الخميس، 4 ديسمبر 2014

ذاكرة القصيدة الشعبية-عادل كامل

ذاكرة القصيدة الشعبية


عادل كامل

نعم نصفق للقصيدة الشعبية ولكننا نخاف عليها من ...؟
ـ " بدءا ً، وقبل عصر التدوّين وبعده، كانت المسافة بين الأصوات ـ والكتابة، ظاهرة تعني، بشكل أو أخر، تقسيمات  اقتضتها عواملها. فبعد ان بدأت الحواس التخصص بوظائفها، المحددة، كانت الأصوات ـ من الفم إلى الرئة ـ لها السبق، والانتشار، في التداول بين المجموعات البشرية. ومع أننا لا نمتلك تصوّرا ً علميا ً دقيقا ً عن العالم إبان اكتسابه أبعاده، من العرض إلى الطول إلى العمق، والى باقي الأبعاد، وأيهما كان مباشرا ً في ظهور أدوات السمع أم أدوات البصر، فان  اثر تلك العوامل في نشوء الاختلافات ـ والتقسيمات فيما بعد ـ كان مرتبطا ً بالوظائف بما مميزها ومنحها خصائصها، إن كانت في التداول، أو في الانشغالات الأرقى، كالمهارة في الصياغات الفنية، أو الجمالية.
   وكالمسافة بين الأصوات والكتابة، حافظ الإرث الجمعي على اشمل تعامل تمثل فيه النوع، إلى جانب تلك العوامل التي أدت إلى ظهور (ألانا) على مستوى النصوص المدونة.

    نخاف على النص المدوّن من تأثيرات اللاوعي الجمعي، أم نكون على حذر اكبر من القطيعة، وذلك الانفصال البنيوي ـ الوظيفي، بينهما، أم سنراقب اثر احدهما على الآخر في الحفاظ على تلك الغايات الأبعد للموجودات ـ ولأدواتها، مادامت الأصوات/ والأبجديات، هي مظهر لا يمكن عزله عنها.
   فالخوف ـ بمعنى الانشغال ـ من الشعر (الجمعي) بالحفاظ على دوافعه البكر، لم يثمر، في عالم ما بعد التقنية(التكنولوجيا)، إلا ما يشبه الضوضاء إزاء الموروث المدوّن، المتصل بالمستحدثات، وحداثتها.  فالخوف لا يكمن في التأثير أو الخلط، بل بتجاوزه لمنح الشعر الجمعي/ الشعبي، لدى الشعوب ما قبل الصناعية، أهمية انتصار الأصوات على المنجز المدوّن. وإلا فان أعراف الشعر الجمعي لم تقهر، إن تنبهت إلى الموضوعات الأبعد، غير الحث على الاشتباك، والتصادم، بالرهافة، وقراءة محفزات التوتر، وموضوعات العنف.
المتلقي الذكي مع من في القصيدة الشعبية...؟
ـ " انه مع اكتشاف مخفياتها؛ أي رسالتها وفنها وما تخفيه من ديناميات. فالمتلقي لن يدشن ذكاءه إلا بالتحري عن تلك الملغزات التي منحت الموروث الجمعي، للشعوب، الصانع المجهول، بعد ان راح هذا الصوت الجمعي يجد تفرده عبر الأنا. ومرة بعد أخرى ثمة محفزات تستدعي المتلقي ان يذهب إلى المناطق النائية، في القراءة، وإعادة البحث عن مليارات الحيوات، وأصواتها، وأنفاسها، في كل ما يعد تدشينا ً يوازي نصوص النخبة، الأكثر تفردا ً، وربما، الأكثر عزلة. ."


* مسؤولية الشاعر أمام المتلقي، أم مسؤولية المتلقي أمام الشاعر...؟
ـ " الآن استعيد التجارب التي اكتسبت تاريخها المدوّن، في هذا الصنف، خلال القرن الماضي،  (مع وجود مسافة بين الخطاب العامي؛ أي الهجين أو المهجن، والموروث الشعبي الذي اكتسب قواعده، وانضباطاته)، استعيد (الهوية) الشعبية، بوصفها لا تحمل اسما ً، إلى جانب تجارب اقترنت بعواملها الاجتماعية/ السياسية، ودورها في منح الهوية ملامحها وشخصيتها.
 تجارب الملا عبود الكرخي، اللاذعة، ذات المنحى النقدي، مرورا ً بحقبة تالية، ظهر فيها مظفر النواب ـ الانطباعي في الأصل ـ وشاكر السماوي، وعريان السيد خلف، وأسماء لا تحصى عملت كجسر بين الشعر والآخر، فتارة كانوا هم الأكثر تأثيرا ً، وتارة يجد المتلقي ضالته في تلك التجارب.
   إنها علاقة شبيهة بما تعمله الجسور ـ بين الضفاف، فالشاعر يستنطق الجماعة، ويعبر عنها، كي تختار الجماعة شاعرها، حيث تمثلت (حداثة) الشعر في مجالات ابعد من التحريض، باستثمار التيارات العالمية، في المنحى البنائي لها، على مستوى الصياغة، وأساليبها تارة، وعلى ما أخفاه الشعر، السابق على الكتابة، ومنحه حضورا ً مستحدثا ً في عصر ما بعد الحداثة، والعولمة، تارة أخرى.."

ليست هناك تعليقات: