قراءات
نقدية
قراءة في قصص ( الحلم بوزيرة ) لمحمد الاحمد
خالد
علي ياس
وعليه تتبين درجة الكتابة في قصص (الحلم بوزيرة)
لمحمد الأحمد والصادرة عن دار الشؤون– 2010 بوصفها علامة سيميائية دالة على
المرحلة التي انتجت فيها من (شتاء 96) أبعد زمن فيها الى (2010) اقرب زمن فيها وهو
زمن طباعتها، بمعنى، انها تتبلور ضمن رؤية تاريخية للنص محكومة بأربع عشرة سنة
فيها الكثير من التحولات المعرفية والسياسية ساعدت على صياغة درجتها، وفي الوقت
ذاته هي مثال واضح لما ينتج من كتابات راهنة في الساحة الثقافية في العراق ، واعني
بذلك هي مثال من خلال افضل نصوصها الدالة ( فضاء كله دم ، الدروب التي لا تتصل
بطريق، نهض الاب ، ليلة اخرى، حكاية الاسرة، المقامة ( 3 ، 4 ، 5 ) من قصة خمس
مقامات في السياسة والجوع ).
واللافت في الامر ان وعي انتاج كتابة مغايرة، حاضر في نصوص المجموعة من خلال لغتها الصريحة او من خلال التكنيك الشكلي فيها، ويتضح ذلك في النص الاخير من المجموعة (النص علم العلوم ومنه يجتاف العصر) الذي هو سرد خاص بتجربة الكتابة عند القاص " ان الكتابة قد تطوف حروفاً متناثرة بين جزيئات الكتاب، مؤثرين ان نجمع الدم والموقف فلا نحيد عن عزمنا اللبيب الا بالكتابة المتفجرة كالدم الخارج نزفاً من جرح عميق " ص116 وهو ما يؤكد المهمة الاكتشافية للكتابة للواقع الذي انتجت فيه والبحث الدؤوب عن الحرية، يقول الراوي الممسرح في قصة (خسارة متأزمة بالفقدان) التي تكشف لغتها واسلوبها فكرة التداخل بالاجناس في الكتابة الادبية: " انا الروائي ونصوصي متداخلة بحصافة الحرية التي اكتبها، ابتكرها. فلا عجب من الشعر الذي تمتلئ به حريتي، بالقص الذي تبتكره مخيلتي" ص113 في كتابها النقدي المهم (الكتابة: تحوّل في التحوّل) تطرح يمنى العيد الاسئلة الآتية: كيف تبني الكتابة في حاضر يبنيها أو يهدمها فيشكل الهدم موضوعاً يبنيها؟ كيف يتكوّن النص الكتابي في ظل سلطة تمحو وتهدم كل شيء؟ كيف للدوال ان تتشكل وتولد نسق قولها حين تعيش المدلولات حالة التكسر والموت واحتمالات الولادة المرتجّة؟ وهي اسئلة تتحدد اصولها المعرفية في الذات المنتجة للكتابة وتأثرها فعلياً بمرحلة انتاجها في ظل واقع نصي يكون علاماته اللغوية بتجاذب مع واقع معيش ، وهذا هو العمل التحريضي للكتابة الذي يؤكد عبد الله الغذّامي بشأنه انه فعل مضاد مع الذات، لأن الكتابة عمل انتقائي يصطفي من الفعل والذاكرة (الكتابة ضد الكتابة – ص7 ) لذلك ومن خلال هذه الذات المفعمة بالذاكرة بوعي وقصدية أم لا، جاء عدد النصوص في الحلم بوزيرة (14) قصة وهو يتناسب ويتساوى مع الزمن الذي يقدمه السرد ( زمن الانتاج) (14 سنة) .
في قصة (فضاء كله دم) يتلقى القارئ قصة هادئة محايدة تعالج موضوعتها باسلوب رومانسي لعلاقة عاطفية وهي علاقة من طرف واحد ممثلة بشاب اعتيادي يعشق زميلته في العمل على غير علم منها، ويتخذ لهذه الحادثة البسيطة شكل الراوي الممسرح في العمل الذي يروي حكايته اليومية، ويدوم ذلك على مساحة خمس وحدات سردية مروية بأسلوب ذاتي استرجاعي يفرض زمناً سردياً منحنياً، غير ان الوحدة السردية المتكررة على مدار زمن سرد الحكاية الاصلية تؤدي انقلاباً واضحاً فيها، حيث يتحول معها الراوي الى سارد معاين عن بعد يرتدي جلباب الوظيفة الايديولوجية "الاخبار في التلفاز اكثر سرعة ودوياً، وتتناقض متضاربة.. كأنها تتذابح" ص7-9-11-13 حيث يتحول الراوي الذي يخبر الاحداث الى السارد الذي يوجه القارئ نحو قناعة معينة ارتبطت هنا بالوضع الامني السيئ الذي ينبئ عن كارثة حقيقية، مما يحيل الى هزيمة وانهيار امام ظرف خارجي لا يمكن التصالح معه لأنه مرتبط بنمط الوجود الذي ترتبط به قصدية العمل وهو منتج ضمن سياق وضعي محدد ثقافياً، لذلك تغدو هذه الوحدة السردية المكررة (4 مرات) بوصفها بناءً سمفونياً ما إن يتركه النص حتى يعود اليه كونه نغماً اساسياً لا يمكن التخلي عنه، ليرسخ الشعور بالهزيمة التي تمنى بها الشخصيات، وهو ما ينكشف فيما بعد على انفجار مدوٍ واشلاء متناثرة في الفضاء وموت للحبيبة (رمز الامل)، ولكي يُنجح القاص القالب الفني الذي اختاره لقصته، وهو قالب معبر بشكل جيد عن الوضع الفوضوي في المجتمع وثقافة المرحلة التي انتج فيها النص، وازن بين شكلي الصوت الذي يقدم الاحداث في موقعه وشكله وبين اسلوب تقديم الشخصية، فمرة يؤكد بدا شيء من الاصرار والكفاح فهو تفاؤل (قراءات في الادب والنقد – ص190) وهو كلام صائب تماماً لكننا نختلف مع الناقد في القانون الذي سنه بوصفه مبدأً اصيلاً في صياغة الرؤية وتحديد نوع الكتابة، حيث يستعير من هيغل صياغته التي تؤكد بأن " البطل في التعليم الرأسمالي يبدأ ماجنا عربيداً ثم لا يلبث ان ينتهي الى احد امرين فإما الامتثال للآلية الاجتماعية، واما الوحدة والعزلة " وهذا كلام لا ينطبق بشكل كامل على منظومتنا الاجتماعية التي لم تكتمل فيها الرؤية الاقتصادية ولم تثبت مفاهيم الفكر الرأسمالي، لان ذلك يتطلب تحولاً فكرياً شاملاً لم يتحقق بعد في مجتمعاتنا، فضلاً عن ذلك، نؤكد ان المؤثر الاكثر واقعية في منظومتنا الفكرية هو التحول السياسي وما يرتبط به من سلطة معلنة او خفية، لذلك كانت كتابات الفئة المثقفة في اغلبها نابعة من (رؤية منهزمة) بسبب الحيف الكبير الذي نالته هذه الفئة في ظل الظرف السياسي والسلطة المتحكمة في مقدرات الامور، فتحددت بذلك درجة كتابتها.
واللافت في الامر ان وعي انتاج كتابة مغايرة، حاضر في نصوص المجموعة من خلال لغتها الصريحة او من خلال التكنيك الشكلي فيها، ويتضح ذلك في النص الاخير من المجموعة (النص علم العلوم ومنه يجتاف العصر) الذي هو سرد خاص بتجربة الكتابة عند القاص " ان الكتابة قد تطوف حروفاً متناثرة بين جزيئات الكتاب، مؤثرين ان نجمع الدم والموقف فلا نحيد عن عزمنا اللبيب الا بالكتابة المتفجرة كالدم الخارج نزفاً من جرح عميق " ص116 وهو ما يؤكد المهمة الاكتشافية للكتابة للواقع الذي انتجت فيه والبحث الدؤوب عن الحرية، يقول الراوي الممسرح في قصة (خسارة متأزمة بالفقدان) التي تكشف لغتها واسلوبها فكرة التداخل بالاجناس في الكتابة الادبية: " انا الروائي ونصوصي متداخلة بحصافة الحرية التي اكتبها، ابتكرها. فلا عجب من الشعر الذي تمتلئ به حريتي، بالقص الذي تبتكره مخيلتي" ص113 في كتابها النقدي المهم (الكتابة: تحوّل في التحوّل) تطرح يمنى العيد الاسئلة الآتية: كيف تبني الكتابة في حاضر يبنيها أو يهدمها فيشكل الهدم موضوعاً يبنيها؟ كيف يتكوّن النص الكتابي في ظل سلطة تمحو وتهدم كل شيء؟ كيف للدوال ان تتشكل وتولد نسق قولها حين تعيش المدلولات حالة التكسر والموت واحتمالات الولادة المرتجّة؟ وهي اسئلة تتحدد اصولها المعرفية في الذات المنتجة للكتابة وتأثرها فعلياً بمرحلة انتاجها في ظل واقع نصي يكون علاماته اللغوية بتجاذب مع واقع معيش ، وهذا هو العمل التحريضي للكتابة الذي يؤكد عبد الله الغذّامي بشأنه انه فعل مضاد مع الذات، لأن الكتابة عمل انتقائي يصطفي من الفعل والذاكرة (الكتابة ضد الكتابة – ص7 ) لذلك ومن خلال هذه الذات المفعمة بالذاكرة بوعي وقصدية أم لا، جاء عدد النصوص في الحلم بوزيرة (14) قصة وهو يتناسب ويتساوى مع الزمن الذي يقدمه السرد ( زمن الانتاج) (14 سنة) .
في قصة (فضاء كله دم) يتلقى القارئ قصة هادئة محايدة تعالج موضوعتها باسلوب رومانسي لعلاقة عاطفية وهي علاقة من طرف واحد ممثلة بشاب اعتيادي يعشق زميلته في العمل على غير علم منها، ويتخذ لهذه الحادثة البسيطة شكل الراوي الممسرح في العمل الذي يروي حكايته اليومية، ويدوم ذلك على مساحة خمس وحدات سردية مروية بأسلوب ذاتي استرجاعي يفرض زمناً سردياً منحنياً، غير ان الوحدة السردية المتكررة على مدار زمن سرد الحكاية الاصلية تؤدي انقلاباً واضحاً فيها، حيث يتحول معها الراوي الى سارد معاين عن بعد يرتدي جلباب الوظيفة الايديولوجية "الاخبار في التلفاز اكثر سرعة ودوياً، وتتناقض متضاربة.. كأنها تتذابح" ص7-9-11-13 حيث يتحول الراوي الذي يخبر الاحداث الى السارد الذي يوجه القارئ نحو قناعة معينة ارتبطت هنا بالوضع الامني السيئ الذي ينبئ عن كارثة حقيقية، مما يحيل الى هزيمة وانهيار امام ظرف خارجي لا يمكن التصالح معه لأنه مرتبط بنمط الوجود الذي ترتبط به قصدية العمل وهو منتج ضمن سياق وضعي محدد ثقافياً، لذلك تغدو هذه الوحدة السردية المكررة (4 مرات) بوصفها بناءً سمفونياً ما إن يتركه النص حتى يعود اليه كونه نغماً اساسياً لا يمكن التخلي عنه، ليرسخ الشعور بالهزيمة التي تمنى بها الشخصيات، وهو ما ينكشف فيما بعد على انفجار مدوٍ واشلاء متناثرة في الفضاء وموت للحبيبة (رمز الامل)، ولكي يُنجح القاص القالب الفني الذي اختاره لقصته، وهو قالب معبر بشكل جيد عن الوضع الفوضوي في المجتمع وثقافة المرحلة التي انتج فيها النص، وازن بين شكلي الصوت الذي يقدم الاحداث في موقعه وشكله وبين اسلوب تقديم الشخصية، فمرة يؤكد بدا شيء من الاصرار والكفاح فهو تفاؤل (قراءات في الادب والنقد – ص190) وهو كلام صائب تماماً لكننا نختلف مع الناقد في القانون الذي سنه بوصفه مبدأً اصيلاً في صياغة الرؤية وتحديد نوع الكتابة، حيث يستعير من هيغل صياغته التي تؤكد بأن " البطل في التعليم الرأسمالي يبدأ ماجنا عربيداً ثم لا يلبث ان ينتهي الى احد امرين فإما الامتثال للآلية الاجتماعية، واما الوحدة والعزلة " وهذا كلام لا ينطبق بشكل كامل على منظومتنا الاجتماعية التي لم تكتمل فيها الرؤية الاقتصادية ولم تثبت مفاهيم الفكر الرأسمالي، لان ذلك يتطلب تحولاً فكرياً شاملاً لم يتحقق بعد في مجتمعاتنا، فضلاً عن ذلك، نؤكد ان المؤثر الاكثر واقعية في منظومتنا الفكرية هو التحول السياسي وما يرتبط به من سلطة معلنة او خفية، لذلك كانت كتابات الفئة المثقفة في اغلبها نابعة من (رؤية منهزمة) بسبب الحيف الكبير الذي نالته هذه الفئة في ظل الظرف السياسي والسلطة المتحكمة في مقدرات الامور، فتحددت بذلك درجة كتابتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق