بحث هذه المدونة الإلكترونية

مرات مشاهدة الصفحة في الشهر الماضي

الثلاثاء، 16 يونيو 2015

الكاتب المغربي ادمون عمران المالح في آخر حوار له قبل وفاته:"المشهد الثقافي المغربي مفلس رسميا وفارغ إبداعيا"- أجرت المقابلة: ريم نجمي





______________________________________________
الكاتب المغربي ادمون عمران المالح في آخر حوار له قبل وفاته:"المشهد الثقافي المغربي مفلس رسميا وفارغ إبداعيا"


أجرت المقابلة: ريم نجمي

عن سن الثالثة والتسعين رحل الكاتب والمفكر المغربي ادمون عمران المالح أو "الحاج" كما دأب أصدقاؤه مناداته. المالح كان كاتبا يهودي الديانة، ومن مؤسسي الحزب الشيوعي بالمغرب، كما أن له إسهامات كبرى في الحركة الأدبية والتشكيلية المغربية، وظل رمزا من رموز التسامح الديني في المغرب. ريم نجمي التقته في الرباط قبل أيام من وفاته وأجرت معه الحوار التالي لموقع قنطرة:



"كانت الثقافة اليهودية حاضرة في المغرب، لها خصوصية معينة ومن جهة أخرى مثلها مثل أي عنصر ثقافي مغربي آخر" الفلسفة الألمانية أخذت حيزا كبيرا من اهتمامك ككاتب وكمثقف مغربي، ما الذي تمثله لك الثقافة الألمانية، ما هي قيمتها لفكرك وكتاباتك؟

ادمون عمران المالح: المشكل عندما نتطرق إلى موضوع مثل الثقافة سواء أكانت الثقافة الألمانية أم غيرها من الثقافات، هو أن الثقافة ليست بالمفهوم الواحد، هي ليست بالشيء الواقعي، ولا يمكن أن نعطيها مفهوما محددا. إذاً ما يمكنني أن أقوله هو عندما نطرح السؤال عن ماهية الثقافة، نكون بذلك قد فتحنا بابا للنقاش وللبحث عن كل الجوانب الثقافية المتعددة. كنا نريد أن نهرب إلى بعض القضايا الثقافية فوجدنا أنفسنا نفتح بابا لقضايا أخرى.

لكن أعتقد أنك تأثرت بالثقافة الألمانية على الخصوص؟

المالح: إذا كنت تريدين أن ننظر إلى الثقافة الألمانية من زاوية محددة، بطبيعة الحال تأثرت بها، خاصة الفلسفة الألمانية والشعر الألماني المتمثل في شعر " غوته" و" شيللر" وكذلك جماعة الرومانسيين، وطبعا كتابات فالتر بينيامين. كل ما ذكرته لك الآن يدخل في ما نسميه بالفرنسية " le Bagage" بمعنى التكوين الذاتي لأي إنسان يسعى إلى الثقافة.

المعروف أنك بدأت الكتابة في سن متأخرة نسبيا أي عند بلوغك الستين.هل اخترت أن تكون كاتبا، أم أن الكتابة هي التي اختارتك؟
المالح: هذا موضوع "حلو ". )صمت (هذا أمر محير بالنسبة لي، هل أنا الذي خلقتُ الكتابة أم أن الكتابة هي التي خلقتني؟ لا أعرف، لكن ما يمكن أن أقول أن أي إنسان يمكن أن يقوم بمحاولات في الكتابة ولكن يبقى هناك فرق بين الإنسان المتعلم، الذي له تكوين معرفي جيد، و لديه أفكار ومعلومات، وقام بمجهودات ثقافية من أبحاث وقراءات كثيرة وبين إنسان آخر. هنا تظهر الثقافة عند الكتابة ويظهر الاختلاف بين كل الذين يكتبون.


الديانة اليهودية تشكل مظهرا مهما من مظاهر الحياة الدينية في المغرب ككاتب مغربي يهودي الديانة، ما هي أهمية الثقافة اليهودية في النسيج الثقافي المغربي؟

المالح: هذا موضوع مهم وحاسم خاصة بعد هجرة المغاربة اليهود إلى إسرائيل. أولا ينبغي أن نقضي على الأفكار السلبية الموجودة والتي للأسف صارت سائدة، إسرائيل أضرت بروحية الديانة اليهودية. إذاً هذا الأمر يتطلب منا جهدا حتى نتغلب على هذه الصورة. سبق لي أن قمت بدراسة وقلت إن هجرة اليهود المغاربة إلى إسرائيل كارثة بالنسبة لتاريخ المغرب، ليس فقط بالنسبة لليهود أنفسهم ولكن للمغاربة ككل. كانت الثقافة اليهودية حاضرة في المغرب، لها خصوصية معينة ومن جهة أخرى مثلها مثل أي عنصر ثقافي مغربي آخر.

تقصد أنها لا تختلف عن العناصر الثقافية المغربية الأخرى؟

المالح: أقصد أن الثقافة اليهودية تنتمي إلى الثقافة المغربية، إذاً هي تشبهها في بعض العناصر وتختلف عنها في عناصر أخرى.

الملاحظ أنك تكتب أعمالك باللغة الفرنسية ثم تعود أعمالك للظهور باللغة العربية، هل هي عملية العودة إلى الأصل؟

المالح: لا، لا أبدا، ما أكتبه بالفرنسية هو الأصل. لا ينبغي أن ندخل في هذا النوع من المغالطات.

كيف تنظر إلى مسألة الترجمة، ما الذي يمثله لك نقل أعمالك إلى لغات أخرى؟

المالح: الترجمة تعني لي أن تتوسع دائرة قرائي وأن تلقى كتاباتي صدى لدى الآخرين لا يمكن إلا أن يسعدني هذا الشيء.


"الوضع الثقافي في المغرب من الناحية الرسمية مفلس ومن الناحية الإبداعية فارغ" وهل تستحضر القارئ القادم من خارج لغتك أثناء الكتابة ؟

المالح: لا أستحضره على الإطلاق، لأن الكتابة الحقيقة هي أن تكتب دون أن تكون موجها أو مقيدا. الكتابة تتكون كما يتكون الجنين في الرحم لا أحد يستطيع أن يتدخل في هذه العملية.

المتتبع لمسارك يرصد اهتمامك الكبير بالحركة التشكيلة المغربية، وأنت تعتبر من أهم نقاد الفن التشكيلي بالمغرب، كيف جاء هذا الاهتمام؟

المالح: البارح فقط وجدتني أفكر في هذا الموضوع، قلت لنفسي – دون أن أغتر- جميع الفنانين التشكيليين الموجودين على الساحة الفنية التشكيلة المغربية الآن ، وقفت إلى جانبهم : حسين الميلودي، حسان بورقية...والفنان خليل الغريب الذي خصصت له كتابا خاصا، طبعا خليل اعتبره حالة خاصة. زيادة على أنه تجمعني بالفنانين التشكيليين المغاربة علاقة حميمة وكأنهم أبنائي، لكن لا أستحضر عنصر الأبوة أثناء النقد الفني. ها أنت ترين جدران بيتي مزينة بأعمالهم كلهم.

أعرف أني أتعبتك كثيرا بأسئلتي، لكن اسمح لي بسؤال أخير كيف تنظر إلى الوضع الثقافي في المغرب؟

المالح: الوضع الثقافي في المغرب من الناحية الرسمية مفلس ومن الناحية الإبداعية فارغ. في الوقت الراهن أعتبر مركز الثقافة في المغرب هو المكتبة الوطنية التي يرأسها إدريس خروز . طبعا هناك بعض المبادرات الإيجابية كأنشطة دار الفنون في الرباط إلى جانب مبادرات أخرى.




ليست هناك تعليقات: