السبت، 29 أكتوبر 2016

الفوتغرافـي محمد آل تاجر مثل العراق فـي 50 معرضا دوليا وحظي بتكريم 11 بلدا - كربلاء – إيمان العارضي



الفوتغرافـي محمد آل تاجر مثل العراق فـي 50 معرضا دوليا وحظي بتكريم 11 بلدا




كربلاء – إيمان العارضي
بمحاولته لإظهار كرامة الانسان خلال بحثه عن الحقيقة، ثمة توق في فنه إلى التوحد بالآتي، كيف يستشعره، وما مدى علاقته بالواقع؟ هل الروح الفنية غاية تدرك أم وسيلة؟، هل يواجه المؤلف موته عند رسم آلامه أم يتألم حين يرسم موته؟ أم يتوارى خلف أشكاله العارية المتهالكة؟ أسئلة كثيرة اقتنصت فرصة الولوج من خلالها الى العالم السحري لفنان استدعى بعض الارتجالات بجانب السرعة في الأداء لأجل التعبير، دون التقيد بالمنطق الكلاسيكي، ليصبح الواقع هنا ليس نتاجا حسيا بقدر ماهو فكرة جمالية استحالت إلى واقع جمالي، ادخل الحداثة لفنه بطريقة مزج خلالها اللحظة بالخيال عبر التكنلوجيا الحديثة ليتوصل الى الواقع، هل نجح بذلك هذا الفنان الذي كشف عن بعد جديد للواقع الطبيعي - بحدود موضوعة الجسد - من خلال استخدامه لآليات وبرامجيات الحاسوب، والإبحار عميقا في كوامن المرئيات، بعيدا عن القشور، ليقترح شكلا جديدا، من خلال التنقيب في الجوهر، عن طريق إجراءات الحذف والإضافة والتمويه والاستعارة من الأيقون المصور، وصولا إلى الشكل الفني.
وفي حوار مع "العالم" قال الفنان الفوتغرافي واستاذ مادة التصوير محمد آل تاجر، إن" تجاربي هي محاولة لإظهار كرامة الإنسان، هي لحظات "بحث عن الحقيقة" لم تعد تنتهي بالنسبة لي حتى يقتنع المتلقي ان روحهم ووجودهم يغني حياتنا، هو التزام العدسة تجاه مشاعرهم وبرهان لوجودهم الابدي في إيقاع حياتنا اليومي بكل فروقاتهم الشخصية والاجتماعية، خلق تفاعل الاخرين مع لحظات مجتزأة من يوميات"هؤلاء"هي بدء خطوة نحو الاحتراف، حينما نجد تلك "الحقيقة" معا، قد تتحقق لحظتها وبشكل عملي مرحلة للاحتراف الفكري.معزز باحتراف تقني، وقناعتي هي أن الإنسان فقط هو من يخلق حوارا جدليا، بين مشاعر تتجلى في كل صورها في أغلب أعمالي، المجموعة الأولى (البحث عن الحقيقة) في العام 1990، ومجموعة (كتبات على جدار وطن) في العام 2006، وكان (الإنسان والوطن)، ومجموعة (أقنعة الجسد في رحاب الذاكرة) في العام 2006 أيضا، ومجموعة (365 يوم 365 وجه) هذه لوجوه أطفال كانوا ضحية الإرهاب والتهجير القسري، وأنجزت العمل بها في العام 2007، وعرضت في مؤتمر خاص في الأردن".
واضاف آل تاجر "الآن أعيد العمل بها بتقنية جديدة، لأن قراءتي لتلك الوجوه غير تلك التي كانت كصورة فوتوغرافية مجردة، وقت انجازها، فهناك ما يجب أن يضاف، كي يكمل حلقات الأحاسيس الإنسانية لهؤلاء، وللتقنية حضور، كي تصبح عاملا مضافا يصور تلك النقلة لدى المتلقي، ما بين العام 2007 والآن، فالتهجير زمنا ولى ولله الحمد، ولكن هل كان زمنا مجتزأ من ذاكرتهم وذاكرتنا، هذا ما احاول تدوينه من خلال الوجوه".
ويرى آل تاجر أن "دخول التقنيات الحديثة على الصورة في عالم المعالجة الرقمية، أصبح عاملا مضافا، ففي العام 1826 استطاع الفرنسيJoseph Niepce الحصول على أول صورة فوتوغرافية ثابتة، لمشهد طبيعي، من نافذة منزله، واستغرقت تلك الصورة تعريضا ضوئيا لمدة ثمان ساعات، وبعد جهود طويلة ومضنية استطاع أن يثبت تلك اللقطة، وسجلت في التاريخ، كونها أول صورة ثابتة في العالم، وذلك حسب كتاب تاريخ التصوير، بجامعة كمبريدج، وبعد عقود توصل العلم إلى ما لم يكن أن يحلم به نيبيس".
وأكد أن "التصوير الفوتوغرافي يستمد تلك الحقيقة على أنه أكثر الفنون تواصلا مع مبادئ الحداثة والتطور العلمي، ومعالجته فنيا وتقنيا، بتكنولوجيا حديثة يخرجه إلى فضاء أوسع، لفن رقمي أصبح جزءا مهما في تبويب الفنون البصرية والتشكيلية، أحيانا كثيرة، وبكل تأكيد فإنه فن يجمع بين فكر إنشاء وتكوين القطة، مضافا إليه فكر جمال وفلسفة جمالية منجز بفكر تقني وتكنولوجيا معاصرة".
والفنان محمد آل تاجر اختلف عن غيره من الفنانين، ليس فقط بنظرته للأشياء والوجوه وتوثيقها، وإنما في نقطة انطلاقه للعالمية، فعادة ما تكون الانطلاقة لكل فنان من بلده، الذي ترعرع بين تفاصيله اليومية، إلا أنه اختار أن ينطلق انطلاقة أخرى، بعيدا عن بلده العراق، رغم أنه لم يغادره إلا للمشاركة في المعارض التي تقام في بلدان العالم.
وللمصور والفنان التشكيلي العراقي محمد آل تاجر أكثر من 20 معرضا ومسابقة في التصوير الفوتوغرافي، شارك فيها، ونال خلالها عدة جوائز دولية، لم يكن بينها سوى معرضا يتيما على أرض بلده، وهذا ما كان مدعاة للتساؤل الذي كان من الطبيعي أن نوجهه إليه، فأجاب بأن "أغلب مشاركاتي خارج العراق، وأعمل عادة على المشاركة في المعارض الفنية ذات الطابع التشكيلي، وأحيانا أخرى معارض التصوير، التي تنظم برعاية الاتحاد الدولي للتصوير".
ولفت آل تاجر إلى أن له "أكثر من خمسين مشاركة دولية، مسجلة رسميا من أهمها معرض "Trierenberg Super Circuit"، ومعرض "Special Themes"، الذي يقام سنويا، في النمسا، وأعتز بأني المشارك الوحيد في هذا المعرض من العراق طوال الفترة من 2006 وحتى 2010، ولدي شهادة خاصة بذلك من الجهة المنظمة، ونشرت أعمالي في العديد من كتب وكتالوجات التصوير الغربية، إضافة إلى حصولي على العديد من شهادات التقدير والدبلوم والميداليات من النمسا، وإيطاليا، وفرنسا، وصربيا، وإيران، وتركيا، وتونس، والأردن، ولبنان، وقطر، والإمارات".
وعن الأسباب التي جعلته يذهب إلى المشاركات الخارجية، قال آل تاجر إن التجربة المحلية في العراق بات محكوما عليها بالفشل، حتى قبل التفكير في خوضها، وذلك لعدة أسباب، فهي بعيدة تماما عن الهدف الاجتماعي الثقافي، الذي يمنح المصور المساحة الكافية للتعامل بمرونة، مع كل محاولة، للوصول إلى صناعة صورة ذات قيمة إنسانية وفنية.
وتابع آل تاجرالقول، إن "الجمهور المستهدف، والمتلقي الخاص للفن في العراق، اعتاد أن يسجل حضورا متميزا في ساعات الافتتاح، في صالات العرض، ولكن في منتهى الصراحة، فإن حضور وسائل الإعلام، غير المبرر، في كثير من الأحيان، لعدم وجود منْ هو معني بالشأن الفني منها، وإنما الأغلبية غير معنية حتى بأي مشهد ثقافي أو فني" مضيفا "هذا الكم الهائل أصبح سمة مهمة، كونها تسلط الضوء على من حضر من السياسيين، وصولا إلى ضيوف المشهد الثقافي والفني، وقلة ما نجد محررا في صحيفة أو مجلة، يهتم بما يعرض من فن، وهذا ما يجعل الانتشار انطلاقا من المحلية ضربا من المحال، على عكس المشاركات الخارجية، التي تشهد حضورا إعلاميا متخصصا يساهم في صقل وإنجاح تجربة الفنان.
وحول احد تصريحاته الصحفية السابقة التي اتهم فيها الحكومة بأهمال الفن حاولنا إدراك السبب الذي يلمسه قال "أن الاهتمام الحكومي بالفن عموما غير جاد في العراق، لأسباب كثيرة، وفي أغلب الأحيان بسبب ضعف الإمكانيات المخصصة، وعدم قدرة أصحاب القرار على فهم ما يقدمه الفنان عموما، وهناك محددات كثيرة لاتجاهات فنية عديدة، تكاد تكون خطا أحمر لا يسمح للفنان بالاقتراب منه، أو حتى الحديث فيه، وباتت المعارض الجماهيرية التي تنظمها المؤسسات الفنية مرتبطة بمناسبة ما، فهي إكسسوار مكمل لتلك المناسبات لا غير".
ويؤكد آل تاجر أن "الفن في العراق يحتاج إلى متلق حقيقي، يتدرج به إلى منصة متقدمة في "سلم ماسلو"، لا أن يعود به إلى قاعدة الهرم في البحث عن الأمن والأمان، ويجب أن تتراتب بنائية التجربة بجميع عناصرها المختلفة، لتشكل مفهوما وهدفا ناجحا، ومن المهم أن نتذكر هنا بإمعان مقولة كودراي "وجوه الناس أفضل مرآة للمجتمع"، واصفا المسؤولين في العراق بأنهم في واد والفن في واد آخر، وأن وجودهم في النشاطات الفنية لا يتعدى الاستعراض، والذي لا يتوافق منطقيا مع غايات الفن".
وذكر آل تاجر مثالا للفارق بين الاهتمام بالفنان في العراق، وبين غيره من الدول، أنه "في أحد المعارض الدولية، التي أقيمت في أوروبا، كنت أنا وزميلين من العراق مشاركين فيه، وزملاء يعدون على أصابع اليد الواحدة من عدة دول خليجية، وفي الأعوام التي تلت بت أنا المشارك الوحيد من العراق، في الوقت الذي ارتفع عدد المشاركين من كل دولة خليجية ليصل إلى 20، وفي إحداها إلى أكثر من 40 مشاركا".
واعتبر المصور والفنان التشكيلي العراقي محمد آل تاجر أن "السبب ليس في قصور الأداء العراقي المتميز، ولكن في سبل وتفاصيل المشاركة، والتي تكلف المصور أحيانا مبلغ 200 دولار، ما بين تهيئة العمل، وإرساله عبر البريد الجوي، وتفاصيل أخرى، منها رسوم الاشتراك، فالمؤسسات المعنية في تلك الدول قدرت مدى أهمية التمثيل في مثل هذه المعارض، لنقل ثقافات بلادهم إلى الغرب، وهنا لا يوجد من يمثل المصور تمثيلا حقيقيا، وإن وجد فلا يوجد غطاء مالي كاف، أو أسلوب للتواصل، وفق معطيات التكنولوجيا الحديثة".


ليست هناك تعليقات: