بحث هذه المدونة الإلكترونية

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 8 أكتوبر 2010

اطلالة على ديوان الشاعر المبدع حامد كعيد الجبوري(ضمير ابيض) بقلم عبد اللطيف الربيعي



إطلالة على ديوان الشاعر المبدع حامد كعيد الجبوري
( ضمير أبيض )
عبد اللطيف الربيعي
إن الأدب حب وجهاد وصدق في معاملة النفس والحياة ، حيث قناعة الأديب المثقف بأن ما هو حسنُ وخيّر لا يستحيل تحقيقه ، وان الشعر لا يقوّم كيانه إلا بلغة تشكل تشكيلا خاصاً ، حيث يستعير توجهه من خصوبة اللغة وازدهارها وحتى تصل القصيدة يجب أن يقدمها الشاعر في تنقلات مدهشة مؤطرة بالثقافة وهكذا كانت القصيدة المكتوبة في ديوان الشاعر المميز حامد كعيد الجبوري الذي يحمل عنوان ( ضمير أبيض ) الصادر عام 2010 م .
كتب الشاعر حامد الجبوري بحق صديقه الشاعر المغترب رياض النعماني قصيدة بعنوان ضمير أبيض نقرأ منها
وكحت عين
باكت ثوب عمرك زمت النهدين
وبضحكة غنج تشبر طولك النعناع
وغسلت بالنهر دشداشة الغربه
الهذاك الصوب عبرت
عينها المشحوف
والصفصاف ظلها
والبلابل بيت
فكم هو جميل هذا التشكيل الصوري الذي أضفى حركة قريبة للنفس ، وفي قصيدة ( فرفحتلك ) يتألق الشاعر في رسم جملها الشعرية ،
ويا حبيبي الدهر
ناصب للصبر ويّاي موده
وكمت أشم كل طيف منك
وأنت سارح
العمر شئ نسبي فعمرك بقدر ما تشعر والحب يتنقل بحرية لا توقفه القوافي ( هوه الخمسين )
ممحله الروح ينهش بالكلب عاكول ... صيهود الليالي ويرحل أهلالي
دريض والعمر يزحف على الخمسين ... وتحذر من هوى الخمسين جتالي
في قصيدة تبا للسياسة يضرب على أوتار القلوب ليذكرها بنشيد الوطنية
أمير الغيره يسرج مهرة النوماس ... مثل عبد الكريم الحبته الفقره
................................( عمر ) قاد الصحابه أبحكمته وفكره
لو ( حيدر علي ) يملكله بس الثوب ... من كد ما يركعه ملت الإبره
نرفض كل كراسي أمريكه تصنعها ... كرسينه جريد وبيدنه أنجره
وينجح الشاعر حامد الجبوري في مجاراة الرمز العراقي مظفر النواب بقصيدة أيام المزبن
شو طلع سوياط العنب .... من أمس كاضي أمنظف
أيام المزبن كضن ........ دكضن يا أيام اللف
ويجاري أيضا قصيدة الجواهري الكبير طرطره
يا هو التسأله يدعي ... جايب شهادة دكتره
دكتور والله أشهد إلك ... من المريدي أمزوره
وطفولة الشاعر الجبوري تشده لأصدقائه من كل الأديان والمذاهب ، إنها الطفولة البريئة يحركها الأمل القادم ،
أوكف أبنص العكد
وأصيح حد ينكطع صوتي
إجانه العيد
كعدوا إجانه العيد
وفي قصيدة صبر مفطوم أجاد بصياغة جملها الشعرية فجاءت مبهرة للجميع
فراكين المحطه وصاح بيها الريل ... ويا ريل اليجيب العمر ويرده
أشكد شايل ترافه يا نبع بربين ... يميل من الطراوه وينكسر عضده
نحلة عسل آنه ع الورد تعتاش ... وأنت من الجدم حد راسك الورده
في قصيدة ضيف فقره التي كتب عنها أكثر من ناقد لأنها متعددة الدلالات وكتبت بحق الشاعر الراحل محمد الغريب العراقي الأصيل كما يسميه الجبوري
من يمره الليل ضيف
يفرش إتراب القوافي
ويلتحف ثوب السماء
أيضيفه بسماط القصيدة
وكل شطر ينزف دماء
ويقدم الفرات دعوة لحامد الجبوري ليرضع منه الدفء فيشبعه شعرا وحنينا
وأعتنيتك يا الفرات
وكورت روحي أبسواجيك حمامه
يالفرات وما سمعنه بوجه ضيفك
نشف ما يك
ويكتب الجبوري عن مدينته الحلة قصيدة فخر وحب
الحله موطن علم منبع للعراق ... الحله للينتسب إلها أتعله
والنواعير أبحضن ميها تبات ... أمديرمه الشفتين عين أمكحله
ولحامد الجبوري هتاف واضح جلي ، لا للتفرقة لا للعنف لا للطائفية لا للاحتلال ، سلاحه القلم فيصرخ محرضا وداعيا بقصيدة أركب ع الصعاب
ألوي أقيودك وعض النواجذ ... وعلى أعيون الجبان أتضيك وسعه
صاعود المجد ميلكط أنجوم ... يجيب الشمس للدنيه أعله ضلعه
أمي يا ملهمتي كيف لي أن لا أصلي من أجلك ، ولا أن أحبك ، وهل يمكنني أن أطير بعيدا عنك عندما غنيت لي أجمل تراتيلك وأنا في حضنك وبسمائك الصافية
يا نسمة فجر والدنيه كيظ الكيظ ... يا مكسر الفي أتفيض بالحنه
تمنيت الشفاف أتصير بالرجلين ... أبوس أتراب بيتج وأكتحل منه
لقد إستطاع الشاعر المبدع حامد كعيد الجبوري بديوانه البكر ضمير أبيض أن يتمثل طاقات الخيال الشعبي ببعديه الفلكلوري والميثولوجيا ، فأعتنى بوضوح بعنصر الزمن والمكان ذي الارتباط الوثيق بعنصر الزمان فكانت الحبكة والشخصية والصورة والمونولوج دعائم لقصائد ديوانه ( ضمير أبيض )

الأربعاء، 6 أكتوبر 2010

مات طالب السوداني....الضحك شحيح الان-نص علي السوداني



مات طالب السوداني .. الضحك شحيح الآن
علي السوداني
البارحة فرشت مائدتي متأخراَ ، واحداَ وحيداَ مستوحداَ مستوحشاَ . وجه نؤاس يكاد يزرف قلبي . ايمان تستعيد تنويمة وحيدة خليل " دللّول يلولد يبني دللّول " ونؤاس الليلة ، يكحل جفنه الغمض . ليلتك تتكوّم فوق طاولتك كما جنازة مؤجلة . لكن ثمة دهشات الهية بديعة . رسالة تلفونية مكرورة تغريك بنظّارة طبية مجانية ان أشتريت أختها بفلوس . المسألة لا تخلو من تلغيز ودوخة ستؤدي حتماَ الى ضحكة ببلاش . ثمة متسع من ليلك يا فتى . سيكون المفتتح فيروزياَ رقيقاَ طائراَ كجنح فراشة ، والمنتهى دامياَ مقلّى فوق حنجرة سلمان المنكوب . المنظر يقبض الروح . زرعة صفراء مكسور ظهرها ، مشتولة في سندانة . عواء كلب وحيد . الليلة تؤثث بالتراتب . مانشيت تلفزيوني مشمور خارج كرزات العائلة : مات طالب السوداني بالسكتة القاضية . مرّ المانشيت سريعاَ كجرذ نازل من رازونة طين . حتى اللحظة ، لم يكن النبأ الوامض يقيناَ . كان عليّ أن أقرأ من جديد وأنطر . ربما هذه واحدة من قفشات طالب . مانشيتات عن الحكومة والرئيس والوحدة الوطنية وفوائد القهوة وثقب الأوزون وفتى أسمر جديد خرج من ظهر مايكل جاكسون ، ثم النبأ اليقين الذي جاء هذه المرة ، واضحاَ ومشعاَ وقوياَ . طالب هو صديقي وكان اقترح عليّ قبل ثماني عشرة سنة ، أن أقيم حفلة توقيع كتابي الأول ، فوق دكة عالية تنزرع عند باب سوق مريدي المشهور . أنا أحب طالب السوداني واحب شعره وصعلكته وتوقيعاته الموجعة ، وهو يستأهل مني الليلة مرثية عظيمة لم تكتب من قبل . سأنظف مائدتي وأطهّرها وأعطرها بالذكر وبالذكرى ، وأرمي كأس العرق في سطل الزبل وأسوّد البياض بموجع الكلام . حتى الآن ، لا حرف أفتتح به المعلّقة . على المراثي ان تكون موجعة ووقورة ، لكنني كلما أعدت تلاوة وتجويد مانشيت موت طالب ، متّ من الضحك عليّ وعليه وعلى البلاد التي جارت علينا . مرة ، قال كاظم الحجاج في واحدة من فلتاته البديعات ، أن عارضات الأزياء الناحلات ، لم يكلّفن الرب طيناَ كثيراَ . شكراَ كاظم عزيزي . لقد عاونتني في فك باب العصيان ، وطالب - مثله مثلهنّ - لم يكلف الله الجميل الكريم ، طينا كثيراَ . كان كومة عظام في كيس متنقّل . قمت على حيلي وشلت بيميني زجاجة العرق وبشمالي وشالة الكأس . سأبدأ فوراَ بتبديل المشهد . طالب يستاهل . صيوان فاتحة عملاق وسمّاعات رصاصية معوّجة وقوّالة نائحة تصيح : يا شيّال تابوته ، خلّه يمر بعياله . المانشيت المدهش يدور ، والتلفزيون يصير جنازة ، لكن المرثية لم تكن مؤلمة كما أشتهيت . ثمة قهقهات أرضية من حسن النواب ونصيف الناصري وضياء سالم ومنذر عبد الحر وحسين الصعلوك وسلام الأسود وحمزة الحلفي . مرثية كمال سبتي كانت أجمل وأحلى من مرثية طالب السوداني . طالب سيزعل . عياله سيزعلون . الناس كلها ستزعل عليّ ، لذا سأعيد تأثيث المرأى . مفردة المرأى ، أحسن من مفردة المشهد . سأزرع بطل العرق في خاصرة المائدة . سأترس الكأس صرفاَ وسكّاَ . سأيمم وجهي شطر وجه الولد نؤاس . سأكتب قصيدة . قصيدة نثر كما خططت . المسألة سهلة . سأفكك المكتوب وأطش الحروف وأسيّب النهايات . سأستعين ب " يو تيوب " جنازة ناظم الغزالي و " اني ليحزنني أن تذهبوا به " وسأقول لحمزة الحسن : لا يا صاحبي ، ليس لديّ منديل بكاء فائضا . سيفرح طالب وسيشتري لي وصلة أرض عند مدفنه . طالب كائن شاعر شاطر طيب ضحّاك . لقد خدع صاحب دكة المغسل ، ودسّ بجيب كفنه كمشة دنانير ، وهناك ، سيصنع لي مائدة مذهلة وتراتيل من دفتر " طز " !!