الأحد، 11 مايو 2014

الأربلة والغربلة وما بينهما-كاظم فنجان الحمامي


الأربلة والغربلة وما بينهما





كاظم فنجان الحمامي



الأربلة: ظاهرة سياسية لم يسمع بها العراقيون من قبل، لكنهم يعيشون الآن تفاصيل مداراتها التنافسية المتنافرة والمتجاذبة. ربما أكون أول من استعمل الاصطلاح الجديد، الذي سيأخذ طريقه إلى الانتشار على الصعيد المحلي والإقليمي. فقد صارت أربيل قبلة للسياسيين العراقيين من كافة الكتل والمنظمات والتشكيلات، وصارت هي المحرك الرئيس لفرز نتائج الغربلة النهائية لمحاصيل بيادر التحالفات والتآلفات، فما أن انتهت الانتخابات بجولتها التنافسية المفتوحة حتى هرعت الكيانات المتآخية والمتخاصمة والمتفاهمة والمتناحرة والمتشاجرة والمتشاحنة، فشدَّوا رحالهم جواً وبراً وزحفاً نحو قلعة (هولير), ليعقدوا اجتماعاتهم السرية على موائد (لبن أربيل). عسى أن يُغزِّر لَبنهم، وتجتمع كلمتهم على حب العراق، فيتفق الفرقاء السياسيون على نبذ الطائفية، التي جلبت لنا الهم والغم، ويتوحد وطننا من شماله إلى جنوبه على الخير والمحبة والسلام والوئام.

نحن الآن بانتظار نتائج الغربلة، التي ستحملها لنا مؤتمرات الأربلة، بيد أن المثير للدهشة أنهم توحدوا في التوجه نحو أربيل قبل ظهور نتائج الانتخابات، وقبل البدء بإعلان تشكيل الحكومة القادمة، والأنكى من ذلك كله أنهم باشروا بالتنسيق مع المؤيدين لهم, والتفاوض مع المعترضين عليهم، ومشاغلة خصومهم في محاولات حثيثة للتشويش على بعضهم البعض، وغلق الأبواب المفتوحة بوجه الكيانات التي تقف على الطرف الآخر. وبالتالي فأن حلبات النقاشات العقيمة ستظل متأرجحة بين الشد والجذب، وبين التقارب والتباعد، ما يوحي بأننا سننتظر طويلاً، وربما يطول انتظارنا حتى نهاية الشهر التاسع.

أما الرابح الأقوى، والمستفيد الأكبر في هذا التهافت السياسي على السلطة، فهي القوى الكردية، التي استثمرت قتال الأخوة الأعداء من أجل تعزيز قوتها، فحققت المزيد من المكاسب على حساب التنازلات السخية، التي ستقدمها لها الكتل المغامرة والكيانات المقامرة، وستبقى أسواق المزيدات السياسية مفتوحة على مصاريعها في أربيل لمن يضحي بنا خلف كواليس السيرك السياسي.

أي مستقبل غامض هذا الذي ينتظرنا خلف تلك الكواليس والدهاليز والأوكار الغامضة ؟، وهل لتأخر نتائج الانتخابات، التي لم تظهر حتى الآن, علاقة بمؤتمرات الأربلة ؟. أم أن متطلبات الغربلة هي التي فرضت التريث في إعلان النتائج ؟.  

من نافلة القول نذكر أن فنادق أربيل فتحت أبوابها منذ أسابيع للقوى الأجنبية والعربية الراغبة في خوض مزايدات الغربلة والأربلة, أو لإثارة القلقلة والتحريض على البلبلة. أما نحن أولاد الخايبة فمن المتوقع أن نفقد بوصلتنا بين دوامات الغربلة والأربلة والقلقلة والبلبلة، وربما نضطر لتقديم المزيد من التضحيات والتنازلات حتى يتبين لنا الخيط الأسود من الخيط الأبيض.

والله يستر من الجايات

ليست هناك تعليقات: