يخطئون الفيل ويصيبون البقة
كاظم فنجان الحمامي
أربعون قوة جوية حشدتها أمريكا
لمطاردة عصابة شاذة غير مدربة وغير متجانسة، وتزعم أن القضاء عليها سيستمر لأعوام
وأعوام. ترى ما الذي ستفعله أمريكا وحشودها إذا اضطرتها الظروف لخوض حرب ضد روسيا
أو ضد الصين ؟. هل ستتخبط طائراتها فتعزز قوة موسكو ؟ أو تفقد بصرها فوق أسوار
الصين ؟.
من كان يتصور أن الصواريخ الأمريكية
الفائقة الدقة تخطئ أهدافها في عز النهار ؟. ومن كان يتصور أن الصواريخ الموجهة
بنظام التموضع المكاني تنحرف عن مساراتها وهي التي لا تحتمل الخطأ ولو لبضعة
مليمترات ؟. من فينا لم يسمع بصواريخ (كروز)، و(توماهوك)، و(بلوك)، التي حسمت حرب
الخليج عام 1991، وحرب كوسوفو 1999، والحرب الأفغانية 2001، ودمرت منشآتنا
ومطاراتنا ومصانعنا عام 2003 ؟، وهل تخطئ القاصفات المعتمدة على نظام Guidance System المعروف باسم Initial & Tercam المرتبط بالأقمار الصناعية
ومنظومات الاستمكان الفضائي والتوجيه الجيروسكوبي، التي لها قدرة فائقة في تسديد
ضربة ذكية مباشرة لحشرة صغيرة تختبئ في جوف الغابة تحت أوراق الأشجار الكثيفة.
أليس هذا ما تقوله أبواق البنتاغون وما تتباهي به قاصفات الأطلسي ؟. فكيف تخطئ
الفيل إذا كانت تصيب البقة ؟. وكيف تخطئ تجمعات داعش وتصيب خنادق الجيش العراقي ؟.
وكيف تتخبط في الجو فترسل طرود الماء والغذاء والإسعافات الطبية والأسلحة إلى
معسكرات داعش ولم ترسلها إلى الجموع البشرية الهائمة على وجهها في الجبال والوديان
هرباً وخوفاً من بطش ضباع الدواعش ؟.
https://www.youtube.com/watch?v=0loUCxJ6FJQ
لو سلمنا جدلاً بأن الطائرات
الأمريكية تعرضت فجأة للعمى الليلي، وأصابت عيونها غشاوة مباغتة، فهل يعني هذا أن
الطائرات العراقية تتعرض هي الأخرى للرمد الصديدي فتوجه نيران مدافعها لوحداتنا
الحربية، ثم كيف تكررت هفواتها حتى صارت هي التي تؤازر عصابات داعش، وهي التي
تزودهم بما يحتاجونه من إمدادات ؟.
يا جماعة قولوا لنا ما الذي يجري على
أرضنا وفي سمائنا ؟. وهل يعلم الناطق العسكرية بنوعيات وهويات وتجهيزات الطائرات
(متعددة الجنسيات) التي باتت تصول وتجول وتزبد وترعد فوق رؤوسنا من دون أن نعرف
أهدافها وتحركاتها ؟. ومن دون أن نعرف نواياها التعبوية ؟. نسمع أزيزها فوق رؤوسنا
ولا ندري هل هي معنا أم علينا ؟.
نحن نبحث عن الحقيقة، وهذا من أبسط
حقوقنا كشعب صبت عليه مصائب لو صبت على الجبال ما تحملتها، ولو صبت على الأيام
لصارت ليلاً معتماً شديد الحلكة مثل (الهندس). والهندس هو هذا الظلام السياسي
الدامس الذي جثم على صدر الشعب العراقي منذ عام 1980 وحتى يومنا هذا.
والله يستر من الجايات
....................................................................
كيف وأخواتها
كاظم فنجان الحمامي
تساؤلات كثيرة تطاردني حيثما تجولت بقاربي في
عرض البحر. تدور في تلافيف عقلي آلاف المرات، ولست بقادر على الإجابة عنها. غموض
وحيرة توحي لي بأشياء لا تخطر على بال الجن الأزرق. قد تتسع دائرة التفكير وما
يسفر عنها من تهيؤات ترميني في دوامات الشك والريبة. تساؤلات خطيرة باتت تلح عليَّ
في هذه الأيام الأكثر عتمة في تاريخ العراق، والتي نطلق عليها نحن في أقصى الجنوب
(الهندس).
أتساءل دائماً في هذا الهندس الجنوبي
المظلم كيف أخطأت طائرات التحالف أهدافها وهي المجهزة بأدق منظومات التسديد الليلي
والنهاري ؟. وكيف ارتبكت راداراتها الذكية فقصفت المعسكرات العراقية وسرايا الحشد
الشعبي، وكيف تكررت غاراتها على المناطق الجرداء التي غادرتها داعش منذ أسابيع
؟.
كيف اشتركت تركيا وقطر في الغارات
الجوية ضد معسكرات داعش في الوقت الذي لم تتوقف فيه عن دعم داعش بالصواريخ
والأسلحة والمعدات القتالية ؟. وكيف انضمت تركيا لهذا التحالف الدولي المعادي
لداعش وهي التي تبرعت بتسويق النفط الذي تسرقه داعش من حقولنا المغتصبة ؟.
كيف تمردت داعش على القاعدة ؟، وكيف
أصبحت من ألد أعدائها وهي التي ولدت في ثكناتها وخرجت من جلبابها ؟. ألا يعني هذا
الانشقاق المفاجئ أننا نقترب من تعقيدات جديدة تضاف إلى التعقيدات القديمة، لتضفي
على المشهد السياسي ملامح الحرب الدائمة، التي لا يستطيع المشاركون فيها التكهن
بنتائجها. ثم كيف يرسم المحللون توقعاتهم إذا كانت الأهداف العسكرية مائعة
ومتداخلة وزئبقية إلى حد يصعب معه أن تتوافق توقعاتهم مع السياقات التقليدية
المعتادة ؟، وكيف يستتب الأمن والأمان في غياب مؤشرات السلام على الأرض، حيث لا
توجد محادثات للسلام قيد التشكيل، ولا توجد دبلوماسية مكوكية، ولا توجد مؤشرات على
وجود قوة محايدة على وشك أن تمارس قدرتها على إيجاد سلام دائم بتدمير الآخرين.
https://www.youtube.com/watch?v=bUSvR-JSuPY
كيف ظهر هذا التحالف الدولي بقوته
الجبارة ليشترك في مطاردة داعش على أرض العراق المثخنة بالجراح ؟. وكيف امتنع هذا
التحالف عن مطاردة داعش في سوريا ؟. وكيف تحولت داعش إلى قوة لا يُستهان بها بين
ليلة وضحاها ؟. ومن الذي يمدها بالسلاح والعتاد والمؤن ؟. ألا تعني هذه التناقضات
أننا أصبحنا ضحية للعبة استنزافية قذرة تشترك فيها القوى الدولية ضد نفسها في
سيناريو متفق عليه تحت شعار (لا غالب ولا مغلوب). سيناريو مريب يستهدف تفكيك
الدولة العراقية، ويستهدف وضع قوانين وحقائق لا تسمح لهذه الأجزاء المفككة
باستعادة وحدتها. سيناريو يُبقي العراق كياناً هلامياً ينتظر التقسيم الأمريكي في
أي لحظة.
والله يستر من الجايات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق