السبت، 25 يوليو 2015

حبيبة العلوي: "الثقافة الجزائرية بحاجة إلى تنشيط يبعدها عن الدهاليز"-حاورها كامل الشيرازي



حبيبة العلوي: "الثقافة الجزائرية بحاجة إلى تنشيط يبعدها عن الدهاليز"


حاورها كامل الشيرازي


 تؤكد المثقفة والأكاديمية الجزائرية البارزة "حبيبة العلوي" حاجة الثقافة في بلادها إلى تنشيط وإضافات نوعية تبعدها عن الدهاليز الرسمية وشكليات المهرجاناتية والكرنفالية.
وفي حديث خاص بـ"إيلاف"، تقول عرّابة مبادرة "حوار في الثقافة الجزائرية"، أنّ النشر بنوعيه الورقي والالكتروني صارا توأمين سياميين، لا يمكن فصلهما أو تهميش أحدهما لحساب الآخر.
• أطلقتم مبادرة "حوار في الثقافة الجزائرية" في محاولة لتغيير راهن المشهد المحلي، كيف يمكن بناء ثقافة نابضة في ظلّ الهزال الذي يعتري البلد؟
- لا يمكن لهذه الخطوة أن تفعّل أي حراك ثقافي من شأنه أن يسهم في بناء ثقافة جزائريّة نابضة، إن لم يلتف حولها فاعلون حقيقيّون يؤمنون بفكرة التطوّع الثقافي كفرض عين وحالة يقتضيها واقع ثقافي جزائري هزيل كما تفضلتكم.
فريق "حوار في الثقافة الجزائريّة" وليد حاجة ماسّة إلى منطق جديد من التنشيط الثقافي البعيد عن دهاليز المؤسسة الثقافيّة الرسميّة.
         أطلِقت هذه المبادرة قبل عام في شكل فريق على شبكة التواصل الاجتماعيّة "فايسبوك"، أيامها لم يكن للأخير كل هذه الشهرة العربية التي اغتنمها من ثورات الشعوب وسقوط الأنظمة الهرمة، لكني كنت مؤمنة بأنّ لهذه الشبكة الخطيرة دور حاسم في التواصل العربي خاصّة؛ نظرا لافتقار العرب إلى وسائل اتصال وإعلام مفتوحة وحرّة وغير موجّهة.
وكان نداءنا الأساس موجّه إلى كلّ مهتمّ بالثقافة الجزائريّة: راهنها، آفاقها، أزماتها، خصوصيّتها، وإلى كل منزعج من الركود الذي يعرفه المشهد الثقافي الجزائري، ومن حالة: اللاتواصل التي تجعل من النشاط الثقافي على قلّته في الجزائر، مبتورا من الجمهور، إذ لا يحضره عادة إلاّ بعض المنتمين إلى الوسط الثقافي الضيق من إعلاميين وبعض الوجوه المكرّرة.
نعيش حالة خطيرة من القطيعة بين الجمهور الواسع والفعالية الثقافية المبرمجة، فالجماهير لا تسمع عادة بمواعيد هذه النشاطات، وثمة نقص فادح في الإعلام والاشهار الثقافيين، اللذين يقحمان الجمهور في حالة ثقافيّة يوميّة تجعله يبرمج أيامه وأسابيعه وعطله بمنطق يجعل من الفسحة الثقافيّة مفردته اليوميّة تماما كالتسوّق أو ممارسة الرياضة، أو تتبّع المسلسلات التركيّة ومباريات الدوري الإسباني.
وعليه، "حوار في الثقافة الجزائرية" يسعى إلى تعويض هذا النقص بإرساء تقليد يجعل من كل عضو في الفريق إعلاميّا ينشر الخبر الثقافي الذي يصادفه في وسائل الإعلام ، في حيّه، في مدينته، في جامعته، في جمعيته... ليُعلم ويفيد كل الأعضاء، الذين بدورهم يمكنهم تمرير الأخبار في شكل من العدوى الثقافية.
كذلك، صفحة الفريق مفتوحة لكل النقاشات الثقافية التي تشغل بال الأعضاء بأي لغة يجيدونها سواء العربية أو الفرنسية أو الأمازيغية؛ ذلك أنّ الهدف الأساس لهذا الفريق هو نبذ الصراعات الوهميّة التي عطّلت الفعل الثقافي الجزائري لعهود والدفع به إلى انفتاح يسهّل طرح القضايا الأكثر إشكاليّة في الجزائر، للشروع في مساءلتها في شكل حوار مشترك هدفه النهائي الوصول إلى أجوبة ممكنة.
يتطلّع الفريق أيضا إلى الترويج للثقافة الجزائرية بكل تنوّعها وثرائها، هذه الثقافة التي تعيش في الواقع حالة من العزلة والحصار، فهي في النهاية ثقافة مجهولة على الصعيدين العربي والعالمي، بل ومتهمة في كثير من المناسبات بالفقر أو التبعيّة للمستعمر أو البدائيّة حتى؛ مثل هذه الأفكار المسبقة لم تكن لتجد مسوّغا لإطلاقها لولا حالة البؤس الترويجي للثقافة عندنا، إذ لا يكفي مطلقا أن نمثل ثقافة بلد في حجم الجزائر بمجموعة أسماء ووجوه نمطية مكرّرة وفي كثير من الأحيان مفروضة من جهات خارجيّة أصلا.
ينتظرنا عمل شاق اسمه: صناعة المشهد الثقافي، المشهد الذي يرضينا ونرتضي تمثيله لنا.
عليّ أن أعترف أن طموح هذا الفريق كبير ...وإمكاناته وطريقة اشتغاله تبقى متواضعة جدّا بالنظر لما يسعى إليه، ثم أن اعتماده في شكل أولي على الفايسبوك كوسيلة اتصال يبقى مثيرا للتساؤل:.هل علينا أن نحل كل مشاكلنا "الوجوديّة" بوسائل غيرنا؟! 
• لطالما نادى متابعون بإحياء الثقافة وابتعاث الحياة الإبداعية في الجزائر عبر ترسيخ صناعة ثقافية شاملة ومستدامة، إلى أي يمكن تجسيد هذا التصور؟
- يمكن جدًا تجسيد هذا الحلم المشترك بشرط انخراط جميع الفاعلين في هذا المشروع ، ولا يمكن أن يتسنّى للمؤسسة الثقافيّة الرسميّة أن تلبّي هذا المطمح، حتى وإن حرصت، طبعا السياسة الثقافيّة العامّة لها الدور الحاسم أو القاصم لأي مشهد وواقع ثقافي بأي بلد، لكن في النهاية إذا لم تتوحد جميع الجهود في سبيل خدمة تصورّ ما، فإنّ أي سياسة سيكون مآلها الكساد والفشل.
الثقافة فعل وممارسة يوميّة، تتعلق بكل فرد من المجتمع، عندما يقتنع ابن باب الوادي أو الحراش أو المدنيّة أو الكاليتوس أو الحمري أو السويقة وغير ها من أحياء الجزائر العميقة، بأنه معني تماما بالفعل الثقافي وصناعته مثله مثل أي مسؤول ثقافي بالبلد، هناك فقط يمكن أن نحرّك المشهد تحريكا حقيقيّا عاكسا لعمق الثقافة الجزائرية نابعا منها ونابضا بحقيقتها، متواصلا مع شارع يفترض أن يكون المعني الأول بأي حراك ثقافي.
أما إذا بقي الفعل الثقافي مقتصرا على خرائط طريق رسمية مهرجاناتيّة ومناسباتيّة في العادة، فسيبقى يعيش محنة العزلة والانغلاق والنمطية والركود، لأنه ببساطة لا يعتمد على مبدأ التواصل والحوار مع المجتمع، إنما يكتفي ويرتضي تواجدا ديكوراتيا هزيلا.
• هل هناك أزمة نخب في الجزائر، وما صحة انعزالها عن السياق العام؟
- لا توجد في الواقع أزمة نخبة في الجزائر، إنما الأزمة حسب تصوّري  تكمن في تصوّرنا وتحديدنا لماهيّة النخبة، عندما نعتبر جزافا أنّ مجموعة ما من "المثقفين" و"الإطارات" و"الجامعيين" تمثل نخبة بلد ما، من منطلق هشّ يستند بالأساس إلى انتماءاتها الأيديولوجيّة أو درجاتها العلميّة أو ترتيبها في السلم الوظيفي، دونما أدنى اعتبار لانتاجيّة تصل إلى واقع مجتمعها أو ابداعيّة تخدم هموم هذا الأخير وحاجاته، وحواريّة تعتمد لغة سلسة يمكنها بفعاليّة إيصال خطاب هذه النخبة إلى الشارع تماما كما تتمكّن من ترجمة خطاب هذا الشارع ونداءاته في لغة تصل إلى مراكز القرار.
مثل هذا النمط من النخبة لا أقول بانعدامه في الجزائر، إنما أنا على قناعة تامّة أنه مغيّب تماما ومنذ زمن بعيد، مغيبّ بتشتّته، ولأجل هذا يمكننا الجزم أنّ الجزائر لديها طاقات، لكن لم نتوصّل بعد إلى صناعة نخبة حقيقّيّة وفاعلة وذات سلطة، مادامت هذه الطاقات متناثرة بين المهاجر الخارجيّة والمنافي الداخليّة.
ربما الغربة التي تعانيها الطاقات الإبداعية الجزائريّة في الداخل هي أقسى من تلك الغربة التي تقهر الطاقات والأدمغة الجزائريّة المهجّرة، كلاهما في النهاية مهدور، الفرق الوحيد أنّ أحدهما يهدر إبداعه لصالح الآخر، والآخر ينحر إبداعه في داخله.
كيف نطالب نخبة غير موجودة بأن تلتحم بسياق لا يعترف بها أصلا، ولا تسعى إلى  التعرّف إليه، وهي مازالت تعيش قوقعة وتشرذم، أما عن عزلة "النخبة" المفروضة جزافا على مجتمع يبعد عنها بأميال من المحن، فذلك لسنا بالحاجة إلى إطناب الحديث فهي حالة جدّ مبرّرة ومنطقية !!
• هل هناك رفض من الشارع الجزائري لنوع معين من الثقافة؟  
- أعتقد أنّ الشارع الجزائري، من أصدق الشوارع العربيّة وأوضحها، هو شارع لا يجامل البتة وإن رفضك فإنّك تماما تستحق أن ترفض، من حيث أنّك لم تنجح في إقناعه بأنّك تمثّله ببساطة، لا يمكن أن نفرض على مجتمع ما نسق ثقافة تدّعي أنّها تشبهه وهي تعبّر بلغات لا يستسيغها ولا يقبلها ولا يتفاعل معها.
رجل الشارع اليوم يردّد كثير هذه الجملة:"واش من ثقافة عندنا..ثقافة الشطيح والرديح!!" (الرقص وهزّ البطون)، يمكننا أن نتأمل هذه الجملة بكلّ ما فيها من إقصاء وقسوة ووحشة.
في الوهلة الأولى قد يتهيأ لنا أنّ الجزائري لا يعتبر الرقص مثلا معطى ثقافيا، فهو يحتقر الثقافة التي تجعل الرقص مثلا صورة بالغة لها، لكن لو تأمّلنا مليّا في عميق هذا الخطاب نكتشف بأنّ لا علاقة له باحتقار الرقص قيميّا، إنما هو ردّ جد قاس على نسق من الثقافة يجعل من الكرنفاليّة المزمنة غطاء للفشل، بما أن الرقص في النهاية مفردة ليست ثقافيّة فقط وإنما حياتيّة مجتمعيّة يمارسها الجزائريون في مناسباتهم الأكثر حميميّة.
جمل قاسية كهذه لا تدلّ على رفض المبدأ وإنما رفض الطريقة، هو رفض إذن جدّ مبرّر و ذو بعد احتجاجي صارخ على سياسة ثقافيّة مائعة مهرجاناتية وجدّ سطحيّة لا ينظر إليها في الشارع المغلوب على أمره إلاّ على أنّها إهدار للمال العام الذي كان يمكن أن يطعمهم من جوع ويؤمّنهم من خوف!!!
هذا هو الالتباس الذي يتعيّن الاشتغال الجدّي على رفعه من مخيال الشارع، وهي مهمّة يفترض أن يتشاطر أعباؤها كلّ من المؤسسة الثقافيّة الرسميّة وجميع فاعلي الثقافة. 
• الأزمة الثقافية الغير مُعلنة في الجزائر، هل هي ناجمة عن أزمة هوية أم مرجعيات وماذا عن تراجع المقروئية؟
- الأزمة ثقافيّة بالأساس، لا تتعلّق بأزمة هويّة أو مرجعية؛ كل هذه الشعارات واليافطات التي تتستّر على أصل الداء بالنسبة لي مغلوطة  ومموّهة، الجزائري كان يعرف جيّدا معالم هويّته وإلى أي مرجعيّة يستند أيام الاحتلال الفرنسي، كان يعرف تماما أنه جزائري والآخر هو الآخر، عرف كيف يحافظ على أناه على علاّت هذه الأنا، وتشوّهاتها الحضاريّة.
غداة الاستقلال أقحم فجأة في معارك وهميّة كأزمتي الهويّة واللغة والتباس المرجعية، لتغييب المشروع الثقافي الذي كان يفترض أن يكون أساس الدولة الجزائريّة المستقلة، كانت هناك خيارات اقتصاديّة واجتماعيّة ضروريّة ومشروعة، غير أنّها لم تشفع بمعالم واضحة لمشروع ثقافي جزائري يقينا الانهيارات السهلة والفادحة.
بالنسبة لتراجع المقروئيّة، لا أحد يجزم أنّ الجزائري اليوم لا يقرأ، حتّى نمط القراءة اليوم تغيّر، والأزمة عالميّة، تتعلّق بالأساس بوسائل الإعلام الجديدة التي تفرض تقاليد حياتيّة جديدة، تفرض عليك خاصّة وإن كنت من بلدان العالم الثالث أن تبقى لمدة أطول أمام جهاز الكمبيوتر الموصول بشبكة النت التي تقول الحقيقة الأخرى التي لن يقولها الإعلام الحكومي مثلا، وأمام التلفزيون لأنه يريك  العالم الذي لن تطاله أحلامك.
عندما نُفكّر في حلّ هذه المعضلات بخلق بدائل حقيقيّة عن هذه الفضاءات الافتراضيّة المدهشة، عندها فقط يمكن أن نحاسب هذا القارئ الافتراضي. 
الواقع الجزائري صار يطالب بالكتاب في السنوات الأخيرة، ثمة حاجة متزايدة للقراءة عن الذات، عن التاريخ، عن تفاصيل الحياة اليوميّة وكيفية تجاوز حرجها، هذا عدا اهتماماته العلمية والأكاديمية، صحيح أنّنا نفتقد إلى تقاليد صحيّة للقراءة، لكن مادامت الحاجة موجودة وملحة، فعلى السوق أن تنفتح أكثر، وعلى الكتّاب أن يخرجوا من أسر الكتابات النمطية، لتصير الكتابة نقلا لتجربة حياة وليس حتما إبرازا لعبقرية.
وعلى الدولة أن تدعم هذا الانفتاح السلس الذي يضمن إقامة جسور تواصلية بين القارئ والكتاب؛ الضامن الوحيد لإنعاش القراءة، وثمة جهود يجب أن تبذل، تتشاطر أعباءها الدولة وسوق النشر والكتّاب والأسرة الثقافية ومن ثمّ القارئ بوصفه عضوا في مجتمع جزائري عليه أن يتحرّك في هذا المسار العام انطلاقا من الأسرة كنواة حاضنة لمشروع قارئ.
• ما موقفكم من السياسة الثقافية المنتهجة في الجزائر، وكيف تتصورون أفق المسألة الثقافيّة هناك؟ 
- من موقع الملاحظة والمهتمة، أقول أنّ ثمة جهود بُذلت فعلا على مستوى الحفاظ على الآثار، وبعث فضاءات ثقافية هُشّمت في عشرية الإرهاب، وإقامة مهرجانات أعادت الجزائر إلى الساحة الثقافية العربية والعالمية.
ثمة وعي بأنّ للثقافة دور ترويجي للصحّة السياسيّة للبلد وهذا جيّد، من شأنه أن ينشّط المشهد الثقافي الجزائري الذي جرى تثبيطه لعشريّة كاملة، لكن التوقف عند الاحتفالية، لا يبشرّ بحلول عميقة تجد أثرها في البنية الاجتماعية للجزائر.
جزائريو اليوم يحتاجون إلى فضاءات حرّة يمارسون فيها التفكير بصوت عال؛ ولأجل ذلك علينا بفتح المجال لمبادرات مبتكرة، كصالونات الثقافة والفكر والمسارح الخاصّة، وقاعات السينما المنفتحة على الفن السابع وليس فقط سلسلة هاري بوتر..!، وجعل هذه الفضاءات تتكاثر كمحلات الفاست فود والكراكيب الصينيّة، هذا الانفتاح سيخدم الدولة ويتعين عليها دعمه لأنه كفيل بخلق بدائل حقيقيّة ـ غير افتراضيةـ وآمنة لحوار جزائري  يستند إلى فضاءات جزائرية خالصة من شبهات التآمر والدسّ.
• هل تؤيدون الطرح القائل بوجود انفصام بين الكتابة التقليدية والكتابة الحداثية في الجزائر، أليس الأصح هو فصام حاصل بين جيلين؟
- الكتابة حالة فرديّة، والجزائري لا يقرأ فقط للجزائري، أكيد ثمّة مرجعيات وطنية لكن من قال أنّ جيلنا مثلا هو الذي يمثل المعاصرة وجيل كاتب ياسين تقليدي، هذا هراء، الإبداعيّة حالة قد توجد في أي زمن تماما كما التقليد، يبقى أنّ ثمة استمراريّة تفرضها علينا الجغرافيا الواحدة وبالتالي الهمّ المشترك، وثمّة قطائع حتميّة تفرض على المبدع الحقيقي الامعان في الإبداع والتميّز والتساؤل المزمن.

• ما مقاربتكم للواقع الإبداعي في الوطن العربي وسط المساجلات بين ثقافة الورق والالكترون؟
- الكتابة الرقمية مشروع لابد منه، يفرضه العصر، بلغاته وفضاءاته الجديدة، جزائريا مازلنا متخلفين عن هذا الركب لدينا تجربة "عصام حمود" في التدوين التي نجحت، كما تجارب عربيّة أخرى إلى المرور من مرحلة النشر عبر النت، من خلال مدونته "حمود ستوديو" إلى مرحلة النشر الورقي في شكل كتاب حمل اسم "عامين اثنين".
لكن يبقى استغلال النت كفضاء، مقتصرا بحسب علمي على التدوين ونشر نصوص تقليدية ـ خطيّة يعني: مقالات، شعر، نثر في مواقع ثقافية متخصصة أو عامة، نظرا لانفتاح النت وإجرائيته وتيسره بالمقارنة وتعقيدات وسائط النشر التقليدي الورقي.
معنى هذا أنّنا لم نطوّر تجربة كتابة رقمية؛ كصنعة جديدة تعتمد وسائط الكترونية وسمعية بصريّة لإثراء النص اللغوي وتحويله إلى نص رقمي، لدينا تجربة رائدة في الأردن للروائي محمد سناجلة، لكنها تبقى تجربة لم تتجاوز مرحلة التجريب أو التمرين على نمط جديد من الإبداع الحي والتفاعلي.
مازال أمامنا الكثير لبذله ليس على مستوى الإبداع فقط، وإنما على المستوى القانوني والحقوقي، وأدعو عبر "إيلاف" ديوان حقوق المؤلف بالجزائر، ومن خلاله كل هيئات حقوق التأليف العربية إلى الانفتاح على هذا الفضاء الجديد بالتأصيل لقوانين تحمي المؤلفين والناشرين عبر هذه الوسائط الالكترونية.
لم تعد لنا خيارات، فالزمن سيحمل لنا تحديات كثيرة، علينا استباقها بأطر قانونية تحمي الإبداع العربي ولا تبقيه حكرا على فضاءات النشر التقليديّة خوفا وحذرا من السرقات والقرصنة.
النشر بنوعيه الورقي والالكتروني صارا توأمين سياميين، لا يمكن فصلهما أو تهميش أحدهما لحساب الآخر، لذا وجب التفكير في حلول سريعة وجيّدة، حتى لا تبقى هناك قطيعة بين الحركة الإبداعية والمؤسسة الثقافية التي يفترض أنها راعية لها.

• ما الكيفية لإيصال ثقافتنا نحن كعرب بزخمها وتشاكيلها إلى الغرب؟
- عندما نجيد إيصالها لذواتنا ودواخلنا الهشّة، سيتيسّر علينا أمر الغرب، ثقوا أنّ الغرب حاليّا يعرف عن ثقافتنا أكثر مما نعرف بكثير، وهو يفوتنا في اهتمامه بها بمراحل؛ ذلك أنّه على قناعة تامّة بقيمة أن تمتلك دراية جيّدة بثقافة الآخر.

ليست هناك تعليقات: