الجمعة، 18 نوفمبر 2011
عرض كتاب-الشيخ عبد الكريم الماشطة-حامد كعيد الجبوري
عرض كتاب
الشيخ عبد الكريم الماشطة
أحد رواد التنوير في العراق
حامد كعيد الجبوري
صدر عن الدار
العربية للطباعة والنشر كتاب ( الشيخ عبد الكريم الماشطة أحد رواد التنوير في
العراق ) ، بقلم الباحث الأستاذ أحمد الناجي ، ويقع الكتاب ب 157 صفحة من الحجم
الكبير ، وبورق أبيض صقيل ، صمم الغلاف د فاخر محمد .
مقدمة الكتاب
بقلم د رشيد الخيون ، وحقيقة أن هذه المقدمة تغني القارئ عن الغاية التي توخاها
الباحث الناجي من هذا الكتاب ، يقول الدكتور خيون ( كم كان وعي شيخنا متقدما
مقاربة مع أوضاع العراق آنذاك ، الأربعينات ، أن يأخذ عالم ديني عراقي على عاتقه
مسؤولية النضال من أجل السلم ، وسط محرمات لا عد ولا حصر لها ، قد تحرمه من
الأتباع والمريدين ، وربما جعلته قائما وحيدا في محراب الصلاة ، من هنا يقاس تفوق
هذا الرجل ، وتجاوزه للمألوف والمحذور أن يقف بين شباب وشيبة ، نساء وعمال وطلبة ،
يلقي على أسماعهم الكلمات التالية : أرجو لكم من الله التوفيق في أعمالكم ، وأن
يمكنكم من خدمة أبناء النوع الإنساني عامة ، ولا بد أن تحبوا الله ، وتحبوا عباد
الله ، لأن من يحب الله يحب آثاره ، والله تعالى يباهي بكم الملائكة على معاونتكم
لإخوانكم ، واهتمامكم بردع الحروب ، وتخليص البشرية من ويلات القنابل الذرية
والهيدروجينية ) ، ويلخص الشيخ عبد الكريم الماشطة الإسلام كما يرى د رشيد الخيون
(رابطا إسلامه بالسلام وبإطلاق حمامة السلام من بين يديه في قاعة المؤتمر ) ،
وينهي الدكتور الخيون قائلا ( أجد بين عمامة عبد الكريم الماشطة والعمائم التي
تصدر فتاوى الموت وتتقدم للتحريض على الحروب ، هو الفارق بين الغرابين والحمائم
البيض ) .
قسم الباحث
أحمد الناجي كتابه لتسعة فصول ، سنأخذ من كل فصل لمحات لنضئ بها عرض هذا الكتاب
القيم .
الفصل الاول / السيرة
الذاتية :
هو عبد
الكريم بن الحاج عبد الرضا بن الحاج حسين بن الحاج محسن الماشطة ، ولد عام 1881 م
في أحد بيوتات محلة جبران زقاق ( الجياييل ) في الحلة الفيحاء .
الفصل الثاني /
في الفكر والسياسة :
كان والده من
الشخصيات الوطنية التي طالبت بالدستور ، ( وسعت الى تنظيم نفسها منذ بدايات القرن
العشرين لتحقيق ما جاء به على أرض الواقع ، وامتدت طموحاتهم الكبيرة الى إزالة
الوضع الاستبدادي القائم ، وتحسين أحوال الناس الاجتماعية والمعيشية ، وتماشيا مع
تلك التوجهات قام مجموعة من مفكري الحلة بتشكيل جمعية سرية تكون فرعا لجمعية الاتحاد
والترقي ) ، لذا نجد أن الشيخ الماشطة حسم أمره مبكرا كما يقول الباحث الناجي صوب
التحرر والتجديد ، بدأ الشيخ الماشطة تعليمه بكتاتيب الحلة وبرغبة من والده شد
رحاله الى النجف الأشرف فأكمل المقرر من دروسه في النحو والبلاغة والمنطق والفقه
وأصوله ، فحاز على ناصية وزمام أمره ، ومما يميز النجف أنها تستقبل كل الاتجاهات
المضادة والمتطابقة لدراستها وتحليلها ومنهجتها ، فتتبع الرجل الأصالة وتقصى
النظريات الفلسفية للكون والحياة ، وحين هبت رياح التجديد ارتبط بالفكر التنويري ،
ممثلا بأفكار رفاعة الطهطاوي ، وعبد الرحمن الكواكبي ، وجمال الدين الأفغاني ،
ومحمد عبده ، وكان الشيخ الماشطة أحد طلاب الحوزة الدينية المدافعون عن الدستور
متأثرا بفكر وسيرة والده ، وتطورت مداركه بعدما أدرك بوعي أهمية الجدل والتأمل في
فضاء المعرفة ، والوصول لإجابات العقل المقلقة وأفضت به الى مخاض وعي مكنه من
أجتراح جملة من متبنيات فكرية وسياسية ، وهذا ما أورده الباحث وأكد على أن الشيخ
الماشطة بقي أمينا لمنهجيته الدينية والتمسك بآراء أساتذته ، ولم يتوقف الشيخ
الماشطة عن البحث والتقصي والقراءة حتى بعد أكماله مقررات دروسه الحوزوية وامتدت
سني دراسته مستكملا لها في حلقات دراسية فقهية حلية .
الفصل الثالث /
النشاط السياسي والاجتماعي :
ما مر على
العراق عموما وعلى الحلة الفيحاء خاصة لم يكن الشيخ الماشطة ببعيد عنها ، كل خفايا
الاحتلال البريطاني 1914 – 1918 م وأحداث
معارك الشعيبه عام 1915 م ، والأحداث المروعة التي مرت بها الحلة أواخر العهد
العثماني في ( دكة عاكف ) 1916 م ، وأساليب دعم حركة الجهاد كل ذلك بلوّر حياة
وسيرة الشيخ الماشطة ، و( تبلورت صور
المشهد السياسي في ذهن الشيخ الماشطة المتابع لتفاصيل الأحداث ، لتنعكس انطباعاته
ومعها فيض مما أنغرس في أغوار الذاكرة من بذرات الخراساني والنائيني ، متناظرة مع
بصيرته الثاقبة للعديد من الأحداث المهمة المتزامنة مع تأسيس الدولة العراقية
بداية عشرينات القرن الماضي التي ساهمت بفتح نوافذ على الحياة السياسية ) ، وخاض
الشيخ الماشطة الانتخابات النيابية عام 1954 م متحالفا مع تكوينات الجبهة الوطنية
التي ضمت تحت لواءها الحزب الوطني الديمقراطي وحزب الاستقلال ، والحزب الشيوعي
العراقي وحركة أنصار السلام ، ومنظمات الطلاب والشباب ، والنقابات المهنية ،
والعمالية ، وممثلي الفلاحين ، وبسبب كل هذه النشاطات والتجمعات والمحاضرات فقد
ضيّق على الشيخ الماشطة ومما يذكر قيادته لتظاهرة انتخابية عام 1954 م ولما أرادت
قوى الأمن تفريق التظاهرة خاطبهم الماشطة ( مالكم قلقون اعتبروها زفة عرس ) ،
وتمادى الشرطة أكثر وحالوا تفريق التظاهرة وألقي القبض على قسما من منظميها وسلم
الشيخ من ذلك ولكنه أحيل لمحاكمة جزائية تطوع ( 36 ) محاميا للدفاع عنه ، وعلى
رأسهم المحامي الأستاذ ( حسين جميل ) ، و ( مظهر العزاوي ) ، و ( توفيق منير ) ، وردّ القاضي ( فريد فتيان ) الدعوى وبرأ ساحته
وعد الحاكم التدخل الأمني استفزازا للمتظاهرين ، وبعد شهرين ألقي القبض على الشيخ
وأحيل الى بغداد وبرأ أيضا ، كان الشيخ من الكتاب والصحفيين الوطنيين الذين لم
تسخر أقلامهم إلا لمصلحة شعبهم وتطلعاته ، بعد التغيير الوطني عام 1958 م نشر
الشيخ الماشطة مقالاته في كبيرات الصحف العراقية آنذاك ، ( اتحاد الشعب ) ، و( صوت
الأحرار ) .
الفصل الرابع /
مجلة العدل ومقالاتها :
أصدر
الشيخ الماشطة من مجلته ( العدل ) عددا واحدا في آذار عام 1938 م ، طبع في المطبعة
العصرية في الحلة الفيحاء ، وقد صادرته السلطة قبل توزيعه ، وألغت امتياز المجلة ،
وهنا رأي للدكتور علي جواد الطاهر الذي لم يخف مشاعر الفرح والغبطة بهذا الإصدار
الذي لم ير النور حينما سؤل فأجاب ، (
الشيخ عبد الكريم الماشطة وجه وطني جرئ
وقد أصدر مجلة باسم ( العدل ) والاسم ذو
دلالة فرحنا بها وأبهجنا ما وراء حروفها من حس انتقادي للأوضاع ، كان الشيخ ينفذ
الى غايته من عنوانات بدايات لا تبدو لها علاقة بقصده ، وكان طبيعيا أن يصادر
العدد ويمنع الشيخ من إصدار عدد ثان ) .
الفصل الخامس /
الشيخ الماشطة والصوفية :
يقول الباحث
الناجي قدم الشيخ الماشطة في سلسلة مقالاته عن الصوفية دراسة مستفيضة متطرقا الى
عناصرها وأفكارها ومفاهيمها وموروثها وتأثيرها على المفكرين المسلمين فكشف بذلك عن
ثراء معرفي وعمق فكري مكتنز لا ريب من سنين مضنية قضاها في البحث والتقصي عن
ينابيع معرفية نقلت الفكر الى حالة من الانفتاح العقلي والانطلاق بعيدا عن متاهات
الجدل الدائر لسنين طوال بين الجبر والاختيار ، والأشعرية والمعتزلة .
الفصل السادس /
حركة أنصار السلام :
للحاجة الإنسانية للسلام وتجنبا للكوارث والحروب
وهدر الطاقات فقد عقد مؤتمرا عالميا في ( بولونيا ) ، حضره المثقفون من سائر بقاع
الدنيا كرس للسلام العالمي عام 1948 م ، ومما يذكر ان شاعر العرب الأكبر محمد مهدي
الجواهري كان من الحاضرين لهذا المؤتمر العالمي ، واختير الجواهري ليكون عضو
المؤتمر الأول الذي عقد عام 1950 م ، ولم يكن الشيخ الماشطة ببعيد عن هذا المؤتمر
فقد لبى الدعوى لمناصرة ( نداء أستوكهولم ) الصادر من مؤتمر السلام العالمي في 19
/ آذار / 1950 م لتحريم القنبلة الذرية ، ولبى الدعوة أيضا شخصيات سياسية عراقية
أخرى ، ويعد الشيخ الماشطة رجل الدين الأول الذي لبى نداء السلم ووقع على بنوده
الخمسة الصادرة عن اجتماع أستوكهولم ، وبذلك يعد مطلع عام 1950 بداية تأسيس حركة
أنصار السلام في العراق ، وبعد تنامي هذه الحركة التي استقطبت وطنيِّ العراق وبدأت
الأجهزة الأمنية متابعة نشاطات هذا التجمع العالمي الجديد ، وأعتقل الكثير ممن
انتمى لهذا التجمع بذريعة عدم أجازة هذا التجمع رسميا ، ومن هؤلاء شاعر الشعب محمد
صالح بحر العلوم ، ولقد أسهم الكثير من المثقفين العراقيين بإنارة طريق هذا التجمع
من خلال القصائد التي صدح بها شاعر العرب محمد مهدي الجواهري وعبد الله كوران ،
ومما يذكره الباحث أحمد الناجي بكتابه موضوع عرضنا قصيدة ( أمي والسلام ) للمناضل ( حسن
عوينه ) ،
أماه رهط الظالمين تآمرا
ليشن حربا غادرا وتآزرا
تطوى الشباب على الشيوخ وللدم
الزاكي الطهور ترين بحرا زاخرا
والأرض تزرع بالضحايا إن
ذكت ويبدل الروض الخصيب مقابرا
الفصل السابع /
الاتهام بالشيوعية :
ربما - وهذا
رأيي الشخصي - أن الباحث الناجي لم يعطي هذا الفصل مما يستحق من تسليط ضوء ، ورأي
مبلور ، لا لكون الباحث غافلا عن خطورة هذا المبحث لأسباب كثيرة جدا ، ومن أهمها
أن من يركب موجة الدين سفاها ، ليغوي بها السذج ويعتاش على تخلفهم ، قد يتقاطع
كليا مع الشيخ الماشطة الذي أوجد لذاته فلسفة أستمدها من بطون كتب غيبت تماما
ليبقى الكم الهائل من البشر متخندقون ومتترسون وراء حجب لا يعرفون لها خلاصا ، لذا
صدرت الفتاوي التي حرمت الانتماء لأحزاب تناضل من أجل رفعة البشر وخيره ، ويجد
الدعاة الى الإسلام من هذه الشريحة الديمقراطية حراما ولا يؤمنون بها ولكنهم
يؤمنون بآلياتها التي أوصلتهم لمآرب خاصة ، وينسب للكثير من هؤلاء مقولتهم أن كانت
الديمقراطية تعني حكم الشعب فذلك خلاف التشريع الذي وكلنا به من قبل الله ، بمعنى
أدق نحن ولاة أمور الناس بتكليفنا الشرعي الإلهي ، وهذا ما أستنتج خلافه الشيخ
الماشطة ، ولكونه قريبا الى اليساريين والليبراليين والشيوعيين وحتى القوميين ،
لذا حورب هذا الشيخ الجليل لصدق سريرته مع ذاته ، ومع الله ، وأتهم بالشيوعية
لتقارب آرائه مع فكرهم .
الفصل الثامن /
آثاره :
للشيخ
الماشطة مؤلفات كثيرة مطبوعة ومخطوطة ،
ومقالات لا تحصى نشرت بالصحف العراقية ، وأهم ما يذكر في هذا الباب كتابه
الذي ذكره الأستاذ كوركيس عواد في ( معجم المؤلفين العراقيين ) ، ويؤكده الأستاذ
حميد المطبعي في ( موسوعة أعلام العراق في
القرن العشرين ) ، وعنوان كتاب الشيخ الماشطة ( الشيوعية لا تتصادم مع الدين ولا
مع القومية العربية ) ، ولا أعرف لم لا يؤيد الباحث الناجي وجود مثل هذا الكتاب ،
مستدلا على عدم وجوده بين يديه ، أو لم يسمع به من أحد غيره ، ولعمري هذا يخالف
النهج البحثي ، وإلا ما كان ( كوركيس عواد ) ، ولا ( حميد المطبعي ) يذكرون وجود
مثل هذا الكتاب ، وأقول الى الصديق الباحث الناجي ترى أيمكن أن نجد مثل هذا الكتاب
وبتلك الفترة من الحكم الشمولي ، وبعد
صدور فتاوى تقول ( الشيوعية كفر وألحاد ) ، نجد من يقرأ أو يحتفظ بهذا الكتاب ،
ومن خلال هذه المنابر الحرة أقول لابد وأن تكن هناك نسخة واحدة على الأقل موجودة
في بطون مكتباتنا البيتية العامرة ، فأدعو راجيا ومرتجيا ، ممن يملك هذا النسخة أن يحاول أن يقدمها هدية
لأي مطبعة وطنية تقدمية لأحياء تراث هذا الرجل الإنسان .
الفصل التاسع /
وفاته :
أصيب شيخنا الجليل الماشطة بمرض عجز القلب بداية عام
1959 م وغادر الى الإتحاد السوفيتي آنذاك لتلقي العلاج ، ولم يمكث طويلا في موسكو
وعاد الى مستشفيات بغداد وتوفي فيها في 3 أيلول عام 1959 م ، ونقل جثمانه الى
الحلة الفيحاء ومنها شيّع لمثواه الأخير النجف الأشرف ، وأقيمت له أكثر من مجلس
فاتحة أو أربعينية في مختلف المحافظات العراقية ، وكذا خارج العراق ( موسكو –
صوفيا – برلين – بودابست ) ، ونعاه المكتب الدائم للمجلس الوطني لأنصار السلم في
الجمهورية العراقية ببيان تحت عنوان ( ذكرى الأربعين لوفاة سماحة العلامة الكبير
الشيخ عبد الكريم الماشطة فقيد حركة السلم العراقية والعالمية ) .
رأي :
الكتاب ( الشيخ
عبد الكريم الماشطة أحد رموز التنوير في
العراق ) ،
كتاب قيم بذل
الباحث احمد الناجي لأجله وقتا مضنيا وفتح الباب واسعا للباحثين بفكر هذا الرجل –
الماشطة - ، طبع الكتاب عام 2006 م ، ومن المؤكد أن الباحث قد ورد له من أصدقائه
ملاحظات ، وإضافات جديدة ، ومعلومات تستحق أن تنشر ، ويشار لها ، أتمنى على الصديق
الباحث أعادة النظر جديا بما تمنيت عليه ، وأن يترك الدعوة التي وضعها بداية
الكتاب ، متمنيا على الباحثين والمؤرخين لينهضوا بأعباء دراسة هذا الشيخ منهجيا ،
فأنت يا صديقي أحق بالبحث المنهجي لما تمتلكه من خبرة واسعة ، وشهادة تؤهلك لخوض
هذا المضمار .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق