Today at 9:43 AM
في الذكرى الكونية لرحيل جدنا الأكبر حمورابي
كاظم فنجان الحمامي
كلما راجعنا النصوص القانونية المنسية لمسلة جدنا الأكبر (حمورابي) نصاب بالذهول والدهشة, وبخاصة في هذه المرحلة التاريخية القلقة, التي نحس فيها بالحاجة إلى الاحتكام إلى العقل والمنطق, والتسلح بهما لتجاوز العقبات الكثيرة, التي تمخضت عن خلافاتنا الداخلية المتجددة, والتي ينبغي أن نبحث لها عن الحلول الناجعة في ظل الدساتير والقواعد والسنن والشرائع السماوية السمحاء.
بيد أن أصحاب العقول المتحجرة, والعاهات الدماغية المستديمة, والنفوس المريضة, عادوا في سلوكهم المنحرف إلى الوراء, فنبذ فريق منهم كتاب الله وراء ظهورهم, حتى استقرت بوصلتهم على شرائع الغاب, بما عُرف عنها من جشع ولؤم وشراهة وأنانية ورعونة ووحشية, فالغاية عندهم تبرر الوسيلة, والسمكة الكبيرة تأكل السمكة الصغيرة, والبقاء للأقوى والأشرس والأعنف والأكثر فتكا وقسوة.
لقد أصبح العمل السياسي يجري على قدم وساق بقاعدة (انصر أخاك ظالما أو مظلوما), وربما سنكون بأفضل الأحوال لو عدنا إلى تطبيقات الأعراف والشرائع القديمة, التي ورثناها عن أجدادنا البابليين والسومريين والأكديين والكلدانيين والآشوريين, الذين أناروا الطريق للناس منذ انبثاق فجر السلالات البشرية في ربوع الميزوبوتاميا, فلو أخذنا شريعة جدنا الأكبر (حمورابي), التي ظهرت إلى الوجود في أواخر الألف الثاني قبل الميلاد, لوجدنا أنها تضمنت أحكاما عادلة ومنصفة, واستحقت أن تكون انصع المحطات الإنسانية المعنية بحقوق البشر عبر العصور القديمة وحتى يومنا هذا, وهي التي وضعت الأسس الأولى لمبادئ الحرية والمساواة بين أبناء الشعب من دون استثناء, وأنزلت اشد العقوبات بمن سرق قوت غيره ولم يعترف بسرقته, أو أكل طعام غيره ولم يعترف بذلك, أو استخدم القوة المفرطة, واغتصبت يده ما ليس له, أو نظر نظرة رضا إلى مواطن الشر والظلم, أو بدل الوزن الكبير بالوزن الصغير, وتخطى حدود الأعراف والنظم, ونقض العهود والمواثيق.
تقول إحدى المواد التشريعية في مسلة (حمورابي): ((إذا حكم قاض في قضية, وأصدر حكمه, وكتبه, وتبين فيما بعد أن حكمه كان خاطئاً, وأنه هو المتسبب في ذلك الخطأ, فإنه يدفع ضعف الغرامة, التي فرضها في حكمه بمقدار (12) مرة, ويحرم من ممارسة عمله كقاض)), وربما ستصابون مثلي بالدهشة إذا علمتم أن قوانين (حمورابي) حققت قبل أربعة آلاف سنة تقدما هائلا في تحديد مسئولية الدولة عن الأضرار, التي تصيب مواطنيها, فقد نصت المادة (23) على أن: ((من وقع ضحية السرقة في حالة عدم ضبط الجاني, ولم يستطع استرداد المسروقات, يعوض من قبل أهل المدينة والحاكم, الذي وقعت السرقة على أرضه)),
ولعمري أن هذا النص وحده يعد انجازاً رائعاً ينطوي على قدر كبير من العدالة الاجتماعية, وجاء في نص المادة (250) الحكم التالي: ((إذا نطح ثور رجلاً ما وأماته, فان هذا الحادث لا يستوجب التعويض)), بمعنى أن: (جناية العجماء جِبار), وتقول المادة (195): ((إذا ضرب ولد والده فعليهم أن يقطعوا يد الولد العاق لوالده)). بينما تناولت المواد (197) إلى (200) مواضيع القصاص والمساواة بين الناس, فالعين بالعين (عند حمورابي) والسن بالسن. .
إذا كانت نصوص شريعة (حمورابي) الوثنية البالية العتيقة, الضاربة في عمق التاريخ القديم, أول من أكدت على حقوق الناس, وأول من أرست قواعد العدل والحرية والمساواة, ووفرت الحياة الكريمة لأبناء الرافدين ليدوم عزهم وقوتهم وانتصاراتهم, ووفرت لهم الأمن والأمان والاستقرار, وكانت هي الأطر التشريعية التي صانت صورة المجد والشموخ والرقي في بابل, وسومر, ولكش, ولارسا, وأور, وكيش, وأكد, وكارخينا, والوركاء, وهي التي أضاءت الوجه الحضاري في ربوع الميزوبوتاميا لقرون وقرون على مدى العصور الذهبية التليدة, وإذا كانت هذه هي سنن وشرائع أجدادنا عام 2011 قبل الميلاد, فما الذي يمنعنا من إنزال القصاص العادل بالفاسدين والمخربين والمجرمين والمزورين والمحتالين والغشاشين والمرتشين, من الذين طغوا في البلاد, وأكثروا فيها الفساد, عام 2011 بعد الميلاد ؟. . .
في الذكرى الكونية لرحيل جدنا الأكبر حمورابي
كاظم فنجان الحمامي
كلما راجعنا النصوص القانونية المنسية لمسلة جدنا الأكبر (حمورابي) نصاب بالذهول والدهشة, وبخاصة في هذه المرحلة التاريخية القلقة, التي نحس فيها بالحاجة إلى الاحتكام إلى العقل والمنطق, والتسلح بهما لتجاوز العقبات الكثيرة, التي تمخضت عن خلافاتنا الداخلية المتجددة, والتي ينبغي أن نبحث لها عن الحلول الناجعة في ظل الدساتير والقواعد والسنن والشرائع السماوية السمحاء.
بيد أن أصحاب العقول المتحجرة, والعاهات الدماغية المستديمة, والنفوس المريضة, عادوا في سلوكهم المنحرف إلى الوراء, فنبذ فريق منهم كتاب الله وراء ظهورهم, حتى استقرت بوصلتهم على شرائع الغاب, بما عُرف عنها من جشع ولؤم وشراهة وأنانية ورعونة ووحشية, فالغاية عندهم تبرر الوسيلة, والسمكة الكبيرة تأكل السمكة الصغيرة, والبقاء للأقوى والأشرس والأعنف والأكثر فتكا وقسوة.
لقد أصبح العمل السياسي يجري على قدم وساق بقاعدة (انصر أخاك ظالما أو مظلوما), وربما سنكون بأفضل الأحوال لو عدنا إلى تطبيقات الأعراف والشرائع القديمة, التي ورثناها عن أجدادنا البابليين والسومريين والأكديين والكلدانيين والآشوريين, الذين أناروا الطريق للناس منذ انبثاق فجر السلالات البشرية في ربوع الميزوبوتاميا, فلو أخذنا شريعة جدنا الأكبر (حمورابي), التي ظهرت إلى الوجود في أواخر الألف الثاني قبل الميلاد, لوجدنا أنها تضمنت أحكاما عادلة ومنصفة, واستحقت أن تكون انصع المحطات الإنسانية المعنية بحقوق البشر عبر العصور القديمة وحتى يومنا هذا, وهي التي وضعت الأسس الأولى لمبادئ الحرية والمساواة بين أبناء الشعب من دون استثناء, وأنزلت اشد العقوبات بمن سرق قوت غيره ولم يعترف بسرقته, أو أكل طعام غيره ولم يعترف بذلك, أو استخدم القوة المفرطة, واغتصبت يده ما ليس له, أو نظر نظرة رضا إلى مواطن الشر والظلم, أو بدل الوزن الكبير بالوزن الصغير, وتخطى حدود الأعراف والنظم, ونقض العهود والمواثيق.
تقول إحدى المواد التشريعية في مسلة (حمورابي): ((إذا حكم قاض في قضية, وأصدر حكمه, وكتبه, وتبين فيما بعد أن حكمه كان خاطئاً, وأنه هو المتسبب في ذلك الخطأ, فإنه يدفع ضعف الغرامة, التي فرضها في حكمه بمقدار (12) مرة, ويحرم من ممارسة عمله كقاض)), وربما ستصابون مثلي بالدهشة إذا علمتم أن قوانين (حمورابي) حققت قبل أربعة آلاف سنة تقدما هائلا في تحديد مسئولية الدولة عن الأضرار, التي تصيب مواطنيها, فقد نصت المادة (23) على أن: ((من وقع ضحية السرقة في حالة عدم ضبط الجاني, ولم يستطع استرداد المسروقات, يعوض من قبل أهل المدينة والحاكم, الذي وقعت السرقة على أرضه)),
ولعمري أن هذا النص وحده يعد انجازاً رائعاً ينطوي على قدر كبير من العدالة الاجتماعية, وجاء في نص المادة (250) الحكم التالي: ((إذا نطح ثور رجلاً ما وأماته, فان هذا الحادث لا يستوجب التعويض)), بمعنى أن: (جناية العجماء جِبار), وتقول المادة (195): ((إذا ضرب ولد والده فعليهم أن يقطعوا يد الولد العاق لوالده)). بينما تناولت المواد (197) إلى (200) مواضيع القصاص والمساواة بين الناس, فالعين بالعين (عند حمورابي) والسن بالسن. .
إذا كانت نصوص شريعة (حمورابي) الوثنية البالية العتيقة, الضاربة في عمق التاريخ القديم, أول من أكدت على حقوق الناس, وأول من أرست قواعد العدل والحرية والمساواة, ووفرت الحياة الكريمة لأبناء الرافدين ليدوم عزهم وقوتهم وانتصاراتهم, ووفرت لهم الأمن والأمان والاستقرار, وكانت هي الأطر التشريعية التي صانت صورة المجد والشموخ والرقي في بابل, وسومر, ولكش, ولارسا, وأور, وكيش, وأكد, وكارخينا, والوركاء, وهي التي أضاءت الوجه الحضاري في ربوع الميزوبوتاميا لقرون وقرون على مدى العصور الذهبية التليدة, وإذا كانت هذه هي سنن وشرائع أجدادنا عام 2011 قبل الميلاد, فما الذي يمنعنا من إنزال القصاص العادل بالفاسدين والمخربين والمجرمين والمزورين والمحتالين والغشاشين والمرتشين, من الذين طغوا في البلاد, وأكثروا فيها الفساد, عام 2011 بعد الميلاد ؟. . .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق