قصة قصيرة
دعيني اقبل سيفك
د. بلقيس الدوسكي
امرأة جريئة ورثت الكبرياء،
والفروسية، والصلابة عن جدها، ووالدها، وأخوتها الثلاثة الذين فتك بهم الغدر. لقد
كان والدها رجلا ً فارسا ً هماما ً يخشاه أقوى الأقوياء، وأشجع الشجعان. كان أكرم
من جميع الكرماء، لكن الزمن ...، الزمن هو
من سلبه قوته، وأقعده، وتركه أسير البيت.
ـ أبي ...، من يتطاول عليك، أو يفكر الإساءة إلى شيخوختك، ليأتي إلي ّ
ويبارزني، فقسما ً بالله سأجعل رأسه كرة يلعب بها صبيان قريتنا.
ـ اسمعي يا ابنتي الشجاعة، أنا أكرة منظر الرؤوس التي تتطاير عن أجسادها،
فانا أحب الأيدي البيضاء وهي تتصافح وتتبادل الورود، والحناء. فقد كان هذا هو شعاري حتى عندما كنت أباغت عدوي
وأنا أعيد له فرسه، وسيفه، كي يعود سالما ً إلى بيته، والى ذويه.
ـ لكن بعضهم، الآن، يحاول ان يستغل شيخوختك وضعفك ليذلنا ويسرق إبلنا ويطفئ
نار خيمتنا.
ـ من لديه مثل هذه النوايا السيئة، ليأتي يا ابنتي..
ـ ليأتي من يشاء، فانا أتحرق غضبا ً لمجيئه، لأن سيفي لن يبغى في غمده.
ـ ليكن سيفك أكثر رحمة يا ابنتي العزيزة..
ـ انه سيفك يا أبي، وقد كان رحيما ً وحكيما ً...، ولكن الا ترى معي، ان
للسيف غضبته؟!
ـ نعم، ولكن عندما لا يبقى في الساحة غير فراره.
في المساء، جاء ثلاثة فرسان
ملثمين، صاح احدهم:
ـ ليخرج إلينا من في الدار...، ليقابلنا من يتمنى الموت!
فخرجت إليهم مروة، ابنة الشيخ
العليل، صارخة:
ـ أهلا ً بمن سأخمد أنفاسهم الشريرة.
أجابها احدهم بشيء من السخرية:
ـ الرجال لا يواجههم إلا الرجال!
ـ للنساء عزيمة لا يمتلكها الكثير من الرجال، وان سيفي يتحرق غيضا ً لثلم
سيوفكم وعقر خيولكم، والإطاحة برؤوسكم أيها اللصوص الأذلاء، الجناة، السفهاء. يا
من خرجتم على شرائع السماء وأعراف الأرض.
وبعد نزال لم يدم أكثر من نصف
ساعة استطاعت مروة ان تجردهم من سيوفهم، حتى أصبحوا أمامها أشبه بالرعاديد الذين
خارت قواهم وباتوا يستحقون العطف والشفقة، بعد ان أصابهم الذعر، والخوف الشديدين.
فهربوا وهم يبحثون عن خيولهم التي ولت الأدبار هاربة قبلهم. ثم عادت مروة إلى
والدها لتسأله:
ـ والآن يا أبتي ماذا تقول...؟
ـ أعطني سيفك كي اقبله!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق