بحث هذه المدونة الإلكترونية

مرات مشاهدة الصفحة في الشهر الماضي

الاثنين، 14 أبريل 2014

جلسة نقدية تشكيلية استذكارية عن الفنان رافع الناصري .. أحمد حسين -

جلسة نقدية تشكيلية استذكارية
عن الفنان رافع الناصري  ..
  أحمد حسين
   


      أقامت صالة نخلة للفنون التشكيلة وبرعاية وزارة الثقافة العراقية ضمن فعاليات بغداد عاصمة الثقافة العربية ، جلسة نقدية حوارية حول الفنان العراقي الراحل رافع الناصري وتجربته الفنية التي امتدت نصف قرن وأكثر ، في صباح يوم الثلاثاء المصادف 28 كانون الثاني من عام 2014 .. حيث قدمت في هذه الجلسة ثلاثة أوراق نقدية : الأولى كانت للفنان سالم الدباغ تحت عنوان (رافع الناصري الشرق البعيد والغرب) والورقة النقدية الأخرى للفنان والناقد التشكيلي عادل كامل والتي جاءت تحت عنوان (رافع الناصري ..الدهشة ولغزها) فيما جاءت الورقة النقدية الثالثة للفنان والناقد التشكيلي الدكتور شوقي الموسوي تحت عنوان (رافع الناصري .. تخصيب الذاكرة بين التجريد والتجريب) ... وقد تضمنت الجلسة بعض المداخلات والحوارات وبعض الاستذكارات عن الفنان .
     حيث ابتدأ الجلسة النقدية الفنان سالم الدباغ زميل الفنان الراحل قائلا : ((ان رافع الناصري قد مزج حضارة الشرق بالغرب بعد صهرها في بوتقة واحدة ليخرج اسلوباً واتجاها معاصرا في الشرق الاوسط وذلك بالاستفادة من المفردات التراثية والثقافية في بغداد مثل الحرف العربي .. مضيفا الى ان الفنان بدأ بالتجريد وانتهى به وان الفنان رافع الناصري كان أول من أسس فرع الكرافيك في العراق في معهد الفنون الجميلة عام 1974 والمفروض ان يكافىء الفنان بأن يتم تسمية قاعة الكرافيك في المعهد باسمه تثميناً ووفاءاً وتقديراً للفنان الراحل وايضا ان الراحل كان مدرساً ومعلما ناجحاً ورائعاً وفناناً كبيراً أضاف لحركة التشكيل في العراق الكثير من الإبداع .. لايمكن لنا ان نختصر سيرة الفنان رافع الناصري بجلسة واحدة لانها لاتكفي ...))
     فيما أكد الفنان والناقد التشكيلي عادل كامل في ورقته النقدية قائلاً : (( هو الآخر ، بدل ان يخفي لغز ولعه بالعناصر – التراب والماء والهواء والنار- ويحفر في مناطقها النائية كما فعل اسلافه سكان وادي الرافدين ، ومن بين عدد قليل من الأساتذة ، لم يفرط بقانون ان الإنسان يولد منفياً وعليه اما ان يغادره أو يتآلف معه أو يسكنه .. رافع الناصري اختار الاختيار الأصعب : بناء المنفى ولكن بمعنى الفردوس! فالفنان قاوم موته (في المنفى التي يولد الإنسان فيها قسراً) بأختيار براءة – جمالياً- جسدها في الفن ، فلا مأساة ولا رداءة ولا زوائد شغلت نصوصه الفنية ، لكن وهنا تكمن ذروة التجربة: الدهشة لان الزمن في الأخير  يعيد المسافة مثلما لا يكف المسافر عن تخطي الترات .. لقد عمل الفنان ببناء نصوصه وحدها ليست بحاجة الى المزيد من الشرح ، انها تأخذنا للسفر أبعد منها الى عناصرها والى محركاتها مع إضافة لايمكن إغفالها ألا وهي إنها لم تغادر وحدتها النائية (دينامية الولادة) فقد كرس رافع الناصري حياته للفن في المدن التي سكنها وسكنته (بغداد وعمان والمنامة) كي يقول : كان عليّ ان أروي –من غير كلمات- الجذر الأعمق للدهشة : ان براءة ما ربما أشد قسوة من الحياة ذاتها عليها الا تغيب)) .
     في حين كانت الورقة الثالثة للفنان والناقد التشكيلي الدكتور شوقي الموسوي قائلاً: ((ثمة نصوص تشكيلية جديدة في الحقل البصري العراقي ، تأسست على بنى تحتية عميقة فأصبحت بمثابة بنى فوقية تمتلك حضورها وجمالياتها وديمومتها بفعل جماليات التخصيب التي أعادت صياغة المرئيات داخل جوهرها وكأن الفنان العراقي قد اخترق موجوداته فسكن فيها . ففي التشكيل المعاصر في العراق وجد التخصيب حضوراً  له من خلال إعادة بناء النص بالنص نفسه ، ليصير جسداً واحداً ... فالفنان العراقي ماقبل وبعد الحروب المتكررة على البلاد ، قد أخرج مرئياته من حالة التشيؤ إلى حالة جديدة من حالات التناسل المعرفي والثقافي والجمالي مهتما بتخصيب أفكاره لصالح إنتاج حياة جديدة لها بفعل التعشيق بين الذاتي والمرئي باتجاه امتدادات بلا حافات .. وماتجارب الفنان رافع الناصري إلا دليلاً  وتأكيداً على تبني موضوعة التخصيب التي تنتج حياة ثانية للنص التشكيلي المفعم بجماليات التحديث والانتقاء والتجريب .. فتتمظهر أشكاله الجديدة التي أسطرة الواقع المحيط متمرحلة من الطبيعي إلى المجرد عبر تحولات الأسلوب المحتفل بالتصميم والتسطيح والتختيم والتركيب والتلصيق ، فتسهم في حضور ذاكرة البكر ضمن فضاءات مفتوحة تقبل التأويل وتحتفل بالتدويل والتخصيب .
     ان مسيرة الفنان الناصري زاخرة بالإبداع وفريدة بالطروحات كمثيلاتها لدى رواد الفن (جواد سليم – فائق حسن – شاكر حسن – سعد شاكر – محمد غني حكمت – نوري الراوي ..) ؛ حيث احتفلت تجارب الفنان بالكثير من الأفكار والتحولات والانزياحات وتداعيات الأمس عبر ثلاث مراحل ابتداءاً بمرحلته التأسيسية في تجربته الأولى في الصين عام 1959 ، المتمحورة حول جماليات التسطيح والتعبير التي جعلت من الفنان جزءاً من الطبيعة ومروراً بمرحلة القطيعة مع الشكل الطبيعي في تجربته في البرتغال عام 1967 التي احتفت بطاقات الحرف العربي وجماليات مدرسة بغداد للتصوير الإسلامي ، باتجاه هندسة المرئيات وصولاً الى تجاربه في السبعينيات في أوربا ومرحلة((الأفق)) وجمالياته الكونية والروحانية منتهياً بتجاربه الأخيرة عربياً التي أعلنت بيانها في تلاشي الأفق مسلطةً الضوء على تداخل الثنائيات وجعلها بجسد واحد بحثاً عن الخلاص في التصوف ..      ان تجربة الفنان رافع الناصري تعد من التجارب الفريدة والمميزة المتواشجة مع الكون واللون والصوت والضوء والصورة تمنحنا حياة وعطاء وتواصل مابعد الرحيل .
وفي ختام الجلسة النقدية أضيفت بعض المداخلات والحوارات من قبل السادة الحضور عن سيرة الفنان الفنية والاجتماعية والاكاديمية .


ليست هناك تعليقات: