السبت، 14 فبراير 2015

العثور على مستشفى فضائي وسط البصرة-كاظم فنجان الحمامي


العثور على مستشفى فضائي وسط البصرة

كاظم فنجان الحمامي

الفضائيون في العراق حالة متأصلة وليست ظاهرة عابرة، فما أكثرهم في الجيش والشرطة والمؤسسات المدنية الأخرى. إذ لم يعد الأمر غامضاً على الناس، فالفضائيون هبطوا علينا من كواكب الفوضى، ثم انتشروا في كل مكان. بيد أن الجديد في الموضوع أننا عثرنا في البصرة على مستشفى متكامل الطوابق والأروقة والردهات والصالات والتأثيث والتجهيز والتشجير. لكنه مستشفى فضائي من النوع الهوائي، حتى تصميمه الخارجي يوحي لك بأنه من مدن الفضاء الخارجي.
كانت هذه البناية عبارة عن دار قديمة من دور الاستراحة التابعة لشركة نفط الجنوب، فقرر الأستاذ جبار اللعيبي، المدير الأسبق لشركة نفط الجنوب، تحويلها إلى صرح طبي كبير يوفر العناية الطبية والرعاية الصحية للعاملين في النفط ، ويقدم لهم العلاج المجاني. وما أروع المشاريع الخدمية التي نفذها هذا الرجل المبدع في البصرة.
يتميز المستشفى بواجهاته الجميلة، وسعته السريرية الكبيرة. يتكون من أربعة أجنحة. لكل جناح ثلاثة طوابق مع ملحق إضافي خاص لصالات العمليات. وغرف منفصلة لأجهزة السونار والمفراس والرنين المغناطيسي ومنظومات الأشعة السينية.
لقد فكرت شركة نفط الجنوب بتشغيل المستشفى على غرار مستشفى شركة نفط الكويت، الذي تزينت به مدينة الأحمدي، ويتكون من أربعة طوابق وسرداب، وتقدر طاقته الاستيعابية بنحو (400) سرير، وقد خصصت الكويت هذا المستشفى لموظفي القطاع النفطي العاملين والمتقاعدين وعائلاتهم.
أغلب الظن أن شركة نفط الجنوب فكرت بتشغيله وإدارته على غرار المستشفى الإيراني الكبير التابع لمصافي النفط في عبادان، والذي يطلقون علية: (بيمارستان بزرﮒ نفت)، وتعني المستشفى النفطي الكبير. فالشركات النفطية العملاقة لها مستشفياتها ومنتجعاتها الصحية المنتشرة في عموم البلدان الخليجية.
ثم هبت رياح الاعتراض، فما كل ما تتمنى شركة نفط الجنوب تدركه، فقد جرت رياح وزارة الصحة بعكس الاتجاه الذي سارت عليه تلك الشركة العريقة. فعلى الرغم من تكامل المستشفى من الألف إلى الياء، وعلى الرغم من استعداد وزارة النفط لجلب أرقى الأطباء والخبراء من داخل العراق وخارجه، أسوة بمستشفيات القطاع الخاص. لم توافق وزارة الصحة على منح التراخيص الرسمية لتشغيل المستشفى على الطريقة التي فكرت بها شركة نفط الجنوب. فتعطلت أنشطته، وتحولت بنايته إلى قلعة فضائية مهجورة. لا فائدة ترتجى منها بسبب تأرجح مصيرها بين وزارة النفط ووزارة الصحة، فلا النفط تتخلى عن مشاريعها وبرامجها الخدمية الحديثة، ولا الصحة ترضى باستبعادها وتغييب دورها. وهكذا كان مصير المستشفى الرقود في ردهات التعطيل والتأجيل.
سمعنا قبل بضعة أيام أن شركة نفط الجنوب عقدت العزم على شراء أربع طائرات عمودية لضمان سرعة الوصول إلى مواقعها المتباعدة والمتناثرة في البادية الجنوبية، فهل ستتحول ملكية الطائرات إلى طيران الجيش ؟. أم تتحول إلى شركة الخطوط الجوية ؟. أم يكون مصيرها مثل مصير هذا المستشفى الفضائي ؟. وجيب ليل واخذ عتابة.

ليست هناك تعليقات: