بحث هذه المدونة الإلكترونية

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 3 يونيو 2016

مشروع مكتبة بدون المصرية: الاستشراق كثقافة شعبية وشكل فني- أميرة العال ترجمة: عماد مبارك غانمم




مشروع مكتبة بدون المصرية:
الاستشراق كثقافة شعبية وشكل فني


أميرة العال
ترجمة: عماد مبارك غانمم


أثرت منطقة الشرق الأوسط منذ وقت طويل على الكثير من الفنانين الغربيين. الرابطة الثقافية المصرية "بدون" جمعت قرابة 1000 ملصق وفهرس وصورة وكتب طريفة ونادرة في معرض متجول يوضح كيف أن القوالب النمطية كانت حاضرة بقوة هي الأخرى في الشرق بعد عام 1945. أميرة العال في استعراض لأبرز جوانب المعرض المقام في القاهرة.

صور نمطية من ألف ليلة وليلة: روايات أوروبية رخيصة عن الشرق، موثقة من قبل مشروع مكتبة بدون.

في الغالب يعرف المرء كتب الأدب التافه من الصور الملونة على أغلفتها، التي تظهر في الغالب نساءً جميلات يرتدين ملابس قصيرة، يُنقذهن رجال مفتولي العضلات ويقبلونهن. رواية "الابن السري للشيخ" تنتمي بشكل واضح للغاية إلى نوع روايات الإثارة الرخيصة. لكن ما أن تضاف إلى هذه الرواية روايات أخرى مثل "عروس الشيخ السرية" و"عروس الشيخ العذراء" و"عشيقة الشيخ"، إضافة إلى غيرها من التحويرات الأخرى، حتى يصبح الأمر مبعثاً للدهشة والاستغراب. وفجأة لا يصبح الأمر يتعلق برواية رخيصة بسيطة بل بوسيلة من وسائل الدعاية التي لا تعمل إلا على تعزيز الصور النمطية عن الرجل "الشرقي" المتخلف وتعزيزها.

إن سلسلة روايات الشيخ التي يمكن مشاهدتها في "مشروع مكتبة بدون" Bidoun Library Project، وهي مجموعة من قرابة 1000 مطبوع، بعضها صدر في منطقة الشرق الأوسط ويسلط بعضها الآخر الضوء على هذه المنطقة. وجميع هذه الأعمال تقريباً صدر في القرن العشرين وتتناول بشكل خاص للغاية بالفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية، تلك الفترة، التي تم فيها إعادة تعريف العلاقة بين الشرق والغرب وتأثير التغيرات التاريخية.

ثقافة معاصرة في منطقة الشرق الأوسط


: تقدم مكتبة بدون في قاعة تاون هاوس للفنون كتباً فنية وثقافية ومجلات للجمهور العربي، تتناول بشكل خاص منطقة الشرق الأوسط.

أُطلق مبادرة هذا المشروع من قبل ناشري مجلة بدون الفصلية التي تعنى بالثقافة والفن. وتدعم منظمة بدون الفن المعاصر والنتاجات الثقافية في منطقة الشرق الأوسط. وإضافة إلى المجلة ينظم المحررون أيضاً معارضاً ومكتبات متجولة وبرامج مصورة وغيرها من الفعاليات الأخرى. ومكتبة بدون في القاهرة تعد أحدث مشاريعهم.

وهذه المكتبة تقدم مجموعة متنقلة منوعة من كتب ومجلات وأغان مصورة، تُعرض في الوقت الراهن في قاعة تاون هاوس للفنون Townhouse في القاهرة. وأبصرت مكتبة بدون النور في خريف 2009 في أبو ظبي. وكانت الفكرة منها تقديم كتباً ومجلات عن الفنون والثقافة لها علاقة بمنطقة الشرق الأوسط للجمهور في العالم العربي، وهذه المجلات والكتب من تلك التي يصعب أو يستحيل إطلاقاً الحصول عليها في هذه البقعة من بقاع العالم. وإضافة إلى ذلك كان هناك دافع لإنشاء أرشيفاً، يتم فيه حفظ إصدارات هذه المنطقة، التي لم تعد تطبع أو تلك الموجودة في المجموعات الخاصة فقط، ما يبقيها بعيدة عن تناول العامة من القراء.

ومن البداية كان واضحاً أن مكتبة بدون ستكون مشروعاً متغيراً على الدوام، ومجموعة متغيرة الأشكال بشكل مستمر. ولهذا السبب لا يمكن مقارنة المعرض المقام في القاهرة بمثيله في أبو ظبي أو مثيلاته في دبي وبيروت ونيويورك.

كتب نادرة وطريفة


مجموعة من الكتب الساخرة والدعائية في قاعة تاون هاوس للفنون بالقاهرة. كما يضم المعرض سلاسل مصورة وكتباً فنية والمجلة الرسمية لشركة النفط السعودية العملاقة أرامكو. ومن هذه الكتب النسخة العربية لكتاب آدولف هتلر "كفاحي".

ومنذ 2009 عرضت مكتبة بدون أشياء مختلفة للغاية، كما وثق ناشرو هذه المجلة الطفرة الفنية في منطقة الشرق الأوسط في الألفية الجديدة، وجمعوا أعمال دار الفتى العربي، وهي دار نشر مصرية كانت ممولة من قبل منظمة التحرير الفلسطينية، أصدرت في سبعينات القرن الماضي كتباً للأطفال. كما جمعوا طليعة المجلات الفنية في العالم العربي، مثل مجلة "فنون العربية"، التي كانت تصدرها في ثمانينات القرن الماضي مجموعة من المهاجرين العراقيين في العاصمة البريطانية لندن.

أما المعرض الذي أُقيم في نيويورك فكان نقطة تحول بالنسبة إلى مكتبة فنون، فقد كان يخاطب جمهوراً غربياً، كما أشار منظموه إلى التناقض الموجودة في منطقة الشرق الأوسط، الذي كان كتصميم أقوى بكثير في تقديم الغرب في القاهرة وبيروت ودمشق. جلس منظمو المعرض أمام كومبيوتراتهم وبدؤوا البحث عن مادة تتناول منطقة الشرق الأوسط، مستخدمين في ذلك مصطلحات مثل "العرب" و"إيران" و"النفط" و"1970" في محركات البحث على شبكة الإنترنت. وكانت النتيجة خليطاً من الكتب عن النقاب والعنف في الإسلام وأزمة النفط العالمية وروايات الإرهابيين وفيديو الأغنية الشرقية الأسطورية "تذكر الوقت" Remember the time، التي أداها الأمريكي مايكل جاكسون. وعلى الرغم من أن منظمو المعرض وجدوا بمصطلحات البحث هذه أكثر المعلومات انتشاراً، لكنها ليس الأكثر وثاقة.

تفسير مفتوح

نكت فاضحة عن ملالي مجانين. من بين المعروضات كتاب سيف لاينينغر عن النكات الإيرانية. لم يجر البحث وفق نموذج محدد وكان لا يجب أن تقدم المعروضات رسالة محددة، كما توضح المحررة في مجلة بدون نيجار عزيمي مضيفة بالقول: "جمعنا هذه الكتب بشكل حيادي للغاية وفق المعايير العملية. لكنها ما أن تجتمع، حتى تنتج شيئاً جديداً ومستقلاً. لكن التفسير يبقى بيد الناظر إليها".

الكثير من المعروضات، التي شوهدت في نيويورك، تم نقليها إلى القاهرة أيضاً. لكن على الرغم من ذلك فإن المعرض المقام في القاهرة يعد شيئاً مميزاً مرة أخرى، ومستقلاً في تركيبته. إذ أن هذا المعرض يقدم فكرة إنسانية منحت هذه المجموعة أهمية أكبر. كما أنها تقدم الخطاب الذي وجه إلى الجمهور في نيويورك.

في قاعة تاون هاوس للفنون بالقاهرة عُرضت سلاسل عربية مصورة وكتب فنون والمجلة الرسمية لشركة النفط السعودية العملاقة أرامكو وغيرها من الكتب التي تتناول الحجاب وكذلك نسخة من الترجمة العربية لكتاب آدولف هتلر "كفاحي". ويطمح منظمو المعرض أن يقوم الزائرون بالبحث هنا والبدء برحلة استطلاعية خاصة. وسيبقى في مكتبة تاون هاوس بشكل دائم قرابة 50 كتاباً، تم التبرع بها من قبل دور نشر الكتب الفنية في سويسرا وألمانيا، وهذا سيعمل على تلبية جزءا من الفكرة الأساسية التي انطلقت منها مكتبة بدون.

مجلة كموضوع فني

إنها إيماءة صغيرة، لكنها مع ذلك مساهمة مهمة في مدينة، أصبح من غير الممكن فيها تقريباً الحصول على مثل هذه الكتب في المكتبات العامة، فقريباً ستشد مكتبة بدون الرحال من جديد، إلى العاصمة البريطانية لندن هذه المرة. وأمنية القائمون عليها تتمثل في إمكانية استمرار تنقلها. فلسطين وليفربول والبحرين، أماكن ما تزال قائمة على لائحة أمنياتهم.

يوجد الكثير مما يمكن مشاهدته وقراءته واكتشافه في المعرض، لدرجة أن الوقت يبدو غير كافياً لهذا كله. ويبدو أن الأمر جاء مناسبا،ً إذ إن عدد الخريف من مجلة بدون تتطرق إلى موضوع هذه المكتبة المميزة وتعد بذلك بمثابة نوعا من الفهرسة لهذا المعرض.وهكذا يمكن للزائر القراءة بهدوء في هذه المجموعة فقط، بل وأن يأخذ معه إلى المنزل تحفة فريدة من نوعها. لأن كل نسخة من نسخ المجلة التي يبلغ عددها 500 نسخة تحمل على غلافها صورة فريدة، تخلى عنها جامع الصور والتحف المصري أمجد نجيب من مجموعته مقابل دولار أمريكي واحد لكل صورة. وهكذا تصبح مجلة موضوعها الكتاب، تحفة فريدة في نوعها هي الأخرى.


ليست هناك تعليقات: