الخميس، 4 ديسمبر 2014

تشكيل سهى ألجميلي الجنيني مرئيا ً-عادل كامل




تشكيل


سهى ألجميلي
الجنيني مرئيا ً





عادل كامل
    اذا كان من الصعب، حتى بعد تحول الرموز إلى علامات تعمل كأشياء، أو كوحدات ضمن بنية محددة الأهداف، فان شيئا ً ما سابق على (الصورة) لا يمكن عزله عن الزمن: التتابع بنظام الحركة ومحركاتها.
     وليست الفنون التي غادرت تقاليد الرسم، قبل قرن، ومنها الشعبية، والأدائية، والمضادة لكل خبرة أو عرف، بإمكانها ان تلغي العلاقة بين ما يجذب البصر، وبين   تعددية التأويل للنص الواحد.
   والرسامة سهى ألجميلي، وهي تمارس منهجا ً تخلت فيه عن التشخيص، تترك للمصادفات ان تعمل وفق دوافعها المخبأة، أو التي سمحت لها ان تظهر بتحرر من القيود. فالتأويل يغدو مساحة مشغولة بالعلامات البصرية، كعلامات مستمدة من الطبيعة، ومن المدن تارة، ومن الجسد تارة ثانية، ولكن تبقى ثمة علامات محورة شبيهة بالتي تحدث في الأحلام، أو اللا متوقع وهو يأخذ موقعه في العملية البنائية.
   إنها أحيانا ً تبدو تحفر في الجدران، أو خلف القشور، وتذهب حيث ترصد ما يحدث للأشكال من تصادمات، وتداخلات، وتحولات، حتى تغدو بعض نصوصها استقصاء ً للعالم الجنيني ـ التكويني، لخلايا ما قبل اتخاذها نوعا ً أو شكلا ً محددا ً. فثمة مشتركات لهذه الأشكال تلقي الضوء على عالم يمتلك مخفياته، على انه سرعان ما يغدو مساحة تحررت من انغلاقها، لتبدو ـ كأشكال ـ انبثاقا ً، أو صرخة، أو انفجارا ً، بما تمتلكه من اتساع للبؤرة، كشبكة من الاتصالات شبيهة بما يحدث لنجم فقد هيأته.



     فهل ثمة نزعة مزدوجة بين أصول ترجع إلى انساق رسامي المغارات بالأساليب المتحررة من الأصول، أم أنها تهدم جدران العزل لتكوين عالما ً مشحونا ً بالتصادمات، والمخاوف، والكوابيس..؟
   إنها تسمح لنصوصها ان تدمج عالم ما قبل اللغة بعالم ما بعدها، فهي تستبدل الأصوات بالمرئيات، محاولة لاستبدال البصر بالسمع، والأخير بالتذوق، والشم بما تمثله الملامس من رهافة، فالحواس سابقة على العمل الوظيفي المحدد للدماغ، إنما الأخير يحافظ على رصد اتساع شبكة العلاقات، إن كانت بصرية أو مستمدة من الحواس الأخرى، حيث تحافظ على نزعة (تدميرية) في عمليات البناء، أو ترصد فعل التدمير وما يخلفه من أصداء.
    فالطبيعة شبيهة بذرات منحت لا وعيها ـ ولا شعورها ـ حالة انعتاق، إنما بمنح المخيال ضوابط حواسها في رصد مشاهد لا يمكن عزلها عن عالم الحروب، والفوضى، وفقدان الأمل. على ان انحيازها للرسم، كعمل مجتمعي له أعرافه في ثقافتنا المعاصرة، ليفند النزعة (التدميرية) ويحولها إلى وثائق ـ وشهادات. فنزعتها اللا شكلانية تحرر الأشكال، وتدفع بها إلى أقاصيها: كتل وذرات وأجزاء لا يمكن عزلها عما لم تستطع ان تحوله إلى كلمات، أو تخفيه داخلها، كي يكف التعبير عن سياقه الذاتي ـ الموضوعي، وقد تداخلت عناصره عبر التركيب، بحركة تبدأ من الصفر، تارة، أو تتقلص حيث النص يجتاز عتبته نحو الآخر، المتلقي، تارة أخرى.
    فالجسر ـ الممر ـ والمعاني برمتها، لا تمتد إلا بصفتها إقامة، إنما كاجتياز من القاع نحو السطح، ومن الأخير باتجاه الأثر، علامة لعالم نجهل هل يرتد، أم يذهب حيث يعيد تدشين دورة من دوراته.
* سهى ألجميلي [رؤى متخفية]  معرض شخصي. قاعة أكد ـ بغداد 2012 قدم لها: مؤيد البصام.
*سيرة:
ـ ولدت في بغداد عام 1963.
ـ بكالوريوس علوم كيمياء/ كلية العلوم، جامعة بغداد 1990.
ـ بكالوريوس فنون جميلة ـ كلية الفنون الجميلة، بغداد 1994.
المعرض الشخصي الأول ـ قاعة الرواق 1991.
كما شاركت في المعارض الجماعية داخل العراق وخارجه.


ليست هناك تعليقات: