الأربعاء، 10 سبتمبر 2014

البصرة شمهودة العراق الجزء الثالث - كاظم فنجان الحمامي

البصرة شمهودة العراق
الجزء الثالث
 
كاظم فنجان الحمامي
قبل بضعة أشهر ظهر في التلفزيون نائب من خارج البصرة يقول: (أن البصرة ليس فيها كفاءات)، وربما تسبب هذا النائب أو غيره في نسف واقعها العلمي والفني والأدبي والثقافي، وأفرغها تماماً من محتواها التاريخي والحضاري، وشطب سجلاتها كلها، فهي في نظره فارغة تماماً من العلماء والشيوخ والقادة والزعماء والأدباء والمبدعين.
والحقيقة أن هؤلاء لم يدركوا بعد أن للبصرة وقع خاص في قلوب العرب والمسلمين، وكانت تجمع مع الكوفة في كلمة واحدة: (البصرتين)، أو (العراقين)، أو (المصرين)، وكانت من أعظم أمصار العالم الإسلامي من دون منازع. 
نشأت البصرة في رحم الحضارة السومرية منذ أقدم العصور، لكنها سجلت اسمها في وثائق الفتح الإسلامي في العام 635 من الميلاد. فهي في الآرامية (بصرياتا)، وتعني الأرض ذات الحصى. ولهذا الاسم معان أخرى في الكلدانية. فكلمة (بصر) تعني الجزر الضعيف. و(بصريا) تعني القنوات والجداول المائية. و(باصرا) تعني مجموعة أكواخ القصب والبردي. وجميع مدلولات هذه المفردات اللغوية تتوافق وتنسجم تماما مع واقع وظروف البيئة البصرية في الماضي والحاضر.
كان ميناء (أبولوجوس)، ويعني (الاُبُلّة) من أكبر جسور العالم القديم، فهو ملتقى المسالك البحرية والبرية القادمة من آسيا وأفريقيا وأوربا. وبانوراما الحضارات الإنسانية الضاربة في عمق التاريخ. ومسرح السلالات السومرية والآشورية والبابلية والكلدانية. وأيقونة القوميات السامية. ومحراب الديانات المندائية والعبرية والنصرانية. وقلعة العروبة والإسلام. وقبة العلم والمعرفة. ومنبع المدارس الفكرية واللغوية. وأم المرافئ العربية القديمة ؟؟.
لقد أنجبت البصرة الخليل بن أحمد الفراهيدي, وعمرو أبو عثمان الجاحظ, وعمرو بن عثمان بن قنبر (سيبويه), ويعقوب أبو يوسف الكندي, والحسن بن الهيثم, والحسن البصري, والمازني, والأصمعي, والحريري, والمبرد, والصولي, والسدوسي, ومحمد بن سيرين, والعلاف, والعطوي, والمفجّع, والأخفش, والماوردي، وواصل بن عطاء، واللاحقي, وعمارة بن عقيل, وأبو الأسود الدؤلي, ومالك بن دينار, والفرّاء.
وأنجبت البصرة بدر شاكر السياب وأحمد مطر ومحمود البريكان وكاظم الحجاج وحسين عبد اللطيف, ومحمد رضا المظفر ومحمود عبد الوهاب ومحمد خضير وفيصل السامر وذياب فهد الطائي وإحسان وفيق ووفاء عبد الرزاق وعطا السعيدي وأبو عراق وعبد الحسين الحلفي وفوزي السعد وأبو سرحان وداود الغنام وعلي العضب، وطاهر سلمان، وعيسى عبد الملك، وجاسم المطير، وجاسم العايف.
أما الذين يحملون شهادات الدكتوراه في هذه المدينة فيفوق تعدادهم تعداد أقرانهم في عموم أقطار الخليج العربي، حتى أن رئيس الجمهورية نفسه (الدكتور فؤاد معصوم) كان من العاملين في جامعة البصرة، وظل في ضيافتها مدة تزيد على عشرة أعوام.
البصرة تنتج من الصحف اليومية والأسبوعية والنشرات الثقافية ما يزيد على ما تنتجه مطابع المحافظات العراقية كافة، إذا استثنينا منها العاصمة بغداد، وأن أطباء البصرة من الرجال والنساء حققوا حتى الآن ما لم يحققه أشهر أطباء العرب، وأنهم يعملون الآن في أرقى الجامعات والمستشفيات العالمية، وأن الوسام الأولمبي الوحيد الذي أحرزه العراق كان على يد الرباع البصري عبد الواحد عزيز رحمه الله. وأن زبرج سبتي كان أفضل أبطال العالم بالملاكمة، وان فالح ناجي كان أفضل أبطال آسيا في سباق 800 متر، وان أجمل الأغاني والمعزوفات والأناشيد العراقية لحنها وكتبها أبناء البصرة من الشعراء والملحنين المبدعين من أمثال طارق الشبلي ومجيد العلي وياسين صالح العبود وطارق شعبان ووليد لويس وكاظم كزار وطالب غالي وحميد البصري ويوسف النصّار وناصر هاشم وجبار البصري وعماد مجيد العلي وعبد الرحمن أبو العوف.
وأن روائع الأعمال الفنية والتشكيلية العراقية نفذها أبناء البصرة، وفي طليعتهم: فيصل لعيبي وعجيل مزهر وجاسم الفضل وصالح كريم وقيس عبد الرزاق وخالد مبارك وعبد الكريم الدوسري وليلى لعيبي وشاكر حمد وجبار عبد الرضا ومهدي الحلفي وعيسى عبد الله وعبد الملك عاشور ونداء كاظم ومفيد حيدر الشيخ وأسعد لعيبي منصور.
وللعتاب بقية
 

ليست هناك تعليقات: