الجمعة، 17 أبريل 2015

رسوم بين الواقع والوهم -جميل ابراهيم الكبيسي





رسوم بين الواقع والوهم
جميل ابراهيم
ان من يشاهد عن كثب التخطيطات الفنية للفنان غالب المسعودي التي عرضت بمعرضه الشخصي في قاعة اتحد أدباء بابل ، يحس ان تلك الأعمال ثمزة إمتزاج الأسطورة بالخيال الحر 0
عرفت الفنان غالب المسعودي قديمآ ، فهو مولع بقراءة الملاحم والاساطير التي لها صلة بحضارة وادي الرافدين قبل حوالي خمسة آلاف سنة ، والتي تعبر عن تصور انسان مابين النهرين للخليقة والكون والقوى الخفية والعالم والخلود 0 قطعآ ان تلك القراءة زودته بمخيلة واسعة ، وخزين من الصور ، وذاكرة مليئة بالخيال والاحلام ، فالفنان هنا : أراد أن يبتعد عن الثوابت وعن ماهو مألوف ، وتحرك بإتجاه نسق ونظام آخر للرؤية ، ليحرف أشكاله ونماذجه بخطوط رهيفة ألفت بغنائية حزينة ، وقد كان الفنان دقيقآ وهو يعيد إختزالات أشكاله وتركيباتها بغير تناضر 0
ان صوره الملقاة بإتزان تشعر المتلقي بكمال حيويتها ، بخطوطها المؤثرة لتخلق رغبة في التأمل والاكتشاف ، رسوماته : نص مؤلف بين الواقع والوهم ، تهيمن في تفاصيل اللوحة سلطة الشكل ، وسلطة الموضوع ، منجزة بأدق التفاصيل تمنح المشاهد سيلآ متدفقآ من الرؤى 0 فبعض رسوماته لها ميزة خاصة نجد بعض آثارها في رسوم الواسطي ، وأخرى تذكرنا بالفترة الآشوريةلرسوم مخلوقات بشرية بجسم حيوان مستوحات من حقائق العالم المرئي كإيهام اسطوري 0
في تخطيطات الفنان غالب المسعودي نجد مكونات المشهد الطبيعي من أشياء وأشجار وإنسان تشغل حيزها بحرية ، وهي تتجلى بتاثيراتها الطقسية والسحرية الواضحة التي تذكرنا برسوم آثارية واضحة المعالم 0 من ملمح آخر نجد إن الفنان غالب المسعودي أدخل الحروف المسماريةفي أعماله بكيفية تختلف كليآ عما فعل الفنان جميل حمودي حين أدخل الحروف العربية في أعماله الفنية وجعل من الحرف الشكل الأساسي للوحة ، وجزء من البنية التشكيلية للنص 0 
ان حروف غالب المسعودي موضوعة بكامل إستعارتها ، متاثرة بشكل الكتابة السومرية ، وعلى الرغم من إقتباسها المباشر فقد بدت كتكوين جميل ضمن النسيج العام للوحة ـ تعطي المشاهد إنطباعات حسية للموروث السومري ، وكأنها تكشف عن جمالية أصل الكتابة وعن تفاصيلها الوثائقية المدونة في بطون الكتب 0 ان غالب المسعودي فنان دؤوب على الرغم من إختصاصه طبيبآ ، فهو متواصل مع تجربته الفنية ودائم التحري والإكتشاف لعوالمه الخارجية بكل أجوائها وتياراتها ومؤثراتها 0 إنه يتمثل الاشياء من حوله فهمآ جماليآ ، وعلى حد تعبير ماقاله (تاسو) : (إنالعالم الذي يضم بين جنبيه هذا العدد من الأشياء المتنوعة هو واحد ، شكله وجوهره واحد ، وواحدة التي تربط بين جميع أجزائه بتناسق متباين وكل ماهو موجود فيه إنما هو موجود للضرورة أو للزينة ) 0

ليست هناك تعليقات: