننتبه لهذه الجزيرة, التي يلتف حولها شط العرب, ويحتضنها نهر (كرمة علي), ويطوقها نهر (شط البصرة), ويحاذيها خور الزبير وخور عبد الله, ثم تكتمل حلقات الحدود المائية حولها بالتقاء الخور بشط العرب عند قناة (الروكا) ورأس البيشة, لكنها لم تزل تنتظر من يطلق عليها الاسم الذي يليق بها, وتنتظر من يضعها في صدارة جزر الخليج العربي. وليس هذا مربط الفرس, لأننا نريد أن نسلط الضوء هنا على (الفاو), التي ينبغي أن ترتقي في اهتماماتنا, وتأخذ استحقاقاتها الكاملة من الرعاية والعناية الشاملة.

تحتضن الفاو أكبر الموانئ النفطية العراقية, وتلتقي على أرضها شبكة خطوط الأنابيب المرتبطة بمنصات تحميل الناقلات العملاقة في (خور العمية), وميناء البصرة النفطي, وهي محور محاور مشروع ميناء الفاو الكبير, الذي سيغير مسارات خطوط الشحن البحري والبري في الشرق الأوسط, والذي سيكون جسرا تجاريا وملاحيا للقارات الثلاث (آسيا, أوربا, إفريقيا), وفي الفاو أكبر مرافئ سفن الصيد العراقية, وأكثرها نشاطا في حوض الخليج, وتنطلق منها زوارق الخدمات المخصصة لنقل المرشدين العراقيين, المكلفين بإرشاد السفن الأجنبية المتوجهة إلى المعقل, وأبي الفلوس, والفاو حلقة الوصل البحرية مع العالم, والنافذة التي نطل منها على بحار الله الواسعة, وتمر بها أوسع القنوات الملاحية المخصصة لمرور السفن في شط العرب, وفيها المركز الرئيس لعمليات خفر السواحل لعموم المسطحات المائية العراقية الداخلية, وأن من تسنح له الفرصة لزيارة الفاو اليوم سيصاب بصدمة كبيرة, وينفطر قلبه من القهر على ما آلت إليه الأحوال المقرفة التي تعيشها الفاو, والتي حملتها لها الظروف القاسية, وما رافقها من حروب كارثية وإهمال وتقصير وجهل وتخريب وتراجع, وفي الفاو مئات السفن العاطلة المعطلة, تتكدس اليوم فوق بعضها البعض, في منظر مأساوي لا يسر عدو ولا صديق.

ما أن تنظر إلى الضفة المقابلة (الضفة الإيرانية) حتى ترى الفارق الكبير المتمثل بحركة البناء والتعمير والتحديث والتطوير, التي شهدتها الضفة الأخرى, والتي تستحق الإشادة, لكنها ستبعث في نفسك مشاعر الحسرة والحيرة, وتدفعك لطرح سلسلة من التساؤلات عن أسباب تخلفنا عن جيراننا في إيران والكويت وقطر والإمارات وتخلفنا عن سيريلانكا وجزر القمر.

تنظر إلى مدينة (القصبة) المقابلة للفاو, وترى كيف توسعت, وتحولت إلى مركز كبير لإيواء سفن الصيد الإيرانية في شط العرب, وتضم (القصبة) الآن مجموعة من الأرصفة المصممة لتقديم الخدمات للسفن المتوجهة إلى ميناء (بولي بعست, وتعني جسر البعثة), أو للتوقف في ميناء (بندر أروند كنار, وتعني ميناء جبهة النهر) وهي مرافئ جديدة شيدتها إيران مؤخرا في شط العرب, في الوقت الذي فقدت الفاو أرصفتها النفطي, وتراجعت سفن الصيد العراقية, وانسحبت حتى الزوارق من خور عبد الله بعد ارتفاع وتيرة المضايقات الكويتية, التي تقوم بها السفن والزوارق الحربية الكويتية, التي ما انفكت تستخدم الذخيرة الحية أثناء ملاحقتها السفن والزوارق العراقية, بهدف منعها من الصيد, وطردها من خور عبد, وتكررت عمليات المطاردة والتنكيل والتشفي على يد عناصر الدوريات الكويتية, ما اضطر سفن الصيد العراقية إلى ترك مصائدها, والتخلي عن مصادر أرزاقها, والاختباء في تفرعات شط العرب بحثا عن الملاذ الآمن.

كان هذا مصير مدينة (الفاو), التي حازت من المؤهلات والمقومات والعوامل ما يؤهلها للارتقاء إلى مستوى (محافظة), ولو حالفها الحظ لأصبحت من أروع المحافظات العراقية, أو ربما تستغل سواحلها لتتحول إلى أكبر الواجهات البحرية, مستفيدة من ضفافها المائية في (المعامر), و(المخراق), و(الفداغية), و(الدويب), و(كوت بندر), و(السيبه), و(سيحان), ونأمل أن تستعيد مجدها القديم في يوم من الأيام, وتدور على أرضها عجلة المشاريع التنموية على الصعيد التجاري والزراعي والسياحي والملاحي والمينائي, لكنها للأسف الشديد لم تأخذ فرصتها بعد, ومازالت تتقوقع على نفسها, وتنزوي في أبعد رقعة من العراق, وتلف جسدها المتعب بأشرعتها الممزقة, وترتمي في الخنادق والمتاريس والسواتر الترابية, التي كانت مسرحا لأشرس المعارك الحربية في كوكب الأرض, ولا تجد من يتعامل معها كقرية من القرى القديمة المنسية, ولا تجد من يمد لها العون, وينتشلها من هذا الوضع المزري.