قصص قصيرة جداً
نهار حسب الله
1. صحوة مدفون
يداهمني هاجسٌ غريب، يهشم أصنام سكوني، ويعطل أفكاري كلها..
يطالبني بالقناعة والأعتراف بما لا أصدق ولا أستوعب، يحاول إيهامي بين
الحين والآخر بامكانية صحوة المدفون ولو بعد حين..
إلا انه هجرني عمداً وتركني أرمم أصنامي بعد ان رصدني وأنا أكفن ضميري
بوشاح أسود واجهزه لسبات عميق..
2. غريق
هزّي سكوني، وأذيبي جليد صمتي.. لملمي بقاياي من على جسدكِ الصنوبري؛
وأحتفظي بها في صندوق الذاكرة المهمل..
اغمضي عينيكِ وتأمليني مسافراً، تائهاً، ضائعاً بين موجات البحر.. وإياكِ
ان تفتحي جفنيك على عجل، لئلا تطفو جثني ويتهمك الناس في غرقي.
3. حاجة
ليست بي حاجة الى كتاب تاريخ يقطر دماً ويحشد فكري بالعنف والتطرف..
لا أحتاج الى أكون شيخاً او عالم فقه لأتخذ قراراً يتسم بالعدالة..
لا أبحث عن حرية شكلية بقدر ما افتش عن رغيف الخبز..
لا أتمنى ان اكون شهريار في عالم لا يقدس حكمة شهرزاد..
لا أود التشبث بالحياة كما كلكامش في زمن مشابه لزماننا الميت..
لا أرغب بوطني ان يكون مقبرة وإنما اتمناه جنة واعشقه انتماء..
يا اصدقاء لا احتاج الكثير من هذا العالم المشبع بالتكنولوجيا، لكني اتوسل
بمن يساعدني في البحث عن انسانيتي الضائعة..
4. هوية
في بلادنا العربية فقط..
لا مجال لأن أكون ثرياً إلا إذا أصبحتُ مسؤولاً..
وإذا أردتُ طرق أبواب المستقبل عليّ أن أغتال أبي لأكون أبن شهيد، أما إذا
بحثت عن الهيبة وحاولتُ رؤية الخوف والخضوع في وجوه كل من حولي؛ فذاك أمرٌ لا
يكلفني إلا رداءً دينياً وبعض الأحكام الرجعية.
أما إذا رضيت بقسمتي كمواطن بسيط فعليّ أن لا أنزعج من وصفهم لي (كلب ابن كلب)..
5. إحياء حلم
لا أستطيع تصديق فلسفة حياة أخرى ما بعد الموت، لأنني وببساطة متناهية لا
أطيق تحمل حياة ثانية تفترسها التعاسة كتلك التي أعيشها الآن..
وعلى الرغم من كوني ليست مُرغماً على الإيمان بما لا أعتقد، فقد عملتُ على
إعادة برمجة الفكرة في رأسي فوجدتني أتمسك بها وأصدقها بشدة، عسى أن أتمكن من
إحياء أحلامي الميتة.
6. إعلان
عرضت نَفسها للبيع
مستخدمة أحدث وسائل الاعلان الحديث.. واستعرضت مواصفاتها الجمالية كلها، جسد ممشوق
خالِ من السمنة، وعينان كحليتان واسعتان، وشعر ليلي منسدل، وأسنان بيضاء زاهية،
وشفاه بطعم التوت البري..
وسرعان ما تجمهر
الناس من حولها وابتدأ المزاد بأسعار خيالية ظلت تتصاعد حتى صار الكلام بلغة
الارقام الثقيلة..
من دون ان يدرك اي من المزايدين لهجة الاعلان الخداعة، التي لم تتطرق
لحياتها وانفاسها ونبضات قلبها التي لم تعد تعمل!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق