الجمعة، 25 نوفمبر 2011

سقوط شريف وتنحي شرف-كاظم فنجان الحمامي

سقوط شريف وتنحي شرف
جريدة المستقبل العراقية 24/11/2011
كاظم فنجان الحمامي
قال الشعب المصري كلمته بعد واقعة الجمل, فسقط (صفوت) غير الشريف, وسحقته الجموع الثائرة الغاضبة في قلب ميدان التحرير. .
تسلق رجال الجيش سلم السلطة مرة أخرى في حوض النيل, وتربعوا على منصة الحكم, وكادوا أن يستحوذوا عليها, فزحف الشعب ثانية نحو ميدان التحرير, ليكمل ما تبقى من خطوات مسيرة الحرية والانعتاق, ويقف بوجه بوادر عودة الجور والظلم والاستبداد, فاستقالت حكومة (شرف), في خطوة وطنية جريئة, جاءت رداً على الدماء, التي سالت بميدان التحرير بأسلحة الأجهزة الأمنية, التي مازالت تحمل عقيدة النظام السابق ورواسبه العنترية, فعادت السلطة مؤقتا إلى ثكنات المشير (طنطاوي), وشهد الاستقرار في مصر تدهورا كبيرا في ظل الهرجلة والهرولة والمرجلة, التي تفسر تأرجح الأوضاع بين حقبة (الشريف موافي) ومرحلة (العصامي شرف), وشتان بين صفوت الشريف, وعصام عبد العزيز شرف, فالأول لم يكن شريفا, ولا نظيفا في يوم من الأيام, ولم يكن عفيفا بالمرة, والثاني هو الذي قال: (لا) في وجه من يقولون: (نعم, وحاضر يا فندم, وأمرك يا سيدي على راسي).
قدّم (شرف) استقالته الأولى قبل ثلاث سنوات, تاركاً مكتبه الفخم في وزارة النقل, بعد فاجعة قطار (قليوب), وهو نفسه الرجل الذي أطلق مفاجأته الثانية هذا الأسبوع, عندما قرر مغادرة منصب رئيس الوزراء من غير مهاترة ولا مكابرة, فلا وجه للمقارنة بين صفوت الشريف الذي كان الصندوق الأسود لأسرار مبارك, وبين الدكتور عصام وزير النقل الأسبق, ورئيس وزراء مصر منذ 3/5/2011. .
لم يكن صفوت الشريف شريفا في حياته, ولم يكن مجرد قيادي في حزب مبارك, بل كان هو القواد الكبير, الذي تمرس بسلسلة لا حصر لها من العمليات القذرة. .
بدأ حياته في ممارسة الدعارة السياسية منذ اليوم الذي عمل فيه ضمن وحدات الاستخبارات, تحت اسم حركي (موافي), فانحصرت مهمته في تجنيد الساقطات في العمليات الاستخباراتية, وهي المهنة التي أجادها, واستعان بها في نشر الرذيلة في الأوساط السياسية, للمدة التي أمضاها وزيرا للإعلام (23) عاماً, منذ بداية حكم مبارك, نال بعدها عدة ألقاب, نذكر منها: الشيطان, ومسؤول الدعارة في أروقة القصر الجمهوري, واخطر رجل في مصر, والقواد موافي. .

في حين نال الدكتور عصام شرف مرتبة الشرف في العلوم الهندسية من جامعة بوردو الامريكية في هندسة النقل عام 1984, عمل بعدها أستاذا في جامعة القاهرة, ثم انتقل للتدريس في جامعة الملك سعود, وعاد إلى مصر لينال شرف منصب أمين عام مجلس الأشغال بجامعة القاهرة, حتى صار وزيرا للنقل والمواصلات في أول حكومة شكّلها أحمد نظيف, لكنه ترك الوزارة احتجاجا على إهمال حكومته وتقاعسها عن أداء واجباتها على الوجه الأكمل, وعاد إلى الظهور على الساحة السياسية ليتبوأ منصب رئيس وزراء مصر, لكنه ما أن شعر باتساع سلطات الجيش, وأدرك الانحراف في مسار الثورة التحررية حتى بادر لتقديم استقالته مرات ومرات, لينجح في نهاية المطاف في التنحي عن السلطة, ويسحب البساط من تحت أقدام العم طنطاوي ومعسكره القلق, الذي فقد شرعيته في شهادة وفاة رسمية, كتبها ووقعها الثوار بأصواتهم الهادرة, المنددة بعودة العسكر إلى سدة الحكم. (الشعب يريد إسقاط المشير).

استشعر المصريون الخطر, فتصرفوا وكأنهم تعلموا الدرس من الشعوب المجاورة, التي مرت بالأزمات الانتقالية نفسها, وقرءوا المقررات الدراسية المستقبلية قراءات معمقة مستفيضة, فقرروا التصدي لكل الانحرافات التي قد تصادر حرياتهم, والتي ربما تعيدهم إلى الخنادق العسكرية الفولاذية. .
فهل سيصمد المشير طنطاوي لوحده في مواجهة الجموع الغفيرة, التي خرجت للمطالبة بالحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة والإنسانية في إطار حكومة مدنية منتخبة, قادرة على انتشال مصر من محنتها القديمة المعاصرة ؟؟.
الجواب سنسمعه قريبا من مكبرات الصوت في ميدان التحرير. . .

ليست هناك تعليقات: