الخميس، 23 أكتوبر 2014

اصدارات جدل الوجود وفلسفته في لوحات الفنان بشير مهدي .. -علي الدليمي


اصدارات
جدل الوجود وفلسفته في لوحات الفنان بشير مهدي ..




علي الدليمي
        ضمن إصدارات دائرة الفنون التشكيلية في وزارة الثقافة، صدر للأديب الناقد جاسم عاصي، دراسة استقصائية في (جدل الوجود وفلسفته في لوحات الفنان بشير مهدي)، حيث وقف الناقد على عتبة عالم الفنان بشير مهدي، ورأى بأنه: محتشد بالرؤى الفلسفية المتركزة حول وجود الإنسان في حيّز عالم ضاج بالمتناقضات والمفارقات، والآخذ بالضيق والانحسار المكاني والزماني، إذا ما نظرنا الى المكان كحاضنة مولدة، والزمان كبنية نفسية خالصة، والضاغط الرئيسي على وجوده،.. وفي هذا يلعب المكان دوراً أساسياً في صياغة المفهوم الذي تتداوله اللوحة، إذ نجد ان الفنان يولي أهمية استثنائية للمكان، فهو مكان منعزل في معظم اللوحات، حيث يمنح الرائي فرصة من للتأمل، بسبب المحتوى الذي يجسده الفنان في داخله، كذلك من التقنية العالية الألوان والخطوط الصاعدة والنازلة والأفقية، وبضمنها الضوء والظِل، وما تتعرض إليه هذه الخطوط من الانكسارات والانحرافات.
وقد أشر الناقد الى خصائص اللوحة ومقوماتها: ان لوحات الفنان بشير مهدي تكشف عن خصائص، هي بمثابة ثوابت متحركة عبر متغيرات اللوحة، بمعنى ان الفنان يمتلك القدرة على محاورة هذه المكونات بصيغ سردية مختلفة.. ويتمثل المكان عموماً في حيّز محدود، كالغرف وباحات المنازل، ولكنه ينفتح وفق متغير الأجزاء المكونة، كذلك بكسر إطار الجدار وانفتاح المكان على سعة، سواء كان برياً أو مائياً، أو كوة من الضوء.
كما يلعب الضوء والظل، هذان الثنائيان دوراً مسانداً لمحتويات اللوحة، في مكونهما عبر اللون ودرجاته والظل وإيقاعاته، إذ يُسهمان في إضفاء مكونات مُعينة في التعبير عن المعنى، وأما الفراغ، وهو مكوّن يؤدي وظيفة التعبير عن التباعد في المسافة، سواء كانت أفقية أو عمودية، أي انه يوحي بصعوبة اتصال الأشياء مع بعضها، بينما تتميز ألوان الأجزاء الأساسية في اللوحة بالحدّة التي توحي باللاحيادية، لاسيما اللون الأزرق الشذري ودكنة البراري والمسافات الممتدة في الأقاصي، كذلك إيحاءات الصمت الذي يمثله الحجر والمرتفعات والتلال والسفوح، اللون في لوحاته يوحي بصرامة المكون وصلادته... وفي الانكسار، ونعني به انكسارات الخطوط الصاعدة والأفقية، وهي توحي بانكسارات الظواهر والمشاهد، كذلك هي نوع من تعميق تواصل السردية في اللوحة، ويشمل ذلك انكسار الضوء والظل، ثم الألوان وتساقطها أو انبساطها على الأشياء، خاصة المضيئة منها...وفي الحضور والغياب، مانعنيه، هو الإنسان، فان حضر في كادر اللوحة، فهو مستلب تماماً، وان غاب عنها فهو تاركاً أثره الدال على عوامل الغياب التي هي تعني وسائل الاستلاب أيضاً.
ويستخلص الناقد بعد دراسة تجربة الفنان بشير مهدي من خلال تطبيقات تناول بنيتين، أعتبرهما أساسيين في إنتاج لوحاته، فالأول يخص البنية الفنية، والثاني بنية المعنى، أي الخصائص، والمكان، والضوء والظل، والفراغ والانكسار، واللون، والرموز المفردة،: في كل ما تقدم من قراءة بصرية لمنتج الفنان بشير مهدي التشكيلي، يظُهر لنا حيوية العمق الذي يتمثل الفكر وجدليته بمنطق فلسفي، يعمل على إحقاق الوجود للإنسان المغيّب دائماُ والحاضر في العمق والرؤى، وهو غير مسرف بالخيال، بقدر ما وظفه لصالح تلك الجدلية والمنطق الفلسفي الذي يؤكد بطبيعة الحال على أن لكل الموجودات في ذاتها محركات تنشط في حالة هيمنة المحاولات لتغييبها، والفنان هنا حقق رؤيته السريالية لتمثل مثل هذا الاغتراب، مستدرجاً كل المكونات المعينة على تجسيد حالات فكرية تتصدر ظواهر نفسية حسية للواقع بشتى صوره.
__________________________________________

ليست هناك تعليقات: