الجمعة، 11 أبريل 2014

قصص قصيرة جداً-عادل كامل

قصص قصيرة جداً


عادل كامل


مقدمة:
قال الجنيد:
     " فقد حكي عن الجنيد انه رأى رجلا ً مصلوبا ً وقد قطعت يداه ورجلاه ولسانه. وعندما استفسر عن سبب ذلك قيل له كان ديدنه السرقة فقطعت يده في السرقة الأولى والأخرى في الثانية، فثابر على السرقة برجليه فقطعتا على التوالي، فاخذ يسرق بلسانه فقطع لسانه، واستمر بالسرقة إلى ان آل به القضاء إلى القتل! آنذاك اقترب منه وقّبله، فقيل له:
ـ تقبل جسد لص مصلوب؟ّ!
ـ إنما أفعل ذلك لثباته!"
وقال الجنيد أيضا ً: " الصادق يتقلب في اليوم أربعين مرة والمرائي يثبت على حالة واحدة أربعين سنة!"
وقال ألنفرّي: " كل جزيئة في الكون موقف"
وقال محي الدين بن عربي: "لا يؤاخذ الجاهل بجهل، فإن جهله له وجه في العلم" وقال أيضا ً:" لا يصح الترادف في العالم، لأن الترادف تكرار وليس في الوجود تكرار"

وقال أبو علي الدقاق: " الإرادة لوعة في الفؤاد، ولدغة في القلب، وغرام في الضمير، وانزعاج في الباطن،
[14] اختيار
 ـ ماذا تريد ان تعرف..؟ استدرك وقال لنفسه: بل كان عليك ان تسأل نفسك: ماذا كان عليك ان لا تعرفه! متندرا ً أضاف: وهل كان لدي ّ قدرة ان اختار احدهما..؟ 
[15] غياب
    " لو لم تأت، ماذا كان سيحدث؟ ولو غادرت، ما الذي كان سيتغير..؟ آه، عندما تكون النهاية قد وضعت كي لا تكون لها إلا هذه المقدمات: تغادر، كي تأتي، وتأتي كي تغادر. إنها دوره شبيهة بالشمس، تشع، وتشع، وتشع كي تبلغ ذروتها، ولكن ليس إلا بالقانون الذي حدد لك اليوم الذي تغادر فيه، حيث المسافة التي لا خاتمة لها، لم تُدشن بعد، وأحيانا ً: لا تعرف انك غادرتها...."
[16] ومضات
  هنا، بجواري، فقراء بلون اللوز، والتين، والرمان، مثلما، هناك، في مدينتي، فقراء بلون التبن، والرمال، والرماد، آ ....ه، أيها اللصوص، لا جدوى من الحديث عن مجد الذهب، لأن أكثر المعادن صلابة، مثل جميع الثروات، هي الأخرى، تتوارى، كما لا احد يرى إلا ومضات الأثير.
[17] رؤية
ـ لا تدعني أراك. ولم يضف. كانت الرصاصة قد اخترقت جسده، واستقرت في مكان قاتل. لكنه كان لا يرد ان يعرف، وهو في مدينة نائية، من يكون القاتل، مع انه، دار بخلده، لم يمض حياته إلا بمحاذاة الجدران، منددا ً بدعاة العصبية، والعنف. إلا ان الآخر اقترب منه، وقال: أنا أريدك ان تعرفني، وتخبر إلهك باسمي!  فخطر بباله؛ هل ثمة ذنب يستوجب هذا الفعل؟ تاركا ً جسده يتدحرج فوق العشب، مبتعدا ً، كي لا تبقى ذكرى ما للأصوات ترن في الظلمات.
[18] محو
ـ كأنك تتحدث عن عداء متجّذر، لا أمل من استئصاله...، يكمن....، في الإنسان؟
أجاب صديقه:
ـ بل أتكلم عن ما هو ابعد من هذا الذي توقفت عنده. وأضاف بعد لحظة صمت:
ـ ليس عن الأمل، بل عن المحو. لأن الأول يقود إلى الأسى، فيما المحو، يا صديقي، يدع الدرب يذهب ابعد منا.
[19] صخرة
   لم يرفع من الساحل إلا صخرة بيضاء بدت له كبذرة جوز، أو حبة لوز، ثم أعادها إلى البحر. كان المطر يسقط بغزارة، والريح تعصف بشدة، عندما وجد أصابعه تبحث عن ثمرة الجوز، التي كانت محض صخرة بيضاء، كي يدفنها في رمال الساحل، لكن الأمواج جرفتها، فتوارت. دار بخلده، إنها لن تموت، لأنها ستحفر جذورها في القاع. وردد مع نفسه: إنها ليست صخرة، بل ما هي إلا احد أسرار هذا البحر.
[20] شقاء
   شاهد بضع فتيات يقمن بطلاء الجدران. كنّ يعملن بشغف، وهّن يعدن للبياض لونه الصافي، إنما لم يعد يرى لونا ً واحدا ً، بل، مثل كل فتاة، مجموعة متنوعة من الألوان، كباقة ورد. فانشغل يراقب إشعاعات ملأت المساحات أبعاد كلما حاول سبر أغوارها رآها تمنحه دهشة اكبر.
    إحداهن اقتربت منه، وخاطبته:
ـ منذ زمان وأنت تراقبنا.
ـ لا، لسن أنا من كان يراقب، بل هذا البياض بهرني حتى انه غدا يراقبني! فهو الذي جرجرني إليه، وأنا الآن أسيره!
ـ من تكون، أيها الحكيم..؟
ـ آ ......، لو كنت اعرف من أنا، لكنت اقل شقاء ً بهذا البياض..!
[21] جذور
   رأى طفلة تغرق في البحر، ذهب مهرولا ً باتجاهها وأعادها إلى الساحل. أقترب الناس منه:
ـ من أنت كي تمشي فوق الماء وتنقذ الغرقى ..؟
ـ أنا، أنا من البلاد التي كلما أشعلوا النيران فيها، وكلموا أوغلوا في سفك دماء أبنائها، تمد جذورها بعيدا ً في المصائر التي ستلد بعدنا.نيران تتأجج في القلوب"

ليست هناك تعليقات: