الثلاثاء، 13 مايو 2014

قصص قصيرة جدا ً-عادل كامل: إلى أعظم شعراء العراق الملا عبود الكرخي.

قصص قصيرة جدا ً


عادل كامل


إلى أعظم شعراء العراق الملا عبود الكرخي.


[1] في كوكب آخر
ـ سيدي، تم تنفيذ المهمة بنجاح.
  ولم يخبر قائده، من غير خسائر، بل طلب منه ان يطلع على الوثائق.
  فقال القائد:
ـ لا أرى سوى مساحة منبسطة وخالية حتى من الأنقاض والرماد!
ـ تم محو الجميع، من غير ترك اثر.
    عندما عاد إلى بيته، استقبلته عائلته، كما في كل مرة، بمرح، وانشراح. ولكنه ما ان راح يشاهد الصور التي تعرضها شاشة التلفاز، ورأى الأرض المنبسطة، تمتد ...، بعيدا ً، حتى أحس أنها أصبحت تجاور أسوار بيته، في المدينة. لم يكترث، فقد أغلق شاشة التلفاز، وقال لأفراد عائلته:
ـ حدث هذا في كوكب آخر!

[2] محو
ـ أنا لم اطلب منك ان تقضي عليهم وتمحوهم ...
أجاب مندهشا ً:
ـ ماذا طلبت منا إذا ً...؟
ـ طلبت منكم، بأسلحتكم النظيفة، بعثرتهم، وتفكيكهم، وليس محوهم.
وأضاف متمتما ً بصوت مسموع:
ـ فمن سيزرع ...، ومن سيؤدي الخدمات، ومن سيهتف بحياتنا، ويعمر إمبراطوريتنا...؟
وأغلق فمه من غير ان ينطق:
ـ ومن سيتضرع إلينا!

[3] شفافية
    وأنا أغادر سيارة التاكسي، وبعد حوار جرى خلال الطريق، قلت للسائق:
ـ لا تحزن ...، فانا لم ابلغ بعد لا درجة الخروف، ولا درجة الحمار، ولا درجة الكلب!
ـ ماذا تقصد ...، وأنت رجل تبدو حكيما ً، ووقورا ً، وعاقلا ً...؟
ـ اخبرني: هل رأيت خروفا ً يفترس آخر، وهل رأيت حمارا ً اعتدى على حمار، وأذاه، أو أوشى به، أو شهر به من غير دليل....، وهل رأيت كلبا ً مزق بمخالبه وأنيابه رفيقه الاخر...؟
قال السائق:
ـ أنا رأيت الكلاب التي افترست أصحابها!
ـ تلك كلاب  الزمن الشفاف، وأنا كنت أتحدث عن الكلاب التي كانت مهمتها حراسة قطيع الراعي، كي تحافظ عليها، من الذئاب.
فقال الآخر:
ـ كي يرسلها الراعي إلى المسلخ!
[4] تمويه
    كان الجنرال يجلس بمحاذاة السيدة المشرفة على التصوير الخارجي، ونظام المعلومات، والأرشفة، وهو يراقب المزرعة التي تم تحريرها من المتغطرسين، سكان الكهوف والمستنقعات والبرية، ولكنه شاهد حركة غريبة لفتت نظره، تجري في إحدى الزرائب، فاستدعى مساعده، وسأله:
ـ ماذا يجري...؟
أجاب المساعد بصوت هاديء:
ـ سيدي، بعض العجول المخصية، تنز على بعض الأبقار العقيمات....، وهذا كل ما في الأمر!
ـ وما فائدة هذه الفعالية، وهذه المشاهد، والعالم الديمقراطي يراقبها ..؟
ـ سيدي، كي لا تبدو أفعالنا، وكأنها تتقاطع مع القوانين الدولية، ولا مع العدالة، ولا مع الضمير العالمي، فقد سمحنا لهذا الاحتفال ان يبلغ ذروته!

[5] رصاصة الرحمة
قال للجلاد:
ـ أقتلني ...، من غير ان أتضرع إليك، فأنت تسليت بي حد انك سلبت مني حقي بالموت!
ـ وهل هناك آخر أتسلى به...؟
   كاد يفطس من الضحك، فسأله الجلاد باستغراب:
ـ أنا أعذبك وأنت تضحك...، وكنت قبل قليل تطلب مني ان أقتلك...؟
ـ لأنك، يا حضرة الجلاد، سمحت لي ان أرى من يراقبك وهو يتسلى بك!
ـ من هذا ....؟
ـ الذي أستأجرك....، وحرمك حتى من رصاصة الرحمة !

[6] وسام الزوال
   سأل أمير أمراء الإمبراطورية العظمى حاشيته من كبار المستشارين:
ـ ما الجديد في هذه المسرحية...، التي تعرضونها علينا اليوم...؟
ـ الجديد انك اليوم، يا صاحب العظمة، انك تستطيع ان تستبدل أطرافك إن تعرضت للتلف، وتستبدل قلبك إن تعرض للعجز، وتستبدل حواسك إن تعرضت للعطب بأخرى، كي يمتد العمر بك، جيلا ً بعد جيل، وولاية بعد ولاية..!
ـ وهل سأحصل على الخلود...؟
ـ يا فخامة الإمبراطور المعظم، ما فائدة العودة إلى نبش الأسئلة العتيقة، وقد دفناها بعيدا ً عن الأنظار، الأسئلة التي عفى عليها الزمن، فأنت اليوم تستطيع ان تستبدل كيانك برمته، عند الضرورة!
ـ إذا ً....، لا أريد ان تكون لي ذاكرة بعد هذا اليوم..!
   ساد مجلس الخبراء المكون من الوزراء، والقادة، والحكماء، والأثرياء، والشعراء، والنبلاء، والعلماء، والماجدات، وكتاب القصص، والروايات، الصمت، ولم يخبره أيا ً منهم، بما كان دار في رأس فخامته:  وهل كانت لي ذاكرة في يوم من الأيام...؟! ثم أمر بمنح الجميع: وسام الزوال!

24/4/2014

ليست هناك تعليقات: