الأحد، 10 مايو 2015

ابعد من القًسم.. !-عادل كامل



ابعد من القًسم.. !


عادل كامل
هناك حوار قصير جرى ـ أمامي ـ بين قاض ٍ ومشتكى عليه. وقد طلب القاضي من المتهم أن ينفي الاتهام بالقسم! لكن الأخير رفض! وقال للقاضي: إن لم تصدق .. فان القسم ـ بحد ذات ـ إدانة!!
لا اعرف لماذا ذكرني هذا المشهد بأحاديث كثيرة وصاخبة تجري بين الناس، أساسها، بالدرجة الأولى: الشك ـ لكن ليس بالمعنى الذي ذهب إليه الغزالي أو الفيلسوف الفرنسي ديكارت ـ  وإنما بمعنى عدم الثقة!
ففي الأدب أو الفن ـ على سبيل المثال ـ تثار أسئلة حول أهمية المنجزات [ المعرفية ] ـ خاصة أن التقييم والنقد يأتي متأخرا ً إن لم يغب نهائيا ً! ـ ومدى صدقها بما يتضمنه الإبداع من إشكاليات مزدوجة بين المبدع وبين من يتولى منحه الشرعية من جهة.. والعمل بما يتضمنه معالجات غير مناسبة او مغامرة أو مخالفة، من جهة أخرى.
هنا تتشكل صعوبات القناعات وما هو ابعد من الرضا والاستحواذ والهيمنة. فالإبداع  عمل ـ كما في أكثر الآثار حيوية  ورمزية كالدمى الطينية وتماثيل عشتار وجذور الكتابة العراقية ـ لا يتوقف عند قواعد ثابتة أو نهايات لا تقبل الدحض.. وإلا لغدا الوجود بصفته مجموعة آلات ـ لا  غاية له سوى إنتاج زواله: عبر الاستهلاك! مع أن الواقع غير [ الشعري ـ الروحي ـ الجمالي ] ينسحب على المشهد عامة، وهو الذي شكل سمة ما من سمات الحضارات المتعاقبة.
لكن العمل على دحض [الأشياء] أو الروحي المقيد داخلها، لم يحصل بمحض المغامرة أو المصادفة.. فثمة ما بعد المعرفة ذاتها: ما بعد إنتاج الموت!! الذي أعطى دينامية سمحت باختراع المجهول  بالدرجة الأولى! ـ: هذا الإبداع الاستثنائي، يماثل، لغز تكّون بذور  الخلق البكر: إن مادة البذرة، متوفرة، بيد أنها ليست محض معادلات قابلة للإدراك. لكن هل هذا هو [ ما وراء الطبيعة ـ الميتافيزيقا ] أو هو علم الروح..؟ أو ـ: الذهاب وراء عصور الاغتراب والتصادم..؟ لا   تتحد الإجابات بقرارات المنتج ـ التكنوقراطي المعاصر أو القديم ـ ولا بالربح ومكونات لغز الملكية [ السلعة ] بل على العكس: انه قدرة التحرر منها، ومن نظام راسخ وعنيد يجعل إنتاج [الاستهلاك] عقبة قابلة للدحض.  هذا العمل ليس بحاجة إلى شهادة ! أو نفي.. وليس حاجة إلى قاض ٍ [ ناقد ـ أو مؤرخ ] أو شهود: انه ظاهرة تمتلك ديمومتها عبر أكثر المناطق قسوة، وعزلة: لأنها لا تحدث إلا في مساحة بلا حافات! بالرغم من كل قيود شروط حضورها في عالم غير قابل إلا للذهاب بعيدا ً في المجهول!!


ليست هناك تعليقات: