نصب الحرية لجواد
سليم
ملحمة شعب وذاكرة
حضارة
تأليف: عادل كامل
ضمن سلسلة الكتب الفنية، التي
أصدرتها دار الأديب، صدر كتاب الفنان والكاتب عادل كامل [نصب الحرية لجواد سليم
... ملحمة شعب وذاكرة حضارة] في عمان، مؤخرا ً. جاء في المقدمة: " لم تكن أهداف غزو التتار لبغداد (1258)، هي
إسقاط السلطة السياسة للخلافة العباسية، حسب، بل محو علاماتها، وما أنتجته في مجال
الحضارة. وربما لم ينبهر (هولاكو)، وهو يقترب من بغداد، إلا بمنائرها، وببساتينها،
وببقايا قصورها، وبأسوارها المتهالكة، غير الصالحة حتى لحمايتها من
الضواري، ولكن، بعد تهديم العاصمة، ودك معالمها، وفي مقدمتها العمرانية،
والثقافية، كاد يعزلها عن الزمن، وعن العالم.
فقد استطاع الغازي ان يجمد لغز تكوّنها، ولكنه لم يستطع ان يمحوها من
الوجود. كانت علامات بغداد الحضارية هي امتداد للنسق ذاته الذي تأسست عليه حضارات
وادي الرافدين: سومر، أكد، آشور، بابل، الحضر ..الخ، فلا علامة من غير مركز، بمعنى
من غير سلطة. فثمة اقتران جدلي/ بنيوي، بينهما، لا يوجد إلا بوجود الآخر، ولا يغيب
إلا بغيابه.
وعندما كلفت لجنة نصب 14 تموز،
الأستاذ جبرا إبراهيم جبرا، عام 1961، التعريف بالنصب، وجد انه يتحدث عن علامة
اقترنت بتحول بدأ بالسلطة السياسية ليمتد أثره في مجالات الحياة كافة؛ علامة لم
يكن لها ان تتكون خلال غياب بغداد ـ حاضرة الأمس ـ إلا بما سيشكل حدا ً فاصلا ً
بين مدينة غابت عنها الحضارة، ومدينة وجدت انها في مواجهة عالم تكونه الحداثات،
فالنصب ليس محض (لافتة) تخص الحدث السياسي بالتحول من النظام الملكي إلى النظام
الجمهوري، كما ذكر المهندس المعماري رفعة الجادرجي، مصمم النصب، وإنما لأن العلامة
تضمنت محركاتها الكامنة وهي تستحدث وجودها في الحاضر، على صعيد مفهوم البناء،
والخطاب الفني الحديث.
فإذا كانت بغداد قد عاشت أزمنة
تراكمت فيها العلامات، وتكدست، حد الاختفاء، والاندثار، حتى كادت تفقد هويتها، أو
ان تكون من غير علامة، فان تجددها اقترن بنسق يسمح للحريات الكامنة، والمدفونة، ان
تأخذ مداها في الحضور، وان تمتد ـ تلك المخفيات ـ لتأخذ مكانتها بين العلامات
المعاصرة.
كانت إشارة جبرا إبراهيم جبرا،
استذكارا ًلمفهوم انبثاق (النص) بنسق اشترط عوامله الموضوعية، والذاتية، كي يمتلك
دينامية تتجاوز مفهوم (التعبير) و (الانعكاس) و (الإعلان)، نحو مفهوم الخطاب
الفني، وعناصره الفنية، البنائية، الرمزية، والجمالية.
فالمخيال المجّمد للمدينة، سمح
للذاكرة ان تتكون بنظام تأسس مع نشوء المدن في حضارة وادي الرافدين الأولى:
المسمار؛ علامة الكتابة، والعدد، وتمثلها بموت البذرة، وخروج ديموزي من العالم
السفلي." إلى جانب فصول تناول فيها: النصب ـ العلامة، البدايات، المركز ـ
المحيط، ذاكرة النصب، تمرين في الرؤية ـ في الحرية، الرؤية والتحولات، الجذور
والتواصل، قراءات ـ مقاربة مع النصب، المرأة ـ دينامية التواصل....، إلى جانب
شهادات ووثائق لـ: جبرا إبراهيم جبرا/ عباس الصراف/ شاكر حسن آل سعيد/ إسماعيل
الشيخلي/ د. شمس الدين فارس/ د. محمد صادق رحيم/ عدنان المبارك/ أ.د. تيسير عبد
الجبار الآلوسي/ د. خالد القصاب/ عادل ناجي/ د. شوقي الموسوي. ضم الكتاب صورا ً
نادرة للنصب في مراحله المختلفة، بتصميم وإخراج الفنان كفاح فاضل آل شبيب، وبإشراف
الفنان هيثم فتح الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق