الأربعاء، 27 مايو 2015

_الفرزدق شاعر الفخر والهجاء-احمد سردار عارف


_الفرزدق
شاعر الفخر والهجاء
احمد سردار عارف

واسمه همام بن غالب بن صعصعة بن دارم بن تميم وكنيته ابو فراس ولد حوالي سنة 19 هجرية ، كان فصيح اللهجة ملماً باللغة عالماً باخبار العرب وايامها وهو احد الشعراء الكبار ومن شيوخ الأدب العربي وقد هبت القصيدة العربية على يديه ونشطت بعد ان انصرف المسلمون الى ما هو ابهى من الشعر في القرآن الكريم وخاصة في زمن الخلفاء الراشدين.
وقد عاش مع جرير والأخطل انهيار العقيدة الدينية في الناس وتعشش قرائحهم في ذلك الصدع العميق الذي احدثه بني امية بين المسلمين بتركهم الشورى وتحويلهم الخلافة الى ملك قيصرية او كسروية ينتقل ارثاً وعصفت في شهواتهم بهرجة العروش فمالوا عن صدق الايمان ان يكون فيهم ورع كعمر بن الخطاب (رض) يصون اعراض المسلمين بروح الاسلام وعدله أو كعلي بن ابي طالب (رض) بعلمه وحكمته.
غلبت على الفرزدق اخلاق البدوي وهي حب الانتصار والغلب والمباهاة كما كان قوي الذاكرة حافظاً من شعر الجاهلية والاسلام الكثير وجمع من اللغة وتاريخ العرب مالم يبارزه فيه احد من اهل زمانه.
حيث كان فخوراً الى حد الغلو في نفسه واباءه كثير التحدث عنهم في شعره فيقول في هذا:
ابي احد الغيثين صعصعةُ الذي متى تخلف الجوزاء والدَ لو يمطر
اجار بناتِ الوائدين ومن يجرِ على الفقر يعلم انه غير مخفرِ
انا ابن الذي رد المنية فضلهُ فما حسب دافعتُ عنه بمعور
كما كان طويل النفس في الهجاء سليط اللسان لا يبالي بمن يهجوا من العامة او اميراً فقد هجا هشام بن عبد الملك والمهلب ابن ابي صفرة وقد هجا كذلك خالد القصري والي هشام على العراق بقصيدة في مطلعها:
الا قطع الرحمن ظهر مطية اتتنا تخطي من دمشق بخالدِ
وكيف يؤم المسلمين وامه تدين بان الله ليس بواحدِ
بنى بيعة فيها الصليب لامه وهدم من كفر منار المساجدِ
اما في المديح فقد كان قصير النفس قليل الابيات فيها فهو يقول في مديح عمر بن عبد العزيز الخليفة الراشدي الخامس:
أعبد الله انت احق ماشٍ وساعٍ بالجماهير الكبارِ
نمى الفاروق امكَ وابنُ اروى اباك فانت منصدعُ النهارِ
كِلا ابويك عبد الله عالٍ   رفيعُ في المنازل بالحيارِ
هما قمراً السماء وانت بدرٌ به بالليل يدلجُ كلُ سارِ
ان الذي يسمع لشعر الفرزدق يرى ان اللفاظه عبارة عن صخور تتلاطم وحجارة يتساقط بعضها فوق بعض فتصيب لدى السامع الصدى الكبير، ويقر له من احب سماع الادب القديم بانه لا احد يجاريه في الهجاء والفخر. كما عرف عنه بانه رجل المتناقضات فانه قد مدح خلفاء بني امية في الكثير من القصائد اما طمعاً في مال او خوفاً من انتقام بعض ان نال منهم الكثير من التشريد والحبس والنفي.
الا انه كان محباً الى اهل بيت رسول الله ولعلى من اروع قصائده واكثرها شهرة هي في مديح علي بن الحسين (رض) والتي يمكن اعتبارها من اقوى الصرخات المدوية ضد حكام بني امية والتي كان لها وقعاً امضى من السيوف بقيت صداها تصدع في اسماع هشام بن عبد الملك اخر الملوك الاقوياء في الدولة الاموية الى اخر يوم في حياته ولهذه القصيدة قصة وهي: ان الفرزدق قد حج بعدما كبر وقد اتت له سبعون سنة وكان هشام بن عبد الملك قد حج في ذلكالعام في خلافة اخيه الوليد ومعه رؤساء اهل الشام، فجهد ان يستلم الحجر الاسود فلم يقدر من ازدحام الناس، فنصب له منبر فجلس عليه ينظر الى الناس فاقبل علي بن الحسين (رض)، وهو احسن الناس وجهاً، وانظفهم ثوباً، واطيبهم رائحة، فطاف بالبيت. فلما بلغ الى الحجر، تنحى الناس كلهم وخلو الحجر ليتسلمه، تعظيماً وهيبةً واجلالاً له. فغاظ ذلك هشام وبلغ منه. فقال رجل لهشام: من هذا، اصلح الله الامير؟ فقال: لا اعرفه. وكان به عارفاً ولكن خاف ان يرغب فيه اهل الشام. عندها قال الفرزدق، وكان حاضراً لذلك كله : انا اعرفه، فسلني يا شامي. فقال: من؟ فقال:
هذا الذي تعرف البطحاءُ وطأته والبيت يعرفه والحل والحرمُ
هذا ابن خير عباد الله كلهم هذا التقي النقي الطاهر العلمُ
هذا ابن فاطمة ان كنت جاهله بجده انبياء الله قد ختموا
ما قال لا الا في تشهده لولا التشهد كانت لاءه نعمُ
وليس قولك من هذا بضائره العرب تعرف من انكرت والعجمُ
اذا رأته قريش قال قائلها الى مكارم هذا ينتهي الكرمُ
من معشر حبهم دين وبغضهم كفر وقربهم منجا ومعتصمُ
ان عد اهل التقى كانوا ائمتهم او قيل من خير اهل الارض قيل همُ
المصادر:
- كمال ابو مصلح، الفرزدق، حياته وشعره، المكتبة الحديثة للطباعة والنشر، بيروت.
- الشيخ احمد الاسكندري، الفرزدق شاعر الفخر والهجاء، المكتبة الحديثة للطباعة والنشر، بيروت.
مواقع الكترونية متعددة
Ahmad_serdar73@yahoo.com


ليست هناك تعليقات: