الثلاثاء، 16 ديسمبر 2014

13 قصة قصيرة جدا ً- عادل كامل


13   قصة قصيرة جدا ً






عادل كامل
[1] ضد مجهول
    قال المحقق للموظف الشاب الذي سيؤدي دوره، بعد انتهاء خدمته، وهو يشير إلى خزانات حفظ المعلومات:
ـ لقد حرصت ان اخزن الملفات، والأضابير، والتقارير، والمعلومات المختلة، في هذه الخزانات، فهي الوثائق الرسمية الخاصة بالقضايا التي حصلت...
نظر الموظف الشاب بشرود إلى الخزانات، وهو يصغي إلى الموظف المحال على التقاعد:
ـ وبجوار هذه الخزانات، هناك خزانات أخرى...، تضم المعلومات والقرارات الموجه ضد مجهولين.
ـ وتلك..؟
ـ الثالثة، والرابعة، والخامسة،  هي أيضا ً تضم القضايا التي تم التحقيق فيها، وأنجزت، وأغلقت، وانتهى العمل بها.
ـ ضد مجهول؟
ـ نعم.
ـ يا له من عمل شاق، ومضن، أنجزته أيها السيد الموقر، خلال عملك الطويل، في هذه الدائرة، والذي يستحق الإعجاب، والثناء!
   ابتسم الموظف العجوز، وقال هامسا ً:
ـ لا تكترث، يا ولدي، لأنك ستدرك، بعد ان تغادر عملك ـ بعد سنوات طويلة ـ انك كنت احد هؤلاء المجهولين!

[2] احتفال!
     قال الزوج لزوجته، بعد نصف قرن من الحياة المشتركة:
ـ في الأصل ...، لم تكن هناك مشكلة...، أنا وأنت كنا السبب، أنا قلت لك: واحد يكفي، أما أنت ِ فقلت لي: اثنان...، ثم لم نعد نكترث لمجيء الثالث، والرابع...، والآن، بعد مضي هذه السنين الطويلة، فانا لا اعرف أأنا كنت السبب، أم أنت ِ، أم كلانا...، أم لا احد...!  فهذا العدد الكبير من المشاكل لم يحصل من تلقاء نفسها، فها أنت تشاهدين ما حصل، فهنا نحن نحتفل بهذا العدد الكبير من الأولاد، ومن البنات، وهم يحتفلون بأبنائهن، ونحن نحتفي بأحفادنا، وهم يحتفلون بأولادهم أيضا ً...
    قالت الزوجة لزوجها:
ـ هذه هي الحياة...، لِم َ تغضب، أيها العجوز الطيب...، فانا لم أكن السب، بمفردي، ولا أنت أيضا ً، فعندما لم تكن قادرا ً على الحياة وحيدا ً، فلماذا تؤنب ضميرك وقد أصبحت زعيما ً لهذه القبيلة..؟
   تمتم مع نفسه بصوت خفيض:
ـ عندما لا توجد فواصل بين السبب والنتائج، وعندما يصعب إرجاعها إلى عامل وحيد، ومباشر، وعندما تنعدم الحدود بين المذنب والبريء...، فالدورة تخفي نهاياتها بمقدماتها، والمقدمات تمضي ابعد من نهاياتها أيضا ً، آنذاك تكتسب الخطيئة شرعيتها!
فقالت الزوجة بصوت مرح:
 ـ والآن دعنا نحتفي بنهاية العمر، بعيدا ً عن الخطيئة والغفران!
لم يرفع صوته، ولكنه ردد مع نفسه: وهذا وحده كان فهمه مستحيلا ً!

[3] اعتراض
  وهما ينظران إلى مشهد الأسرى، قال لصديقه:
ـ انظر ...، إنهم يذهبون إلى الموت، طواعية، بهدوء، الواحد بعد الآخر....، ها أنت تراهم ـ وبإمكانك ان تعيد المشهد متى تشاء ـ يهرولون، فالمشهد غدا مزدوجا ً بين ان يكون واقعة حدثت، وبين ان يكون تمثيلا ً لها، فلا فوارق تذكر بينهما، بين الجوهر وبين الصورة، فهم يهرولون، عبر الشاشة، مرة بعد أخرى، وأنت تستطيع تخيل سماع أصداء خطاهم كأنها لا تضرب الأرض، وكأنهم يهرولون في مجال لا جاذبية فيه، لا من الأعلى ولا من الأسفل، ولا من اليمين ولا من اليسار...، مع انك تستطيع ان تعرف أنهم كانوا يحملون أسماء ً، ولديهم آباء وأمهات، واسر، وبيوت، وأحلام ...، ولكنك الآن لا تعرف هل هم أحياء، أم هم أتون من الموت إلى الحياة، أم عائدون من الحياة إلى ما بعدها، وقد توارت وجوههم خلف خرق، ومناديل، وعصبت عيونهم، وكبلت أيدهم بالحبال، يهرولون...، وسيهرولون إلى الأبد...، ولكنك تستطيع ان تحدق في عيونهم، بعملية فنية بسيطة، وتعيد قراءة ما حدث لوجوههم، وملامحها، وتعيد قراءة ما توارى خلفها، لتدرك إنها كفت عن حاجتها للنظر، في الطريق، وإنها كفت حتى عن الاستغاثة، بل وحتى عن طلب النجدة، والرغبة بالنجاة......، فهم يهرولون، كالأعمى يتتبع اثر الأعمى، رغم إننا نظن كنا نرى الدرب، ونرى السماء كم كانت زرقاء، وثمة غيوم رمادية، وأخرى بيضاء، وهناك غبار شفاف ليس له مذاق، وليس له لون...، انك تستطيع ان ترى المشهد، كأنه جرى قبل عصر الطوفان، أو بعد هذا العصر، بهدوء، وأنت تدخن، وأصابعك مازالت تمسك برماد جسدك البارد.
   سكت، وسأل جاره:
ـ وأنت...، يا صديقي، لم ترفع رأسك، لم تتوقف عن متابعة المشهد، لم تغضب، لم تصرخ، لم تستغث....!
رفع رأسه قليلا ً ونظر في عينيه:
ـ وهل كنت ولدت....، كي اعترض على موتي؟ّ

[4] شراكة
    في زنزانته الانفرادية، خاطب نفسه:
ـ آ ....، كم أنا وحيد، من غير شريك لي في هذه العزلة، فلا الجدران، ولا الهواء، ولا حتى الظلمات تشاطرني هذه الوحدة.
   لكنه أصغى إلى صوت أنين أتاه من الأرض:
ـ يا شريكي ...، كنت  أظن إنني مثلك، بلا شريك، ولكن مادمت لم تقدر على رفقتي لك، فانا ـ مع ذلك ـ لن أتخلى عن حملك....، فانا فعلت هذا معك منذ ولدت، وحتى هذه اللحظات، فهل أنت وحيد داخل هذه الجدران ...؟
وراح يصغي بشرود:
ـ فانا تعلمت ان الحياة ما هي إلا بحدود صبرنا على تحمل أوزارها، فهل أنت وحيد حقا ً وأنا سأكون معك حتى بعد الموت!

[5] محبة!
   عندما أتم قراءة حكاية الأمير الذي أمر ـ في حالة غضبه ـ بقطع رقبة زوجته الأميرة، التي دست  له السم في طعامه، أمر ـ عندما استعاد هدوءه ـ بالعفو عنها، لكنه اخبرها إنها قد تعود إلى دس السم، مرة ثانية، عندما لا تستطيع تحمل ان ترى أولادها يذبحون أمامها، لو لم تضع السم في طعامه..
  فقد قال الآخر لزوجته ـ بعد الانتهاء من قراءة حكاية الأمير ـ :
ـ أنا أيضا ً استطيع ان أعفو ...، لكنك لا تقدرين إلا على ارتكاب الإثم...، فاذهبي، ولا تدعيني أراك، فانا عندما استطيع ان أعفوا عنك، اطلب منك ان لا تدعيني اجري خلفك، فكما كاد حبك ان يقتلني، لا تدعي غيابك يكون خاتمة لحياتي!

[6] الحكاية لم تنته
وراح يروي:
ـ لم تبق من الأراضي الشاسعة  لم تطأها قدمه ...،فقال الاسكندر لجنده: أين هي بوابات السماء؟
  تابع الراوي يخاطب حفيده الصغير:
ـ انه ـ في الواقع ـ لم يكن يعرف ان الأرض، ومجموعتنا الشمسية، ومجرتنا، ليس أكثر من حبيبات رمل متناثرة عبر سواحل لا نهاية لحدودها...، مع ذلك يقال ان جسد الإمبراطور الأكبر، لم يقدر على مقاومة الحمى، فمات من شدة البرد!
فسأل الحفيد جده:
ـ وماذا كان عليه ان يفعل...؟
ـ الإمبراطور ترك السؤال بلا جواب، وأنا ـ يا حفيدي العزيز ـ لا فائدة من جوابي أيضا ً!
     ثم مد الجد أصابعه وناول حفيده بعضا ً من الأدوات، وطلب منه يعمل، ثم ناوله حزمة من الكتب، واخبره ان ما فيها من العلوم، تتضمن فوائد لن تقارن بما فيها من مضار!
فقال الحفيد مندهشا ً:
ـ أنا فهمت من حكايتك لي، يا جدي، ان الحياة هي بما نقدر ان نعمله، وبمقدر ما نفهمه فيها، أليس كذلك؟
أجاب الجد بصوت حزين لم يدعه يرتسم على ملامح وجهه:
ـ وربما بحدود ما لا نستطيع معرفته يا حفيدي!

[ 7] وصية
   بعد ان دوّن وصيته، طلب من أفراد عائلته، عدم الاطلاع على ما فيها، إلا عندما يتأكدون من رحيله، لأنه قرر ـ قال لهم ـ الذهاب إلى السلطان، ومقابلته.
    مرت الأيام، والأسابيع، والسنين، ولم يعد. آنذاك قرروا الاطلاع على ما كتبه فيها، بحسب ما قاله لهم.
قرأ الابن الأكبر:
ـ عندما ذهبت وقابلت السلطان الأعظم، سألته: يا سلطان الجهات الأربع، ألا ترى انك وحدك تستطيع ان تضع نهاية للشر، في عالمنا، وانك وحدك تستطيع ان تحقق العدل....، فلماذا لم تفعل هذا...، مع انك تعرف مدى حب شعبك لك، بلا حدود، فهو لم يعصك، ولم يتذمر، ولم يحدث فتنة، ولم يخرج على سلطانك...؟
  خاطبني السلطان بصوت لم يخل من الأسى، والحزن العميق:
ـ وما الفائدة من وجودي، أيها الحكيم الطيب، لو حققت العدل، ومحوت الشر من الحياة ...؟
    لم أجد الجواب، لكن السلطان سمح لي ان اختار قرية نائية، لا احد يراني فيها، ولا أنا أرى فيها أحدا ً، كي امضي فيها ما تبقى لي من العمر، فلا تبحثوا عني، وكفوا عن انتظار اليوم الذي سيزول فيه الشر!

[8] مشاعر
   وقال للطبيب:
ـ هذه هي مشكلتي....
    ذلك لأنه اخبره  انه لا يشعر بالألم، ولا بالأرق، ولا بالوسواس، ولا بالدوار، ولا بالشرود...، وانه لم يصعب بأية حالة من حالات الذهان...، وان ذهنه غير مصدع، وغير مضطرب، ولا يعاني من الفصام ....
فتساءل الطبيب بحيرة:
ـ ما الذي يعذبك إذا ً...؟
ـ للمرة الأخيرة سأخبرك، أيها الطبيب، إنني لم اعد أعاني من الألم...، ولا من الخوف، ولا من الأسى، ولا من التردد، ولا من القلق، ولا من الذهول...
ـ حسنا ً، حسنا ً، اخبرني ..
 قاطعه غاضبا ً:
ـ ستعود وتسألني: لماذا تشعر ...؟ سأخبرك: الناس أما يجرجرون إلى الحرب..، وأما ان تهدم البيوت فوق رؤوسهم...، الناس أما تأتيهم الشيخوخة مبكرا ً وأما ان تأتي في وقت متأخر...، الناس أما يذهبوا من الموت إلى الحياة، وأما من الحياة إلى الموت، فالمستقبل ليس أكثر من ماض ٍ مؤجل، وليس النصر إلا هزيمة مؤجلة ...، ذلك لأن النتيجة واحدة، فما شأني أنا بهذا كله طالما كان هذا كله لا يحدث بأمر مني!
   آنذاك قال الطبيب للحارس:
ـ أعده إلى زنزانته!

[9] شهادة
   بعد ان القوا القبض علينا، أمرونا ان نقف الواحد بعد الآخر، في طابور.....، ولم يمض وقت طويل إلا وراحوا ينادون علينا، كي نمتثل أمام رجل كان يطلب  منا، ان نشتم شخصية من الشخصيات، فلم يستجب الأول، ومكث صامتا ً، فجرجروه إلى مكان معزول، لنسمع صوت رصاصة، تدوي في الفضاء، من ثم طلبوا من الثاني، ان  يلعن، فلم يفعل، فسحبوه، ليمتثل الثالث، والرابع، والخامس....، حتى جاء دوري.  أنا لا أتذكر أبدا ً ان أحدا ً استجاب لهم، فكان مصيرهم غير مجهول، أما أنا فقلت:
ـ أنا اشتم، بل والعن، بل وأدين، وأشهر، نيابة عن الجميع، كافة من ذكرتموهم ...، من هؤلاء الفلاسفة، والشعراء، والحكماء، و....، ولكن تمهل، أرجوك تمهل، أنا اشتمهم لأنهم سمحوا لكم....، ان تتحكموا بمصائرنا.

[10] حرية
ـ تستطيع ان تفعل ما تريد؛ ترقص، تصرخ، تلعب، تمرح...
   للمرة الأولى وجد انه غير مقيد، داخل فضاء، بلا حدود:
ـ فلا احد يسألك من هو أنت...، من أين أتيت، والى أين تريد الذهاب، ما هي لغتك، وما هو دينك، وبماذا تحلم، وما هي فلسفتك، وبماذا تفكر...
   ود، في تلك اللحظة، لو رجع إلى قريته، واعترف أمام الجميع:
ـ لم أكن احلم بأكثر من هذا ...، انظروا ...
  لم يجد أحدا ً يخبره ان الذي كان يريده، ويحلم به، ليس هذا أبدا ً...
  وسمع من يهمس في آذنه:
ـ سنعيدك إلى قريتك، والى بلدك...، إلى الجدران التي لم تغادرها بعد!
فقال بشرود:
ـ كي امضي حياتي احلم ان احلم!
ـ لن يدعوك تفعل حتى ذلك.
ـ اعرف....، إنهم لا يعرفون، ولا يريدون ان يعرفوا إنهم لا يعرفون، ولكن ما جدوى ان اعرف، ولا احد يعرف إنني اعرف!  ماذا افعل بحريتي وأنا وحيد معها؟
    غاب الحلم، وأفاق، ليجد أصابعه تحفر في التراب.


[11] شفافية
ـ انظر ...، الم ْ تقل إننا سنبلغ الزمن الذي نرى فيه الذئب يتنزه برفقة الحمل...، كي ترى الآن الجلاد، أمامك، في المقهى، يلعب النرد مع ضحيته:
ـ آ .....، ربما اعرف ماذا يدور بخلد الحمل، وهو يتبختر رافعا ً رأسه بيننا، ولكنني شغوف لمعرفة ما يدور بين الضحية وجلاده.
ـ دعنا نقترب.
  قالت الضحية:
ـ أنا اعتقد ان تراكم، وتكرار المصادفات هو الذي يمنح القانون صيغته المتداولة .
ـ ربما لأن القانون لا يغدو قانونا ً إلا لأنه من غير المصادفات سيغدو مصادفة محض! وهذا ما يدحض المنطق...!
ـ آ ....، لكن دعنا نسمع ماذا يقول الذئب للحمل:
ـ مع ان أسلافي، وأسلافهم، لم يعرفوا الرحمة، فأسرفوا في سفك دمائكم، إلا إننا أحرزنا تقدما ً، نحن الذئاب، بتحولنا إلى خراف! فقال الحمل:
ـ لا، يا سيدي، لأنني لا اعتقد إنكم ستسمحون لنا بالكثير من الوقت...، فأنت اصطحبتني للدعاية! وأنا اضطررت لتنفيذ أوامرك لأسباب غير مجهولة.
ـ لا تثر غضبي، أيها الحمل الوديع.
ـ أنا قلت للدعاية، فدعني أخبرك بأنها كانت لصالحكم، يا معشر الذئاب!
ـ لم افهم قصدك؟
ـ قصدي، يا سيدي، إننا ولدنا معكم، في البرية، وفي الغابة، وفي الوديان، منذ أول الزمن ....، فلا الذئاب انتصرت وقضت علينا، ولا الخراف فنيت!
  قال للآخر:
ـ أما أنا فلم اعد ضحية كي أشاطر الجلاد غريزته، ولم اعد حملا ً كي امجد الذئاب، لأن الموت ذاته لو كان طاغية أو ذئبا ً لكانت اللعبة قد انتهت بانتصار احدهما على الآخر...، أما الآن فأنت تدرك انك لست مصادفة إلا كي يأخذ القانون حضوره، ويوحدنا.
ـ وهل هناك أكثر من مصادفة لها قوة هذا القانون..؟
ـ نعم، الذي جعلك تعرف كل هذا الذي تراه يتوارى، أمامنا، ويغيب!

[12] حكمة
    وقال العجوز لزميله:
ـ هل تتذكر الحكمة القديمة التي سمعناها في أول العمر...
ـ أي حكمة، فهن كثيرات...
ـ التي تقول: لا تفعل شيئا ً مع الجاهل، ولا تدعه يفعل شيئا ً لك!
ـ آ .....، لكن، 9999999999% من سكان قريتنا لم يسمعوا بها، ولا يعرفونها..، فأنت تعرف ان الشعوب ضعيفة الذاكرة، كما قال نابليون!
ـ لا، يا صديقي العجوز، الذئاب تعرفها، مثلما يعرفها أصحاب الشأن، فلو كان الجهلة علماء، لكانت الفضيحة قد بلغت نهايتها!
ـ ولكنني لم اعتد عليك، ولم اسمح لك ان تعتدي علي ّ!
ـ ها، ها، ها اخبرني كيف إذا ً امتد الزمن، من غير علماء يحرصون على ديمومة  الجهل، ومن غير جهلة لا يكفون الهتاف وتمجيد حياة العلماء!

[13] نصيحة
    جمعت جدة الطيور أحفادها، في ذات صباح، وخاطبتهم:
ـ يا صغاري، لا تغادروا، عند الطيران، حدود غابتنا، فالطيور الجارحة، ذات المخالب الحادة، لن ترحمكم، فهي تراقبكم، فلا ترموا أنفسكم إلى التهلكة!
فخاطبها احد أحفادها:
ـ ولكننا لم نعتد عليهم، فلماذا يعتدون علينا؟
   نظرت الجدة إلى حفيدها بشفقة:
ـ وأنا لا اعرف أيضا ً!
فقال لها:
ـ سأذهب واسألهم: لماذا تعتدون علينا...؟
قالت الجدة بصوت غاضب:
ـ لا تفعل...، فانا اعتقد أنهم لا يمتلكون إجابة!
   طار، وغادر الغابة، ولم يعد.
فسألها آخر، بعد أيام من غيابه:
ـ ألا يحق لنا ان نبحث عنه، يا جدتنا الحكيمة؟
قالت بصوت حزين:
ـ كل من غادرنا، أيها الأعزاء، يا مستقبلنا، لم يعد، فما الجدوى من الذهاب إلى المكان الذي لا عودة منه؟
فهتف الطير الصغير:
ـ حقا ً، يا جدتي الحكيمة، الذين ذهبوا لم يرجعوا...، والذين لم يذهبوا لا يعرفون الإجابة، وعلينا، لهذا السبب، ان نختار...
فقالت الجدة:
ـ أحسنت!، لأنك إن لم تذهب تعرف انك تعرف الإجابة...، وإن غادرت الغابة فإننا نعرف انك لن تخبرنا بها...!
12/12/2014

ليست هناك تعليقات: