الخميس، 11 ديسمبر 2014

10 قصص قصيرة جدا ً-عادل كامل

10   قصص قصيرة جدا ً






عادل كامل

لا مناص إلى عدنان المبارك
[1] أسباب
ـ اخبرني.....، لماذا تكتب؟
ـ من اجل الكرامة.
ـ آ .....، إذا ً....، تكتب للحصول عليها.
ـ وأنت...؟
ـ من اجل المال.
ـ جميل، أنت ينقصك المال إذا ً.
ـ وأنت؟
ـ أنا اكتب من اجل الحرية.
ـ أيها المسكين أتطلب الحرية من العبيد...؟
ـ وأنت؟
ـ ابحث عن الحقيقة.
ـ آه ......، تبحث عنها بأداة تحجبك عنها.
ـ وأنت؟
ـ من اجل الإنسانية.
ـ أتخدعني، أم تخدع نفسك، أم تخدع الإنسانية؟
ـ وأنت؟
ـ اكتب من اجل المجد، والفخامة، والسيادة، والعظمة.
ـ لن تحصل عليها مادمت تطلبها.
ـ وأنت..؟
ـ أنا لو تخليت عن الكتابة فسأموت.
ـ أتخاف من الحتمية التي ليست بحاجة إلى بحث.
ـ وأنت ..؟
ـ من اجل الله.
ـ الآن عرفت لماذا انحدرنا إلى الحضيض!
ـ وأنت؟
ـ أنا اكتب من اجل المباديء.
ـ آ  ....، تعلم الآخرين المباديء التي تظن انك تعرفها، تبا ً للذي يعتقد انه فوق الجميع.
ـ وأنت، أيها المشغول بهذه الأسئلة، لماذا تكتب؟
ـ أنا، أنا، أنا وجدت لدي ّ ورقة، وقلم، فقلت ماذا افعل بهما...، وأنا داخل هذه الجدران!

[2] عقوبة
    سأل الآمر مساعده، وهو يقلب في الملفات:
ـ أين يعمل هذا الكلب..؟
ـ عند راعي الخراف السود.
ـ لماذا لم تستدعه للعمل معنا...؟
ـ سيدي ...، صحيح انه كلب موهوب، حساس، ويتمتع بالفطنة، والذكاء ....، ولكنه لا يعضّ.
ـ يا كلب....، انك لا تصلح ان تكون مساعدا ً لي....، فمن لا يجيد تدريب الكلاب على الافتراس، لا يحق له ان يبقى على قيد الحياة!

[3] تصفيق!
ـ صفق..، صفق...
قالت الأم لولدها الصغير، عند استقبالها للضيف، وأضافت:
ـ لولا هذا الرجل الطيب، من كان سيسدد إيجار البيت، ونفقات الطعام، وذهابك إلى المدرسة؟
     بعد عقود...، سمعها تأن، وكانت الحرب قد اندلعت، والغرباء احتلوا المدينة، فقال لها:
ـ صفقي، صفقي، يا أماه، صفقي!
وأضاف:
ـ لولا هؤلاء...، من كان يستطيع ان يخلصنا من هذا الغريب....؟
     عندما حاولت الأم جمع قواها للكلام، وجدت صوتها قد غاب.

[4] تحقيق
    استدعاه كبير المحققين، من زنزانته الانفرادية، بعد وساطات، والحاحات، وتوصيات بمراعاته، من اجل إطلاق سراحه، فهو إنسان مشرد، طيب، ومسكين، فقال له:
ـ أيها العجوز ...، سنخلي سبيلك...، ولكننا نرجوك، في هذه المرة، ان لا تكون مخربا ً.
     لم يقو الرجل العجوز الذي تجاوز الستين من العمر، إلا ان يضحك، بصوت مرتفع، ولم يبق في فمه إلا سنا ً واحدة، هي علامته الوحيدة، قائلا ً:
ـ وهل يوجد، يا سيادة كبير المحققين، شيئا ً يمكن تخريبه؟

[5] منصب
     بعد ان سمحت له ان يقبلها، وهي تستعد لخلع ملابسها، سألها:
ـ هل تحبيني حقا ً؟
    أجابت على الفور:
ـ لا!
ـ لماذا تفعلين هذا ...، إذا ً؟
     قالت ضاحكة:
ـ ومن سينجز لي ...
    ابتعد عنها، وتركها شاردة الذهن، لا تعرف ماذا تعمل، وقرر ان لا يراها. وبعد سنوات، وهو بصدد انجاز معاملة من المعاملات، رآها، ولكنه نجح ان لا يلفت نظرها، وهي تشرف على إدارة أعمالها في منصبها الفخم، وغاب مرة ثانية.
[6] الصحفي والسيد الرئيس
    استدعى الرئيس الصحفي المشاغب، إلى مكتبه، رحب به، وبادره بالسؤال:
ـ أيها الصحفي...، أنت إنسان ذكي، حاذق، وموهوب، ولكن اخبرني ألا توجد، في هذه البلاد، انجازات أو علامات تستحق الذكر، تسلط الضوء عليها، وتعالجها في عمودك الصحفي ...؟
    نهض الصحفي، ووقف أمام السيد الرئيس، وخاطبه بصوت وقور:
ـ سيدي...، وأنا اجلس في مكتبكم الرئاسي، حدث لي ...
    استدار...، وعرض شقا ً حدث في بنطاله:
ـ فهل تطلب مني ان اخفي عنك هذه الحقيقة، واسكت؟
     قال السيد الرئيس:
ـ والله....، إن منعتك من الكتابة، فانا غير جدير بهذا المنصب!
[7] أصابع
   ناول الكاتب صديقه النحات ورقة رسم عليها مجموعة من الأصابع، وقال له:
ـ لدي ّ فكرة ...
     شرد ذهن النحات، وخياله، إلى أفكار لا تحصى، استعاد عبرها آلاف الأصابع التي أنجزت عبر تاريخ النحت.
    قال الكاتب بصوت خفيض:
ـ الفكرة في غاية البساطة، فانا أريدك ان تنحت هذه الأصابع مقطعة، ومنفصلة وعن الرأس!
ـ تقصد عن اليد، واليد عن الذراع، والذراع عن الجسد؟
ـ اقصد ان تنحتها منفصلة عن الرأس!
ـ أصابع مقطعة، منفصلة، ومتناثرة....، ولكن ما المقصود من هذه الفكرة...؟
   بعد لحظات صمت، قال الكاتب:
ـ أريد ان أضعها فوق قبري، بدل الشاهد التقليدي!
ـ غريب، ما هو قصدك؟
ـ قصدي...، يا صديقي، ان اعترف بأنني إذا كنت فشلت في قطعها، وأنا على قيد الحياة، فإنني لن افشل في معاقبتها وأنا قد عدت إلى التراب.
ـ تقصد ان يبقى اسفك مجسما ً أمام أنظار الآخرين، عبر الزمن...؟
ـ لأنني، اقسم لك، إنها كانت لا تطاوع ما كان يدور في رأسي، فهي التي جرجرتني للبقاء أسير هذه الحياة!
[8] أمل
ـ غريب أمرك...، يا صديقي، لم تفقد الأمل، حتى الآن...؟
ـ عن أي أمل تتحدث...؟
ـ اقصد....، مازلت تكد، وتعمل، حد الشقاء، وأنت في هذا العمر، ولم تحصل على ما حلمت به...؟
ـ آ ....، فهمت، دعني أبوح لك بالسر إذا ً ...!
ـ أنا عشت من غير هذا الذي دعوته بالأمل ....!
ـ ولكن كيف يعيش الإنسان من غير أمل...؟
ـ أنا لم أتحدث عن أي إنسان آخر، أنا تحدثت عن نفسي، يا صديقي، فهناك من أوهم نفسه بالأمل، وعاش بسببه، وهناك من مكث ينتظره، وعاش من اجله...، أما أنا ...، فمنذ زمن بعيد أدركت إنني أعيش في السفينة ذاتها، إن غرقت، فانا مع الهالكين، وإن نجت، فانا معهم أيضا ً!
ـ كيف قلت لي انك عشت من غير أمل..؟
ـ أنا لم انتظر ان تغرق السفينة، كي اغرق، ولم انتظر وصولها إلى الساحل، كي أنجو، قلت لك أنا في السفينة ذاتها التي كرست حياتي بدراسة بقايا حطامها المتناثرة عبر الزمن!
[9] سؤال
ـ أين تذهب أرواحنا بعد الموت...؟
ـ سأخبرك شرط ان تقول لي: من أين أتت..؟
ـ من عند الله!
ـ اسأله، يا صديقي، إذا ً...، لماذا تسأل عابر سبيل، مثلي، كلما خرج من حفرة، وجد الثانية قدامه، وكلما نجا منها، استقبلته الأخرى..، وكلما هرب من واحدة، لم يفلح إلا ان يلوذ بالتالية!

[10] عبارة
ـ صغ لي عبارة موجزة أضعها فوق شاهد قبري، قبل ان ارحل، كي أوصي بوضعها هناك..؟
ـ قبل ان ترحل أنت، أم قبل ان ارحل أنا..؟
ـ سيان، فأنت تعرف وأنا اعرف، إنها مسألة وقت.
ـ المنحدرون من عفن السواحل، غير مهيئين لصناعة العطر، والآتون من الظلمات، لا يحق لهم غوايتنا بالحديث عن الأنوار!
ـ لكن اخبرني كيف عرفت إننا انحدرنا من تلك السواحل، وإننا خرجنا من تلك الظلمات...؟
ـ إذا كنت استنشقت عطرا ً أبهجك، وإذا كنت رأيت نورا ً أضاء لك...، فأنت إذا ً  مازالت تسكن ظلمات تلك السواحل.
ـ وأنت ...؟
ـ وأنا يا صديقي لن افلت منها، فذراعها كلما امتدت امتد معها!

27/11/2014

ليست هناك تعليقات: