*ترجمة: الخضر شودار
رسالة مارغريت دوراس إلى يان آندريا
يان، لقد انتهى إذن كل شيء. ما زلت أحبك. وسأعمل كل ما في وسعي لأنساك. وأرجو أن أحقق ذلك. لقد أحببتك بجنون. وظننت بأنك كنت تحبني. آمنتُ بذلك. الشيء الإيجابي الوحيد، كما أتمنى، والذي سيبعدني كليًا عنك هو أنني اختلقت قصة الحب هذه بمفردي. أظن أنك تحبني أنت أيضًا لكن ليس بمعنى الحب، أظن أنك عاجز عن احتواء الحب، إنه يفلت منك، ويتدفق خارجًا عنك كما لو أنك إناء مثقوب. الذين لم يعيشوا عن قرب منك، لا يمكنهم أن يعرفوا ذلك. أدركتُ بعض هذا عند عرض المشهد الأول بـ دوفيل. قلت لنفسي: مع من أنا؟ ثم إنك بكيتَ وانتهى الأمر. لكني لم أنس ذلك الخوف. أريدك أن تعرف هذا: ليس لأنك تراود وأنك تدخل في مراسيم شكوى المثليين، فأنا أتركك لذلك.
كل شيء كان ممكنًا، كل شيء لو أنك كنت قادرًا على الحب. أقول بكل وضوح: قادر على أن تحب مثل ما نقول قادر على المشي. كونك لا تخبرني بشيء هو ما صدمني، جاء من هذا السبب، من عدم الكلام، مما ينبغي أن يقال. ربما ذلك بسبب تأجيل وحسب، أتمنى. أنتَ لستَ حتى شخصًا سيئًا. أنا أسوأ منك. لكن في داخلي، وفي الوقت نفسه، الشعور بالحب، هذا الاستعداد المتميز الخاص للحب. أنت لا تملكه. أنت خالٍ من هذا. سأحاول أن أجد لك عملًا في باريس أو في مكان آخر، عملًا يناسبك. وأريد حقًا أن أستأجر لك غرفة بـ كيين حيث أصدقاؤك الحقيقيون. [...] أولئك الذين يعرفونك منذ قديم، ولا يستطيعون العيش في خدعة صيف عام 80 بـ تروفيل كما عشتُ. لن أتخلى عنك. سأساعدك، لكني أفضل أن أبقى بمعزل عن هذا الجفاف الذي يخرج منك، جفاف خانق وقاس ومخيف. لا أعرف من أين يأتي ولا كيف أصفه. سوى أنه: ثقب، نقص، فراغ بالقياس إليه تبدو عدوانيتي مثلا جنةً أو ربيعًا. أن أعيش معك، أو بالقرب منك، لا، مستحيل.
كنت تكتبُ إلي لسنوات فقط لأنني نجوتُ من هذا الوجود الكريه. أنا أحبك يان. يا للفظاعة. لكني أفضل مع ذلك أن أحبك على ألا أحبك. أريدك أن تعرف ما يعنيه هذا. يا له من صيف، يا له من وهم، كم كان رائعًا، لا يمكن لذلك أن يستمر، ولا كان ذلك ممكنًا، وحدها الخطايا تأخذ هذا الاكتمال. لا أعرف كيف سأتصرف في ما بقي لي من حياة، لأعوام قليلة. الجريمة هي: أن توهمني بالقدرة على الحب. وكمقابل لهذه الجريمة، لا شيء. إذا حدث أن واتتني الشجاعة الكافية لأقتل نفسي، سأخبرك. الشيء الوحيد الذي يمنعني هو طفلي. أحبك
مارغريت
_________
جعلتني أبكي ثانية
رسالة سيمون دو بوفوار إلى نلسون آلغرين
حبيبي الرائع الدافئ
لقد جعلتني أبكي ثانية. لكنها دموع الغبطة بكل شيء يأتي منك. جلست بالطائرة وأخذت أقرأ في الكتاب ثم تمنيت أن أرى خط يدك، وحين نظرتُ في الصفحة الأولى ندمتُ على أني لم أطلب منك أن تكتب أي شيء عليها، ثم ها هي سطور الحب الحانية بخط يدك. حينها مال رأسي على النافذة وبكيت، وتحتي البحر الأزرق الجميل. كان بكائي لذيذًا لأنه من الحب، من حبك ومن حبي، منا نحن الاثنان. أنا أحبك. سألني سائق التاكسي: "هل هو زوجك؟". "لا"، قلتُ. "آه.. صديق؟"، وأضاف بشيء من المواساة: "يبدو عليه الحزن كثيرًا". ولم أجد ما أقول سوى: "يحزننا جدًا أن نفترق. لأن باريس بعيدة".
وعندها بدأ يتحدث بطيبة عن باريس. أنا سعيدة لأنك لم تأتِ معي. كان هناك في شارع "ماديسون" و كذلك "لاغوارديا"، أناس أعرفهم، أصوات ووجوه فرنسية، أبشع الأصوات والوجوه الفرنسية، ما كان سيجعل الأمر سيئًا حقًا. كنت ثملة قليلًا، غير قادرة على البكاء لحظتها، لكن ثملة وحسب. ثم أقلعت الطائرة. أعشق الطائرات. أظن أنك حين تكون في ذروة العاطفة، يكون السفر بالطائرة الطريقة المثلى الملائمة لقلبك. حيث الطائرة والحب، السماء والحزن والشوق شيء واحد. كنت أفكر فيك وأتذكر كل شيء بدقة. ثم قرأت في الكتاب الذي أحببته أكثر من الكتاب السابق. ثم احتسينا بعض الويسكي وتناولنا الغداء: دجاج محمّر وآيس كريم بالشوكولا. وتخيّلت أنك ستحب كثيرًا المناظر، الغيوم والبحر، الساحل والغابات، والقرى. كنا نرى الأرض بوضوح، وأنتَ ستبتسم بدفء ابتسامتك الطفولية الجميلة.
حين وصلنا فوق "نيوفوندلاند"، كان وقت ما بعد الظهيرة قد انتهى، وكانت الساعة الثالثة بتوقيت نيويورك. كانت الجزيرة جميلة، شجر السرو والبحيرات مع بقع الثلج هنا وهناك. كنتَ ستحب ذلك أيضًا. هبطنا وكان علينا أن ننتظر لساعتين. فأين أنت الآن؟ ربما في الطائرة.
حين تعود إلى بيتنا الصغير، سأكون هناك، مختبئة تحت السرير وفي كل شيء. سأكون دائمًا معك منذ الآن. بشوارع شيكاغو الحزينة، تحت السقيفة، وبالغرفة الوحيدة. أكون معك، يا حبيبي الوحيد كزوجة عاشقة وزوج عاشق. لن نفيق من هذا الحلم، لأنه ليس حلمًا، إنه قصة حقيقية رائعة، ما زالت تبدأ. أحس بك معي، وحيثما أكون، تكون معي. ليس مجرد نظرة وحسب ولكنه كيانك كله. أنا أحبك. ليس هناك ما هو أكثر من ذلك لأقوله. خذني بين ذراعيك لأتشبث بك وأقبّلك وتقبلني.
سيمون
_______
*العربي الجديد
التاريخ : 2016/05/24 12:19:22
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق