الجمعة، 22 مايو 2015

تزوير- د.إحسان فتحي

تزوير

الأعزاء الفنانين العراقيين والأصدقاء
تحيات طيبة
 
د.إحسان فتحي
كما ذكرت مرارا، فان عصابات التزوير تعمل بتواصل وكثافة على أمل أن تعثر على مغفل هنا او هناك. ويبدو أن هناك وفرة لاباس بها من الساذجين والمغفلين والا فلم هذا الإنتاج التزويري المستمر؟  وبغياب أي رادع من أجهزة الدولة فان خرق القانون اصبح اسهل من النزهة. وتهدف هذه العصابات وبعض (الفنانين) العراقيين الذين فقدوا ضميرهم، الى استهداف كبار الفنانين من الرواد المتوفين، ذلك لقلة وجود الخبراء الذين يستطيعون حسم الشك في أصالة عمل فني كما هو الحال في بقية الدول، حيث يوجد خبير عن فنان معين مثلا، وهذا يقضي اغلب سنوات عمره في توثيق وتحليل مسيرة هذا الفنان، ويعرف كل صغيرة وكبيرة عنه. يعرف كل تواقيعه ويعلم بجميع أعماله وتواريخها، ويوثقها توثيقا شاملا مملا، ومن ثم يستطيع الحسم والبت بشكل نهائي. كما إن هناك لجان متخصصة ومرخصة من الدولة وأعضائها من خبراء في الفن ومؤرخين وأكاديميين وحتى علماء لفحص العمل الفني والتأكد من أصالته. هذا الأمر مفقود تماما عندنا وعند اغلب الدول العربية.
ولحسن حظنا، فان الأغلبية الساحقة من المزورين العراقيين هم من الدرجة العاشرة تقنيا، فهم يجهلون ابسط (قواعد) التزوير كالتوقيع والتاريخ والأسلوب وغيرها الكثير. لكنهم مع ذلك يستهدفون أولا جواد سليم، وفايق حسن، وعبد القادر رسام، وحافظ ألدروبي، وخالد الجادر، وكاظم حيدر، وإسماعيل فتاح، ونجيب يونس، وغيرهم. أنا شخصيا اكتشف في عمان لوحتين او ثلاثة شهريا اغلبها مزور. ويساعدني في ذلك هو التوثيق المفصل ( حتى درجة الإعياء) الذي قمت به في تسجيل أعمال الرواد وغيرهم أيضا. فمن الصعب جدا ان تنبع فجأة لوحة منسوبة لجواد سليم مثلا دون أن نعرف عنها. ذلك لان امام المزور خيارين لا ثالث لهما: أما أن ينسخ لوحة لجواد سليم تماما ويزور توقيعها، اوان يرسم لوحة جديدة ينسبها الى جواد سليم وموقعة بتوقيع مزور وبتاريخ مفتعل ولكنها مرسومة ب(روحية واسلوب جواد). في كلا الخيارين سيقع المزور في مأزق وسيكتشف عمله المزور فورا، ذلك لانه من الصعوبة بمكان، ولكن ليس من المستحيل في بعض الاحيان النادرة، ان ينجح اي شخص في تقمص روحية الفنان المتوفى. إن جميع الحيل البائسة التي يستعملها المزورون باتت معروفة الآن، كالتعتيق المتعمد، والمسامير الصدئة، والأطر الخشبية القديمة، وغيرها، لم تعد تنفع.
لكن هناك وفرة جيدة من المغفلين في كل أنحاء العالم حيث يتواجد العراقيون الذين يحنون لعمل فني عراقي يزين صالاتهم ويدفعون عشرات الآلاف من الدولارات دون أن يتأكدوا أولا من صحة أصالتها، فهي في أحسن الاحوال لا تساوي قرشا واحدا!
أترككم مع عمل منسوب الى عبد القادر رسام وهو في الحقيقة نسخة من بورتريت  للفنان الاسكتلندي المعروف، ديفيد روبريت!  إلى أي درجة من الغباء وصل هؤلاء؟




ليست هناك تعليقات: