بحث هذه المدونة الإلكترونية

مرات مشاهدة الصفحة في الشهر الماضي

الخميس، 16 يونيو 2016

فرانسس بيكون عام 1977- ترجمة عبد الرحمن طهمازي وغسان فهمي







 
بيكون: معاناة الناس والفروق بينهم هي التي صنعت الفن العظيم وليست المساواتية


صفحة من الدليل
 
من أعماله
 
من أعماله
 
من أعماله
 
غلاف الكتالوغ
 
من أعماله
 
من أعماله

فرانسس بيكون عام 1977
 ترجمة عبد الرحمن طهمازي وغسان فهمي


 في السابع عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، افتتح أكبر معرض للفنان البريطاني الراحل فرانسيس بيكون (1901- 1992)، في سيدني عاصمة استراليا، تحت عنوان "فرانسيس بيكون خمسة عقود".  وقد احتوى أضخم مجموعة من أعماله (لوحات، تخطيطات، صور فوتغرافية، دفاتر، سكيتشات... الخ). وسترافق المعرض محاضرات عديدة تتناول أعماله نقدا وتحليلا، ومناقشات بين الزائرين والمحاضرين، كما ستعرض أفلام وثائقية تتناول حياته ومقابلات معه، وقطع موسيقية مستوحاة من اعماله. عقود خمسة تتجاذبها نزوات بيكون نفسه من علاقات مِثلية وسهرات خمر وصداقات مع كبار مثقفي عصره. لقد زار باريس عام 1927، ورأى معرض بيكاسو، فقرر ان يكون رساما: "بيكاسو كان هو السبب لماذا أرسم، إنه صورة الأب الذي أعطاني رغبة في الرسم".
وبمناسبة هذا المعرض، ننشر ترجمة لحوار أجراه معه الناقد ديفيد سيلفستر في أيلول عام 1974. ونشره مع ثلاثة حوارات أخرى في كتاب. وقد قام بترجمة الحوار الزميل الشاعر عبدالرحمن طهمازي وغسان فهمي:
ديفيد سلفستر- وجدت عددا من الرسوم التي عملتها في السنوات الثلاثة او الاربعة الاخيرة –خصوصا رسوم العارية – تذكرني بانه لفترة من الزمن كنت تتحدث عن الرغبة في عمل منحوت. هل انت تعتقد ان التفكير حول عمل منحوت له اي تأثير على الطريقة التي كنت ترسم بها؟
فرانسس بيكون- نعم. ارى انه ممكن تماما. لانه ولسنوات عديدة أفكر الآن كثيرا جدا حول المنحوت. بالرغم من انني لم اعمله حتى الان. لانه كلما اريد العمل اشعر انني قد استطيعه افضل في الرسم لكن قررت الان وضع سلسلة من الرسوم للمنحوتات في ذهني ورؤية كيفية الانجاز رسما وعند ذاك قد ابدا حقا على المنحوت.
- هل تستطيع إعطاء اي نوع من الوصف للمنحوتات التي فكرت في عملها؟.
- لقد فكرت بمنحوتات على نوع من الهيكل، هيكل كبير جدا مصنوع بحيث يمكن للمنحوت ان ينزلق عليه. ويمكن للناس حتى تغيير وضع المنحوت كما يريدون. لن يكون الهيكل باهمية الصورة لكنه سيوجَد للابراز، كما استعملت في الرسوم غالبا هيكلا لابرز الصورة. شعرت انني قد استطيع عمله في المنحوت اكثر حدة.
- هل تستطيع اعطاء اي نوع من الوصف للمنحوتات التي فكرت في عملها؟.
- لقد فكرت بمنحوتات على نوع من الهيكل، هيكل كبير جدا مصنوع بحيث يمكن للمنحوت ان ينزلق عليه. ويمكن للناس حتى تغيير وضع المنحوت كما يريدون. لن يكون الهيكل باهمية الصورة لكنه سيوجَد للابراز، كما استعملت في الرسوم غالبا هيكلا لابرز الصورة. شعرت انني قد استطيع عمله في المنحوت اكثر حدة.
- هل سيكون الهيكل شيئا مثل انواع السكة التي استعملتها احيانا في الرسوم – مثلا ذلك الذكر العاري المنحني عام 1952 او اللوحة التي عملت عام 1965 بامرأة وطفل اخذا من مايبرج Muybridge؟
- نعم لقد فكرت في السكة بفولاذ مصقول بعناية كبيرة وانه كان بالامكان ثقبه بحيث يمكن تثبيت الصورة بالبرغي في مكان ما في مواضع مختلفة.
- هل تصورت الوان وانسجة الصورة؟
- كان علي التحدث الى شخص ما فهم النحت اكثر مني تكنيكيا. لكن انا نفسي فكرت بانه يجب الصب ببرونز رقيق جدا – لا بنوع خاص من اللدائن لانني كنت اريده يمتلك وزن البرونز. وكنت اريد ان ارمي عليه طبقة من ماء الكلس بلون الجسد، بذلك سيبدو وكانه مغمور في ماء الكلس العادي، مع نوع من نسيج الرمل والكلس الذي حزته. سيكون عندك بذلك شعور ذلك الجسد وهذا الفولاذ المصقول جدا.
- واي نوع من المقياس كما رايت سيمتلك؟
- لقد رايت الهيكل كفضاء واسع جدا، مثل شارع، والصور صغيرة نسبيا في علاقتها بالفضاء. ستكون الصور رموزا عارية. لكن ليست عارية حرفيا. لقد رايتها كصور شكلية جدا لرموز في وضعيات مختلفة، اما منفردة او مزدوجة. لو كنت ساعملها ساحاول اولا عملها بالتاكيد في رسم. وامل انني ساكون قادرا على عملها في منحوت اذا انجزت على الاطلاق في الرسوم. قد اعملها على الجانب الخلفي من القماشة مما قد يعطي نوعا من الوهم عن كيفية ظهورها لو تركت في الفضاء.

- طبعا " ثلاث دراسات لرموز عند قاعدة الصلب " عام 1944 هي اشكال لدنة واضحة المعالم يمكن نسخها تقريبا في منحوته..
-  حسنا، لقد فكرت بها مثل يومنيد Eumenids (الصافحات حسب تراجيديا اسخيلوس.) رايت الصَلب بكامله في الوقت نفسه. حيث يمكن لهذه ان تكون هناك بدلا من الرموز الاعتيادية على قاعدة الصليب. كنت عازما على وضعها فوق هيكل حول الصليب الذي كان نفسه سيرفَع، والصورة كانت ستكون على الصليب في المركز وتلك الاشياء كانت ستكون مرتبة من حولها. لكني لم افعل ذلك اطلاقا. لقد تركتها كمحاولات فقط.
-هناك رسم حديث جدا يرمز لرجل جالس في غرفة مواجها النافذة وخارج النافذة نوع من الرمز الشبحي والذي هو مرة اخرى، انت الذي قلت، تمثيل لليومنيدز لعام 1944، لكن رمز الرجل في هذا الرمز، او الرمز المنحني مع النافذة المغلقة في الخلفية الذي رسم قبل ثلاث سنوات قد صدمني كطريقة مثالية حيث تميل الرموز لان تكون منحوتة. انها الان اكثر تعقيدا، فعندما تخلق الان شكلا نحتيا محددا، فهو مؤهل خلال ظلال الصبغ لخلق اقتراحات عديدة والتباسات. لتلك الرموز، رغم ذلك، لدائنية مشددة جدا.
- حسنا اود الان ـ من خلال التفكير حول المنحوتة ـ اود محاولة عمل المنحوتة بشكل منفصل لجعل الرسم نفسه نحتيا اكثر بكثير. اني ارى فعلا في تلك الصور الطريقة التي يمكن ان ترسم بها الفم، العينين، الاذنين بحيث تكون موجودة بطريقة لا عقلانية لكني لم اتوصل حتى الان لرؤية كبف يمكن عملها في منحوتة. قد استطيع التوصل اليها. انا ارى فعلا طوال الوقت صورا تستمر في النمو وهي شكلية اكثر وتستند على الجسم الانساني اكثر فاكثر. بالرغم من انها اخذت على حد ابعد من ان تكون تماثيل.. اود صنع البورتريت اكثر نحتية لانني ارى امكانية عمل شيئين عظيمين من شئ : صورة عظيمة وبورتريت عظيم.
-من المثير للاهتمام جدا انك تقرن فكرة الصورة العظيمة بالمنحوته قد يعود هذا الى حبك للنحت المصري؟
- حسن، هذا ممكن، اعتقد انه ربما كانت اعظم الصور التي يمتلكها الانسان حتى الان هي من النحت، افكر ببعض النحت المصري العظيم طبعا، كذلك النحت اليوناني. مثلا رخامات الجين Elgin Marbles في المتحف البريطاني مهمة جدا بالنسبة لي دائما. لا ادري فيما اذا كانت مهمة لانها شظايا. ولا فيما اذا شاهد امرؤ ما الصورة الكاملة اكثر حدة كشظايا. وكنت افكر دائما بمايكل انجلو: انه مهم بعمق دائما في طريقتي بالتفكير في الشكل. ومع ان عندي هذا الاكبار العميق لكل اعماله ؛العمل الذي احبه اكثر الكل هو الرسومات. انه واحد من الرسامين العظماء جدا ان لم يكن اعظمهم بالنسبة لي.
- غالبا ما شككت منذ 1950 ان بعض صور مايكل انجلو كانت هناك مع كثير من رموزك العارية، في خلفية ذهنك على الاقل، كنموذج اولي لرمز الذكر. هل ترى الحالة كذلك؟
ف. ب- حقيقة، اختلط مايكل انجلو ومايبرج في ذهني معا. وبذلك ربما تعلمت عن المواضع من مايبرج واتساع وفخامة الشكل من مايكل انجلو، كان من الصعب جدا بالنسبة لي فصل تاثير مايبرج عن تاثير مايكل انجلو. لكن، طبعا، بما ان معظم رموزي اخذت من الذكر العاري، فانا متاكد بانني متاثر بحقيقة ان مايكل انجلو صنع اكثر الذكور العارية شهوانية في الفنون التشكيلية.
- هل ترى صورا لمايكل انجلو معينة متوائمة الاشكال كان لها تاثير على اشكالك المزدوجة؟
- حسنا، تلك اخذت غالبا من مصارعي مايبرج – يبدو بعضها، الا اذا نظرت اليها تحت المايكروسكوب، وكانه في شكل خاص من العناق الجنسي. غالبا في الحقيقة استعملت المصارعين في رسم الرموز المفردة لانني وجدت ان الرمزين المقترنين لهما اثخن ويعطيان انعكاسا للصبغ لا تقوم به فوتوغرافات الرمز المفرد. لكني لا انظر الى فوتوغراف مايبرج للرمز فقط انا انظر طوال الوقت فوتوغرافات مجلات كرة القدم والملاكمين وكل هذه – خصوصا الملاكمين. كذلك انظر الى فوتوغرافات الحيوانات طوال الوقت ولان حركة الحيوان وحركة الانسان مرتبطتان باستمرار في تصويري لحركة الانسان.
- وهل العرايا متعلقة في الوقت نفسه الى حد بعيد بمظهر اناس معينين؟هل هي بروتريتات للاجسام الى حد ما؟
- حسنا، انها شئ معقد، غالبا افكر في اجسام الناس الذين اعرفهم. افكر بمحيطات تلك الاجسام التي اثرت بي بشكل خاص، لكنها مطعمة غالبا في اجسام مايبرج. انا اعلج اجسام مايبرج بالاجسام التي اعرفها. لكن هذا ؛في حالتي طبعا، مع تمزيق الصورة طوال الوقت او التحريف، او اي شئ تطلق عليه؛ هو طريقة موجزة لبلوغ مظهر ذلك الجسم الخاص. والطريقة التي احاول بها ان احدث المظهر تجعل المرء يتساءل طوال الوقت: ما هو المظهر في اية حال كلما عملت اكثر تعمق غموض المظهر بحد ذاته. او كيف يمكن ان يصنع ما يسمى مظهرا في وسط اخر وهو يحتاج الى نوع من لحظة السحر ليتخثر لونا وشكلا. وبذلك يكون الحصول على ما يساوي المظهر. المظهر الذي تراه في اية لحظة لان ما يدعى مظهرا مثبت للحظة واحدة فقط باعتباره ذلك المظهر.
وفي ثانية قد ترمش عيناك او تدير راسك قليلا وتنظر مرة اخرى ويكون المظهر قد تغير. اعني ان المظهر يشبه شيئا عائما باستمرار. وفي النحت قد تكون المشكلة اكثر حدة طبعا لان المادة التي يمكن ان تعمل بها ليست بسيولة الصبغ الزيتي وستضيف صعوبة اخرى. لكن هنا تكون المشكلة المضافة هي ما يجعل الحل شيئا اعمق بسبب صعوبة تنفيذه.
- يبدو لي انه في رسمك قد جوبهت بنوع من الصعوبة الكبيرة والتي قد تتعلق برغبتك بوجوب ان يكون الشكل في الحال دقيقا جدا وغامضا جدا. في تلك الثلاثية لعام 1944 استعملت ارضية ساطعة جافة لاشكال معروضة بدقة عالية وبساطة. اشكال منحوتة بجهد كوجودها، وكان ذلك منسجما كليا. وبعد ذلك اصبح التعامل بالاشكال تصويريا Malerisch (جذابا) وبهذا اصبحت الخلفية اكثر نعومة، اكثر لونا، غالبا ذات ستائر وكل ما هو منسجم بالكامل وبعد ذلك تخلصت من الستائر وصرت تجمع بين تعامل تصويري بالشكل – وبالصبغ يكون مزحوما اكثر فاكثر – مع ارضية صلبة، مستوية وساطعة، وبذلك جاءت قناعتان متضادتان بعنف.
- حسنا، اردت بشكل متزايد عمل الصور اكثر بساطة واكثر تعقيدا. واذا كانت الخلفية موحدة جدا وواضحة لاجل العمل يكون المنجز صارخا ارى من المحتمل ان يكون السبب لاني استعملت خلفية واضحة جدا مقابلها امكانية ان ترتبط الصورة بنفسها.
- لا اعتقد انني افكر باي رسام اخر حاول حل تناقض كهذا بين صورة (ماليرش) وارضية زاهية غير ملتوية.
- حسن. قد يكون ذلك بسبب كرهي للجو المالوف. وانا اشعر دائما ان رسما جذابا (ماليرش) له خلفية مالوفة جدا. كنت احب الفة الصورة مقابل ارضية صارخة جدا. اريد عزل الصورة واخذها بعيدا عن الداخل ومن البيت..
- عودة الى تلك المناقشات الطويلة حول المصادفة او الحادثة، حيث استوقفت خاصة بفكرتين تتكرران. واحدة كرهك للرسوم التي تبدو ما تسميه مصادفية والاخرى هي ايمانك بان الاشياء التي تحدث بالمصادفة مرجحة لان تبدو وبنوع من الحتمية اكثر من الاشياء التي تحدث بالارادة.
- لم يتم التدخل بها. وتبدو اكثر نضارة – ان مفاصل الشكل تحدث بالمصادفة متجلية باكثر عضوية وحتمية اكثر.
- فقدان التدخل، هل ذلك هو المفتاح؟
- نعم. الارادة قد كبتت بالغريزة
- انت تقول ذلك، المرء يسمح للمستويات الاعمق للشخصية ان تتلاقى حين يسمح للمصادفة بالعمل.
- مؤكد اني احاول قول ذلك. كنت احاول القول ايضا بوصولها بشكل محتوم. انها تصل دون تدخل الدماغ بحتمية الصورة. انها تظهر متجلية مباشرة اكثر مما اخترنا ان ندعوه باللاشعور. مع ان دعوة اللاشعور مثبتة حولها والتي هي نضارتها.
- الان، انت تقول غالبا ان الحوادث المثمرة اكثر تميل الى الحدوث في وقت اليأس الاعظم حول كيفية الاستمرار في الرسم. من جانب اخر حين سالتك مرة فيما اذا كان من المحتمل لفعاليات المصادفة ان تعمل جيدا في اثناء عمل الفعاليات الشعورية جيدا؟ قلت بعملها. طبعا تلك الجملة ليست غير متوافقة مع الاخريات، لكن هل تستطيع التوسع؟
- حسنا هناك ايام معينة يبدو العمل متدفقا منك بسهولة حقا حين تبدا به لكن ذلك لا يحدث غالبا ولا يستمر طويلا. لا اعرف هل ضرورة ذلك افضل مما لو يحدث شئ من فشلك وياسك، ارى امكانية ذلك. حين تسير الامور بشكل سيئ ستكون اكثر حرية بالطريقة التي تلطخ – بوضعك فحسب – اللون بها فوق الصور التي كنت تعملها، وانت تعملها بحماسة اعظم مما لو كانت الامور تعمل لحسابك. ولذلك فاني قد ارى الياس اكثر عونا، لانه من خلال الياس قد تجد نفسك عاملا الصورة بطريقة اكثر جذرية باتخاذ مجازفات اعظم.
- لقد اخبرتني ان نصف نشاط رسمك هو بتمزيقك ما قد عملته بسهولة. ماهو الشئ الذي تستطيع عمله بسهولة وتريد تمزيقه؟
- استطيع ان اجلس واعمل ما يسمى البورتريت الحرفي لك بسهولة كبيرة. لذلك فما امزقه طوال الوقت هو هذه الحرفية لانني اجدها غير مثيرة للاهتمام.
- وانا اعتقد بان العلامات المعمولة بالفرشاة يمكن ان تكون ممزقة فقط. كما هي فعاليات مثل رمي الصبغ او وضع الخرقة.
- اوه. بالتاكيد. بكون الصبغ الزيتي سائلا جدا، الصورة تتغير طوال الوقت في اثناء عملك، انت ترى، لا اعتقد ان الناس على العموم يفهمون، في الحقيقة، كم هي المعالجة الفعلية بالصبغ الزيتي غامضة بطريقة ما؟ لانه حتى تحريك الفرشاة بلا شعورية. بهذا الطريق لابذاك، يغير تضمينات الصورة بشكل كامل. لكنك تستطيع مشاهدتها فقط اذا كانت قد حدثت امامك. اعني بأنها الطريقة التي يمكن ان تملا طرف الفرشاة بلون اخر وبضغط الفرشاة مصادفة تترك علامة تعطي صدى للعلامات الاخرى. وهذا يؤدي الى تطوير اكثر للصورة. انه حقا سؤال مستمر للصراع بين المصادفة والنقد. لان ما ادعوه مصادفة قد يعطيك اشارة ما تبدو اكثر حقيقية، اكثر صدقا، للصورة من واحدة اخرى. لكن حسك النقدي فقط هو الذي يستطيع الاختيار، لذلك فان ملكتك النقدية تعمل في الوقت نفسه مثل نوع من المعالجة نصف اللاشعورية. او لا شعورية بشكل عام. اذا كانت تعمل على الاطلاق.
- طبعا، الثقة بالمصادفة يبدو امرا يتخلل كل اسلوب حياتك لشئ واحد. من الواضح جدا في موقفك نحو المال. اول ما عرفتك، لم تكن تحصل على الكثير من المال عن رسم ما، لكن حين ذاك، في اللحظة التي تبيع واحدا كنت تشتري الشامبانيا والكافيار لكل من في المرأى. لم تكن توفر اطلاقا. كنت تبدو دائما متحررا من التدبير.
ف. ب- حسنا، ذلك بسبب شرهي. انا شره للحياة. انا شره كفنان. انا شره لامل من الممكن ان تعطيه المصادفة لي بعيدا عن اي امر يمكن حسابه بمنطقية، وشرهي هو الذي جعلني جزئيا اعيش بالمصادفة – شره للاكل، للشرب لكوني مع الناس الذين احبهم لاثارة الاشياء التي تحدث لهذا فان الشئ نفسه ينطبق على عملي وانا مع ذلك انظر الى كلا الاتجاهين حينما اعبر الطريق. لانه بسبب الطمع بالحياة لا العبها بالطريقة التي اريد ابها ان اُقتَل ايضا. كما يفعل بعض الناس لان الحياة قصيرة جدا ومادمت استطيع التحرك والرؤية والشعور فانا اريد استمرار الحياة.
- تذوقك للروليت كما كان، يمتد الى الروليت الروسية.
 - لا. لانه لكي اعمل ما اريد سيعني العيش اذا كان ممكنا في حين انه في احد الايام كان احدهم يحدثني عن دي ستيل De stael كانت الروليت الروسية هوسَهُ. وانه في الغالب كان سيسوق حول الكورنيش ليلا بسرعة هائلة في الاتجاه المعاكس من الطريق. متعمدا رؤية فيما اذا كان يمكنه تفادي الامر او عدم تفاديه. اعرف فعلا كيف كان من المفروض ان يموت انه انتحر بدافع الياس. لكن بالنسبة لي فان الروليت الروسية ستكون تافهة. كذلك ما حزت على ذلك النوع الذي يسمى شجاعة. انا متاكد من الخطر البدني حقا يمكن ان يكون مبهجا جدا لكني اعتقد اني جبان بحيث اراوده عن نفسي وكذلك بما انني اريد الاستمرار في العيش، بما انني اريد ان اجعل عملي افضل من خلال الغرور، تستطيع القول، يجب علي ان اعيش يجب علي ان ابقى موجودا.
- حين لم يكن لديك اموال كثيرة كنت تصرفها كما كنت تفعل هل تركت قط معوزا لمدة من الوقت؟ ام كان شئ ما ياتي دائما للانقاذ؟
- حسنا غالبا عالجت الاشياء بحيث تاتي لانقاذي. اعتقد انني من اولئك الناس الذين لديهم موهبة التحصيل دائما بطريقة ما. حتى اذا كانت قضية سرقة او شيئا يشبه ذلك، لم اشعر ضدها باي شئ اخلاقي. افترض انه موقف اناني بدرجة كبيرة. سيكون مزعجا ان يقبض عليك وان توضع في السجن لكن لم يكن لدي اي شعور عن السرقة. بما انني احصل الان على مال سيكون نوعا من الترف الفارغ ان تذهب وتسرق، لكن حين لا املك اي مال ارى انني اعتدت غالبا اخذ ما استطيع الحصول عليه.
- لدي انطباع بان اتباع النزوات والقبول بالنتائج واهمال الامان هي ليست فقط الطريقة التي تتعرف بها بنفسك. انها كذلك التحامل الذي يحكم وجهة نظرك للمجتمع. اعني انك تتحدث كما لو ان مفهوم دولة الرفاهية مع ضماناتها لانواع خاصة من الامان تبدو لك نوعا من التحريف للحياة.
- حسن، انا ارى ان الرعاية من الدولة من المهد الى القبر ستجلب رتابة كبيرة للحياة لكن قد يكون في قول ذلك علاقة بما لم امتلكه قط من اخلاقية الفقر. ولذلك لا استطيع التفكير باي شي اكثر ساما من ان كل شئ سيُعنى به لاجلك من ولادتك الى موتك. لكن يبدو ان الناس يتوقعون ذلك ويرون انه حقهم. انا اعتقد انه اذا كان للناس ذلك الموقف من الحياة فسوف يقلص الغريزة الخلاقة. اؤمن بذلك، انا لا استطيع اثباته قد يكون ذلك صعبا لفهم السبب. لكني لا اومن ابدا ان احدا يجب ان يمتلك اي ضمان ولن اقبل ابدا الاحتفاظ به.
- انت تشعر انه كذلك كما قلت نوع من تحريف الحياة واحتمالاته ان الناس يجب ان يبحثوا عن الطمانينة.
- حسنا انه على الضد من اليأس من الحياة واليأس من الوجود على كل بما ان الوجود، بطريقة ما، عادي جدا قد تحاول ايضا وتضع نوعا من الفخامة له بدلا من ان يُرعَى لاجل السلوان.
- من الواضح ان السياسة بشكل اساس هي حول النزاع بين الحرية الفردية والعدالة الاجتماعية. ومن الواضح انك تفكر بان الحرية الفردية هي امر اكثر اهمية بكثير من العدالة الاجتماعية. الا تكون منزعجا حين ترى الظلم الاجتماعي؟
- انا اعتقد انها بنية الحياة. اعرف انك تستطيع القول ان الحياة كلها مصطنعة بشكل كامل لكني ارى ان ما يسمى العدالة الاجتماعية يجعلها مصطنعة بتفاهة.
- وانت لست منزعجا بانواع المعاناة التي يتحملها بعض الناس نتيجة للظلم الاجتماعي؟
- لا حين تقول انها لا تزعجني وانا شاعر جدا بهم بطريقة ما. لكني اعتقد بما انني اعيش في بلد فيه كمية معينة من الثروة، من الصعب التكلم عن بلد يوجد دائما فيه الفقر المفرط. وانه من الممكن جدا مساعدة الناس في البلدان مفرطة الفقر لان يبقوا في مستوى يمكن لهم فيه ان يتخلصوا من جوعهم وياسهم العام. لكني لست قلقا بحقيقة معاناة الناس لاني ارى ان معاناة الناس والفروق بين الناس هي التي صنعت الفن العظيم وليست المساواتية.
- انت تقول اذن ان الامر الذي بواسطته يحكم على المجتمع هو: امكانيته لخلق فن عظيم بدلا من شئ مثل السعادة العظمى لاكبر عدد.
- من يتذكر او يهتم بمجتمع سعيد؟ بعد مئات السنين او نحو ذلك كل ما يفكرون حوله هو ما تركه المجتمع. افترض انه من الممكن لمجتمع ان ينهض وهو كامل الى درجة كبيرة بحيث انه سيذكر بسبب كمال نوعيته. لكن ذلك لم ينهض حتى الان. ولذلك فالمرء يتذكر مجتمعا لما قدمه من انجازات.


ليست هناك تعليقات: