غازي الشعّار
أحمد الحلي
حقق غازي الشعّار شهرة واسعة في أوساط المجتمع الحلي منذ بداية الخمسينيات ومروراً بالستينيات وحتى بداية السبعينيات حيث لقي مصرعه في إحدى جلسات السمر التي اعتادت الطبقة الوسطى وأثرياء المدينة على إحيائها في مناسبات متعددة منها الزواج والختان والأعياد وما إليها ، ولا غرابة إن قلنا إن غازي الشعار أصبح في تلك الآونة ظاهرة مكرّسة ، فهو شعّار أي راقص أو راگوص بحسب التسمية الدارجة ، ولعل أطرف ما فيه أنه يرقص ليس بصفته رجلاً وإنما يتقمص ببراعة قل نظيرها دور الفتاة المغناج الراقصة ، كان يكتحل ويضع المساحيق النسائية على وجهه بل ويطيل شعر رأسه ويعتني به أسوة بباقي النساء ، وبالإضافة إلى ذلك اعتاد غازي على لبس الملابس النسائية ومكملاتها وأبرزها الستيان ورافعة الصدر ...كما كان يطيل أظافره ويصبغها بالطلاء الأحمر أو الوردي ...
وقد شاهدته بنفسي في أواسط الستينيات بأحد الأعراس وهو يرقص ويتمايل بشعره الطويل ويطقطق بالݘنبارات ثم ليضع مؤخرته بين الحين والآخر في حضن هذا أو ذاك ، وكان جميع الحاضرين منتشين بفعل الخمرة التي احتسوا بعض كؤوسها ، فلا يتردد أحدهم من القيام بتعليق ورقة نقدية في دشداشة غازي ...وسط هلاهل النسوة وزغاريدهن وبعض إطلاقات الرصاص المهللة ...
وهناك واقعة مشهورة يتداولها البعض حول سيرته الشخصية ، ففي أحد الأيام تم إلقاء القبض عليه ، إذ عُثر عليه في أحد الأماكن في وضع المفعول به ، فاقتيد إلى المحكمة للنظر في أمره ، كان المنادي يصيح بصوت عالٍ باسم كل شخص يتم تقديمه أمام القاضي ، وكان المتهمون محشورين في مكانٍ بأحد أطراف القاعة .
ما إن صاح المنادي ؛ غازي عبد الله .... الملقّب بـ الشعّار ، حتى صاحت أخته التي قيل أنها كانت موجودة ضمن الحاضرين ؛ شعّار ويشُگـ الحلگ !!
بينما انفلت غازي من مكانه متوجهاً إلى المكان الذي يتوجب عليه الوقوف فيه أمام القاضي وهو يطقطق بـ الݘنبارات ، قائلاً ؛ بحضنك سيدي القاضي !!
حدّثني الشاعر والباحث صلاح اللبان أن غازي اعتاد أن يرتاد مقهىً تقع بالقرب من منطقة الجبل (الجنائن المعلّقة) ، والتي كانت أيضاً مقراً لأحد فرق كرة القدم المحلية ، ولما كان صاحب المقهى من المعجبين بـ غازي فإنه علّق صورته جنباً إلى جنب مع صور أعضاء المنتخب وصور مشاهير اللاعبين العراقيين والعالميين آنذاك ، حين وقع نظر غازي على صورته المعلقة ، شعر بالخيبة والاضطراب وذهب إلى صاحب المقهى (أبو إحسان) وقال له معاتباً ؛
- أنا اعتبرك مثل أخي الأكبر ، وأنت تعرفني جيداً ، أود أن أعرف السبب الذي جعلك تضع صورتي مع الزلِم !
الوقت يؤذن بالغروب ، كان المُلة ، جالساً كعادته ، في مقهى " أبو سراج " حين جاءه خبر مقتل غازي على يد أحد السكارى ، فقفز من مكانه وكأنه أصيب بطلق ناري ، وظل يولول منتحباً .
حاول بعدها أن يعثر على من يكذب هذا الخبر الفاجع بالنسبة إليه وإلى كثيرين ، ولكن الخبر شاع وانتشر في المدينة بأسرع من لمح البصر ...
في اليوم التالي حضر المُلة وقرأ على أصدقائه ومحبيه الذين اعتادوا أن يتحلقوا حوله قصيدة رثاء ألفها حول مصرع الراحل ، ومما جاء في مطلعها ؛
ما مات غازي والشباب تريده
........................ ( لم نشأ تثبيت عجز البيت لأنه بذيء جداً)
ما صار مثله ما صارْ
بالكون أحسن شعّارْ
أحمد الحلي
حقق غازي الشعّار شهرة واسعة في أوساط المجتمع الحلي منذ بداية الخمسينيات ومروراً بالستينيات وحتى بداية السبعينيات حيث لقي مصرعه في إحدى جلسات السمر التي اعتادت الطبقة الوسطى وأثرياء المدينة على إحيائها في مناسبات متعددة منها الزواج والختان والأعياد وما إليها ، ولا غرابة إن قلنا إن غازي الشعار أصبح في تلك الآونة ظاهرة مكرّسة ، فهو شعّار أي راقص أو راگوص بحسب التسمية الدارجة ، ولعل أطرف ما فيه أنه يرقص ليس بصفته رجلاً وإنما يتقمص ببراعة قل نظيرها دور الفتاة المغناج الراقصة ، كان يكتحل ويضع المساحيق النسائية على وجهه بل ويطيل شعر رأسه ويعتني به أسوة بباقي النساء ، وبالإضافة إلى ذلك اعتاد غازي على لبس الملابس النسائية ومكملاتها وأبرزها الستيان ورافعة الصدر ...كما كان يطيل أظافره ويصبغها بالطلاء الأحمر أو الوردي ...
وقد شاهدته بنفسي في أواسط الستينيات بأحد الأعراس وهو يرقص ويتمايل بشعره الطويل ويطقطق بالݘنبارات ثم ليضع مؤخرته بين الحين والآخر في حضن هذا أو ذاك ، وكان جميع الحاضرين منتشين بفعل الخمرة التي احتسوا بعض كؤوسها ، فلا يتردد أحدهم من القيام بتعليق ورقة نقدية في دشداشة غازي ...وسط هلاهل النسوة وزغاريدهن وبعض إطلاقات الرصاص المهللة ...
وهناك واقعة مشهورة يتداولها البعض حول سيرته الشخصية ، ففي أحد الأيام تم إلقاء القبض عليه ، إذ عُثر عليه في أحد الأماكن في وضع المفعول به ، فاقتيد إلى المحكمة للنظر في أمره ، كان المنادي يصيح بصوت عالٍ باسم كل شخص يتم تقديمه أمام القاضي ، وكان المتهمون محشورين في مكانٍ بأحد أطراف القاعة .
ما إن صاح المنادي ؛ غازي عبد الله .... الملقّب بـ الشعّار ، حتى صاحت أخته التي قيل أنها كانت موجودة ضمن الحاضرين ؛ شعّار ويشُگـ الحلگ !!
بينما انفلت غازي من مكانه متوجهاً إلى المكان الذي يتوجب عليه الوقوف فيه أمام القاضي وهو يطقطق بـ الݘنبارات ، قائلاً ؛ بحضنك سيدي القاضي !!
حدّثني الشاعر والباحث صلاح اللبان أن غازي اعتاد أن يرتاد مقهىً تقع بالقرب من منطقة الجبل (الجنائن المعلّقة) ، والتي كانت أيضاً مقراً لأحد فرق كرة القدم المحلية ، ولما كان صاحب المقهى من المعجبين بـ غازي فإنه علّق صورته جنباً إلى جنب مع صور أعضاء المنتخب وصور مشاهير اللاعبين العراقيين والعالميين آنذاك ، حين وقع نظر غازي على صورته المعلقة ، شعر بالخيبة والاضطراب وذهب إلى صاحب المقهى (أبو إحسان) وقال له معاتباً ؛
- أنا اعتبرك مثل أخي الأكبر ، وأنت تعرفني جيداً ، أود أن أعرف السبب الذي جعلك تضع صورتي مع الزلِم !
الوقت يؤذن بالغروب ، كان المُلة ، جالساً كعادته ، في مقهى " أبو سراج " حين جاءه خبر مقتل غازي على يد أحد السكارى ، فقفز من مكانه وكأنه أصيب بطلق ناري ، وظل يولول منتحباً .
حاول بعدها أن يعثر على من يكذب هذا الخبر الفاجع بالنسبة إليه وإلى كثيرين ، ولكن الخبر شاع وانتشر في المدينة بأسرع من لمح البصر ...
في اليوم التالي حضر المُلة وقرأ على أصدقائه ومحبيه الذين اعتادوا أن يتحلقوا حوله قصيدة رثاء ألفها حول مصرع الراحل ، ومما جاء في مطلعها ؛
ما مات غازي والشباب تريده
........................ ( لم نشأ تثبيت عجز البيت لأنه بذيء جداً)
ما صار مثله ما صارْ
بالكون أحسن شعّارْ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق