قصة قصيرة
لن أكون الرقم (9)
د.بلقيس الدوسكي
جميع الرسائل التي وصلتني منه كانت محض ثرثرة دوّنت فوق الورق. ولم يتسرب منها سطر واحد إلى قلبي. كانت عبارات معدة سلفا ً تخلو من الترابط. بل كأنها هذيان إنسان محموم. ولكن السؤال ليس ها، بل ما علاقة هذه المرأة التي كانت تقوم بنقل الرسائل إلي ّ؟ هل هي أخته أم احد أقاربه..؟ على ان اسألها في المرة القادمة، كي انتهي من هذه الشكوك.
***
ـ لا اعرف يا عزيزتي لماذا لا تجيبي على رسائله؟
ـ لم اقرأ بعد.
ـ أكثر من عشر رسائل ولم تقرأي واحدة منها..؟
ـ سأقرأ ها عندما تسنح لي الفرصة، ولكن لدي ّ سؤال أود ان اعرف الرد عليه..
ـ تفضلي.
ـ ما هي علاقتك بهذا الرجل؟
ـ أنا إحدى صديقاته!
ـ واحدة منهن؟
ـ يبدو انه كثير الصديقات...؟ فهل أنت المسؤولة عن إيصال الرسائل إليهن..؟
ـ انه لا يثق بغيري!
ـ وما هو عملك تحديدا ً..؟
ـ لا عمل لدي ّ...، فانا تعرفت عليه عندما رقصت في إحدى حفلات أقاربي وكان هو من المدعوين، فأعجب بي، ثم توطدت علاقتي به.
ـ ولماذا لم يتزوجك..؟
ـ لقد جعلني محض صديقة.
ـ صديقة أم عشيقة...؟
ـ اترك الجواب لك ِ.
***
مسكينة هذه المرأة، رقصتها البريئة أودت بها إلى هذا المصير، واعتقد إنها أصبحت عشيقة له، وجعل منها وسيلة لاصطياد الأخريات، وخاصة المراهقات منهن، ولكن أين راني وكيف عرف عنواني؟ ولماذا كل هذه الرسائل؟ هل يريد ان يضمني إلى عشيقاته؟ فالرجل لا يعرف انه يفكر في المستحيل، مما دفعني كي أقابله واعرف المزيد عنه.
***
ـ كنت أتوقع مجيئك في هذا اليوم.
ـ اعتذر عن سبب انقطاعي، واليك هذه الرسالة.
ـ أين هو...، وماذا يعمل؟
ـ انه صاحب معمل لخياطة الفساتين، ولديه امرأة مثقفة تشرف على تصميم الأزياء الحديثة.
ـ وهل هو متزوج؟
ـ من يملك هذا العدد من العشيقات كيف يتزوج...؟
ـ كلام جريء وصريح. شكرا ً يا عشيقته الحلوة!
ـ هذا هو قدري!
ـ حسنا ً، أريد ان أقابله، فماذا تقولين..؟
ـ تعالي معي، سيفرح كثيرا ً بهذا اللقاء.
ـ إذا ً، دعيني أهيأ نفسي.
***
ـ أهلا أهلا ً، نورتي المكان، ما أسعدني بهذه الزيارة.
ـ شكرا ً.
ـ المعمل كله في خدمتك وتحت تصرفك.
ـ شكرا ً لهذا الكرم الجميل!
***
يا لها من امرأة رائعة الجمال، ولكن كيف اقتنصها...؟ ربما سيطردنا جميعا ً ويحتفظ بها كأجمل عشيقة له في الدنيا. إنها تحفة ثمينة، نادرة، ولا نستطيع ان ننافسها من حيث الرشاقة والأناقة والجمال.
***
ـ بصراحة ...، منذ اليوم الذي رأيتك فيه والى الآن أنا لا أفكر إلا بك ِ!
ـ أين رأيتني..؟
ـ في محل احد أصدقائي الصاغة.
ـ وكيف عرفت عنواني...؟
ـ كنت أقود سيارتي خلف سيارتك، وعرفت العنوان.
ـ ولماذا تفكر في ّ..؟
ـ من باب الإعجاب.
ـ لكن رسائلك تنفي هذا تماما ً..
ـ إذا ...، ليكن الإعجاب حبا ً عنيفا ً.
ـ بصفتي صديقة أم بصفتي عشيقة..؟
ـ اترك لك ِالاختيار، رغم أنني أفضل العشق.
ـ لكن لديك عشيقات كثيرات..؟
ـ سأطردهن جميعا ً من أجلك.
ـ أرى إنهن ينظرن إلي ّ بإعجاب واستغراب.
ـ لأنك تحفة نادرة وآية من آيات الجمال، الأمر الذي يجعلهن ينظرن إليك بدافع الغيرة والحسد.
ـ مسكينات، لكل واحدة منهن ظروفها.
ـ كنت أتمنى ان تردي على رسائلي.
ـ بل جئت إليك برسائلك كلها!
***
أما أنا فلن أكون العشيقة رقم (9). فانا امرأة واعية ومتحررة من الطيش، والابتذال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق