في رحلة تالية إلى مدينة الشوملي ، التي طارت شهرتها من خلال الأغنية
الذائعة ؛ "عالشوملي الشوملي ، نارك ولا جنة هلي"
إلى أحراج هذه البلدة الكثيفة ،
ذهب بمعية عدد من أصدقائه في رحلة لاصطياد ما يمكن اصطياده من طيور أو أسماك .
وكعادته في كل مرة قرر أن يبتعد
عن أصحابه ، فوجد نفسه يدخل في أدغال كثيفة انفتحت بعد قليل على فضاء متسع وقبل أن يلتقط أنفاسه رأى كلباً ضخم
الجثة يزمجر متّجهاً نحوه ؛ " تلفتُّ يميناً وشمالاً ، فلم أجد أحداً فعلمت
بأني المستهدف بهجوم الكلب المباغت هذا ، وبأسرع من لمح البصر وبطريقة لا شعورية
وجدت نفسي ارفع يديَّ مقلصاً أصابعي وأخذت ابحث برجليَّ في الأرض مثيراً نقيع
الغبار الكثيف من حولي محاولاً إيهام الكلب بأن الكائن الذي يستهدفه ليس من بني
الإنسان ، وإنما هو وحش كاسر مثله وربما يكون أكثر فتكاً منه ، وبعد ان صار الكلب
قريباً مني وأبصر هذا المشهد المروع ارتد على أعقابه هارباً . "
بعد مرور حوالي سنة على هذه الحادثة التي لم يجرؤ بالحديث عنها لأحد ، عادوا
إلى المكان ذاته لغرض الاصطياد كعادتهم ؛ " فإذا رجل بدوي يتوجه نحونا ، وبعد
أن ألقى التحية ، استفسر منا إن كنا نحن نفسنا الذين قدمنا إلى المكان في العام
الماضي ، فقلت له : نعم ، فقال بعد أن تفحصّني ملياً ؛
لقد شاهدت عن بعد هجوم كلبي عليك وارتداده السريع ، والغريب في الأمر أن
هذا الكلب وبعد مرور ثلاثة أيام ، أحسسنا انه أصيب بصدمة ثم مات بعدها ، فأرجو منك
أن تخبرني ماذا فعلت له ، فقد فحصنا جسده فلم نجد أثراً لضربة ، فقلت له سأخبرك
ماذا فعلت معه ؛ فقمت على الفور بتمثيل الحركة والهيئة التي اتخذتها دفاعاً عن
نفسي ، وكذلك الصوت المزمجر الذي أطلقته ، فأحس الراعي بالخوف والهلع وعراه
الاضطراب وساورني إحساس في تلك اللحظة الخاطفة بأنه ينظر إلي على إنني مجنون ،
ولأخفف عنه قليلاً قلت له ممازحاً ؛ "إن كلبك مات مخروعاً يا ولدي" !
حجّي مو مستر !!
بينما كان
يسير بملابسه ذات
الطابع الأوربي وقبعته
البيضاء ، ببشرته
البيضاء المشربة بالحمرة
وعينيه الزرقاوين ، عائدا من
رحلة الصيد على
الشاطئ الذي لم يظفر
منه بطائل ، إذ لحق
به احد الصبيان
وامسك بردن قميصه
صائحا به بوقاحة
؛ مستر .. كود
فش ! فالتفتَ إليه
بعد أن ألقى
نظرة على الجهة
التي قدم منها فأبصر عدداً
من صيادي السمك
وأمامهم بضاعتهم وهم
يترقبون عودة فتاهم
بصيده السمين ،
فزجره بشدة ؛ ولك
شتريد مني ؟ تريدني افش
لك بطنك ؟
فما كان
من الصبي المتذاكي
إلا ان تراجع
قليلا والدهشة تعقد لسانه صائحا
على جماعته ؛
ولكم هذا
طلع حجّي مو
مستر !!
سمكتان
في إحدى المرّات وخلال فترة الحصار
أيضاً ، وبينما كان يتجوّل في سوق الأسماك ، أعجبته سمكتان، كانت إحدى النساء
تضعهما أمامها ، وقدّر أن الواحدة
منهما تزن حوالي كيلوغرام ونصف،اقترب منها
ومد يده إلى إحداهما ؛
- بكم سعر هذه ؟
- لا أبيع إحداهما ، وإنما
الاثنتين معاً !
- ولماذا يتوجب عليّ أن أشتري الاثنتين
معاً ، هل هما فردتا حذاء ؟
أسماك الله الحسنى
مشى بضع خطواتٍ أخرى في السوق ذاته
، فوجد امرأةً أخرى وهي تضع أمامها في حوضٍ صغير عدداً من الأسماك الحية من النوع
الممتاز ، اقترب منها وسألها عن سعر
الكيلو الواحد منها ، فنظرت إليه متفحّصة ، وقالت باستهانة واستخفاف ؛ اذهب ، هذا
مو أكلك .
فتعجّب من عجرفة هذه المرأة
القروية الشمطاء ، وقال لها مازحاً ؛ يرحم والديك ، بكم سعر الكيلو ؟
قالت ؛ بعشرة آلاف ، فهاله ما سمع
منها ، وقرر أن يولي الأدبار ، وهو يردد بصوت مسموع ؛ يبدو أنها أسماك الله الحسنى
!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق