بحث هذه المدونة الإلكترونية

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 31 مايو 2016

دماء كنيسة سيدة النجاة بريشة فنانة عراقية- حاورها/ نهار حسب الله





دماء كنيسة سيدة النجاة بريشة فنانة عراقية

الفنانة التشكيلية حنان الانصاري تتحدث عن تجربتها الفنية:
عشاق الدم.. لايمكن ان يعشقوا ألوان الحياة
لوحاتي تعبر عن قضية المرأة المغيبة في مجتمع مغلق

حاورها/ نهار حسب الله
الفنانة التشكيلية المبدعة العراقية حنان حسين محمد الانصاري، حفيدة أحد رواد الفن ومؤسس جمعية اصدقاء الفن التشكيلي عبد القادر بيك الرسام، والتي شاركت في معارض عدة منها: معارض جماعة افكار، معارض افكار بلا قيود، معرض يوم السلام العالمي، معرض يوم الطفل العالمي، مبدعون بلا حدود مهرجان التعايش السلمي في السليمانية، معرض الرابطة العراقية للفن التشكيلي، معرض افكار بلا حدود، مهرجان السليمانية الشامل، معرض يوم المراة ، المهرجان التشكيلي الجماعي/ الحوار المدني / ثقافة اللاعنف، مهرجان الشباب في السليمانية.. فضلاً عن إقامتها لأربعة معارض شخصية.
تحدثت إلنا عن تجرتها الفنية وكان لنا معها الحوار: 
كيف كانت بداية مشواركِ الابداعي؟
- ابتدأ مشواري الفني بظهوري في أول خطوة فنية تشكيلية وهي إقامة معرض شخصي عام 2004 بعدها انضمامي عضوة في جمعية أفكار للفنون وكنت من المؤسسين لها وهنا يمكنني القول ان لهذه الجمعية واقعاً جميلاً في حياتي الفنية حيث كان لي نشاطات مهمة.. فضلاً عن انتمائي لعدة أنشطة فنية ومن ثم كانت لي حزمة من المشاركات المتتالية ومنها انطلقت في هذا الفضاء الفني.
ما هي العلاقة بين حياة يراد لها ان تموت وفن يراد له ان يحيا؟
- يجب ان ينحني الفنان لتأدية رسالة الفن وهو داخل حياة يراد لها الموت ويهيأ نفسه كمقاتل تماماً لاحياء فنه ذلك ان العلاقة في هذا المضمون ستكون في صراع ما بين حياة يراد لها ان تموت وفن يراد له الحياة ومن المستحيل ان يتواصل إلا إذا كان الفنان مبدئياً.
كيف تشكلت العلاقة ما بين الوان تزهو وموت يحيط بها سواد وبأس؟
- الفنان الحقيقي هو الذي يعبر بريشته حاملاً أفكاراً حالمة تنتقل بشواهد فنية متأملة بأسلوب مميز ومباشر وعليه ان يكون جاداً ويتحدى الصعاب ويتركه حالما يعلن الابحار في عالم الالوان.. تلك الهواجس السوداء وينتقي ما بداخله ليحول كلمة البؤس الى نجاح، وهذا لا يعني ان الفنان يستمد احياناً من البنية تأثيراً سلبياً في خلق لوحة مؤلمة في مضمونها وألوانها ان كان يعيش في حالة بؤس ولكن هو آخراً واخيراً فنان اطلق العنان لريشته ان تتكلم بلغة الألوان والاحاسيس عاكساً تشخيصه لفكرة معينة.
اللوحة إطار وعطاء روحي.. كيف استثمرت هذه الروح الحية في مكان شهد الكثير من نداءات الاستغاثة والتضرع الى الله مثل (كنسية النجاة) فيما اللوحة بوح عن الحرية؟
- لأني اتعامل بروح فنان حقيقي وباحساس الفن ولأن الفن عطاء وجداني كان بداخلي شعور غريب جداً وهو إيصال صرخة استلبت مني للخوض في هذه التجربة لأعلن سرد حكاية أليمة على جدران شهدت صرخات في سماء الله سلفاً فكانت تجربتي في كنيسة النجاة فريدة من نوعها وسابقة لكل تجاربي الفنية، هنا تعاملت بوصفي إنسانة انساقت بتضحية جزئية لتعبر عن وفائها واحسست ان من الضروري خلق رمز اسطوري غامض ومهما يكن السبب وراء خلقه إلا انني يمكن ان اصف لك ان هناك ارادة تمتلكني بالمشاركة والتفاعل بكل إيمان لتؤكد ان الفنان يسري في داخلي حاملاً مشاعر ونزعات ذاتية مجهولة، ذلك ان للفن تأثيرات عديدة وهي الحرية نفسها في اللوحة.. وعندما طلب مني الانظمام لهذا العمل لتقديم جدارية فنية تحكي قصة مأساة ابرياء بدمائهم بدلاً من اغتسالهم بماء الكنيسة المقدس.. ذهبت مسبقاً الى الكنيسة بمفردي، تجولت فيها وكان في مخيلتي كل ما حدث من مشاهد مرعبة ولكني احسست اني سأقدم من الولاء جزءاً وسأترك اسمي وسأكون انسانة وفنانة تحول دماء ابرياء لا ذنب لهم الى ألوان تعزف لحناً حزيناً في عالم الخلود.
هل تعتقدين ان بمقدور اللوحة الفنية ان تتجاوز حالة الاحباط التي تنتاب الانسان وهو يواجه أعمال العنف التي تطال ليس إبداعه حسب وإنما حياته كلها؟
- الاحباط واليأس والقلق والتأثير بالعوامل المحيطة هي امور بديهية وتجاوزها يعتمد على مدى قوة إرادة الفنان، ولا يمكن غض النظر عن ان للفن اجواء خاصة وليس من السهل ان تمارس نشاطاً فنياً ان كانت سماءك ملبدة بالغيوم والحالة النفسية مثقلة بالهموم غير ان الفنان لابد من ان يتجاوز اموراً كثيرة ليس الاحباط حسب وإنما وقع فنه القصير الامد وخصوصاً نحن في بلد صار به ضعف البنية وباتت ملامحه واهنة وانا اتمنى ان يسترد صحته الفنية وان يتجاوز الاخفاقات والاحباط ويلجأ الى التحدي فلا يمكن لاعمال العنف ان تحبط الفنان إلا إذا نفذ ابداعه.
هل ترين ان بمقدور الفن أن يكون رداً سلمياً على بؤر القتل والفساد والتطرف .. هل بمقدور غصن زيتون ان يحول دون اشتعال الحرائق؟
- الخطاب الفني والابداعي بكل اشكاله يحاور المجتمع ويطرح القضايا ومن الممكن ان يكون مدخلاً لحوار سلمي نعبر من خلاله للذين يجهلون معنى الانسانية وتغلبت على عقولهم المقفلة مسألة الفساد والتطرف ولكن من وجهة نظري الخاصة إن تلك الشخصيات السلبية لايمكن ان يكون الفن رداً سلمياً ورادعا حقيقياً لها.. لسبب واحد انهم عناصر لا علاقة لها بالفن لامن قريب ولا من بعيد ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.. ان تلك الفئة الشاذة تفتقر للدين وللقيم الانسانية فهل من الممكن تغييرهم من خلال الحوار الفني او من خلال لوحة.. لا اعتقد ذلك.
ألا تعتقدين انك في مكان محفوف بالخطر وبقوى ظلامية تريد إيقاف ديمومة الحياة والابداع معاً؟
- طبعاً انا وغيري في مكان محفوف بالخطر وقوى الشر الظلامية تريد ايقاف ديمومة ابداعي انا وغيري من المبدعين..
بوصفي انسانة مؤمنة بتأدية رسالتي، كان من الممكن ان اتجاوز قوى الشر الحاقدة لقتل الفن والثقافة على الرغم من ذلك ينتابني شعور باننا أنا وزملائي.. نجاهد ونستبسل ونرسم سبلاً للبقاء كما لو كنا نمارس حياة الابداع ونحن تحت اشراف طبي يتخصص بعناية مريض قد يفقد حياته على حين غفلة.. امارس حياتي الفنية وانا اتوسل السماء والعناية الالهية حتى لا يتوقف الامل داخلي وتموت نقطة النهاية التي لم تبدأ بمشواري الفني.
كونكِ حفيدة لأحد رواد الفن التشكيلي العراقي هو الفنان الرائد (عبد القادر بيك الرسام) ما هو اهم درس اخذته من هذا الصرح الفني المهم؟
- لكوني انتمي لسلالة فنية رائدة وحفيدة مدرسة الفن الواقعي الرائد عبد القادر بيك الرسام.. وبحكم الفطرة الابداعية التي تسربت لي من دون ان تكون درساً مباشراً صار ينمو بداخلي الحب الى مدرسة الفن الواقعي وذلك الاحساس المتوارث باللون المتشابه والعنصر المشترك بذات التكنيك كان هذا درس غير مدروس، غير ان العامل الوراثي كان اكثر بكثير من التصريح المباشر.
سبق وان اقمتِ اربعة معارض شخصية فضلاً عن مساهمتكِ في العديد من المعارض والمهرجانات.. ماذا أضافت هذه المساهمات الى فنكِ وهل شكلت لديكِ نقطة تطور؟
- كيف لا.. هل من الممكن ان يكون الفنان فناناً من دون الارتقاء من سلم الى آخر والوصول من محطة الى اخرى.. اقامتي معارض شخصية ومساهماتي ومشاركاتي كانت انتقالات من خطوة ناجحة الى ما هو افضل بعد ذلك.. ومن ثم تحقيق انجازات تضيف لرصيدي في عالم الفن المزيد من الانجازات المتألقة كما ان هذه المحطات الانتقالية تؤهلني الى تجارب ثرية مدروسة للقادمين ولهذا عُرف عني اني اظهر في أعمال مختلفة تحمل مصداقية منفردة في نوعها وغالباً ما ابرز بعمل يثير الجدل.
اللوحة.. لغة الالوان واحساس.. ماهي السبل التي ترينها مناسبة لنشر ثقافة تنويرية عبر الالوان؟
- اللون عالم لكل شيء وخليط من الاحاسيس التي يتعامل بها الفنان على وفق لغة يعبر عنها باللون.. ليست هناك سبل لنشر ثقافة تنويرية من خلال الالوان بل هناك سبل انتقالية لنشر الثقافة الفنية.
عالم الالوان عالم مرن والطرق التي تؤدي لنشر ثقافة تنويرية هي التطلع الى صناعة افكار جديدة تتقبل مساحات خاضعة لمواكبة الفن المعاصر ومن ثم تكون الألوان حديث نجدها من خلال الفكرة وفي نهاية المنجز.
ما مدى تأثركِ بالفن التشكيلي العالمي ؟
- الى حدما تأثرت بالفن التشكيلي العالمي لما تحمله مدارسهم من ابداع اسطوري عريق فهم رواد الاسلوب الكلاسيكي والفن التجريدي والواقعي والانطباعي والتعبيري وغيرها من المدارس وهنا يمكن القول انني من عشاق سلفادور دالي لجنونه المميز في أعماله التي تبصر في خيال جنوني فريد من نوعه.. اما رامبرانت عباقري الفن فيشهد له التاريخ بالتمييز والابداع فهو احد ركائز الفن التشكيلي الاوربي ومونيه والوانه الزيتية للطبيعة فلا وصف لها غير انها حقيقة أخاذة.. هؤلاء اساطير الفن الذي لا يمكن إلا ويكون تأثري بهم الى ابعد ما يمكن وصفه كونهم رموزاً فنية لن تتكرر.
كيف تقيمين الساحة الابداعية العراقية؟
- تشهد الساحة الفنية العراقية خصوصاً في عالم الفن التشكيلي ضعفاً فنياً ملحوظاً.. ربما لان ما يمر به البلد من وهن معيشي وقسوة بيئية حيث ان الفرد صار يفكر بسبل العيش أكثر من اي شيء آخر كما ان هناك عجز فني لعدم توفير الخدمات المطلوبة للفنان ودعمه مادياً ومعنوياً واعلامياً على الرغم من ان هناك طاقات إبداعية حاربت المستحيل لتبرز وتعلن الوجود في الساحة الفنية غير ان ما اراه للاسف وجود الفنان اليوم وهو في حالة ولادة فنية عسيرة وهذا ما يقلق الاجيال القادمة اما ما يقلقني فيكم باصابتهم بالاحباط لقلة الوعي الثقافي الفني في ظل ظروف باتت تهدر ايامنا من دون هدف سوى العيش فقط.
نجد في مجمل لوحاتكِ محاولات لكشف الضغط النفسي عن المرأة.. ما هو السر في ذلك؟
- انا اتناول في أعمالي مواضيع عدة ليست عن المرأة فقط ولكن الغالب في أعمالي طرحها قضية المرأة لانها مغيبة في مجتمعنا وانا احاول ان اسلط عليها الضوء في فلسفة حوارية فنية تثير التساؤلات وتستفز المتلقي لأني افشي اسرارها عبر طرح موضوع اجسده والجأ إليه عندما اقوم بتكون فكرة تحمل قصة انشائية نسوية واشير الى ملاحظة وهي طالما طرحها الصحفيون والمثقفون من انني ارسم ما يحدث في حياتي اجمالاً وهنا اوضح هذه النقطة كما جاء في سؤالك.. انا احاول الكشف عن الضغط النفسي للمرأة بصورة عامة وابراز قضية النساء ولا انفرد بخصوصية تامة في لوحاتي إلا قليلاً وفي حالة تتغلب على الفنان ان يفجر طاقته في حينها.
هل تجدين في لوحاتك خطاباً خاصاً بكِ يمكنك والبوح بكل ما يجول في نفسك؟
- أكيد.. الفن التشكيلي لغة ورؤية فنية خاصة وخطاب يبوح به الفنان في اعماله.. وفي لوحاتي استخدم عناصر مؤثرة معتمدة على ملامح متنوعة من الاساليب تحمل مميزات مختلفة كي احقق الوصول لما اريد البوح بما يصارع داخلي.
يقال ان اللوحة تحتمل التأويل والتحليل لاكثر من اتجاه حسب رؤية ونفسية المتلقي.. ما رأيكِ في ذلك؟
- ربما تحتمل التأويل والتحليل لاكثر من فكرة لكن تبقى مختلفة بهواجسها ومكنوناتها المختزلة لدى الفنان.. البعض من اعمالي اعطاها المتلقي تغيرات عديدة اراها قريبة الى الموضوع او تشكل اضافة وجدلاً استنتاجياً مختلفاً يحمل في طياته شيئاً من المنطقية.. غير ان هناك نقطة لا يمكن الوصول إليها كما تحمل نصاً.
لكل مبدع رسالة.. ماهي رسالتكِ وهل تمكنتم من ايصالها بالالوان؟
- لكل ذوي اختصاص رسالة يقدمها للمجتمع حتى يكون عنصراً له كيان ذاتي وانساني يخدم به الاجيال ولاني والحمد لله تمكنت من اجتياز مراحل في ميداني الفني وذلك من خلال لوحاتي من دون توقف وعلى اني اجعل أعمالي شاهداً تاريخياً يتواصل مع مسيرة جدي عبد القادر الرسام أولاً.. وثانياً انني سأواصل مسيرتي الفنية وساكون على نهج كل فنان ملتزم سيعى لتحقيق الرسالة الفنية وايصالها عبر لغة الالوان.

ليست هناك تعليقات: