الجمعة، 3 يونيو 2016

ساعة محطمة بمعصم دالي-علي السوداني



ساعة محطمة بمعصم دالي
علي السوداني
قال : صورتك مدهشة ويبدو أن رسامها من ثلة المحترفين المهرة .
قلت : لا وحقك يا صاحبي ، أنه كائن مشتق من الرصيف وليس على ما ذهبت وتوهمت .
قال : لم افهم توصيفك وتجنيسك لهذا الرسام .
قلت : هو رسام يستوطن رصيفاً ورزقه على ألله والسائحين والسائحات اللاتي عبرن سن اليأس .
قال : وما الفرق – رعاك الرب –  بينه وبين رسامين واقعيين وحداثويين ومشهورين .
قلت : هم على شهرة ، وهو فاتته الشهرة .
قال : أظنها اجابة خرقاء أو عوراء أو مثلومة .
قلت : مرادي أن هؤلاء تضخهم وتضخمهم وتنفخهم ماكينات أعلامية وآلات دعاية عملاقة ، وهو يكتفي بما يعرض على الرصيف وبدعاء ألأم وإبهار الزوجة وبخداع النادل .
قال : ولمَ هذا الولوج إلى باب التتفيه والتسطيح وتذكير الرعية أبداً بأنك كاتب ضحّاك ؟
قلت : ليس هذا مقصدي ، لكنني وجدت نفسي – وربما أنت مثلي – أخوض في مادة تستدعي دقة المصطلح وفقه القول وحجة النقد .
قال : أذن ماذا بمستطاعك تدبره في هذا الباب ؟
قلت : ألانطباعات والأندهاشات وألتعجبات والقول على السليقة والتلقائية .
قال : لكن الناس ستضحك وتسخر منّا ونحن في معمعة فيها تجريب وتجريد وتشكيل وتكعيب وسوريالية وما بعد حداثة وأخريات لا تفهمها .
قلت : دع القوم تقرأ وتضحك لأن ألإضحاك فن كذلك .
قال : يحدث هذا في القصة والرواية والشعر والمكتوب والحكاية ، لكن ليس الرسم .
قلت : ثمة لوحات مضحكة .
قال : كاريكاتير حجاج وبهجوري وعلي فرزات وخضير الحميري مثلاً ؟
قلت : ربما كان ذلك دقيقاً ان أعتبرت ما ذكرت في باب اللوحة ، لكني ما زلت في باب لوحة الزيت الملطوش فوق الكانفس وورق الشاموا وباليتة ألألوان وألمزج وألكولاج وخلق وأستنباط مواد داخلة جديدة حديثة في بناء أللوحة .
قال : ها أنت تدري وتعلم وتستعمل المصطلح في مكانه .
قلت : لا أغور بعيدا ولا أظنني عميقاً في هذه ألمسألة ، بل أراني أقرب الى السطح .
قال : ما رسمك المشتهى ؟
قلت : الواقعي والواقعية وأنا أكره التجريد حتى في تدوين القص والروي والحكي .
قال : قرأت لك عشرات القصص السوريالية .
قلت : أحسبها الفانطازية .
قال : وهل ثمة فرق بائن ؟
قلت : لا أدري ، ان كان نصف العلم لا أدري .
قال : للرسم مدارس وطرائق وأساليب ومناهج حتى وصل الى ما صار عليه اليوم .
قلت : أحب لوحات ومنحوتات ورسّامي ومثّالي القرون الوسطى وما قبلها ، ولا أعشق شخابيط اليوم .
قال : لديّ لوحتين ، أود أهداءك واحدة ، الأولى للواقعي  فائق حسن والثانية للسوريالي سلفادور دالي ، ماذا ستختار ؟
قلت : دالي بالطبع
قال : ها أنت تعترف بشغفك بالسوريالي .
قلت : ليس هذا أبداً ، وخياري جاء من ان لوحة دالي سعرها عشرة ملايين دولار ولوحة فائق مزادها بخمسة آلاف دولار .
قال : لقد دوّختني يا صاحبي .
قلت : أنا مثلك أيضا قد دخت وأغتممت ، فلنذهب الآن إلى حانة كوكب الشرق وهناك سينضج الحوار وينمو الجدل وتتوضح الصورة والمرسوم والمنحوت !!

   alialsoudani61@hotmail.com
____________________________________________________________________

ليست هناك تعليقات: