نحن الذين فقدنا
ذاكرتنا
كاظم فنجان الحمامي
قال نبي الرحمة:
المؤمن لا يلدغ من جحرٍ مرتين, لكننا على أتم الاستعداد لتحمل آلام اللدغات والوخزات
واللسعات مئات المرات, فنحن دائماً ننتخب الذين يخدعوننا ويكذبون علينا, ولا مانع لدينا
من انتخابهم مرات ومرات, لأننا لا نستشعر تنكرهم لنا, ولا ندرك حجم الأضرار والخسائر
التي جلبوها لنا, ولا نحس بلدغاتهم المسمومة, فقد اعتادت ذاكرتنا المعطوبة على حذف
الهموم والآلام, وتجاهل الكبوات والعثرات, حتى فقدنا قدراتنا على الاحتفاظ بصفعات الماضي
القريب, أما المآسي البعيدة فقد وضعناها في خانات النسيان.
لقد وقفنا مع الكيانات
نفسها عندما قالوا لنا: أن اليد التي تتوضأ لا تسرق, وتعاطفنا معهم عندما قالوا لنا:
إنهم تحملونا وتحملوا مشاكلنا تلبية للتكليف وليس لنيل التشريف, فتحدثوا معنا عن مكارم
الأخلاق وعن العفة والنزاهة والمفردات الأخرى, التي لا يتذكرونها إلا قبيل الانتخابات.
ظهروا علينا هذه
المرة بمكياج مختلف, وملصقات كبيرة ملونة,
وواجهات براقة, وعناوين مبهرة, وشعارات مغرية, وكيانات جديدة, وأجندات مبتكرة, بعدما
برعوا بلعبة الانشقاقات, فنسينا ما فعلوه بنا في السنوات المدرجة على لوحة النسيان,
فانتخبناهم من جديد, ولم نعبأ بنداءات المرجعية ومطالباتها الحثيثة نحو التجديد والتغيير,
ربما لأننا لا نقرأ ولا نكتب, ولا نتقن الحساب, ولا علم لنا بطرقه العددية, ولا نعرف
بالضبط حجم الملايين التي نهبوها والأموال التي سرقوها, والعقارات التي استحوذوا عليها,
ولا ندري بالضبط كم بلغت أرصدتهم في البنوك العالمية.
نحن نعلم أن حبل
الكذب قصير لكنه عندنا أطول من سور الصين, وأمتن من أمراس السفن الخرافية العملاقة,
بيد أننا لا نراه, بل لا نريد أن نراه, ولا نصدق من يتحدث معنا عنه في بلد يوشك أن
يحتضر في دهاليز الانقسامات والانشقاقات والعداوات.
والله يستر من
الجايات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق