الاثنين، 7 أبريل 2014

قصص قصيرة جداً-عادل كامل

قصص قصيرة جداً


عادل كامل


مقدمة:
قال الجنيد:
     " فقد حكي عن الجنيد انه رأى رجلا ً مصلوبا ً وقد قطعت يداه ورجلاه ولسانه. وعندما استفسر عن سبب ذلك قيل له كان ديدنه السرقة فقطعت يده في السرقة الأولى والأخرى في الثانية، فثابر على السرقة برجليه فقطعتا على التوالي، فاخذ يسرق بلسانه فقطع لسانه، واستمر بالسرقة إلى ان آل به القضاء إلى القتل! آنذاك اقترب منه وقّبله، فقيل له:
ـ تقبل جسد لص مصلوب؟ّ!
ـ إنما أفعل ذلك لثباته!"
وقال الجنيد أيضا ً: " الصادق يتقلب في اليوم أربعين مرة والمرائي يثبت على حالة واحدة أربعين سنة!"
وقال ألنفرّي: " كل جزيئة في الكون موقف"
وقال محي الدين بن عربي: "لا يؤاخذ الجاهل بجهل، فإن جهله له وجه في العلم" وقال أيضا ً:" لا يصح الترادف في العالم، لأن الترادف تكرار وليس في الوجود تكرار"
وقال أبو علي الدقاق: " الإرادة لوعة في الفؤاد، ولدغة في القلب، وغرام في الضمير، وانزعاج في الباطن، ونيران تتأجج في القلوب"



[7]  سعادة/1
 ـ لِم َ، حتى مع نفسك، لا تتكلم؟
ـ وما حاجتي للكلام، وأنا كلما تقدمت في المسافة، أراها تدعوني إليها.
[8] سعادة/2
ـ ما الهدف الذي تسعى إليه ؟
ـ لست أنا من يخبرك به. أنا، يا صديقي لم تعد الكلمات تصل  ذروتها، إلا واراها  تأخذني إلى البعيد. فأنا لم اعد ابحث عن السعادة كي أجدها، ولم اتركها كي تتوارى، فانا سعيد بأنني ذاهب إليها، مثلما هي معي أبدا ً..!
ـ لكن لا احد يعرف ذلك؟
ـ أذهب وأسأل السعادة: من أنت؟ أنا لا اعرف إجابتها، طبعا ً، أنا اعرف أنني غير آسف على ما مضى، ما دمت كلما توغلت في الدرب، أجده يدعوني إليه.
[9] سعادة/3
ـ أخبرني، هل عثرت على ما تريد ..؟
ـ تقصد، هل متُ..؟
ـ بل أراك غير مكترث حتى لموتك.
ـ لأنه وحده يمتلك الإجابة التي لم انشغل بها.
ـ بماذا انشغلت إذا ً ..؟
ـ لم انشغل بالحياة، كما تظن، أكثر من انشغالي بهذا الذي لم يدعني اكف عنه: فانا أينما ذهبت أجد أنني تقدمت خطوة، وكلما تقدمت خطوة، أرى إنها تكمل المسافة التي لا أنا ـ ولا أنت ـ باستطاعته ان يضع خاتمة لها.
[10] سعادة/4
ـ هل حقا ً الأقوى وحده المنتصر..؟
ـ لا..
ـ هل هو الخاسر..؟
ـ أنا لم اقل ذلك..
ـ من المنتصر، في نهاية المطاف، إذا ً..؟
ـ مادام الطريق ابعد من سالكيه، فلا خاسر، ولا منتصر، لأن الطريق هو، يا صديقي إن لم تره، رآك، وإن لم يحصل ذلك، فأنت تكون خسرتك حياتك، وخسرت خسائرك أيضا ً، وما نصرك إلا هو الجنازة التي عليك ان تمشي فيها.
[11] سعادة/ 5
ـ ألا يخفق قلبك لأحد ..؟
ـ ألا يكفي انه لم يتوقف عن الخفقان!
[12] ألوان
   لم يعثر على جدار له لون مختلف عن الآخر، فالسماء، هي الأخرى، رآها مثل الأزقة، والأشجار، والناس، لها اللون ذاته: ومضات تملأ الفضاء. فارتبك، ولم يصدق، فسأل احد المارة:
ـ هل حقا ً لا يوجد إلا هذا اللون المشع بهذه الومضات البلورية، في مدينتكم البيضاء..؟
   ابتسم الآخر، وسأله:
ـ من أين جئت..؟
ـ من بلاد الشمس.
ـ آ ...ه، ما أسعدك!
ـ عن أية سعادة تتحدث..؟
ـ عن السعادة التي تركتها وجئت تبحث عن سواها!
وأضاف الآخر:
ـ حدق جيدا ً...، لأنك سترى ما لا يحصى من الألوان، أمامك، وخلفك، وفوقك، وتحت بصرك، إن أحصيتها، فلا نهاية لعددها.
    لم يخبره انه أمضى سنوات طويلة في بلاد الشمس، حتى غدا، كلما نظر، لا يرى إلا الرمال، والتراب، والرماد، والآن ـ قال للآخر بصوت خفيض ـ: على أن أرى اللون الذي توجد فيه الألوان كافة، قبل ان افقد بصري، كي أعود ولا أرى إلا الرمال والتراب والرماد..!
[13] رحلة
      بانتظار الطائرة التي ستعيده إلى المدينة التي قدم منها، كان يتابع، بشرود، هبوط الطائرات، وإقلاعها، ليقول لنفسه: ليس لدي ّ ما آسف عليه، عدا إنها كانت رحلة وجيزة. 

ليست هناك تعليقات: