ابعد من القًسم.. !
عادل كامل
• هناك حوار قصير جرى ـ أمامي ـ بين قاض ٍ ومشتكى عليه. وقد طلب القاضي من المتهم أن ينفي الاتهام بالقسم! لكن الأخير رفض! وقال للقاضي: إن لم تصدق .. فان القسم ـ بحد ذات ـ إدانة!!
• لا اعرف لماذا ذكرني هذا المشهد بأحاديث كثيرة وصاخبة تجري بين الناس، أساسها، بالدرجة الأولى: الشك ـ لكن ليس بالمعنى الذي ذهب إليه الغزالي أو الفيلسوف الفرنسي ديكارت ـ وإنما بمعنى عدم الثقة!
• ففي الأدب أو الفن ـ على سبيل المثال ـ تثار أسئلة حول أهمية المنجزات [ المعرفية ] ـ خاصة أن التقييم والنقد يأتي متأخرا ً إن لم يغب نهائيا ً! ـ ومدى صدقها بما يتضمنه الإبداع من إشكاليات مزدوجة بين المبدع وبين من يتولى منحه الشرعية من جهة.. والعمل بما يتضمنه معالجات غير مناسبة او مغامرة أو مخالفة، من جهة أخرى.
• هنا تتشكل صعوبات القناعات وما هو ابعد من الرضا والاستحواذ والهيمنة. فالإبداع عمل ـ كما في أكثر الآثار حيوية ورمزية كالدمى الطينية وتماثيل عشتار وجذور الكتابة العراقية ـ لا يتوقف عند قواعد ثابتة أو نهايات لا تقبل الدحض.. وإلا لغدا الوجود بصفته مجموعة آلات ـ لا غاية له سوى إنتاج زواله: عبر الاستهلاك! مع أن الواقع غير [ الشعري ـ الروحي ـ الجمالي ] ينسحب على المشهد عامة، وهو الذي شكل سمة ما من سمات الحضارات المتعاقبة.
• لكن العمل على دحض [الأشياء] أو الروحي المقيد داخلها، لم يحصل بمحض المغامرة أو المصادفة.. فثمة ما بعد المعرفة ذاتها: ما بعد إنتاج الموت!! الذي أعطى دينامية سمحت باختراع المجهول بالدرجة الأولى! ـ: هذا الإبداع الاستثنائي، يماثل، لغز تكّون بذور الخلق البكر: إن مادة البذرة، متوفرة، بيد أنها ليست محض معادلات قابلة للإدراك. لكن هل هذا هو [ ما وراء الطبيعة ـ الميتافيزيقا ] أو هو علم الروح..؟ أو ـ: الذهاب وراء عصور الاغتراب والتصادم..؟ لا تتحد الإجابات بقرارات المنتج ـ التكنوقراطي المعاصر أو القديم ـ ولا بالربح ومكونات لغز الملكية [ السلعة ] بل على العكس: انه قدرة التحرر منها، ومن نظام راسخ وعنيد يجعل إنتاج [الاستهلاك] عقبة قابلة للدحض. هذا العمل ليس بحاجة إلى شهادة ! أو نفي.. وليس حاجة إلى قاض ٍ [ ناقد ـ أو مؤرخ ] أو شهود: انه ظاهرة تمتلك ديمومتها عبر أكثر المناطق قسوة، وعزلة: لأنها لا تحدث إلا في مساحة بلا حافات! بالرغم من كل قيود شروط حضورها في عالم غير قابل إلا للذهاب بعيدا ً في المجهول!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق